أبي الحسن علي الحسني الندوي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبي الحسن علي الحسني الندوي

تعريف وتراجم لـ أبي الحسن علي الحسني الندوي

أبوالحسن علي بن عبد الحي بن فخرالدين الحسني


اسمه ونسبه: 

عليٌّ أبو الحسنِ بنُ عبد الحي بن فخر الدين الحسني ـ ينتهي نسبه إلى عبد الله الأشتر بن محمد ذي النفس الزكية بن عبد الله المحض بن الحسن السبط بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه هاجربعض أجداده وهو الأمير السيد قطب الدين محمدالمدني (م 677هـ) إلى الهند في أوائل القرن السابع الهجري. 

أبوه علامة الهند ومؤرِّخُها السيد عبدالحي بن فخرالدين الحسني رحمه الله صاحب المصنَّفات المشهورة: “ نُزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر في تراجم علماء الهند وأعيانها” - طُبع أخيراً باسم : الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام- في ثمانية مجلدات. “والهند في العهد الإسلامي”،و”الثقافة الإسلامية في الهند”. 

أمه - رحمها الله - كانت من السيدات الفاضلات،المربِّيات النادرات،المؤلِّفات المعدودات، تحفظُ القرآن وتكتبُ وتؤلِّف، وتقول الشعرَ. 

ميلاده ونشأته: 

وُلِدَ بقرية تكيه بمديرية راي بريلي- في الولاية الشمالية -(Uttar Pardash) بالهند في 6/ محرم 1333هـ الموافق عام 1914م. 

بدأ تعلُّمَه للقرآن الكريم في البيتِ تُعاوِنُه أمُّه، ثم بدأ في تعلُّم اللغتَينِ الأرديةَ والفارسيةَ. 

تُوُفِّي أبوه عام 1341هـ - ( 1923م) وهو لم يزل دون العاشرة، فتولَّى تربيتَه أمُّه الفاضلةُ،وأخوه الأكبُر الدكتور عبد العلي الحسني الذي كان هو الآخَرُ طالباً في كلية الطب بعد تخرُّجِه من دار العلوم ندوة العلماء ومن دار العلوم ديوبند. 

بدأ تعلُّم العربيةِ على الشيخ خليل بن محمد الأنصاري اليماني عام 1342هـ (1924م) وتخرَّج عليه،كما استفاد- في دراسة اللغة العربية وآدابها - من عمَّيهِالشيخ عزيز الرحمن والشيخ محمد طلحة،وتوسع فيها وتخصص على الأستاذ الدكتور تقي الدين الهلالي عند مقدمه في ندوة العلماء عام 1930 م. 

حضر احتفالَ ندوة العلماء بكانفور عام 1926م، وشدَّ انتباه المشاركين في الاحتفال بكلامه العربي، واستعان به بعضُ الضيوفِ العرب في تنقُّلا ته خارجَ مقرِّ الحفل. 

التحق بجامعة لكهنؤ في القسم العربي عام 1927م -وكان أصغرَ طُلاب الجامعةِ سِنّاً - وحصل علىشهادة فاضل أدب في اللغة العربية وآدابها. 

قرأ -أيام دراسة اللغة العربية الأولى -كتبا تعتبر في القمة في اللغة الأردية وآدابها ، مِمَّاأعانه على القيام بواجب الدعوة، وشرح الفكرة الإسلامية الصحيحة، وإقناع الطبقة المثقَّفة بالثقافة العصرية. 

عكف على دراسة اللغة الإنجليزية في الفترة مابين 1928- 1930م ممامكَّنَتْه من قراءة الكتب المؤلَّفة -بالإنجليزية - في المواضيع الإسلامية والحضارة الغربية وتاريخها وتطورها، والاستفادة منها مباشرة. 

التحق بدار العلوم لندوة العلماء عام 1929م، وحضَر دروسَ الحديث الشريف للعلامة المحدِّث المربِّي حيدر حسن خان- وكان قد دَرَسَ كتاب الجهاد من صحيح الإمام مسلم على شيخه خليل الأنصاري- ولازَمَه سنتَيْنِ كاملَتَيِن فقرأ عليه الصحيحين، وسنن أبي داؤد، وسنن الترمذي حرفاً حرفاً، وقرأ عليه دروساً في تفسير البيضاوي أيضاً، وقرأ على الشيخ الفقيه المفتي شبلي الجيراجبوري الأعظمي بعض كتب الفقه. 

تلقَّى تفسيرَ سورٍ مختارة من شيخه خليل الأنصاري، ثم تلقَّى دروساًفي التفسير من الشيخ عبد الحي الفاروقي، وحضر دروس البيضاوي للمحدث حيدرحسن خان، ودَرَسَ التفسيرلكامل القرآن الكريم - حسب المنهج الخاص للمتخرجين من المدارس الإسلامية - على العلامة المفسِّر أحمد علي اللاهوري في لاهور عام 1351هـ / 1932م . أقام عند العلامة المجاهدحسين أحمد المدني عام 1932م في دار العلوم ديوبند عدة أشهر، وحضردروسَه في صحيح البخاريِّ وسنن الترمذيِّ، واستفاد منه في التفسيروعلوم القرآن الكريم أيضاً،كما استفادمن الشيخ الفقيه الأديب إعزاز علي في الفقه، و من الشيخ المقرئ أصغر علي في التجويد على رواية حفص. 

حياته العملية وجهوده الدعوية: 

تَعيَّن مُدَرِّساً في دارالعلوم لندوة العلماء عام 1934م، ودرَّس فيها التفسير والحديث، والأدب العربي وتاريخه’ والمنطق. 

تزوج عام 1934م، وعوضه الله عن أولاده من الصلب ابن الأخ الداعية الكاتب الموهوب[ محمد الحسني رحمه الله] وأبناء الأخت الصالحين البررة الدعاة المخلصين[ محمد الثاني رحمه الله، محمد الرابع، ومحمد الخامس وهو المعروف بـ: واضح رشيد حفظهما الله] 

استفادمن الصُّحف والمجلات العربية الصادرة في البلاد العربية - والتىكانت تصل إلى أخيه الأكبر،أوإلىدار العلوم ندوة العلماء-مما عرَّفَه على البلاد العربية وأحوالها، وعلمائها’وأدبائها’ومفكِّر يهاعن كثب. 

بدأ يتوسع في المطالعة والدراسة - خارجاً عن نطاق التفسير والحديث والأدب والتاريخ أيضاً- منذ عام 1937م، واستفاد من كتب المعاصرين من الدعاة و المفكرين العرب ، وفضلاء الغرب ،و الزعماء السياسِيِّينَ. 

قام برحلة استطلاعية للمراكز الدينيَّة في الهند عام 1939م تعرَّف فيها على الشيخ المربِّي عبد القادر الراي بوري والداعية المصلح الكبيرمحمد إلياس الكاندهلوي، وبقي علىصلة بهما، فتلقَّى التربيةَ الروحيةَ من الأول وتأسَّى بالثاني في القيام بواجبِ الدعوةوإصلاح المجتمع، فقضى زمناً في رحلات دعوية متتابعة للتربية والإصلاح والتوجيه الديني على منهجه، واستمرت الرحلات الدعوية - على اختلاف في الشكل والنظام - إلى مرض وفاته رحمه الله في ذي الحجة عام 1420هـ. 

أسَّسَ مركزاً للتعليمات الإسلامية عام 1943م’ ونظَّم فيها حلقاتِ درسٍ للقرآن الكريم والسنَّة النَّبوِيَّةِ فتهافتَ عليها الناسُ من الطبقة المثقفةِ والموظَّفِين الكبار. 

اختير عضواً في المجلس الانتظامي [الإداري] لندوة العلماء عام 1948م ، وعُيِّن نائبا لمعتمد (وكيل)ندوة العلماء للشؤن التعليمية بترشيحٍ من المعتمد العلامة السيد سليمان النَّدْوي -رحمه الله - عام 1951م، واختيرمعتمداً-إثرَ وفاة العلامة رحمه الله-عام 1954م،ثم وقع عليه الاختيارُ أميناًعاماًلندوة العلماء -بعد وفاة أخيه الدكتور السيد عبد العلي الحسني - عام 1961م. 

أسَّسَ حركة رسالة الإنسانية عام 1951م. 

أسَّسَ المجمع الإسلامي العلمي في لكهنؤ عام 1959م 

شارك في تأسيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية (U.P.) عام 1960م، وفي تأسيس المجلس الاستشاري الإسلامي لعموم الهند عام 1964م، وفي تأسيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند عام 1972م . دعا إلى أوَّل ندوة عالمية عن الأدب الإسلامي في رحاب دار العلوم لندوة العلماء عام 1981م . 

أهم مؤلفاته: 

نُشِرَ له أوَّلُ مقالٍ بالعربية في مجلة “المنـار” للسيد رشيد رضا عام 1931م حول حركة الإمام السيدأحمد بن عرفان (الشهيد في بالاكوت عام 1831م) 

ظهر له أوَّلُ كتاب بالأردية عام 1938 م بعنوان “ سيرة سيد أحمد شهيد” ونال قبولاً واسعاًفي الأوساط الدينية والدعوية. 

ألّف كتابه “ مختارات في أدب العرب” عام 1940م ، وسلسة “قصص النبيين” للأطفال’وسلسلةً أخرىللأطفال’باسم:“القراءة الراشدة” في الفترة مابين 1942-1944م. 

بدأ في تاليف كتابه المشهور “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين” عام 1944 م،وأكمله عام 1947م، وقد طُبِعت ترجمتُه الأرديةُ في الهند قبل رحلته الأولى للحج عام 1947م. 

ألَّف - عام 1947م - رسالة بعنوان : “إلى مُمثِّلي البلاد الإسلامية” موجَّهةً إلى المندوبين المسلمين والعرب المشاركين في المؤتمر الآسيوي المنعقد في دلهي- على دعوة من رئيس وزراء الهند وقتها : جواهر لال نهرو - فكانت أولَ رسالةٍ له انتشرت في الحجاز عند رحلته الأولى. 

كلَّفته الجامعة الإسلامية في عليكره (A.M.U.) الهند، بوضع منهاج لطلبة الليسانس في التعليم الديني أسماه “إسلاميات”، وألقى في الجامعة الملية بدلهى - على دعوة منها- عام 1942م محاضرةًطُبعت بعنوان : “بين الدين و المدنِيَّةِ”. 

دُعِي أستاذاً زائِراً في جامعة دمشق عام 1956م، وألقى محاضرات بعنوان : "التجديد و المجدِّدون في تاريخ الفكر الإسلامي" ضُمَّت - فيما بعد- إلى كتابه الكبير"رجال الفكر والدعوة في الإسلام ". 

ألقى محاضرات في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - على دعوة من نائب رئيسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز- عام 1963م، طُبِعت بعنوان: "النبوة والأنبياء في ضوء القرآن". 

سافر إلى الرياض- على دعوة من وزير المعارف السعودي - عام 1968م للمشاركة في دراسة خطة كلية الشريعة،وألقى بها عدَّةَ محاضرات في جامعة الرياض وفي كلية المعلِّمين، وقد ضُمَّ بعضُها إلى كتابه: "نحو التربية الإسلامية الحرة في الحكومات والبلاد الإسلامية". 

ألّف - بتوجيهٍ من شيخه عبد القادر الراي بورى - كتاباً حول القاديانية ، بعنوان: "القادياني والقاديانية " عام1958م. 

ألَّف كتابه " الصِّراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية" عام 1965م، وكتابه " الأركان الأربعة" عام 1967م ، و"العقيدة والعبادة والسلوك" عام 1980م، و " صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول الأعظم والمسلمين الأوائل عند أهل السنة و الشيعة" ، عام 1984م، و"المرتضى" في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عام 1988م. 

الصحافة: 

شارك في تحرير مجلة " الضياء"العربية الصادرة من ندوة العلماء عام 1932م، ومجلة "الندوة" الأردية الصادرة منها أيضاً عام 1940 م ، وأصدر مجلة " التعمير" الأردية عام 1948م. 

وتولَّى كتابة افتتاحيات مجلة " المسلمون" -الصادرة من دمشق- في الفترة مابين59- 1958 م وكانت أُوْلاها هي التي نُشِرت فيما بعد بعنوان : "رِدَّة و لا أبا بكر لها"،كما ظهرت له مقالات في مجلة "الفتح"للأستاذ محب الدين الخطيب. 

أشرف على إصدار جريدة "نداي ملت" الأردية الصادرة عام 1962م، وكان المشرفُ العام على مجلة "البعث الإسلامي" العربية الصادرة منذ عام 1955م، وجريدة "الرائد" العربية الصادرة منذ عام1959م، وجريدة "تعمير حيات" الأردية الصادرة منذ عام 1963م، والمجلة الإنجليزية The Fragrance الصادرة منذ عام 1998م، أربعتُها تصدر من ندوة العلماء، وكان هو المشرف العام على مجلة "معارف" الأردية الصادرة من دار المصنفين بأعظم كره، ومجلة الأدب الإسلامي الصادرة من رابطة الأدب الإسلامي العالمية مكتب البلاد العربية، ومجلة "كاروان أدب" الصادرة من رابطة الأدب الإسلامي العالمية مكتب بلاد شبه القارة الهندية. 

رحلاته في طلب العلم: 

سافر إلى مدينة لاهور عام 1929م، وكانت أوَّلَ رحلةٍ له إلى بلدٍ بعيد’ حيث تعرَّف على علمائها وأعيانها، والتقى بشاعر الإسلام الدكتور محمد إقبال وكان قد ترجم بعض قصائده -قصيدة القمر- إلى النثر العربي.وفي هذه الرحلة عرضه عمه الشيخ محمد طلحة على المربي الكبير الأستاذ محمد شفيع واستشاره في الميدان الذي يختاره للدراسة في المستقبل فأشار عليه المذكور بالاستمرار في تعلم العربية. 

سافر ثانية إلى لاهور عام 1930م وقرأ عليه تفسير أوائل سورة البقرة. 

وفي رحلته الثالثة إلى لاهور عام 1931م قرأ على العلامة اللاهوري كتاب حجة الله البالغة للإمام ولي الله الدهلوي رحمه الله. 

رافق العلامة الدكتور تقي الدين الهلالي في رحلته إلى بنارس وأعظم كره ومؤ ومبارك فور، ولعله في هذه الرحلة قرأ أوائل الصحاح على صاحب تحفة الأحوذي العلامة عبد الرحمن المباركفوري وأخذ منه - أيضاً - الإجازة في الحديث. 

سافر إلى ديوبند عام 1932م وأقام بدارالعلوم ديوبند للحضور في دروس العلامة المحدث المجاهد حسين أحمد المدني في الحديث الشريف ، كما استفاد منه بصفة خاصة في التفسيروعلوم القرآن. 

وفي رحلته الرابعة إلى لاهور عام 1932م قرأ على العلامة اللاهوري تفسير كامل القرآن الكريم حسب المنهاج المقرر للمتخرجين من المدارس الإسلامية. 

رافق العلامة السيد سليمان النَّدْوي في سفره إلى كرنال وباني بت، وتهانيسر ودلهي عام 1939م. 

رحلاته الدعوية: 

وتوجَّه إلى بومبائ عام 1935م لدعوة الدكتور أمبيدكر زعيم المنبوذين إلى الإسلام. 

قام برحلة استطلاعية للمراكز الدينية في الهند عام 1939م. 

سافر للحج عام 1947م، وكانت أوَّلَ رحلةٍ له خارج الهند، وأقام بالحجاز ستة أشهر’ وتعرَّف على كبار علماء الحجاز، أمثال أصحاب الفضيلة الشيوخ : عبد الرزاق حمزه ، عمر بن الحسن آل الشيخ،و السيد علوي المالكي ، وأمين الكتبي ، وحسن مشاط، ومحمدالعربى التباني، ومحمود شويل، وكانت رسالته "إلى ممثلي البلاد الإسلامية" قد طبعت، فكانت خيرَ معرِّف لمؤلِّفها في الحجاز، وقد قرأها ذات يوم فضيلة الشيخ محمد علي الحر كان على طلابه في المسجد النبوي الشريف، واطَّلع فضيلة الشيخ عبد الرزاق حمزه إمام الحرم المكي على مسوَّدة كتابه "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" فأعجب به ،وشجَّع المؤلِّف الناهض على نشره. 

ورحل للحج مرة أخرى عام 1951م، وتعرَّف على أدبائها وكتَّابها بصفة خاصة، وعلى رأسهم معالي الشيخ محمد سرور الصبان، والتقى بهم عدة لقاءاتٍ كان أهمَّها اللقاءُ في بستان البخاري بمكة المكرمة الذي حضره جمع من الشباب الأدباء والصحفيين وكبارالموظفين أمثال الأساتذة : سعيد العامودي،وعبد القدوس الأنصاري، وعلى حسن فدعق، ومحسن أحمد باروم، وحسين عرب،وكانت الجلسة - حسب تعبير سماحته -كأنها جلسة نقاش للطالب قدَّروا فيه مدى معرفته اللغةَ العربية، وسبروا غورَه في دراسته ومعلوماته العامة، واطِّلاعَه على اللغة الإنجليزية، فكانت الأسئلة حيناً عن ا لأدب العربي وأعلامه المعاصرين، وآخر عن الاشتراكية والأدب الإنجليزي، والحضارة الغربية وما إلى ذلك، وكانت النتيجة أن طُلب منه إلقاء سلسلة من الأحاديث على إذاعة جدة، فألقاها بعنوان : "بين العالم وجزيرة العرب" ثم تكرَّرَتْ رحلاتُه للبلاد المقدَّسَةِ. 

زارمصر للمرة الأولى عام 1951، وكان كتابه "ماذاخسر العالم بانحطاط المسلمين" قد سبقه إلى الأوساط العلميةِ والدينية، والدعويةِ، والأدبيةِ فكان خيرَ معِّرفٍ لمؤلِّفِه. ومكث في القاهرة ستة أشهر إلا قليلا، وألقى سلسلة من الأحاديث والمحاضرات في مختلف النوادي والجمعيات، التي تَعرَّف فيها على شباب مصر والأوساط القديمة والجديدة، واسترعىانتباههم، والتقى فيها- من كبارالعلماء ومشايخ الأزهر-مع شيخ الأزهر عبد المجيد سليم، ومحمد شلتوت، وأحمد محمد شاكر،وحَسَنَين محمد مخلوف، ومحمدحامد الفقي، ومحمد عبد اللطيف دراز، ومحمد فؤاد عبد الباقي، ومصطفى صبري باشا شيخ الإسلام سابقا بالدولة العثمانية ) ومحمد الشربيني، ومحمد يوسف موسى، وأحمد عبد الرحمن البنَّا (والد الشيخ حسن البنَّا رحمه الله). 

ومن القادة والزعماء مع : سماحة المفتي أمين الحسيني، والأمير عبدالكريم الريفي، واللواء صالح حرب باشا، ومن الدعاة والمفكرين الإسلاميين سيد قطب، ومحب الدين الخطيب، وأحمد الشرباصي، ومحمد الغزالي، وسعيد رمضان، وصالح العشماوي،وبهي الخولي، ومن الأدباء أحمد أمين، وعباس محمود ا لعقاد، وأحمد حسن الزيات. 

وكان من أهم الأحاديث التي ألقاها محاضرةٌ في دارالشبان المسلمين، بعنوان: " الإسلام علىمفترق الطرق"، وأخرى بعنوان : "الدعوة الإسلامية وتطوراتها في الهند" في حفل أقامه رئيس عام جمعيات الشبان المسلمين تكريماًله، والثالثة حول: "شعر إقبال ورسالته" في كلية دارالعلوم، والرابعة بعنوان: "الإنسان الكامل في نظر الدكتور محمد إقبال" في جامعة فؤاد الأول، عدا محاضرات في عدد من المراكز الدعوية والجمعيات مثل:شباب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وجمعية أنصار السنة المحمدية، والجمعية الشرعية، وجمعية العشيرة المحمدية، وجمعية مكارم الأخلاق، والرابطة الإسلامية، وحضر ندوةًدعويةًفي منزل سيد قطب حول كتابه: "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين". 

وفي الرحلة نفسِها نُشرت رسالتُه بعنوان: "اسمعي يامصر" علَّق عليهاسيد قطب قائلاً: "قرأتُ اسمعي يا مصر وياليت مصر قد سمِعَتْ" . 

ونظَّم له الإخوانُ رحلاتٍ وجولاتٍ دعويةً زار فيها -عدا القرى والأرياف - القناطرالخيرية، وطنطا، وبنها، وحامول، وحلوان، وسنتريس، والمحلة الكبرى، ونكله، والعزيزية، وقويسنا، ونبروه، رافقه فيها ترجمان الإخوان والداعية الكبير محمد الغزالي، وذلك عدا لقاءاتٍ متكررة مع الطلاب في أروقة الأزهروالفنادق. 

وسافر في الرحلة نفسها إلى السودان والشام والقدس والأردن، والتقىبالسودان مع أعيانها وكبار رجالها، أمثال:السيد علي ميرغني باشا، والأستاذ إسماعيل بك الأزهري ـ رئيس وزراء السودان فيمابعد- وشوقي أسد سكرتيرجمعية التبشير الإسلامي ، ومحمد عوض إمام المسجد الجامع، والحاج محمد موسى سليمان قائد العمال ورئيس جمعية الشبان المسلمين . 

أقام في الشام 48 أياما، قضى 24 يوما منها في دمشق ـ وزار في باقيها حمص، وحماه، ومعرة النعمان ، وحلب، وحارم، فكانت فرصةً للاتصال بالأوساط العلمية والدينية والأدبية المختلفة ، ومقابلة شخصياتها الموقرة، وتبادل الأراء معها ، فزار من مؤسَّسات الشام ومراكزها العلمية والأدبية مركزالإخوان المسلمين بجامع الدقاق، والمجمع العلمي العربي بدمشق، والمكتبة الظاهرية، ومدرسة دارالحديث، وجمعية التمدن الإسلامي، وحضر إحدى جلسات البرلمان السوري المهمة المثيرة . 

وألقى محاضرةً في قاعة جامعة دمشق بعنوان: "شهادة العلم والتاريخ في قضية فلسطين" عدا محاضرات في كل من الهيئة العلمية الإسلامية، وجمعية التمدن الإسلامي، والجمعية الغراء،ومركز الإخوان المسلمين في حمص، ومركز الإخوان بحماه، وفي اجتماع كبير بحلب. 

والتقى فيها مع كبار علمائها وأدبائها أمثال أصحاب الفضيلة : عبد الوهاب الصلاحي، ومكي كتاني،وأحمد الدقر، ومحمد بهجة البيطار، وأبي الخير الميداني، ومصطفى السباعي، ومحمد المبارك، ومصطفى الزرقاء،ومحمد أحمد دهمان، وأبي اليسر عابدين- حفيد العلامة الشامي و مفتي الجمهورية ـ وأحمد كفتارو، ومحمدسعيدبرهاني، ومحمد على حوماني، وتيسيرظبيان،ومحمدكمال خطيب، ومحمدكردعلى، ومحمد عزة دروزة، وخليل مردم بك، وعبد القادر المغربي. وكان يرافقه ويساعده في الوصول إلى الناس وزياراتهم الأستاذ عبدالرحمن الباني الذي كان مدرِّسا في كلية المعلِّمين بدمشق . 

وفي فلسطين زار بيت المقدس، وتشرف بزبارة المسجد الأقصى، وقضى الأيام الأخيرة من رمضان وصلى العيد بها، وزار مدينة الخليل، وبيت اللحم، وفي العودة منها قابل بالأردن الملك عبد الله ملك الأردن، وقد طُبعت مذكراته لهذه الرحلة الطويلة بعنوان:"مذكرات سائح في الشرق الأوسط" . 

وزار الشام للمرة الثانية ـ أستاذاً زائراً في كلية الشريعة بجامعة دمشق ـ عام 1956م، وأقام بها ثلاثة أشهر كان فيها على صلة وعلاقة دائمة مع علماء دمشق وأدبائها ومفكِّريها، وقادة الحركات والمنظَّمات الإسلامية، وألقى ـ عدا محاضراته الأساسية في الجامعة حول التجديد والمجدِّدين في تاريخ الفكر الإسلامي ـ أحاديث على إذاعة سورية، كان أولها بعنوان "اسمعي يا سورية !" ومحاضرة في مركز الإخوان بحلب بعنوان: "حاجتنا إلى إيمان جديد"، وكلمة في المؤتمر الإسلامي بدمشق بعنوان: "ارتباط قضية فلسطين بالوعي الإسلامي" وخطاباً أمام مدرِّسي الدين بالجامعة. وسافر إلى الشام مرة ثالثة عام 1964م والمرة الرابعة لنصف ليلة فقط عام 1973م . 

سافر في هذه الرحلة - 1956م- إلى لبنان، زار فيها بيروت وقلمون وطرابلس، والتقى فيها مع الشخصيات الدينية والعلمية وقادة الحركات الدينية، أمثال: محمد عمر داعوق مؤسِّس حركة عباد الرحمن، ومحمد علايا مفتى الجمهورية، وشفيق يموت رئيس المحكمة الشرعية، ومحمد أسد ـ ليوبولد ويس سابقا ـ صاحب كتاب: الطريق إلى مكة، ومصطفى الخالدي الداعي العامل المعروف في المجالات الاجتماعية، والفضيل الورتلاني المجاهد الجزائري المعروف، وزار في بيروت مركزعبادالرحمن،وكلية الشريعة، وألقى في خلية الملك سعود ـ وهي مركز إسلامي ببيروت وقاعة المحاضرات والاجتماعات - بعنوان: "الشعوب لاتعيش على أساس المدنيات بل تعيش بالرسالة وتعضدها روحها وخصائصها" وزار في طرابلس الكلية الشرعية، ومركز المولوية، ومدرسة الغزالي،ومدرسة ابن خلدون وغيرها . 

سافر في الرحلة نفسها- 1956م- إلى تركيا ومكث فيها أسبوعين طبعت مذكراتها بعنوان: " أسبوعان في تركيا الحبيبة"، ثم سافر إليها عام 1964م، فعام 1986م، فعام 1989م، فعام 1993م فعام 1996م وكانت الرحلاتُ الأربع الأخيرة للحضور في مؤتمرات رابطة الأدب الإسلامي العالمية. 

سافر إلى الكويت عام 1962م و ألقى بها كلمته الرائعة بعنوان: "اسمعي يا زهرة الصحراء" ثم عام 1968م’ فعام 1983م، فعام 1987م، 

وإلى الإمارات العربية المتحدة عام 1974م على دعوة من حاكم الشارقة الأمير سلطان بن محمد القاسمي’ ثم عام 1976م’ فعام 1983م، فعام 1988م، فعام1993م، وإلى قطر للحضور في مؤتمر السيرة النبوية عام 1990م، وقد طُبِعت أهم محاضراته التي ألقاها في الخليج العربي في مجموعة بعنوان : "أحاديث صريحة مع إخواننا العرب المسلمين" 

سافر على رأس وفد من رابطة العالم الإسلامي عام 1973م إلى أفعانستان، وإيران، ولبنان ، والعراق (وكان قد زار العراق للمرة الأولى عام 1956م) وسوريا ، والأردن، وكانت له في كل من هذه البلدان محاضرات وكلمات و أحاديث، وقد طُبعت مذكراته لهذه الرحلة بعنوان :"من نهر كابل إلى نهر اليرموك". 

سافر على دعوة من مؤسَّسة آل البيت إلىالأردن عام 1984م. وألقى محاضرات في جامعة اليرموك ، و في كلية العلوم العربية وغيرها ، 

وزار في العام نفسِه اليمن - على دعوة من وزير التعليم اليمني-وألقىمحاضرات في جامعة صنعاء و في كلية الطيران, ومركز المدرَّعات وفي بعض الجوامع، وقد طُبِعت أهم محاضراته في الرحلتين بعنوان : "نفحات الإيمان بين صنعاء و عمان" 

سافرعلى دعوة من رابطة الجامعات الإسلامية إلى المغرب الأقصى عام 1976م - وقد طُبعت مذكرات هذه الرحلة بعنوان : " أسبوعان في المغرب الأقصى"_ و سافر إلى الجزائرللحضور في ملتقى الفكر الإسلامي عام 1982م، ثم عام 1986م. 

سافر إلى بورماعام 1960م، 

وإلى باكستان عام 1964م، ثم عام 1978م على دعوة من رابطة العالم الإسلامي لحضورمؤتمرها الأسيوي الأول. فعام 198م، فعام 1986م-وقد طبعت أحاديثه في باكستان في مجموعتين بالأردية بعنوان: " أحاديث باكستان " و"تحفة باكستان"- و إلى سري لانكا عام 1982م، 

وإلى بنغلاديش عام 1984م وطبعت أحاديثه -فيها- بالأردية بعنوان : "تحفة مشرق". 

كانت رحلته الأولى إلى أوروبا عام 1963م، زار فيها جنيف، ولوزان، وبرن، وباريس، ولندن، وكيمرج، وآكسفورد، وغلاسغو، وإيدامبرا، وقابل فيها عدداً من فضلاء الغرب والمستشرقين وألقى محاضرات في كل من جامعة إيدامبرا، وجامعة لندن، وفي اجتماعات خاصة للمسلمين، وزار في الرحلة نفسِها مدريد، وطليطلة ، وإشبيلية، وقرطبة، وغرناطة، من مدن أسبانيا. 

وكانت رحلته الثانية إلى أوروبا عام 1964م زار فيها لندن، وبرلن، وآخن وميونخ، و بون، والرحلة الثالثةكانت عام1969م على دعوة من المركز الإسلامي بجنيف زار فيهاجنيف، ولندن، وبرمنغهم، ومانشستر، وبليك برن و شيفلد، وديوزبري، وليدس، وغلاسغو، وألقى في كل منها محاضرات، منها محاضرة في جامعة برمنغهم، وأخرى في جامعة ليدس، وقدطبعت محاضراته وأحاديثه في أوروبا بعنوان : "حديث مع الغرب ". 

والرحلة الرابعة إلى لندن كانت عام 1983م بمناسبة تأسيس مركزآكسفوردللدراسات الإسلامية-وألقى في تلك المناسبة مقاله القِّيم بعنوان: "الإسلام والغرب"، ثم تكرَّرت رحلاته إلى إنكلترا. زار بلجيكا عام 1985م، 

و سافر- على دعوة من "منظَّمة الطلاب المسلمين في أمريكاوكندا "- إلى أمريكاوكندا عام 1977م حيث زارنيويورك، و إنديانابولس، وبلومنغتن، ومين هاتن،ونيويورك ستي، وشيكاغو، وجرسى ستي، وفلادلفيا، وبالتي مور، وبوستن،ودترايت، وسالت ليك ستى، وسان فرانسسكو، وسان جوزي ، ولوس إنجلوس، ومونتريال، وتورنتو، وواشنطن، وألقىمحاضرات في كل من جامعة كولومبيا، وجامعة هارورد’ وجامعة دترايت، وجامعة جنوب كيلي فورنيا، وجامعة أوتا، وفي قاعة الصلاة بالأمم المتحدة، وفي اجتماعات المسلين الخاصة - طُبِعت أهم محاضرات هذه الرحلة بعنوان :" أحاديث صريحة في أمريكا"- وزار أمريكا مرة أخرىعام 1993م . 

سافر- على دعوة من حركة "أبيم" حركة الشباب المسلم- إلى ماليزيا عام 1987م، فزاركوالالمبور وكوالا ترنكانو، وألقى محاضرات في الجامعة الوطنية، والجامعة التكنولوجية، والجامعة الماليزية،والجامعة الإسلامية العالمية، ومركز حركة "أبيم"، ومركز الحزب الإسلامي، ومعهد التربية الإسلامية، واجتماعات عامة للمسلمين. 

سافر إلى تاشقند، وسمرقند، وخرتنك، وبخارى عام 1993م لحضور مناسبة تأسيس مركز علمي تذكاراً للإمام البخاري. 

مع الأمراء والملوك: 

أقام سنتين في مقتبل شبابه ـ وذلك بعد وفاة أبيه ـ في قصر الأمير نورالحسن-نجل العلامة الأميرصديق حسن خان-وقد أفادته هذا الإقامةُ إذ زالت عن عينه غشاوةُ المهابة للزينات والزخارف، ولم تبهر عينَه قط مظاهر الإمارة والثراء. 

قابل الملك عبد الله بن الشريف حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية ثلاث مقابلات عام 1951م، لَفَت فيها نظرَه إلى رعاية المسجد الأقصى، والعناية به، وباللاجئين الفلسطينين، والتقى بالملك حسين بن طلال عاهل المملكة الأردنية عام 1973م مع وفد من رابطة العالم الإسلامي . 

وجَّه إلى الأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود رسالة عام 1947م، طبعت بعنوان: "بين الجباية والهداية"، والتقى به ملكاً للمملكة العربية السعودية في جلسة تأسيس رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام 1962م . 

كان أول لقائه مع الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود عام 1963م، والتقى به ملكاً عدة لقاءات، كما قابل الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود والملك فهد بن عبد العزبز آل سعود في زيارات مختلفة، ووجَّه إليهم رسائل دعوية، أبدى فيها آراءه وملاحظاته ونبَّههم إلىأن للحجاز شخصيةً خاصةً ورسالةً ومكانةً، ولابد من المحافظة عليها في كل عصرٍ. 

قابل الملك حسن الثاني ـ عاهل المملكة المغربية الهاشمية - عام 1976م، وحدَّثه عن انتظار المسلمين واحتياجهم إلى قائد عصامىٍّ، مؤمنٍ ألمعيٍّ، يمتاز بإخلاصه ويقِينه، وعزمه الراسخ، وقلبه الواثق . 

التقى بالأمير سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة عدة لقاءات، وسافر على دعوة منه لىالإمارات العربية المتحدة عام 1974م، وقد زاره الأمير في مقره بلكهنؤ عام 1980م . 

قابل الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية اليمينة في صنعاء عام 1984م . 

زاره الجنرال محمد ضياء الحق رئيس الجمهورية الإسلامية الباكستانية في كراتشي عام 1984م، فقَّدم إلى فخامته تمثال قبة الصخرة الرخامي ـ الذي كان أُهدي إلى سماحته هديةٍ تذكارية من كلية العلوم بالأردن ـ تلميحا منه بأن استخلاص المسجد الأقصى المبارك مسئولية من مسئوليات رئيسٍ مؤمنٍ لبلدٍ مسلمٍ كبير كباكستان، وكان آخر لقائه مع الرئيس ضياء الحق عام 1986م . 

تقدير وتكريم: 

اختير عضوا مراسِلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق عام 1956م . 

أدار الجلسة الأولى لتأسيس رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام 1962م نيابةً عن رئيسها سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -وقد حضر أولَّها جلالةُ الملك سعودُ بن عبد العزيز آل سعودكما حضرها الملك إدريس السنوسي حاكم ليبيا، وشخصيات أخرى ذات شأن-وقدَّم فيها مقالَه القيِّمَ بعنوان: "الإسلام فوق القوميات والعصبيات". 

اختير عضواً في المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة منذ تأسيسها عام 1962م،ظلَّ عضوا فيه إلى انحلال المجلس- وانضمام الجامعة في سلك بقية الجامعات السعودية تابعةً لوزارة التعليم العالي - قبل أعوام. 

اختير عضواً في رابطة الجامعات الإسلامية منذ تأسيسها عام 

اختير عضوا مؤازراً في مجمع اللغة العربية الأردني عام 1980 م 

تمَّ اختياره لجائزة الملك فيصل العالميةلخدمة الإسلام عام 1980م . 

مُنح شهادة الدكتوراة الفخرية في الآداب من جامعة كشمير عام 1981م. 

اختير رئيساً لمركز آكسفورد للدراسات الإسلامية عام 1983م. 

اختيرعضواً في المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) عام 1983م 

تأسَّست رابطة الأدب الإسلامي العالمية عام 1984م فاختيررئيسا عاما لها. 

أقام عبدالمقصود خوجة ـ من أعيان جدة ـ حفلا لتكريم سماحته بجدة عام 1985م . 

أقيمت ندوة أدبية حول حياته وجهوده الدعوية والأدبية عام 1996م في تركيا على هامش المؤتمر الرابع للهيئة العامة لرابطة الأدب الإسلامي العالمية . 

منح جائزة الشخصية الإسلامية لعام 1998م من دولة دبي في رمضان 1419هـ 

منح جائزة السلطان حسن البلقية العالمية في موضوع " سير أعلام الفكر الإسلامي" من مركز آكسفورد للدراسات الإسلامية عام 1998م (1419هـ) ( ) 

منحه معهد الدراسات الموضوعية بالهند جائزة الإمام ولي الله الدهلوي لعام1999م - والتي تم منحها لأول مرة - وكان قد تقرر اختياره لهذه الجائزة في حياته ولكن وافته المنية قبل الإعلان الرسمي، وقد استلم هذه الجائزة باسم - رحمه الله - ابن أخته وخليفته فضيلة الشيخ محمد الرابع الحسني النَّدْوي في دلهي في 7/ من شعبان 1421هـ (نوفمبر2000م). 

منحته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ( ايسسكو ISESCO) -تقديرا لعطائه العلمي المتميز وإكباراً للخدمات الجليلة التي قدمها إلى الثقافة العربية الإسلامية - وسام الإيسسكو من الدرجة الأولى. وقد استلم هذا الوسام نيابة عن ابن أخت سماحته وخليفته امينِ ندوة العلماء العام فضيلةِ الشيخ محمدٍ الرابعِ الحسني النَّدْوي وكيلُ ندوة العلماء للشؤون التعليمية سعادةُ الدكتور عبد الله عباس النَّدْوي في الرباط في 25/ من شعبان 1421هـ. 

علاقته بالمنظمات والمؤسسات: 

أمين ندوة العلماء العام ورئيس دارالعلوم التابعة لها. 

عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة 

رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية. 

رئيس مركز آكسفورد للدراسات الإسلامية. 

عضو المجلس الأعلى العالمي للدعوة الإسلامية بالقاهرة. 

عضو رابطة الجامعات الإسلامية بالرباط 

رئيس المجمع الإسلامي العلمي في لكهنؤ، (الهند) 

رئيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند 

رئيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية، 

رئيس مجمع دار المصنفين بأعظم كره (الهند) 

عضو المجلس الاستشاري بدار العلوم ديوبند (الهند) 

عضوالمجلس الاستشاري الإسلامي لعموم الهند. 

عضو المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية في إسلام آباد( باكستان) 

عضو مجمع اللغة العربية بدمشق. 

عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة. 

عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة. 

عضو مجمع اللغة العربية بالأردن. 

عضو المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية ( مؤسسة آل البيت) بالأردن. 

عضو الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت. 

عضوالمجلس التنفيذي لمؤتمر العالم الإسلامي في بيروت. 

عضو المجلس الإداري للمركز الإسلامي بجنيف. 

وذلك عدا عضويته لكثير من الجامعات الإسلامية، والمنظمات الدعوية ولجان التعليم والتربية. رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن الأمة الإسلامية خير مايجزي العلماء عن أممهم.

وصيته

اسمعوها مني صريحةً أيها العرب

بالإسلام أعزَّكم الله

"لو جُمع لي العربُ في صعيدٍ واحد واستطعتُ أن أوجّه إليهم خطاباً تسمعه آذانهم، وتعيه قلوبهم لقلتُ لهم : أيها السادة ! إنَّ الإسلام الذي جاء به سيدنا محمد العربي صلى الله عليه وسلم هو منبع حياتكم، ومِنْ أُفُقه طلع صبحُكم الصادق، وأن الـنبـي صلى الله عليه وسلم هو مصدر شرفكم وسبب ذكركم، وكل خير جاءكم - بل وكل خير جاء العالم - فإنَّما هو عن طريقه وعلى يديه، أبى الله أن تتشرفوا إلا بانتسابكم إليه وتمسُّكِكُم بأذياله والاضطلاع برسالته، والاستماتة في سبيل دينه، ولا رادَّ لقضاء الله ولا تبديل لكلمات الله، إن العالم العربي بحرٌ بلا ماءٍ كبحر العَروض حتى يتخذ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إماماً وقائداً لحياته وجهاده، وينهض برسالة الإسلام كما نهض في العهد الأول، ويخلـِّص العالَم المظلوم من براثن مجانين أوروبا- الذين يأبون إلا أن يقبروا المدنيَّة وقضوا على الإنسانية القضاء الأخير بأنانيتهم واستكبارهم وجهلهم- ويوجِّه العالم من الانهيار إلى الازدهار، ومن الخراب والدَّمار والفوضى والاضطراب، إلى التقديم والانتظام، والأمن والسلام، ومن الكفر والطغيان إلى الطاعة والإيمان ، وإنه حق على العالم العربي سوف يُسألُ عنه عند ربه فلينظر بماذا يجيب ؟!

أبوالحسن علي الحسني النَّدوي

كتبه بمكة المعظّمة

لعشرين خلون من ربيع الأول سنة 1370هـ


ورحل العالم العامل الزاهد

الداعية الشيخ أبوالحسن علي الحسني النَّدوي

سعيد بن مرتضى الندوي

صادف اليوم الثاني والعشرون من رمضان 1420هـ ( في الهند أما في الحرمين فكان اليوم الثالث والعشرون) يوم الجمعة، وكان المسلمون يتهيأون لصلاة الجمعة، وكان قد أذِّن لصلاة الجمعة في مسجد دارالعلوم لندوة العلماء إذ رنَّ الهاتف، وإذا بأختنا الصغيرة ـ من دارة الشيخ علم الله الحسني في راي بريلي ـ تنعي إلينا سماحة الإمام الداعية المربي أبا الحسن النَّدْوِي ، وقد فوجئنا ـ وفجعنا ـ جميعاً بهذا الخبر المؤلم، وكنا قد ودَّعناه ـ صحيحاً نشِطاً ـ في ندوة العلماء منذ يومين فقط، ولم يكن عليه أية آثار من التعب ولله الحمد، ولم نسمع أي خبر عن انهيار صحته بعد وصوله إلى قريته (تكيه كلان) دارة الشيخ علم الله، فما الذي حدث إذن؟ {إنَّ أجل الله إذا جاء لايؤخَّر لو كنتم تعلمون} كان الخبر مفاجئاً ولم تصدقه القلوب في أول الأمر، و بعدما تأكدنا من صحة النعي أسرعنا في الخروج إلى راي بريلي، وكنا في دارة الشيخ علم الله قبيل صلاة العصر. 

كنتُ قد وصلتُ إلى مدينة لكهنؤ يوم الجمعة (الخامس عشر من شهر رمضان في الهند) وتشرفتُ بالسلام على سماحته قبيل صلاة الجمعة، ثم اجتمعتُ به عند الفطور، وحضرتُ مجلسه بعد صلاة التراويح، وحظيت بهذه المجالس العطرة المباركة طوال الأسبوع ـ عدا مساء الأحد إذ كنت في زيارة عمي خارج مدينة لكهنؤ ـ وكان سماحته صحيحاً معافىً ـ إلى قدرٍ كبير ـ من مرض الشلل الجزئي الذي كان أصيب به في ذي الحجة 1419هـ، وكانت قد تأثرت به يده اليمنى و رجله، كما تأثر به لسان سماحته كذلك في أول الأمر، وخاف كل من حوله أنَّه قد يفارقهم، وحذَّر الأطباء من وقوع أي حادث أليم، ولكن رحمة رب العباد أدركتهم، وبدأت صحة الشيخ تتحسن، ولم يمض أسبوع واحدٌ إلا وتشرفت بالسلام عليه وسماع صوته الحبيب عبر الهاتف، وتمكَّن بعد أيام من الحضور لصلاة عيد الأضحى في مسجد ندوة العلماء، ومضت أيام أخر واستطاع بفضل الله أن يكتب بيمينه البسملة، وبدأ يقوم على رجليه قليلاً، ومضى شهران على المرض واستطاع أن يلقي كلمتَه المرتجلة في اجتماعٍ كبيرٍ لجماعة التبليغ انعقد في رحاب ندوة العلماء، واطمأن الناس لظاهر صحته. 

وتشرفتُ بزيارته في الإجازة الصيفية الماضية (1420هـ/1999م) فوجدتُه على عادته، يجلس في الضحي يستقبل بعض الزوار، ويقرأ الرسائل الخاصة به ويردُّ عليها، ويمسك مايقرأه بيديه ، ويملي بعض الكتابات، ويجلس للناس ـ على عادته ـ بعد صلاة العصر وبعد صلاة العشاء، وإن كانت الرجل لم تزل متأثرةً بالمرض، إضافةً إلى ما كان يعاني ـ من قبل أن يصاب بالمرض المذكورـ من الضعف الشديد في الجزء السفلي من الجسم خاصة، مما سمعته يقول بعض المرات ـ قبل الإصابة بالمرض ـ أخاف أحياناً أن أسقط أثناء الصلاة. فكان بعد إصابته بالمرض يصلي قاعداً في مقره مع جماعة من المصلين ـ عدا صلاة الجمعة فكان يحضرها في المسجد الجامع ـ ولم يزل كذلك حتى توفَّاه الله. 

وبقيتُ على صلةٍ به ـ عبر الهاتف ـ بعد عودتي إلى الرياض، وكانت الأخبار تنقل إلينا بعد فترة وأخرى تأثُّره ببعض النوبات في الليل خاصة، وقد تكرَّرت مثل هذه النوبات فيما بين جمادى الأخرى ورجب، ولكن مضى شهر شعبان والنصف الأخير منه خاصة ولم نسمع ـ ولله الحمد ـ شيئاً من هذه الأخبار القلقة المزعجة، وقال لي في إحدى المكالمات الهاتفية "ادع الله أن أقضي رمضان في تكية"، فقلت له [وكنت أعلم أنَّ بقاءه في ندوة العلماء أفضل من حيث وجود التسهيلات الطبية فيها، وتوافر عدد من الأطباء الذين يمرون عليه متناوبين للاطمئنان على صحته، وبالتالي قد لايسمحون له بقضاء رمضان في القرية]: أبقاكم الله بالصحة والعافية حيث كنتم، فقال متحمِّساً: "آمين". 

وكان كما توقَّعنا لم يسمح له الأطباء بقضاء الشهر الفضيل في قريته، فذهب إليها قبل رمضان بأيام، وزار الأهل والأقارب وخرج يوماً إلى مسجد القرية وصلى فيه ، وتجوَّل في فنائه، وأطلَّ على النهر الذي يقع المسجد على شاطئه، وزار المقبرة ودعا للأموات فيها، ثم رجع إلى مدينة لكهنؤ، واستقبل شهر رمضان في ندوة العلماء. كانت دارالعلوم ندوة العلماء ومنتسبوها، والعاملون فيها، والساكنون بها، وأهالي مدينة لكهنؤ محظوظين إذ سعدوا بوجود سماحته فيها، وتشرفوا بمصاحبته في شهر رمضان المبارك على غير عادته، فقد كان متعوداً ـ منذ سنين ( ) –على أن يقضي رمضان كاملاً في قريته (دارة الشيخ علم الله الحسني) ولم يخرج منهاـ حسب علمي ـ في السنوات الأخيرة أي منذ ما يقارب عشرين سنة إلا ثلاث مرات، مرةً كان أصيب بمرض فأتي به إلى لكهنؤ للعلاج، وثانيةً لوضع الحجر الأساسي لمبنى القضاء الشرعي في ساحة دارالعلوم لندوة العلما، وثالثةً في العام الماضي لاستلام جائزة الشخصية الإسلامية لعام 1998م بمناسبة مسابقة دبي الدولية للقرآن الكريم في رمضان 1419هـ. وقد قضى رمضان ولله الحمد صحيحاً معافىً، وصام العشرَتَيْنِ الأولَيَيْنِ، وكان يصلي التراويح ـ عشرين ركعة ـ كاملة، ووجدتُه عند وصولي يوم الخامس عشر من رمضان كما وصفتُ، صحيحاً نشِطاً متحمِّساً لاتظهر عليه أية آثار من التعب أو الإرهاق، يقوم على عادته لقيام الليل، ويتسحر ويصلي الفجر فينام، ويستيقظ بعد التاسعة صباحاً، فيصلِّي ركعتين، ويتلو كتاب الله –ماشاء الله-( ) ، ويكمل الورد اليومي، ويدعو لوالديه ولأساتذته ولكل من أحسن إليه، ولكبار العلماء والدعاة والمجددين والمصلحين عبر التاريخ الإسلامي الطويل، ويستقبل الزوار أحياناً، ويقرأ الرسائل الواردة ويردُّ عليها، وينظر في بعض الكتب ويُملي إذا اقتضى الأمر، ثم يستريح ما بين صلاة الظهر و صلاة العصر، ويجلس للناس -قليلاً- بعد صلاة العصر ثم ينشغل في الأوراد والدعاء والابتهال إلى الله تعالى. وكان يفطر مع ضيوفه ثم يتعشى معهم بعد صلاة المغرب مباشرةً، فيستريح قليلاً ثم يصلي مع جماعته العشاء والتراويح، ويجلس للضيوف والزوار والحضور من طلبة العلم لنصف ساعة أو أكثر. 

وكانت هذه المجالس الليلية خاصة موضع حوارٍ معه والاستفادة منه بعرض الأسئلة عليه أحياناً، والاستماع إليه عموماً فيما يرى من التوجيه والنصح والإرشاد، وقد سألني فيها عن سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله بن باز رحمة الله عليه، وهل زار الهند أم لا؟ وسألني عن دولة الدكتور معروف الدواليبي، وفضيلة الشيخ المربي الأستاذ عبد الرحمن الباني ونشاطاته، وحدَّثنا عن مرافقته لسماحته عند زيارته للشام، وجرى الحديث عن الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ ( إمام الحرم المكي وخطيبه وإمام وخطيب عرفات الأسبق ) رحمة الله عليه، وزيارته لندوة العلماء عام 1978م. 

ومن أهم المجالات التي خدمها ـ رحمة الله عليه ـ ولسماحته فيها جهوده المشكورة المثمرة بإذن الله مجال التعليم الديني والتربية الإسلامية داخل الهند وخارجها، وكان رحمه الله رئيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية، و له جهده المشكور في نشر التعليم الديني في الهند وخاصة بعد استقلال البلاد وانفصال باكستان عن الهند عام 1947م، وله مواقف حاسمة تاريخية في الدفاع عن التعليم الديني الإسلامي، والحفاظ عليه، ومن كلماته الخالدة في مؤتمرات التعليم الديني واجتماعاته التركيزُ على قول الله سبحانه وتعالى: { أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذقال لبنيه ما تعبدون من بعدي، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون} وقد قال في بعض كلماته في مؤتمر التعليم الديني: 

لوسُئلت عن لوحةٍ تُعدُّ للأمة الإسلامية ولاتسع إلا لجملة واحدة فقط، أقول: اكتبوا "ماتعبدون من بعدي؟" وليحاسب كل مسلم نفسه طول حياته وليتأكَّد قبل مماته هل يترك أولاده وأحفاده مؤمنين بالله سبحانه وتعالى أم لا؟ وهل هيَّأ لهم التعليم الديني الكافي الذي يضمن - بعد توفيق الله سبحانه وتعالى- بقاءهم على الإيمان بالله الأحد الصمد، أم أنهم - ولاقدر الله - ينحرفون بعد وفاته عن الطريق الحق، وينسالون وراء السيل العارم من التيارات المعادية والحضارة الوثنية، ويذوبون في بوتقة العلمانية والوطنية. 

وقد وفَّق الله بعض تلاميذه فأفرد هذه الفقرة -من محاضرته - ونشرها في لوحةٍ، ونالت قبولاً عاماً فانتشرت في أرجاء الهند، ونشرها عدد من الجهات الدينية والمدارس الإسلامية، ثم وفَّقه الله فنشر الآية المذكورة -مع ترجمة معناها بالأردو- في لوحةٍ جميلةٍ، واستحسنها سماحته ودعا لِناشِرها بالخير والبركة، وكانت هذه اللوحة في غرفة سماحته محورَ حديثه مساء يوم الإثنين - ليلة الثلاثاء 19/ من شهر رمضان- فنبَّه الحضور إلى هذه الوصية المباركة، وأكَّد على أهميتها في حياة المسلم على مستوى الفرد والجماعة، وعلى مستوى الأسر والعوائل، بل وعلى مستوى المجتمعات والبلاد. 

كما حدَّثنا في الليلة نفسها عن قصة ربعي بن عامر وقولته الرائعة أمام رستم قائد الفرس إذ سأله رستم: ما الذي جاء بكم؟ فقال رضي الله عنه: "الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة… " مركِّزاً على كلمة الابتعاث وما تشير إليه من أنَّ الله سبحانه وتعالى عندما أرسل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فلم يكن ابتعاث فرد واحدٍ فقط، وإنما تبعه ابتعاث الأمة العربية -وبالتالي ابتعاث الأمة الإسلامية- كلها؛ لتحمل هذه الرسالة إلى العالم الذي أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليه أجمع، كما نبَّه على كلمة سعة الدنيا والآخرة وما تشمل عليه من حكم وصدق إيمان بالآخرة. 

وعَرض على سماحته أحدُ الحضور فكرةَ إكمال سلسلة رجال الفكر والدعوة في الإسلام، بتناول الدعاة والعلماء والمصلحين بعد القرن الثاني عشر الهجري، وأهم الحركات والدعوات الإسلامية في القرون الماضية، وعلى أن يتولى إكمال هذه السلسلة - تحت رعاية سماحته وحسب توجيهه وإرشاده - ابنُ أخته فضيلة الأستاذ واضح رشيد النَّدْوِي(أستاذ الأدب العربي بجامعة ندوة العلماء، ورئيس تحرير جريدة الرائد العربية) فاستحسنَها كذلك وأيَّد الاقتراح بحضور فضيلته حفظه الله. 

وكان المجلس عامراً وممتعاً كذلك ليلة الأربعاء الموافق 20/9/1420هـ، وكانت هي آخر ليلة قضاها في رحاب ندوة العلماء، استمع فيها إلى تلاوة كتاب الله من بعض الطلاب، وأنشد الشاعر الأردي المعروف سعادة الدكتور طفيل أحمد المدني (رئيس قسم اللغة العربية بجامعة إله آباد سابقاً) قصيدتين له في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وجرى الحديث عن بعض مؤلفاته المهمة وبالأخص كتابه : العقيدة والعبادة والسلوك، وعندما ذكر أحدُ الحاضرين أنَّ الكتاب المذكور قد طبع في مصر بعنوان: "منهاج الصالحين" فأبدى شوقه إلى رؤية تلك الطبعة، وانفضَّ المجلس على أنَّ سماحته سيخرج إلى راي بريلي صباح اليوم التالي، إذ أصرَّ على أن يقضي العشرة الأخيرة في مسقط رأسه، وبما أنَّ صحته كانت تومئ – حسب الظاهر – بخير، وقد قضى عشرين يوماً صائماً قائماً، فأذِن له الأطباء بذلك متوكِّلين على الله سبحانه وتعالى. 

وكان صباح يوم الأربعاء (20ن شهر رمضان في الهند) ومناسبة عودته إلى القرية بعدما طال شوقه إليها، مناسبةً ثنائيةً، ممزوجةً بالفرح والحزن في وقتٍ واحدٍ، الفرح والسرور لاستمرار تحسُّن صحته ، وتمكُّنه من العودة إلى مكانه الحبيب الأثير، والحزن والتحسُّر على وجوه أهل الندوة إذ كانوا يُحرمون من بركات وجوده بينهم، ومجالسه الممتعة المنيرة للقلوب، الحافزة على الأعمال الصالحة، المصحوبة بالدعاء والابتهال والتضرع إلى الله، والتي تنعَّموا بها منذ بداية رمضان.وقد استيقظ من نومه في الضحى، وصلى وأكمل الورد اليومي من التلاوة والذكر، واطَّلع على كتاب منهاج الصالحين المطبوع في مصر، وخرج في الساعة العاشرة تقريباً مع جملة من أقاربه - وعلى رأسهم فضيلة الشيخ محمد الرابع الحسني( ) وأخوه الشيخ واضح رشيد الحسني- ومجموعة من أصحابه وتلاميذه ومحبيه، في ثلاث سيارات صغيرة وحافلة كبيرة، متوجِّهاً إلى راي بريلي، وقد وصل إلى قريته قبل صلاة الظهر. 

هاتفتُ بعض أقاربه بقريته مساء الأربعاء واطمأننت على صحته، وكان قد سألني ليلة الأربعاء " هل ستأتي ؟" فقلت: يوم الجمعة إن شاء الله. ومضى الخميس، وظهرَ يوم الجمعة فوجئنا بنبأ وفاته رحمة الله عليه، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده لأجل مسمى، وإنا لله وإنا إليه راجعون. 

علمنا بعد وصولنا إلى قريته أنه كان كما ودَّعناه في لكهنؤ، وقد جلس في الليلتين للحضور وتحدَّث في المجلس كالمعتاد، وحضر مساء الخميس الشيخ نذر الحفيظ النَّدْوِي من سفره من خارج الهند، فكانت أخبار رحلته والحديث عن مؤلفات سماحته وطبعاتها الجديدة وتراجمها إلى لغات أجنبية محور حديث المجلس ليلة الجمعة، وقد سُئل سماحته عن كلمة "العاقبة" وورودها في القرآن الكريم على وجهين: "العاقبة للمتقين" وقوله في مواضع أخرى "فانظر كيف كان عاقبة المجرمين"وما إلى ذلك؟ فقال: " العاقبة إما أن تكون محمودة أو أنها تكون مذمومة، وقد وردت في القرآن الكريم بالمعنيين." وكان رحمه الله كثيراً ما نسمعه يدعو: "اللهم أحسن العاقبة" 

وكان صباح يوم الجمعة 22/ من شهر رمضان 1420هـ [23 في الحرمين والبلدان العربية] كالمعتاد، قام من نومه -بعد صلاة الفجر- بعد التاسعة، وصلَّى الركعتين، واستقبل الطبيب الدكتور عبدالمعبود خان الذي كان وصل في الوقت نفسه قادماً من لكهنؤ لزيارته والاطمئنان على صحته، وأكمل الورد اليومي من تلاوة سورة يس وغيرها. وبعد الحادية عشرة دخل الحمام ليستحم، وكان – من بعد إصابته بالشلل- بحاجة إلى المساعدة في الاستحمام، فكان معه خادمه الخاص الحاج عبدالرزاق( )وحفيده السيد بلال عبدالحي الحسني النَّدْوِي ( )، وبعدما استحم غيَّرا ملابسَه ، وكان من عادته رحمه الله أنَّه لم يكن يخرج لصلاة الجمعة –وكذا لم يكن يحب أن يتوجَّه إلى المسجد الحرام أو إلى المسجد النبوي – إلا بكامل لباسه بما فيه الشيرواني ( اللباس الفوقاني الذي كان يلبسه دائماً في المناسبات والاجتماعات) فلبس كامل لباسه بما فيه الجوارب أيضاً، وكان بلال يؤزِّر له في الشيرواني، فطلب منه المصحفَ ليقرأ سورة الكهف، وكانت أمه –رحمة الله عليها – عوَّدته منذ أن كان عمره ثماني سنين على قراءة سورة الكهف قبل التوجه إلى صلاة الجمعة، فكان بعدما يتهيأ للصلاة يقرأ سورة الكهف ثم يخرج إلى المسجد، فأراد بلالٌ أن يكمل التأزير حرصاً على صحته؛ إذ كان الجوُّ بارداً وكان قد استحمَّ قبل قليلٍ، فطلب منه ثانياً، وقبل أن يُكمل بلالٌ التأزيرَ ويُحضِر المصحف بدأ يقرأ سورة يس، فاطمأنَّ بلال ووجد الفرصة ليضبط له الغترة – أيضاً – فيضعها على كتفه، وقد فعل، فإذا بالشيخ توقَّف لسانه ومال إلى الوراء، فأمسكه بلال من جهة رأسه وأسرع الحاج عبدالرزاق إلى رجليه – النازلتين من السرير- لينوِّماه على ظهره، فتلفَّظ نفسه الأخير، وفاضت روحه المتشوقة إلى لقاء الرب. {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} وكان الوقت تمام الساعة الثانية عشرة إلا عشرة دقائق ـ حسب توقيت الهند أي الساعة التاسعة والنصف تقريباً في الحرمين ـ وحضر الأطباء ـ الذين كانوا متواجدين في المبنى نفسه ـ وبذلوا سعيهم كالمعتاد من التدليك والتنفس الصناعي والتلقيح المباشر في القلب، ولكن من غير جدوى، { ومـا كـان لنفس أن تمـوت إلا بإذن الله كتـابـاً مؤجَّــلاً} وأعلِن عن وفاته في الساعة الثانية عشرة والربع من ظهر يوم الجمعة الموافق 22/ من شهر رمضان 1420هـ { من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً} 

سألتُ بلالاً بحضور الشيخ محمد الرابع حفظه الله على أي آية توقف لسانه؟ قال: لم أتبين؛ لأنَّه كان يقرأ بصوت خفيٍ، وإنَّما علمت سورة يس عندما بدأ بها ثم كان يقرأ بصوت غير مسموع، فسأله الشيخ محمد الرابع: كم قرأ تقديراً؟ قال دقيقة أودقيقة ونصف دقيقة، فابتدر الشيخ محمد قائلاً لعلَّه وصل إلى قوله تعالى: ( ياليت قومي يعلمون بما غفر لي بي وجعلني من المكرمين) 

وما أن أعلن عن وفاته إلا وبدأت قوافل تلاميذه ومحبيه تتواصل إلى قريته، وقد شُيِّعت جنازته في الساعة العاشرة إلا الربع ليلاً، والمسافة التي كان يقطعها سماحته مشياً على قدميه في دقيقتين أو ثلاث قطعها محمولاً على أكتاف محبيه في خمس وعشرين دقيقة، و صُلِّي على جثمانه في الساعة العاشرة والربع من ليلة الثالث والعشرين [في الهند]وأمَّ المصلين نائبُه وخليفتُه الشيخ محمد الرابع الحسني النَّدْوِي، ودُفن بجوار أبويه وأكابر أسرته. 

يقدَّر عدد المصلين عليه ـ مع شدة البرد وكثافة الضباب في تلك الليالي مما جعلت السيارات في الليل تزحف زحفاً لعدم وضوح الطريق على مسافة مترين أوثلاث ـ مابين مائتي ألف وثلاث مائة ألف ، إذ سُمع أحد ضباط الشرطة يبلِّغ المسؤولين عبر اللاسلكي في الساعة الثامنة والنصف أنه قد وصل حتى الآن ما يقارب مائتي ألف نسمة، وقد تدفَّق الجمهور من أهالي مدينة راي بريلي والقرى المجاورة بعد هذا الوقت، وتواصلت السيارات القادمة من البلدان المجاورة إلى أذان الفجر. 

هذا وقد قام أهالي مدينة راي بريلي بواجبهم فاهتموا بتفطير الصائمين وتقديم وجبتي العشاء والسحور في أكثر من مكان داخل المدينة، إضافة إلى الجمع الكبير الذي أفطر وتعشىا في ساحة مدرسة ضياء العلوم الواقعة بجوار قرية سماحته، كما لم يقصِّر المسلمون الساكنون على طريق لكهنؤ – راي بريلي، فهم الآخرون نظموا وجبتي الإفطار والعشاء في عدد من الأماكن للقوافل التي واصلت سفرها إلى راي بريلي حرصاً على حضور صلاة الجنازة على فقيدهم الغالي. 

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وألحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً. وإنَّا على فراقك لمحزونون ياشيخنا أبا الحسن ولانقول إلا مايرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.

إعداد/ محمد طارق زبير النَّْدوي 

 

 

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي