القصيدة تولد من أصابعها

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٥:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة القصيدة تولد من أصابعها لـ نزار قباني

1
ولدتُ ..
في الواحد والعشرين من آذار
في ذلك اليوم المزاجي الذي
تراهق الأرض به
وتحبل الأشجار

2
ماذا جرى في بيتنا ؟
في ليلة الواحد والعشرين من آذار .
فحرك الدموع والأشجان
وما لأمي قد بدت شاحبة ؟
وابتلعت صراخها.
ومزقت فراشها .
واستنجدت بمريم العذراء ، في مخاضها
وسورة الرحمن .
لا أحد أجابني ..
لكنني أحسست أن امرأة في بيتنا
كانت تعيش حالة ابتكار …

3
ولدتُ في برج الحمل .
برج المجانين الذين قرروا
أن يسرقوا من السماء النار …

4
خرجتُ من محارتي
مضرجاً كالسمكة ..
وفي يدي طبشورة تبحث عن جدار ..

5
هواية التكسير ..
كانت مهنتي .
وشهوة الخروج من
عباءة الأخوال و الأعمام …

6
يوم اشتروا لي قلماً .. ودفتراً
قررت أن أكون من عائلة البروق ..
لا عائلة الأحجار ..

7
ولدتُ ..
في الواحد والعشرين من آذار .
وكنت في طفولتي
- كما تقول جارة قديمة في حينا -
مستنفراً للعشق .. مثل الديك ..
كانت مهنتي
أن أجمع النساء في قارورة..
و أجمع الأزهار …

8
و عندما جاء أبي
في آخر النهار
قال لأمي ضاحكاً :
( استبشري يا فائزة )..
هذا الذي أنجبته
ليس بطفل أبداً ..
لكنه إعصار …

9
حليب أمي .. كان حبراً أبيضاً
وثديها علمني صناعة الفخار .

10
ولدتُ في دمشق .
بين خِصاص الفل ..
والخبيزة الخضراء ..
والنرجس ..
والأضاليا ..
ولم يزل في لغتي
شيء من القرفة ، والكمون ، والبهار ..

11
مسقط رأسي في دمشق الشام .
حيث البيوت امرأة عارية
على بياض نهدها ..
تراهق الأنهار ..
معجزة أن يولد الإنسان في مدينة
ترمي على أكتافه
في الصيف ، آلافاً من الأقمار …

12
ما كان عندي أبداً مشكلة
فكل شيء هاهنا ، وجدته ملحناً
الأرض ، والسماء ، والحقول ،
والطيور ، والرياح ، والأمطار .

13
كيف أقول : إنني وُلِدت ؟
ولم أزل في بطن أمي جالساً
كفرخة مذبوحة ..
منتظراً أن يأخذوا أمي
إلى طاولة الولادة ..

14
ولادتي ..
كانت بلا سابقة .
لم يسحب الطبيب رأسي أولاً
و إنما أعطيته أصابعي ..

15
شابت حروف القلب ، يا سيدتي
و شابت الأوراق و الأقلام .
و لم أزل من ألف .. ألف عام
في غرفة الولادة ..
منتظراً ولادتي الأخرى ، على يديك ..
منتظراً .. أن تفتحي الأقفاص يا سيدتي ..
كي يخرج الحمام …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي