التيجان في ملوك حمير/تبع الاقرن وهو ذو القرنين

من موسوعة الأدب العربي
< التيجان في ملوك حمير
مراجعة ١٤:٤٥، ٤ سبتمبر ٢٠٢٢ بواسطة Adab (نقاش | مساهمات) (تبع الاقرن وهو ذو القرنين)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

تبع الاقرن وهو ذو القرنين

تبع الاقرن وهو ذو القرنين - التيجان في ملوك حمير

تبع الاقرن وهو ذو القرنين المذكور في القرآن الكريم وسمي الأقرن وذا القرنين لشيب كان فيه وهو على قرنيه - وكان ملكاً عظيماً عالماً حكيماً قد اطلع على علم الكتاب وسمع حكومات من ينظر في القرآنات - ويقال إنه القائل:

أنا الملك المتوج ذو العطايا. . . . . . . .جلبت الخيل من أوطان سام

ويقال: إن أباه شمر الذي قالها.ويقال: بل الحارث الرائش قائلها، والله اعلم.وغزا تبع الاقرن جميع أطراف الأرض، فعاد إلى بلاد الروم وأوغل فيها حتى قطعها، ووصف له أن بتلك الناحية وادياً فيه الياقوت وإن بالقرب منه عيناً يسمى ماؤها ماء الحياة الذي ظفر به الخضر دون ذي القرنين فلما بلغ إلى هذه الناحية أدرك الشتاء هناك، فمات فدفن هنالك، وكر أصحابه راجعين خوف الهلاك في ذلك الموضع - وهو موضع الظلمات - ولا يكون مظلماً إلا إذا بعدت الشمس عنه في الشتاء إذا انتهت في الجهة اليمانية، وهو عند دخول الشمس رأس الجدي تصير تلك الأيام ليلاً لا نهار فيها، فهلك من قبل أن يدخل في ذلك الوادي.فأرادت حمير أن تحمله إلى اليمن، ثم بدا لهم فقبروه هناك.قال معاوية: فكم كان ملكه يا عبيد ؟ وهل قيل في ذلك شعر ؟ قال عبيد: يا أمير المؤمنين ملك مائة سنة وثلاثاً وخمسين سنة.فقال فيه التامر بن عمرو بن الغوث بن ذي الادغار - وهو بن عمه - هذا الشعر.قال معاوية: فهات، فأنشأ عبيد يقول:

أن تمس باللحد أبا مالك. . . . . . . .يسفى عليك المور بالحاصب

بدار بعد من وطا مغرب. . . . . . . .بذي ظلام حندس حارب

بين تراب الأرض في مهمة. . . . . . . .قرب مجازو إلى الكارب

فقد رزئنا وسطنا خيرنا. . . . . . . .الاقرن الميمون كالغاصب

يعطي جزيل المال لا ينثني. . . . . . . .فلا لعمري لهف من غائب

ويحمل الفرسان يوم الوغى. . . . . . . .إلى نجاح الموت كالثاقب

عليه أبكي ما اضا كوكب. . . . . . . .في مطلع الآفاق والغارب

ومطلع الشمس إذا أشرقت. . . . . . . .تصح في خلق لها سارب

فحمير الأخيار لا تسامي. . . . . . . .بفارس الأملاك والغالب

قال معاوية: لله أبوك يا عبيد لتأتي بالعجب من حمير ! ولقد جئت من ذلك بشفاء واضح ودليل ناصح من أشعارهم ! فإن الشعر ديوان العرب والحكم بينها ! قال معاوية: فمن ملك بعد الأقرن ؟ قال: ملك ابنه تبع - وقد قال ابنه تبع بعد انصرافه شعراً يتندم فيه على أن لا يكون حمل أباه حين مات إلى اليمن.قال معاوية: وما ذلك الشعر يا عبيد ؟ قال: قال تبع في ذلك هذا الشعر الذي يقول فيه:

قد كان في رأيي وعزم أرومتي. . . . . . . .حمل الهمام إلى محل يماني

أعني ابن شمر حين ودع حميرا. . . . . . . .وابن الملوك وقاتل الفرسان

ذاك الغريب بدار بعد ليتني. . . . . . . .كنت المواسي حيث كان دهاني

ذهب الزمان به وخلف بعده. . . . . . . .أحياء حمير في ردى وهوان

لو كان عدم يوم حمل عاديا. . . . . . . .يلقى عليه الكتب غير هواني

يا لهف نفسي حين ولت حمير. . . . . . . .يوم الرحيل بترك خبر زماني

هلا أقمت لديه يوم أحشه. . . . . . . .تحت التراب فكان ذاك مكاني

قال معاوية: يا عبيد هذا التندم منه ؟ قال عبيد: سمعت قبل الإسلام رجلاً من حمير يقول: إنهم حملوه حتى دفنوه في اليمن، ولو كان ذلك كذلك لم يقل فيه ابنه ما قال.قال: لله أبوك يا عبيد، هذا التبع الذي كان - يقال له أبو كرب - قال: لا يا أمير المؤمنين هذا جد ذلك.قال معاوية: وهل كان فيهم تبع غير تبع واحد ؟ قال: نعم.كانوا سبعة.ولكن تبع اسعد ملك، فاشتد سلطانه وطال ملكه، فذهب باسم من كان قبله، ونسب إليه من كان منهم بعدهم.وسيأتيك علم ذلك يا أمير المؤمنين في الحديث - إن شاء الله تعالى.قال معاوية: فخذ في حديثك يا عبيد.قال: فمكث تبع الرائد بن تبع الأقرن بن شمر يرعش وهو تبع الأكبر - غزوه - وكان يقال له الرائد ثم أقام عشرين سنة لا يغزو فانقضت عليه الترك والخزر.فلما بلغه ذلك أرسل إليهم فامتنعوا منه وحبسوا الهدايا وقتلوا الرسل.فسار إليهم في الوجه الذي كان الرائش يسلك إليهم فيه على جبل طئ حتى خرج على الأنبار، ثم مضى إليهم قدماً فلقيهم على الحد من أذربيجان والموصل وقد اجتمعوا ونظروا إلى رايته.فاصطفوا للقتال، فاقتتلوا أياماً، ثم إنه هزم الترك فقتل المقاتلة وسبى الذرية، وأقام يخرب بلادهم، ثم رجع إلى بلاده بعد أن وطئهم وأذلهم.قال معاوية: وما الترك وأذربيجان ؟ قال عبيد: هما بلادهم يا أمير المؤمنين.فنحوا مما يليهم ومما يتوجه عدوهم إليهم - وهي وجه المحاربة لهم - قال معاوية: من أين علمت ذلك يا عبيد ؟ وإنهم اقتتلوا هنالك ؟ قال عبيد: يا أمير المؤمنين أهمني ذلك فسألت عنه من وقع إلينا من هذه الأعاجم وغزوت أيضاً إلى ذلك الثغر، فسألت وفي السؤال شفاء من العي وبيان من العمى، وإذا تقادم الشيء فلم في ذكره ذهب أصله وبطلت حقيقة أمره وماتت شواهده.قال معاوية: فهل قيل في ذلك شعر ؟ قال عبيد: نعم يا أمير المؤمنين.وقد قال في ذلك تبع الاقرن في مسيره:

منع البقاء تقلب الشمس. . . . . . . .وطلوعها من حيث لا تمسى

وطلوعها بيضاء صافية. . . . . . . .وغروبها صفراء كالورس

تجري على كبد السماء كما. . . . . . . .يجري حمام الموت بالنفس

لم أدر ما يقضيه حكم غد. . . . . . . .ومضى بفصل قضائه أمس

وعلمت أني إن ظفرت بهمتي. . . . . . . .إلا لا غزو مطلع الشمس

حرب تواعدني حلفت لأن. . . . . . . .عمرت أو بقيت لها نفسي

لأوجهن عمراً لمهلكهم. . . . . . . .ذا الحزم لا بالخامل النكس

حتى يبقر من بطون نسائهم. . . . . . . .ويذيقهم ما ذاق ذو الرمس

إني إذا هاج الملوك لحربنا. . . . . . . .هيجت أبطالاً لذي دعس

قال: فلما رجع إلى اليمن أقام بها دهراً طويلاً، وهابته الملوك من الأعاجم وغيرها لما كان من وقعته بالترك، وأتته هدايا من قبل الهند من كتان وحرير ومتاع الصين ومسك وما يكون في بلاد الصين.فقال للرسول الذي بلغ من بلاد الهند: ويحك أكل ما أرى في بلادكم ؟ فقال: أبيت اللعن أيها الملك نعم.قال: ورغب الملك في غزو الصين.حتى إلى على غزو الصين قال: فتجهز لغزوها وسار بجيوشه وقومه من أهل اليمن.فسار ساحلاً حتى خرج على طريق جده الرائش - الذي كان أخذه نحو المشرق - فلما انتهى إلى خراسان سار عن يمين مسير جده حتى أتى الركائك وأصحاب القلانس السود ودخل الصين فغنمها وأكثر القتل والسبي فيها، فكان مسيره ومقامه ورجوعه من غزوته تلك سبع سنين وعشرة أشهر، ثم رجع وخلف بأرض الصين رجلاً من خيار أصحابه - يقال له بأرض بن النبت - في اثني عشر تالف فارس من خيار أصحابه وفرسانه رابطة مقيمين معه في البلد، ثم إلى تبع أن لا يدع أرضاً مما كانت آباؤه قد حوته من أرض الأعاجم وغيرهم إلا ودع فيها رابطة وعسكراً من رجاله، وذلك حين رجع من أرض الصين.قال معاوية: لله أبوك يا عبيد فهل يعرف من خلف بأرض الصين ؟ قال عبيد: يا أمير المؤمنين هم البينون ترك وأرم، إذا سئلوا أخبروا أنهم من العرب أصلهم، وإن لهم بيتاً يعبدون فيه ربهم ويطوفون حوله سبع مرات ويذبحون - وذلك في شهر من السنة - قال: فلما كثرت الأعداء بين بنيان ذلك البيت - فكنا إذا فعلنا ذلك خرجنا إليه تعظيماً له اعتزلنا دون - فلما رأى ذلك أولونا جعلوا في بلادهم وموضعهم الذي يسكنونه بيتاً مثل ذلك البيت، فنحن اليوم نعظمه ونطوف حوله سبع مرات ونذبح له في شهر من السنة ويعظمه ثلاثة أيام من جاء من الناس.قال معاوية: يا عبيد وما علمك بذلك ؟ قال: غزوت يا أمير المؤمنين أرض الترك من هذه الناحية.قال: من أي ؟ قال: من نحو الخرز - فإذا ناس منهم علماء يدينون - فسألتهم عن أنفسهم ومن يليهم، فكان هذا ما ذكروا لي.قال معاوية: لقد أخبرت بهذا الخبر عن ترك تبع ولا أدري أي التبابعة هو ترك الصين قوماً من اليمن ؟ قال: هذا من تفسير ذلك الحديث.قال معاوية: فهل قيل في ذلك شعر ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين قال في ذلك تبع الأكبر:

أنا تبع الأملاك من نسل حمير. . . . . . . .ملكنا عباد الله في الزمن الخالي

ملكناهم قهر أو سارت خيولنا. . . . . . . .لعمري غير نكس وأعزال

فجالت لدى شرق البلاد وغربها. . . . . . . .لهتك ستور نكثة ذات هوال

وعطل منها كل حصن ممنع. . . . . . . .ونقل عنها ما حوت ثم من مال

وتلك شروق الأرض فيها وطئتها. . . . . . . .إلى الصين والأتراك حالا على حال

فابنا جميعاً بالسبايا وكلنا. . . . . . . .على كل محبوك من الخيل صهال

بكل فتاة لم تر الشمس وجهها. . . . . . . .أسيلة مجرى الدمع بيضاء مكسال

صموت البرى غوثى الوشاح كأنها. . . . . . . .من الحسن بد زل عن غيم هطال

أتينا بها فوق الجمال حواسرا. . . . . . . .بلاد ملج باق عليها وخلخال

تركناهم عزلاً تطيح نفوسهم. . . . . . . .بلا ساكن فيهم مقيم ولا وال

فما الناس إلا نحن لا ناس غيرنا. . . . . . . .وما الناس إن وعد القوي بأمثال

قال معاوية: فكم ملك يا عبيد ؟ قال: مائة سنة وثلاث وستين سنة.قال معاوية: فمن ملك بعده ؟ قال: ملك بعده.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي