كيف تكونين حبيبتي ولا أخرج على النص ؟

من موسوعة الأدب العربي
مراجعة ١٤:٤٢، ٢ أكتوبر ٢٠٢١ بواسطة imported>Al-Adab
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة كيف تكونين حبيبتي ولا أخرج على النص ؟ لـ نزار قباني

1
لا أستطيع أن أكون تقليدياً
عندما أحبك .
ولا أن أكتب نصاً عادياً
لواحدة غير عادية ..
فأنت امرأة أخرى .
وثقافة أخرى .
وحضارة أخرى .
ولغة لم تتشكل مفرداتها بعد ..
ومهمتي الأولى هي أن أخرج على النص ..
وأكتب لك شعراً خارج المألوف .
وأجعل منك امرأة خارج المألوف …

2
أنا لا أحبك .. فقط
ولكنني أشعر بمسؤوليتي عنك .
منذ أن كنتِ ترضعين حليب أمك
حتى أصبحت ترضعين دمائي …
أشعر بمسؤوليتي .
عن الكتب التي تقرأينها .
والموسيقى التي تحبينها .
وسراويل الجينز التي تلبسينها .
والأفكار المتطرفة التي تحملينها .
أشعر بمسؤوليتي
عن كل شعرة تسقط منك على قميصي ..
وكل دبوس تنسينه فوق وسادتي .
وكل طعنة نجلاء تتركينها ..
على ضفاف فمي !!

3
أنا لا أحبك .. فقط
ولكنني أدرس سيرتك الذاتية
من القرن العاشر قبل النهد ..
إلى السنة المليون
بعد ظهور الحياة فوق شفتك السفلى …
ومن الشامات المرشوشة كحب السمسم على كتفيك ..
إلى آخر خواتم فضة
من خواتم عمودك الفقري !! .

4
أنا لا أحبك .. فقط
ولكنني أصحح تاريخ أنوثتك ..
وأغير حدودك الإقليمية ..
وأعلمك الأسماء .. والأفعال ..
ورواية الشعر ..
وأساعدك على كتابة فروضك المدرسية ..
بعد أن بقيتِ ألف سنة
في روضة الأطفال ..

5
أنا لا أحبك .. فقط
ولكنني أحاول أن أخلخل ذاكرتك
وأزعزع طمأنينتك .
وأرمي حجراً في مياه البحر الميت .
وأغسل دماغك
من كل التابويات .. والخرافات ..
والأقوال المأثورة ..
وأشعل الحرائق في ثيابك الفولكلورية ..
وانتماءاتك القبلية ..
وأمزق كل الأحكام الشهريارية ..
التي حكمت على جسدك الجميل
بالأشغال الشاقة المؤبدة !! .

6
أنا لا أحبك .. وحدي
ولكنني أحاول أن أقنع الحقول ، والسنابل ،
والغيوم ، والأمطار ، والبحار ، والأشرعة ،
والأرانب ، والقطط ، والأطفال ، والحمائم ..
حتى تحبك معي …
فلن يخرج الربيع إلا من بين أصابعك ..
ولن تتشكل الحضارات إلا على ضفاف أنهارك
ولن يُستخرج الذهب إلا من مناجم أنوثتك ..
ولن تكون هناك قصيدة عظيمة ..
لا تحمل توقيعك …

7
لم يعلموني في المدرسة
كيف أحب امرأة ..
ولكنني اكتشفتك بحاستي السادسة
كما يكتشف الحصان العربي مصادر الماء ..
وكما يتخيل الصوفيون
شكل النساء في الجنة …

8
أنا لا أحبك كما يحبك الآخرون
ولا أطاردك كغزال صحراوي
كما يفعل الآخرون ..
ولا أدوس على أزاهيرك
كما يفعل الآخرون ..
وإنما أمزمزك بهدوء
كحبة العنب ..
و أرسمك على طريقتي
مرة بالأكواريل ..
ومرة بالحبر الصيني ..
ومرة ثالثة ، بمشتقات دمي …

9
أنت يا سيدتي ،
لست امرِأة الوقت الضائع .. والمصادفات
لست المرأة التي أقابلها في قاعات الترانزيت
وأودعها في قاعات الترانزيت ..
فأنا متفرغ لك ليلاً ونهاراً
أشق الأنهار ..
وأزرع النخيل ..
وأجمع محصول القطن ..
وأستخرج منك ماء الورد ..
وزيت الياسمين …

10
أنا لا أحبك ..
على طريقة الهيبيين ، والغجريين ، والفوضويين ..
ولكنني أتعامل معك ، كما أتعامل مع شعري
صدراً .. وعجزاً ..
وزناً .. وقافية ..
نمنمة .. وتطريزاً ..
حتى لا يعرف الناس
أين تبدأين أنت ؟
وأين تنتهي القصيدة ؟ ..

11
في بداية علاقتنا
كنت في شؤون الحب ، نصف أمية
وكنت تأكلين نصف الكلمات ..
ونصف الأصوات ..
ونصف القبلات ..
أما الآن ..
فقد صرت دليلتي .. ومرشدتي .. ومعلمتي ..
و أصبحت مرجعاً أكاديمياً من مراجع العشق
ألجأ إليه ، لأقوِّم لغتي
وأستكمل ثقافتي ..

12
حافظي على طفولتي ، يا سيدتي
حافظي ما أمكنك
على طيشي .. ونزقي ..
وحماقاتي ..
فيوم تقطعين حليب أمومتك عني
وتنبت لي أضراس العقل ..
ستسقط من فمي على الفور
كل أضراس الشِعر …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي