البغي

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ٠٠:٢٣، ٢٠ يونيو ٢٠٢٢ بواسطة Adab (نقاش | مساهمات) (اضافة تصنيف)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة البغي لـ نزار قباني

علّقتْ في بابها قنديلها
نازفَ الشريان , محمر الفتيله

في زقاق ٍ ضَوأت أو كارهُ
كل بيتٍ فيه , مأساةٌ طويلهْ

غرفٌ .. ضيقة ٌ .. موبوءة ٌ
وعناوين لِ ( ماري ) و ( جميله )

وبمقهى الحي .. حاكٍ هرمٌ
راح يجتر أغانيه الذليله

وعجوز خلف نرجيلتها
عُمْرُها أقدم من عُمر الرذيله

إنها آمِرة البيت هنا ..
تشتم الكسلى .. وتسترضي العجوله

وأمام الباب .. صعلوك هوى
تافه الهيئة , مسلوب الفضيله

يعرضُ اللحم على قاضِمِه ..
مثلما يعرض سمسارٌ خيوله

" هذه .. جاءت حديثاً .. سيدي
ناهدٌ ما زال في طور الطفوله ..

أو إذا شئتَ .. فرافق هذه
إنها أشهى من الخمر الأصيله .. "

أي رقٍّ .. مثل أنثى ترتمي
تحت شاريها , بأوراق ضئيله

قيمة الإنسان , ما أحقرها
زعموه غاية ً .. وهو وسيلهْ ..
* * *
لو ترى الردهة فيها اضجعت
كل بنتٍ كانفتاح الزهره

نهدها منتظرٌ جزاره
صابر حتى يلاقي قدره

هذه المذهبة السن .. هنا
ترقب الباب بعين حذره

حسرت عن ركبةٍ شاحبةٍ
لونها لون الحياة المُنكره

من سيأتي ؟ من سيأتي معها ؟
أي صعلوك . حقير , نَكِرَهْ ؟

وهناك .. انفردت واحدة ٌ
عطرنا أرخص من أن أذكره ..

حاجب بُولغَ في تخطيطه
وطلاء كجدار المقبره ..

وفمٌ .. متسِعٌ .. متسِعٌ
كغلافِ التينة المعتصره

الفضوليون من خلف الكوى
أعينٌ , جائعة مستعرَه

وشجارٌ دائرٌ في منزل ٍ
وسُكارى .. ونكات قذره ..

من رآهُن قواريرَ الهوى ؟
كنعاج ٍ بانتظار المجزره

كم صَبَايا , مثل ألوان الضحى
أفسدتهن عجوزٌ خطرهْ
* * *
هذه المجدورة الوجه انزوتْ
كوباءٍ .. كبعير نتن

أخرجت ساقاً لها معروقة
مثل ميتٍ خارج ٍ من كفن ِ ..

حفرٌ في وجهها مُرعبة ٌ
تَرَكتها عَجَلات الزمن ..

نهدها حبة ُ تين ٍ .. نشفت
رَحِمَ الله زمان اللبن ِ ..

فالعصافير التي كانت هُنا
تتغذى بالشذا والسوسن

كلها طارت بعيداً .. عندما
لم يعدْ في الأرض غير الدِمَن ِ

إنها الخمسونَ .. ماذا بعدها ؟
غير أمطار ِ الشتاء المحزن

إنها الخمسون .. ماذا ظل لي ؟
غير هذا الوَحْل ِ , هذا العفن ِ

غير هذي الكأس أستهلكها
غير هذا التبغ يستهلكني

غير تاريخ ٍ مُدَمى .. حيثما
سرتُ , ألقى ظله يتبعُني

غيرُ أقدام ِ الخطايا .. رجعتْ
تُحْرقُ الغرفة بي .. تُحْرقني

غيرُ ربٍّ .. كنتُ لا أعرفه
وأراه الآن .. لا يعرفني ..
* * *
يا لصوص اللحم .. يا تُجارهُ
هكذا لحمُ السبايا يؤكلُ

منذ أن كان على الأرض الهوى
أنتُمُ الذئب .. ونحن الحمل

نحن الآتُ هوىً مجهَدة ٌ
تفعلُ الحُبَّ , ولا تنفعلُ ..

أنْبُشُوا في جثثٍ فاسدة
سارق الأكفان ِ لا يختجل

وارقصوا فوق نهودٍ صُلبَتْ
مات فيها النورُ .. مات المخمَل

من أنا ؟ إحدى خطاياكم أنا
نعجة ٌ في دمكمْ تغتسل

أشتهي الأسرة َ والطفلَ .. وأن
يحتويني , مثل غيري , منزلُ

أرجموني .. سددوا أحجاركم
كلكم يوم سقوطي بطلُ

يا قضاتي , يا رماتي , إنكمْ
إنكمْ أجبن من أن تعدلوا ..

لن تخيفوني ففي شرعتكمْ
يُنصرُ الباغي , ويرمى الأعزل

تُسْأل الأنثى إذا تزني .. وكم
مجرم ٍ دامي الزنا .. لا يُسأل

وسريرٌ واحدٌ .. ضمهما
تسقط البنتُ , ويحمى الرجلُ ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي