امنحيني الحب .. كي أصبح أخضر

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة امنحيني الحب .. كي أصبح أخضر لـ نزار قباني

1
اسمعيني جيداً ..
اسمعيني جيداً ..
أنا في حالة عشق ، ربما لا تتكرر .
حالة شعرية .. صوفية ..
رائعة في حزنها
وأنا دوماً بحزني أتعطر …

2
عانقيني جيداً …
أنا في حال انعدام الوزن .. يا سيدتي .
فعروقي تتلاشى .. وعظامي تتبخر ..
اغسلي شعرك في نهر جنوني ..
فجنون الحب .. شيء لا يُفسر …

3
اقرأيني جيداً …
فأنا أبحث عن قارئة مهووسة
تضع الأشعار في معصمها
مثل الأساور ..
وترى العالم مرسوماً على صورة شاعر ..

4
اسكري بي ..
اسكري بي ..
اسكري حتى يصير البحر وردياً ..
نبيذياً .. رمادياً .. وأصفر ..
كم جميل أن تضيع امرأة
عقلها في حضرة الشعر .. وتسكر …

5

أنا في أجمل حالاتي ..
وفي أزهى حضاراتي ..
وكم يعجبني أن أتحضر ..
فامنحيني فرصة أخرى ، لكي أكتب التاريخ ..
فالتاريخ ، يا سيدتي ، لا يتكرر …

6
إنني بالحب غيرت زماني
مثلما غيرت تاريخ الأنوثة …
ما هو الشعر إذا لم يغيِّر ؟
من هو الشاعر إن لم يتغير ؟

7
كلما زادت أقاصيص الهوى
في بلادي قصة ..
تحبل الوردة طيبا ..
وهلال الصيف ، يكتظ حليبا …

8
يا التي جاءت إلى ذاكرتي
من بياض الياسمين
من سواقي الماء في غرناطة
ودموع الماندولين .
ما الذي يمكن أن نفعله ؟
البيانو غارق في دمعه .. والمواني كلها مغلقة ..
ونبيذ البحر أحمر ..
ليس عندي للهوى خارطة ..
فهو يوماً وردة في عروتي .
وهو يوماً في فراش الحب خنجر ..
وهو يوماً جمرة تحرقني ..
وهو يوماً في فمي .. قطعة سكر …

9
منذ خمسين سنة ..
وأنا أقفز من لغم إلى لغم ..
وأدعو أمتي كي تتغير …
لم أفجر حائط القبح – كما خيل لي -
إنما كنتُ بناري أتفجر …

10
منذ خمسين سنة ..
لم أقابل ظبية تهرب من صيادها ..
أو عرفت امرأة راغبة أن تتحرر !! .

11
إن ما يذهلني .. كلما جئتُ إلى موعدنا
أن لون الوقت في ساعاتنا ..
أصبح أخضر ..
وبأن البن في قهوتنا أصبح أخضر ..
وبأن الشوق في أحداقنا ..
أصبح أخضر …

12
ما الذي يجري بتاريخي ..
وتاريخك ، يا سيدتي ؟
كلما وزعت قبلاتي على شَعرك ..
طال الشَعر أكثر !! ..

13
إن ما يدهشني ..
ذلك الإحساس في كل صباح
أن ما أبصره يصبح شِعرا …
أن ما ألمسه يصبح شِعرا …
أن أشيائي وأشياءك – مهما صغرت -
تصبح شعرا …
ركوة القهوة ، في حال الهوى – تصبح شعرا …
كتب الشعر التي تعجبنا ..
ضحكة البرنس في الحمام …
صوت الماء ينساب على سلسلة الظهر سعيداً ..
آلة التسجيل ..
تنويعات شوبان ..
إضاءات موزارت ..
ومذاق القبلة الأولى على الريق ..
وغوص القدم البيضاء في الموكيت ..
لمس الشَعر بالفرشاة ..
وضع الكحل في زاوية العينين ..
ماذا يتبقى ؟
كي يصير الكون موسيقىً وشعرا ؟؟
تلك صفحات من التاريخ ، يا سيدتي
أبداً لن تتكرر …
أبداً لن تتكرر …

14
ما الذي ينتابني في هذه الأيام ، يا سيدتي ؟
كل ما أقرؤه يصبح أخضر..
كل ما أكتبه يصبح أخضر ..
لغتي خضراء ..
والأسماك ..
والأفعال ..
والهمزات ..
والفتحات ..
والضمات ..
والإيقاع أخضر ..
وعروض الشِعر أخضر …

15
ما الذي قد خلط الألوان في أعيننا ؟
إن تكلمنا على الهاتف ..
صار الصوت أخضر ..
أو تمدننا على الديوان ..
صار القمح في إبطيك أخضر ..
أو تسكعنا على أرصفة الحزن ..
وجدنا أن لون الحزن الأخضر ..
أو جلسنا مرة في مقهى ..
أصبح النادل من عطرك أخضر !! …

16
آه .. يا سيدة الماء التي تأخذني
للينابيع ..
وتهديني نجوماً .. وكروماً .. وصنوبر ..
ألف شكر لعطاياك .. فإني
عشتُ في التيه طويلاً ..
ثم أصبحتُ – بفضل الحب – أخضر !! …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي