أبي إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم الحراني الصابئ

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبي إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم الحراني الصابئ

تعريف وتراجم لـ أبي إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم الحراني الصابئ

الصابىء صاحب الرسائل

أبو إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون بن حبون الحراني الصابىء، صاحب الرسائل المشهورة والنظم البديع؛ كان كاتب الإنشاء ببغداد عن الخليفة وعن عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه الديلمي الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وتقلد ديوان الرسائل سنة تسع وأربعين وثلثمائة، وكانت تصدر عنه مكاتبات إلى عضد الدولة بن بويه بما يؤلمه، فحقد عليه، فلما قتل عز الدولة وملك عضد الدولة بغداد اعتقله في سنة سبع وستين وثلثمائة، وعزم على إلقائه تحت أيدي الفيلة، فشفعوا فيه، ثم أطلقه في سنة إحدى وسبعين، وكان قد أمره أن يصنع له كتاباً في أخبار الدولة الديلمية، فعمل الكتاب التاجي فقيل لعضد الدولة: إن صديقا للصابىء دخل عليه فرآه في شغل شاغل من التعليق والتسويد والتبيض فسأله عما يعمل ، فقال: أباطيل أنمقها، وأكاذيب ألفقها، فحركت ساكنه وهيجت حقده، ولم يزل مبعدا في أيامه. وكان متشددا في دينه، وجهد عليه عز الدولة أن يسلم فلم يفعل. وكان يصوم شهر رمضان مع المسلمين، ويحفظ القرآن الكريم أحسن حفظ، وكان يستعمله في رسائله، وكان له عبد أسود اسمه يمن، وكان يهواه، وله فيه المعاني البديعة، فمن جملة ماذكره له الثعالبي في كتاب الغلمان، قوله:

قد قال يمن وهو أسود للذي ... ببياضه استعلى علو الخاتن

ما فخر وجهك بالبياض وهل ترى ... أن قد أفدت به مزيد محاسن

ولو أن مني فيه خالاً زانه ... ولو أن منه في خالاً شانني

قلت: ومعنى البيت الثالث ينظر إلى قول ابن الرومي من جملة أبيات في جاريته السوداء، وهو قوله:

وبعض ما فضل السواد به ... والحق ذو سلم وذو نفق

أن لا يعيب السواد حلكته ... وقد يعاب البياض بالبهق

وهي أبيات مشهورة أحسن فيها كل الإحسان.

وذكر له الثعالبي فيه أيضاً:

لك وجه كأن يمناي خطت ... هـ بلفظ تمله آمالي

فيه معنى من البدور ولكن ... نفضت صبغها عليه الليالي

لم يشنك السواد بل زدت حسناً ... إنما يلبس السواد الموالي

فبما لي أفديك إن لم تكن لي ... وبروحي أفديك إن كنت مالي وله كل شيْ حسن، من المنظوم والمنثور .

وتوفي يوم الاثنين - وقيل: يوم الخميس - لاثنتي عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وثمانين وثلثمائة، ببغداد، وعمره إحدى وسبعون سنة.

وذكر أبو الفرج محمد بن إسحاق الوراق المعروف بابن أبي يعقوب النديم البغدادي في كتابه " الفهرست " ، أن الصابىء المذكور ولد سنة نيف وعشرين وثلثمائة وتوفي قبل سنة ثمانين وثلثمائة ودفن بالشونيزي.

ورثاه الشريف الرضي بقصيدته الدالية المشهورة التي أولها :

أرأيت من حملوا على الأعواد ... أرأيت كيف خبا ضياء النادي

وعاتبه الناس في ذلك لكونه شريفاً يرثي صابئاً، فقال: إنما رثيت فضله.

وزهرون: بفتح الزاي المعجمة وسكون الهاء وضم الراء المهملة وبعد الواو نون.

وحبون: بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وبعد الواو نون.

والصابىء: بهمزة آخره. وقد اختلفوا في هذه النسبة، فقيل: إنها إلى صابىء بن متوشلح بن إدريس عليه السلام، وكان على الحنيفية الأولى. وقيل: إلى صابىء بن ماري، وكان في عصر الخليل عليه السلام، وقيل: الصابىء عند العرب من خرج عن دين قومه، ولذلك كانت قريش تسمي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صابئا لخروجه عن دين قومه، والله أعلم


وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

تتمات..

وقيل لأبي إسحاق الصابئ: إن الصاحب بن عباد قال: ما بقي من أوطاري وأغراضي إلا أن أملك العراق وأتصدر ببغداد وأستكتب أبا إسحاق الصابئ ويكتب عني وأغير عليه، فقال الصابئ: ويغير علي وإن أصبت.

وكتب إلى أبي الخير عن رقعة وصلت منه، وكان أهدى إليه جملاً: وصلت رقعتك ففضضتها عن خط مشرق، ولفظ مونق، وعبارة مصيبة، ومعانٍ غريبة، واتساع في البلاغة يعجز عنها عبد الحميد في كتابته، وسحبان لي خطابته، وتصرف بين جد أمضى من القدر، وهزل أرق من نسيم السحر، وتقلب في وجوه الخطاب، الجامع للصواب، إلا أن الفعل قصر عن القول لأنك ذكرت حملاً جعلته بصفتك جملاً، وكان المعيدي الذي تسمع به لا أن تراه؛ فلما أن حضر رأيت كبشاً متقادم الميلاد، من نتاج قوم عاد، قد أفنته الدهور، وتعاقبت عليه العصور، وظننته أحد الزوجين اللذين جعلهما نوح في سفينته، وحفظهما لذريته، صغر عن الكبر وكبر عن القدم فبانت دمامته، وقصرت قامته، وعاد ناحلاً ضئيلاً، بالياً هزيلاً، بادي الأسقام، عاري العظام، جامعاً للمعايب، مشتملاً على المثالب، يعجب العاقل من حلول الحياة به، ومن تأتي الحركة فيه، لأنه عظم مجلد ملبد، لا تجد فوق عظامه سلباً، ولا تلقى يدك منه إلا خشباً، قد طال للكلأ فقده، وبعد بالمرعى عهده، لم ير ألقت إلا نائماً، ولا عرف الشعير إلا حالما. وقد كنت ملت إلى استبقائه لما تعرفه من محبتي للتوفير، ورغبتي في التثمير، وجمعي للولد، وادخاري لغد، فلم أجد فيه مستبقياً لبقاء، ولا مدفعاً لعناء، لأنه ليس بأنثى فتلد، ولا بفتى فينسل، ولا بصحيح فيرعى، ولا بسليم فيبقى؛ فقلت: أذبحه ليكون وظيفة للعيال، وأقيمه رطباً مقام قديد الغزال، فأنشدني وقد أضرمت النار وحدت الشفار:

أعيذها نظرات منك صادقة ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم ثم قال: وما الفائدة في ذبحي ولست بذي لحم فأصلح للأكل لأن الدهر قد أكل لحمي، ولا ذي جلد يصلح للدباغ لأن الأيام قد مزقت أدمي، ولا ذي صوف يصلح للغزل لأن الحوادث قد حصت وبري؛ فإن أردتني للوقود فكيف يعز أنفي من ناري ولريقي حرارة جمري بريح قتاري فلم يبق إلا أن تطالبني بذحل أو بيني وبينك دم. فوجدته صادقاً في مقالته، ناصحاً في مشورته، ولم أعلم من أي أمريه أعجب: أمن مطالبته للدهر بالبقاء، أم صبره على الضر والبلاء، أم قدرتك عليه مع عدم مثله، أم هديتك إياه للصديق مع خساسة قدره. ويا ليت شعري وأنت فيما أنت فيه، وهديتك هذا الذي كأنه نشر من القبور، أو قام عند النفخ في الصور، ما كنت مهدياً لو أني رجل من عرض الكتاب كأبي علي وأبي الخطاب ما كنت مهدياً إلا كلباً أجرباً أو قرداً أحدباً، والسلام.

ومن بديع شعره قوله:

وكم من يد بيضاء حازت كمالها ... يد لك لا تسود إلا من النقس

إذا رقشت بيض الصحائف خلتها ... تطرز بالظلماء أودية الشمس

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

 

أبو إسحق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زَهْرُون الحرَّاني الصَّابئ، الأديب البارع، المتوفى في شوال سنة أربع وثمانين وثلاثمائة عن إحدى وسبعين سنة. ولد ببغداد ونشأ بها وكان بليغاً في النثر والنظم، ماهراً في الرياضيات خصوصاً الهندسة والهيئة، له عدة رسائل فيها وكتب الإنشاء ببغداد عن الخليفة وعن عزّ الدولة بختيار ولما قُتل عزّ الدولة ومَلكَ عَضُدُ الدولة سنة 367 أخذه ثم أطلقه وأمره بإنشاء كتاب في أخبار الدَّيلمية، فأنشأ كتاباً بليغاً سمَّاه "التاجي" وله كتاب في "المثلثات". ثم اختلف به الأيام ما بين رفعٍ ووضع وقَيدٍ وإطلاقٍ إلى هلاكه وكان متشدداً في دينه وكان قد حفظ القرآن وكان يصوم رمضان. ولما مات ولم يُسْلِم رثاه الشريف الرَّضي وعابه الناس [لكونه شريفاً يرثي صابئاً]، فقال: إنما رثيتُ فضله. ذكره ابن خَلِّكان.

سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

 

(313 - 384 هـ = 925 - 994 م) إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون الحرّاني، أبي إسحاق الصابئ: نابغة كتاب جيله.كان أسلافه يعرفون بصناعة الطب، ومال هو إلى الأدب، فتقلد دواوين الرسائل والمظالم والمعاون تقليدا سلطانيا في أيام المطيع للَّه العباسي، ثم قلده معز الدولة الديلميّ ديوان رسائله سنة 349هـ فخدمه وخدم بعده ابنه عِزّ الدَّولَة (بختيار) فكانت تصدر عنه مكاتبات إلى عضد الدولة (ابن عم بختيار) بما يؤلمه فحقد عليه. ولما قتل عز الدولة وملك عضد الدولة بغداد قبض على الصابئ سنة 367هـ وسجنه وأمر بأخذ أمواله. ولما ولي صمصام الدولة (ابن عضد الدولة) أطلقه (سنة 371 هـ وكان صلبا في دين الصابئة، عرض عليه عز الدولة الوزارة إن أسلم، فامتنع. وكان يحفظ القرآن ويشارك المسلمين في صوم رمضان. وأحبه الصاحب ابن عباد فكان يتعصب له ويتعهده بالمنح على بعد الدار. واختلف في التفضيل بين الصاحب والصابئ أيهما احسن انشاءاً. وقد نشر الأمير شكيب أرسلان (رسائل الصابئ - ط) وعلق عليه حواشي نافعة. وللصابئ كتاب (التاجي) في أخبار بني بويه، ألفه في السجن، وكتاب في (أخبار أهله) و (ديوان شعر) و (الهفوات النادرة - ط) نشره المجمع العلمي العربيّ في دمشق .

-الأعلام للزركلي-

 

 

صابِئ : الأَدِيْبُ البَلِيْغُ, صَاحِبُ التَّرَسُّلِ البَدِيْعِ, أَبُو إِسْحَاقَ, إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِلاَلٍ الصَّابِئُ الحَرَّانِيُّ المشركُ.

حَرَصُوا عَلَيْهِ أَنْ يُسلمَ فَأَبَى، وَكَانَ يَصُوْمُ رَمَضَانَ ويحفظ القرآن، ويحتاج إليه في الإنشاء.كَتبَ لعزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتيَارَ.

وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ.

وَلَمَّا تملَّكَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ هَمَّ بِقَتْلِهِ وَسَجَنَهُ, ثُمَّ أَطلقَهُ فِي سَنَةِ 317, فَأَلَّفَ لَهُ كِتَابَ "التَّاجِيِّ فِي أَخبارِ بنِي بُوَيْه".

مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وثمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَسَبْعُوْنَ سَنَةً, وَيُقَالُ: قَتَلَهُ؛ لأَنَّهُ أَمرَهُ بعملِ "التَّارِيْخِ التَّاجِيِّ" فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فسَأَلَهُ مَا تُؤَلِّفُ? فَقَالَ: أَبَاطِيْل ألفِّقها، وَأَكَاذيب أُنَمِّقها, فَتَحَرَّكَ عَلَيْهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَطردَهُ، وَمَاتَ, فَرَثَاهُ الشَّرِيْفُ الرَّضِيُّ, فَلِيمَ فِي ذَلِكَ, فَقَالَ: إِنَّمَا رثيتُ فضلَهُ, وَهَذَا عذرٌ بَارِدٌ.

وَكَانَ مكثِرًا مِنَ الآدَابِ.

وكذَلِكَ مَاتَ عَلَى كفرِهِ ابنُهُ المحسّنُ، وَكَانَ مُحْتَشِماً أَدِيباً.

ثُمَّ خَلفَهُ ابنُهُ الصَّدْرُ الأَوْحَدُ هِلاَلُ بنُ المحسّنِ الصَّابِئُ, الَّذِي أَسلمَ وعاش كثيرًا, وبقي إلى سنة 448

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي