أبي إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبي إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد

تعريف وتراجم لـ أبي إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد

السيد فخر الكتاب أبو إسماعيل الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد الملقب مؤيد الدين الأصبهاني المنشئ المعروف بالطغرائي؛ كان غزير الفضل لطيف الطبع، فاق أهل عصره بصنعة النظم والنثر.

ذكره أبو سعد ابن السمعاني في نسبة المنشئ من كتاب " الأنساب "، وأثنى عليه، وأورد قطعة من شعره في صفة الشمعة، وذكر أنه قتل في سنة خمس عشرة وخمسمائة.

والطغرائي المذكور له ديوان شعر جيد، ومن محاسن شعره قصيدته المعروفة بلامية العجم، وكان عملها ببغداد في سنة خمس وخمسمائة يصف حاله ويشكو زمانه، وهي التي أولها (2) :

أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل

[مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل

فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جملي

ناء عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالسيف عري متناه عن الخلل

فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا أنيس إليه منتهى جذلي

طال اغترابي حتى حن راحلتي ... ورحلها وقرى العسالة الذبل

وضج من لغب نضوي وعج لما ... يلقى ركابي ولح الركب في عذلي

أريد بسطة كف أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلا قبلي

والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الكد بالقفل

وذي شطاط كصدر الرمح معتقل ... بمثله غير هياب ولا وكل

حلو الفكاهة مر الجد قد مزجت ... بشدة البأس منه رقة الغزل

طردت سرح الكرى عن ورد مقلته ... والليل أغرى سوام النوم بالمقل

والركب ميل على اكوار من طرب ... صاح وآخر من خمر الهوى ثمل

فقلت أدعوك للجلى لتنصرني ... وأنت تخذلني في الحادث الجلل

تنام عيني وعين النجم ساهرة ... وتستحيل وصبغ الليل لم يحل

فهل تعين على غي هممت به ... والغي يزجر أحياناً عن الفشل

إني أريد طروق الحي من إضم ... وقد حماه رماة من بين ثعل

يحمون بالبيض والسمر اللدان به ... سود الغدائر حمر الحلي والحلل

فسر بنا في ذمام الليل معتسفاً ... فنفحة الطيب تهدينا إلى الحلل

فالحب حيث العدا والأسد رابضة ... حول الكناس لها غاب من الأسل

نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكحل

قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرائم من جبن ومن بخل

تبيت نار الهوى منهن في كبد ... حرى ونار القرى منهم على قلل

يقتلن أنضاء حب لا حراك بها ... وينحرون كرام الخيل والإبل

يشفى لديغ العوالي في بيوتهم ... بنهلة من غدير الخمر والعسل

لعل إلمامة بالجزع ثانية ... يدب منها نسيم البرء في عللي

لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشقة من نبال الأعين النجل

ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الأستار والكلل

ولا أخل بغزلان تغازلني ... ولو دهتني أسود الغيل بالغيل

حب السلامة يثني هم صاحبه ... عن المعالي ويغري المرء بالكسل

فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً ... في الأرض أو سلماً في الجو واعتزل

ودع غمار العلا للمقدمين على ... ركوبها واقتنع منهن بالبلل

رضى الذليل بخفض العيش مسكنة ... والعز تحت رسيم الأينق الذلل

فادرأ بها في نحور البيد حافلة ... معارضات مثاني اللجم بالجدل

إن العلا حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث أن العز في النقل

لو أن في شرف المأوى بلوغ منى ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل

أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال في شغل

لعله إن بدا فضلي ونقصهم ... لعينه نام عنهم أو تنبه لي

أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

لم أرض بالعيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى وقد ولت على عجل

غالى بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل

وعادة النصل أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل

ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل

تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي إذ أمشي على مهل

هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل

وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل

فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل

أعدى عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل

وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شراً وكن منها على وجل

غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول العمل

وشان صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل

إن كان ينجع شيء في ثباتهم ... على العهود فسبقُ السيف للعذَل

يا وارداً سؤر عيش كله كدر ... أنفقت صفوك في أيامك الأول

فيم اقتحامك لج البحر تركبه ... وأنت يكفيك منه مصة الوشل

ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والحول

ترجو البقاء بدار لا ثبات لها ... فهل سمعت بظل غير منتقل

ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... أصمت ففي الصمت منجاة من الزلل

قد رشحوك لأمر لو فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل ومن رقيق شعره قوله:

يا قلب مالك والهوى من بعد ما ... طاب السلو وأقصر العشاق

أو ما بدا لك في الإفاقة والألى ... نازعتهم كأس الغرام أفاقوا

مرض النسيم وصح والداء الذي ... تشكوه لا يرجى له إفراق

وهذا خفوق البرق والقلب الذي ... تطوى عليه أضالعي خفاق وله أيضاً:

أجما البكا يا مقلتي فإننا ... على موعد للبين لا شك واقع

إذا جمع العشاق موعدهم غداً ... فواخجلتا إن لم تعني مدامعي ومن شعره:

ولا غرو إن أهديت من فيض بره ... إليه قليلاً ليس يعتده نزرا

فإني رأيت الغيم يحمل ماءه ... من البحر غمراً ثم يهدي له قطرا ومن شعره:

لا تحقرن الرأي وهو موافق ... حكم الصواب وإن بدا من ناقص

فالدر وهو أجل شيء يقتنى ... ما حط رتبته هوان الغائص وله أيضاً:

أخاك أخاك فهو أجل ذخر ... إذا نابتك نايبة الزمان

وإن رابت إساءته فهبها ... لما فيه من الشيم الحسان

تريد مهذباً لا غش فيه ... وهل عود يفوح بلا دخان ومن شعره:

ما فلان: إلا كجيفة ميت ... والضرورات أحوجتنا إليه

فمن اضطر غير باغ ولا عا ... د فلا إثم في الكتاب عليه وله من أبيات:

لا غرو إن حزت المروءة والتقى ... والدين والدنيا لم تتصدع

إن النواظر والقلوب صغيرة ... تحوي الكبيرة وليس بالمستبدع وله:

جامل أخاك إذا استربت بوده ... وانظر به عقب الزمان يعاد

فإن استمر على الفساد فخله ... فالعضو يقطع للفساد الزائد (1) وذكره أبو المعالي الحظيري في كتاب " زينة الدهر " وذكر له مقاطيع، وذكره أبو البركات ابن المستوفي في " تاريخ إربل " وقال: إنه ولي الوزارة بمدينة إربل مدة، وذكر العماد الكاتب في كتاب " نصرة الفترة وعصرة الفطرة " - وهو تاريخ الدولة السلجوقية - أن الطغرائي المذكور كان ينعت بالأستاذ، وكان وزير السلطان مسعود بن محمد السلجوقي بالموصل، وأنه لما جرى المصاف بينه وبين أخيه السلطان محمود بالقرب من همذان وكانت النصرة لمحمود، فأول من أخذ الأستاذ أبو إسماعيل وزير مسعود، فأخبر به وزير محمود، وهو الكمال نظام الدين أو طالب علي بن أحمد بن حرب السميرمي، فقال الشهاب أسعد - وكان طغرائياً في ذلك الوقت نيابة عن النصير الكاتب -: هذا الرجل ملحد، يعني الأستاذ، فقال وزير محمود: من يكن ملحداً يقتل، فقتل ظلماً.

وقد كانوا خافوا منه، ولا قبل عليه لفضله، فاعتدوا قتله بهذه الحجة، وكانت هذه الواقعة سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وقيل إنه قتل سنة أربع عشرة، وقيل ثماني عشرة، وقد جاوز ستين سنة، وفي شعره ما يدل على أنه بلغ سبعاً وخمسين سنة لأنه قال وقد جاءه مولود (1) :

هذا الصغير الذي وافى على كبري ... أقر عيني ولكن زاد في فكري

سبع وخمسون لو مرت على حجر ... لبان تأثيرها في صفحة الحجر والله تعالى أعلم بما عاش بعد ذلك، رحمه الله تعالى.

(28) وقتل الكمال السميرمي الوزير المذكور يوم الثلاثاء سلخ صفر سنة ست عشرة وخمسمائة في السوق ببغداد عند المدرسة النظامية، وقيل: قتله عبد أسود كان للطغرائي المذكور، لأنه قتل أستاذه.

والطغرائي - بضم الطاء المهملة وسكون الغين المعجمة وفتح الراء وبعدها الف مقصورة - هذه النسبة إلى من يكتب الطغري، وهي الطرة التي تكتب في أعلى الكتب فوق البسملة بالقلم الغليظ، ومضمونها نعوت الملك الذي صدر الكتاب عنه، وهي لفظة أعجمية.

والسميرمي - بضم السين المهملة وفتح الميم وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء ثم ميم - هذه النسبة إلى سميرم، وهي بلدة بين أصبهان وشيراز، وهي آخر حدود أصبهان.

وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - لأبو العباس شمس الدين أحمد ابن خلكان البرمكي الإربلي

 

الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو إسماعيل، مؤيد الدين، الأصبهاني الطغرائي:

شاعر، من الوزراء الكتّاب، كان ينعت بالأستاذ. ولد بأصبهان، واتصل بالسلطان مسعود بن محمد السلجوقي (صاحب الموصل) فولاه وزارته. ثم اقتتل السلطان مسعود وأخ له اسمه السلطان محمود فظفر محمود وقبض على رجال مسعود، وفي جملتهم الطغرائي، فأراد قتله ثم خاف عاقبة النقمة عليه، لما كان الطغرائي مشهورا به من العلم والفضل، فأوعز إلى من أشاع اتهامه بالإلحاد والزندقة فتناقل الناس ذلك، فاتخذه السلطان محمود حجة، فقتله. ونسبة الطغرائي إلى كتابة الطغراء. له (ديوان شعر - ط) وأشهر شعره (لامية العجم) ومطلعها: (أصالة الرأي صانتني عن الخطل) وله كتب منها (الإرشاد للأولاد - خ) مختصر في الإكسير وللمؤرخين ثناء عليه كثير.

الأعلام لـ {خير الدين الزركلي}

 

حسين بن علي بن محمد بن عبد الصَّمد [عميد الملك فخر الكتاب، أبو إسمعيل، الملقب مؤيد الدين الأصبهاني المنشي، المعروف بالطغرائي، صاحب (الامية العجم). قتل سنة ثلاث أو أربع أو ثماني عشرة وخمسمائة، وقد جاوز ستين سنة].

سلم الوصول إلى طبقات الفحول - حاجي خليفة.

 

الطُّغْرَائي

العَمِيدُ، فَخرُ الكُتَّاب، مُؤَيَّدُ الدِّينِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصَّمَدِ الأَصْبَهَانِيّ المُنْشِئ، الشَّاعِر، ذُو بَاعٍ مَدِيد فِي الصِّنَاعَتَينِ، وَلَهُ لاَمِيَّةُ الْعَجم بَدِيعَة، وَمَا أَملح قَوْلَه:

يَا قَلْبُ مَالَكَ وَالهَوَى مِنْ بعد ما ... طاب السلو وأقصر العشاق

أوَما بَدَا لَكَ فِي الإِفَاقَةِ وَالأُلَى ... نَازَعْتَهُم كَأْسَ الغرام أفاقوا

مَرِضَ النَّسِيْمُ وَصَحَّ وَالدَّاءُ الَّذِي ... تَشْكُوهُ لاَ يُرْجَى لَهُ إِفْرَاقُ

وَهَذَا خُفُوْقُ البَرْق وَالقَلْبُ الَّذِي ... تُطْوَى عَلَيْهِ أَضَالِعِي خَفَّاقُ

قُتِلَ سَنَةَ أربع عشرة وخمس مائة.

سير أعلام النبلاء - شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي.

 

 

يوجد له ترجمة في كتاب: (بغية الطلب في تاريخ حلب - لكمال الدين ابن العديم)

 

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي