الحب في الإقامة الجبرية

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٥:٤١، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة الحب في الإقامة الجبرية لـ نزار قباني

-1-
أستأذنك بالانصراف ..
فالدم الذي كنت أحسب أنه لا يصبح ماء ..
أصبح ماء ..
والسماء التي كنت أعتقد أن زجاجها الأزرق
غير قابل للكسر .. انكسرت ..
والشمس ..
التي كنت أعلقها كالحلق الإسباني
في أذنيك ..
وقعت مني على الأرض .. وتهشمت ..
والكلمات ..
التي كنت أغطيك بها عندما تنامين ..
هربت كالعصافير الخائفة ..
وتركتك عارية ..
-2-
أستأذنك بالخروج .. من هذا المطلب الهوائي
بين نهديك ..
فلم تعد عندي شهوة لمناقشتك ..
أو لمضاجعتك ..
لم أعد متحمساً للهجوم على أي شيء ..
أو الدفاع عن أي شيء ..
فقد سقطنا في الزمن الدائري ..
حيث المسافة بين يدي وخاصرتك ..
لا تتغير ..
وبين أنفي ومسامات جلدك ..
لا تتغير ..
وبين زنزانة فخذيك ..
وساحة إعدامي ..
لا تتغير ..
-3-
أستأذنك ..
بأخذ إجازة طويلة .. طويلة ..
فلقد تعبت ..
من حالة اللاشوق .. واللاحب .. التي أنا فيها ..
وتعبت من هذه الشقة المفروشة ..
التي صارت عواطفي مربعة كجدرانها ..
وشهوتي مستطيلة كدهاليزها ..
وطموحي واطئاً كسقفها ..
-5-
أريد أن أتظاهر ضد حبك الفاشيستيّ
وأطلق الرصاص ..
على قصرك ..
وحرسك ..
وعربتك البرجوازية الخيول ..
أريد .. أن أحتج على سلطتك السرمدية ..
وعلى الدستور
الذي سميت به نفسك ..
مليكةً .. طول الحياة ..
أريد أن أطلق الرصاص ..
على صورتك الزيتيه ..
المعلقة في صالة العرش ..
وعلى كل الشعراء ,
والنبلاء ,
والسفراء ..
الذين يدفعون لعينيك الجزيه ..
ويسقون نهديك ..
حليب العصافير ..
-6-
أريد أن أطلق الرصاص ..
على ملابسك المسرحية ..
وعلى عدة الشغل التي تستعمليها في التشخيص ..
على الأخضر .. والليلكي ..
على الأزرق .. والبرتقالي ..
على عشرات القوارير التي جمعت فيها فصائل دمي ..
على غابة الخواتم والأساور ..
التي استعملتها لابتزازي ..
على الأحزمة الجلدية العريضة ..
المصنوعة من جلد التمساح ..
والتي استعملها في جلدي ..
على دبابيس الشعر ..
ومبارد الأظافر ..
والسلاسل المعدنية ..
التي لجأت إليها ..
لأخذ اعترافاتي ..
-7-
أريد أن أطلق الرصاص ..
على صوتك المتسلل عبر أسلاك الهاتف
فلم أعد مهتماً بهواية جمع العصافير ..
أريد أ، أطلق الرصاص ..
على حروف اسمك ..
فلم أعد مهتماً ..
بهواية جمع الأحجار النادره ..
أريد أن أطلق الرصاص ..
على كل قصائدي .. التي كتبتها لك ..
وعلى كل الإهداءات الهيستيرية ..
التي صدرت عني ..
في ساعات الحب الشديد ..
أو ...
في ساعات الغباء الشديد ..
-8-
أريد أن أذهب إلى البحر ..
حيث الشواطئ مفتوحة ككتاب أزرق
ففمي .. أصبح كغابة الفطر ..
من قلة الشمس ..
وعواطفي أصبحت كالمخطوطات القديمة ..
من قلة الزائرين ..
وقلة القراءة ..
-9-
أريد ..
أن أكسر دائرة الطباشير ..
وأنهي هذه الرحلة اليوميه ..
بين شفتك العليا .. وشفتك السفلى
بين نهدل الأيمن . ونهدك الأيسر ..
بين جسدك البارد كمدن النحاس
وبين جنوني ..
-10-
أريد أن أحتج على شيء ما ...
أن أصطدم بشيء ما ..
أن أنتحر من أجل شيء ما ..
فلم يعد عندي ما أفعله ..
سوى أن ألعب الورق مع ضجري
هو يخسر .. وأنا أخسر ..
هو يضجر .. وأنا أضجر
هو يخبرني أنك كنت حبيبته ..
وأنا أخبره أنك كنت حبيبتي
هو يعطيني مسدسه لأنتحر ..
وأنا أطلعه على مكاتيبك القديمه ..
فيقتل نفسه ..
ويقتلني ..
-11-
أستأذن في أن أقتلك ..
إنني أعرف أن كل غمائم السماء ..
ستذرف دموعها عليكِ
وكل الحمائم ستفرش ريشها الأبيض .. تحت رأسك
وكل شقائق النعمان ..
ستطلع من حقول جسدك ..
ولكن برغم هذا ..
سأبقى مصمماً على قتلك ..
لا من أجلي وحدي ..
ولكن من أجل كل الأسرى .. والجرحى .. ومشوهي الحب..
ومن أجل كل الذين حكمتهم بالأشغال الشاقة ..
وفرضت عليهم ..
أن ينقلوا الرمل بملاعق الشاي ..
من نهدك الأيمن .. إلى نهدك الأيسر ..
من نهدك الأيسر .. إلى نهدك الأيمن ..
...............................................
...............................................
ولا يزالون يشتغلون ..
ولا يزالون يشتغلون ..
و ... لا ... ي ... ز ... ا ... ل ... و ... ن
ي ... ش ... ت ...غ ... ل ... و ... ن ...

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي