حوارٌ أبوي .. مع طفلة كبرت

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٥:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة حوارٌ أبوي .. مع طفلة كبرت لـ نزار قباني

1
لن أطلب منك بعد اليوم
أن تعطيني نبذة عن سيرتك الذاتية
فسيرتك الذاتية أكتبها أنا ..
بحبري أنا ..
بدمي أنا ..
وأعلقها كَــثـُرَيَّا من الكريستال
على سقف القمر ..

2
لا يعنيني .. أن أدخل في تفاصيل أنوثتك ..
فأنوثتك من الألف إلى الياء
من حياكة أصابعي ..
ثم لا يعنيني أن أعرف ما هو اسمك ؟ .
ومتى وُلدتِ ؟ وأين وُلدتِ ؟
فولادتك الحقيقية تمت على يدي .
وخطواتك الأولى كانت فوق أضلاعي .
وكلماتك الأولى مشتقة من قاموسي .
وأسنانك الحليبية
كانت تقوى كلما انغرزت بلحمي !! ..

3
لن أسألك ..
من هو أول رجل كتب إليك رسالة حب ؟ …
وفي أي عام تخرجتِ من كلية الآداب ؟
وفي أي عام تخرج نهداك من مدرسة الياسمين ؟
وما هو لون الثوب الذي لبسته في حفلة التخرج ؟
لن أطرح هذه الأسئلة الساذجة
لأنني لستُ مسؤولاً عن محاكمة العصافير ..
واستجواب الورود …

4
لا أريد ..
أن أتجاوز الخطوط الحمراء
لأسألك عن محيط خصرك ..
ومقاييس حمالة نهديك ..
ومستوى ارتفاع تنانيرك عن سطح البحر ..
وعدد الشامات المرشوشة على ظهرك ..
فأنا لا أريد أن أكشف الوجه الثاني من القمر ..
ولا أن أحصي كل أشجار الغابة ..
ولا أن أعري جسد القصيدة ..
فأنت واحدة من أهم أعمالي الشعرية ..
ولم يسبق لي أبداً
أن قمتُ بشرح قصائدي .

5
لا أريد
أن أدخل في تفاصيل البياض
ومتاهات الياسمين .
لأن كتاب الأنوثة
- كديوان الشعر -
لا يُقرأ في جلسة واحدة ..
ولا في ليلة واحدة ..

6
لا أريد أن أسألك عن الشعر
فهو معجون بك ..
كما أنت معجونة به ..
ولا عن الكحل الذي تضعينه على أهدابك
حتى يولد الليل من النهار ..
ولا عن شاعرك المفضل ؟
والقصيدة التي تتغرغرين بها قبل أن تنامي .
لا أريد أن أمطرك بأسئلتي
فأسئلة الشعر لا تنتهي ..
والرحيل في عيون النساء
رحيلٌ لا ينتهي …

7
لا أريد أن تفتحي لي ألبوم طفولتك
لأرى صورتك في سن العاشرة ..
ففي سن العاشرة ،
كنت قصيرة الشعر .. وصبيانة الملامح ..
وكانت تنانيرك المدرسية طويلة .. وشديدة الأصولية .. .
وقتئذ .. لم تكوني مليكة جمال ..
ولا حورية من حوريات البحر ..
كانت أعضاؤك ملتبسة ..
وصوتك ملتبساً ..
ومشيتك ملتبسة ..
وكان نهداك .. كوكبين في علم الله !! ..

8
ماذا أفعل بك في سن التاسعة .. أو العاشرة ..
أو الحادية عشرة ؟
ماذا أفعل بسن القلق ، والطيش ، والتحولات ؟
إنني أحبك الآن ..
بعمرك الآن .. بشكلك الآن .. بنضجك الآن ..
بحواراتك اليومية الباهرة ..
إنني أحبك الآن ..
بعدما صار العنب عنباً ..
والنحاس ذهباً ..
وبعدما صارت القيلولة معك على فراش واحد ..
حدثاً حضارياً نادراً ..
في تاريخ الحب العربي !!

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي