أحاول إنقاذ آخر إنثى قبل وصول التتار ..

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أحاول إنقاذ آخر إنثى قبل وصول التتار .. لـ نزار قباني

1
أعدُّ فناجين قهوتنا الفارغاتِ,
وأمضغُ ..
آخر كسرة شِعْر ٍ لديَّ
وأضربُ جمجمتي بالجدارْ ..
أعدكِ .. جزءاً فجزءاً ..
قبيل انسحابك مني , وقبل رحيل القطارْ.
أعدُّ .. أناملك الناحلات ,
أعد الخواتم فيها ..
أعدُّ شوارع نهديك بيتاً فبيتاً ..
أعد الأرانب تحت عطاء السرير ..
أعد ضلوعكِ , قبل العناق .. وبعد العناق ..
أعد مسامات جلدك .. قبل دخولي , وبعد خروجي
وقبل انتحاري.
2
أعدُّ أصابع رجليك ..
كي أتأكد أن الحرير بخير ..
وأن الحليب بخير ..
وأن بيانو ( موزارتٍ ) بخير ..
وأن الحمام الدمشقي ..
ما زال يلعبُ في صحن داري.
3
أعدُّ تفاصيل جسمكِ ..
شبراً .. فشبرا ..
وبراً .. وبحرا ..
وساقاً .. وخصرا ..
ووجهاً .. وظهرا ..
أعدُّ العصافير ..
تسرقُ من بين نهديك ..
قمحاً , وزهرا ..
أعدُّ القصيدة , بيتاً فبيتا
قبيل انفجار اللغاتِ ,
وقبلَ انفجاري.
أحاولُ أن أتعلق في حلمة الثدي,
قبل سقوط السماء عليَّ,
وقبل سقوط الستار.
أحاول إنقاذ ّ آخر نهدٍ جميل ٍ
وآخر أنثى ..
قبيل وصول ِ التتار ِ ..
4
أقيس مساحة خصركِ
قبل سقوط القذيفة فوق زجاج حروفي
وقبل انشطاري.
أقيسُ مساحة عشقي , فأفشلُ
كيف بوسع شراع صغير ٍ
كقلبي,
اجتياز أعالي البحار ؟
أقيس الذي لا يقاس
فيا امرأةً من فضاء النبوءاتِ ,
هل تقبلين اعتذاري ؟
5
أعدُّ قناني عطوركِ فوق الرفوف
فتجتاحني نوبة من دوار ِ ..
وأحصي فساتينك الرائعاتِ,
فأدخل في غابةٍ
من نحاس ونار ..
سنابل شعركِ تشبه أبعادَ حريتي
وألوانُ عينيكِ ,
فيها انفتاح البراري.
6
أيا امرأةً .. لا أزال أعد يديها
وأخطيءُ ..
بين شروق اليدين ِ .. وبين شروق النهار.
أيا ليتني ألتقيك لخمس دقائقَ
بين انهياري .. وبين انهياري.
هي الحروبً .. تمضغ لحمي ولحمكِ ..
ماذا أقولُ؟
وأي كلام يليق بهذا الدمار؟
أخافُ عليكِ . ولستُ أخافُ عليَّ
فأنتِ جنوني الأخيرُ
وأنتِ احترافي الأخيرُ ..
وأنت ضريحي .. وأنتِ مزاري ..
7
أعدكِ ..
بدءاً من القرط , حتى السوار ِ ..
ومن منبع النهر ِ .. حتى خليج المحار ..
أعدُّ فناجين شهوتنا
ثم أبدأ في عدها من جديد
لعلي نسيتُ الحساب قليلاً
لعلي نسيتُ الحساب كثيراً
ولكنني ما نسيت السلامَ
على شجر الخوخ في شفتيكِ
ورائحة الوردِ , والجلنار .
8
أحبكِ ..
يا امرأة لا تزال معي, غي زمان الحصار
أحبكِ ..
يا امرأة لا تزال تقدم لي فمها وردةً
في زمان الغبار.
أحبكِ حتى التقمص , حتى التوحد ,
حتى فنائي فيكِ , وحتى اندثاري.
أحبكِ ..
لا بد لي أن أقولَ قليلاً من الشعر ِ
قبل قرار انتحاري.
أحبكِ ..
لا بد لي أن أحرر آخر أنثى
قبيلَ وصول التتار ِ ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي