أثار القضا حزني وقد خانني الدهر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أثار القضا حزني وقد خانني الدهر لـ الحبسي

أثارَ القضَا حُزْني وقد خانني الدَّهْرُ

وضاقتْ علىَّ الأرضُ والنفسُ والصدْرُ

وعن مهجتي عزَّ التجلدُ والصبرُ

وقد باح ما أكنَنْتُه وفشا السرُّ

عشيَّةَ مات السيد الذمِرُ الحبْرُ

ألا للإله الخالقِ الخَلْقُ والأمرُ

بأنفسنا يا قومُ لو يُقبلُ الفِدا

فدْينا الفتى الندْبَ الكريمَ محمَّدا

فتى يوسف المعروف خير من اهتدَى

فموتَتُه أضحى بها الدهرُ أسودا

إلى الله أشكو جوْرَ دهرٍ قد اعتدى

لعل الكريمَ الحرَّ ليس له عمْرُ

تأمل أخي هل مثلَه سيداً ترى

وسلْ عنه سكانَ المدائنِ والقُرى

فمن ذا الذي يحكى ابن يوسف في الورى

سخيٌ ببذل المال والنفس والقرى

فلا تلد الآسادُ إلا الغضَنْفرا

كذاك الشجاع الذَّمْرُ والده الذمرُ

ثوَى في الثرى تحتَ الجلاميدِ والحصَى

وكان على الدنيا وليا ومخلصا

كريماً عدوَّ المال إنْ وافدٌ نصى

صديقا لدى التقوى عدوا لمن عصى

وبحراً لدانيه وغيثاً لمن قصى

ففي مثل هذا يكثرُ الحمدُ والذكرُ

جرَتْ عَبْرَةٌ من مقلتي بعد عَبْرَةٍ

لفقد كريم مات مِنْ آل عَبْرِة

فيا عِبْرةً غطتْ على كل عِبْرةٍ

فكن صاحبي بالحزن صاحبَ خِبرةِ

فَمَا الحزنُ إلا حسرةٌ بعد حسرةٍ

وغزْرٌ من الآماق يتبعه غزْرُ

حوادثُ فيهنَّ المواعظُ والعِبرْ

أيا سائلي يكفى العِيازُ عن الخبرْ

فلُمْ نفسَك الحوباءَ يا صاحِ أو فذَرْ

فإن قضاءَ اللهِ قد يملك البشَرْ

إذا رشقتْ أصحابَها أسهُمُ القَدَرْ

فلا يمنع التحذيرُ منهن والحِذَرْ

خليليَّ هل مثلُ ابنِ يوسف مقدامُ

وهل مثلُه حُرٌّ كريم ومِطعامُ

وهل مثلُه حر تقي وقمْقامُ

فلله ليْلاتٌ تقضُتْ وأيامُ

بكته نساءٌ نائحاتٌ وأقوامُ

وناح عليه كلُّ من حوت السِّبْرُ

دفينَ الثرى أمسى الكريمُ ابنُ يوسفاَ

وأمسى عليه الكلُّ يبكى تأسَّفَا

ودمعُ مآقينا أبي أنْ يُكَفْكِفَا

وأنفسُنا كادتْ تموت تلهُّفا

وقد كدَّر الحزنُ المعيشة والصفا

وعبَّس وجهُ اليسْرِ وابتسم العسْرُ

ذُرا معقلِ الغبِّي بكى ثم أَعوَلا

عشية خيرُ الأكرمينَ تحوَّلا

وصاح عليه كلُّ باكٍ ووَلْوَلاَ

فذلك أمر قد تبيَّن للملا

أشدَّ وأدهى في الأمور وأهْولا

ألا فاعتبرْ يأيها العاقلُ الحرُّ

رَثينْاك يا منْ طابَ فيه الرَّثا لنا

وقد طاب فيه مدحُنا ومقالُنا

مضيْتَ وخلفتَ الجوى والجَفا لنا

بكيناك حتى نوقُنا وجِمالنا

وعزَّ علينا صبرُنا واحتمالُنا

وقد كلَّتِ الأعضاءُ وانكسر الظهرُ

زمانكمُ ما إن تُضاهيه أزْمُنٌ

بغيضٌ غليظٌ كالِبٌ متخشِّنُ

ألا فكِّروا في هذه وتبيَّنوا

فما ظَنُّنا أن الشموسَ تُكَفَّنُ

وتوضعُ في بطن الثرى ثم تدفنُ

وأن بدورَ التِّم مغربُها القبرُ

سقى اللهُ قَفراً فيه قبرُ محمدٍ

بمثْعَنْجرٍ هامٍ من الجُون أسودِ

مُلِثِّ الندى مُغْلَنْطِفِ المزْن مُرْعدِ

يضل به الخِرِّيتُ طوراً ويهتدى

يحيِّرُ طرْفَ القائفِ المتعَوِّدِ

حياً مكْفَهِر السحب أدمعُه غمْرُ

سألتك يا أللهُ يا خيرَ غفَّارِ

سلامةَ نفسي والنجاةَ من النارِ

وحُطّ ذنوبي يا إلهي وأوزارِي

وأسألُك التوفيق في الدار والدارِ

وحسنَ العزا والصبر في القدر الجارى

سألتكَ يا ألله يا ربُّ يا بَرُّ

هو الحي لا يَفْنى ولا يتغَيرُ

ألا فتعزَّوْا أيها القومُ واصبِروا

وأوبُوا إلى الربِّ المهيْمنِ واشكرُوا

جميعاً فإن العسرَ من بعده يُسْرُ

صروفُ القضا صبرى عليهنَّ أحسنُ

فإنْ لم أطقْ صبراً فما أنا محسنُ

تعالى الإله المستعانُ المكوِّنُ

عليمٌ بما نُخفِى وما نحنُ نعلنُ

وما أنا إلا عارف متيقِّن

وأعلمُ أن الموتَ من بعده حشرُ

ضحِكنا وطبْنا أنفساً وحِمامُنا

يروح ويغدو خلفَنا وأمامَنا

ونأمل في الدنيا طويلَ مُقامِنا

ويصَلُح فيها شربُنا وطعامُنا

لعمرك ما آمالُنا وكلامُنا

إذا ما احتوانا الطينُ والرمل والصخرُ

طِوالٌ بها آمالُنا وذنوبُنا

عظامٌ ولا تحصَى بعدٍّ عيوبنُا

ولم تنتفعْ بالموعظات قلوبُنا

ولم ترْتدعْ والحادثاتُ تَنُوبنا

إذا كان كالشم الشناخيب حُوبُنا

فأين يكون الاعتذارُ وما العذرُ

ظللَنا نقاسى حبَّ دُنْيتِنا عشقا

وما إِنْ نبالى في الحياة بما نلقى

ظنَنَّا بأن نبقى لها ولنا تبقى

وذلك ظنٌّ لم يكن مُغنياً حقا

إذا بلغَ الروحُ اللهيَّة والحلقا

فكن لي مجيباً ما جوابك يا غِرُّ

عزيز اصطبارٍ منْ به حرقُ الحزنِ

فيا عاذلي أقصرْ ويا لائمي دعنى

أقاسي أسىً أودى من الضرب والطعْنِ

على فقد من قد نابَه الجور والفقرُ

غرامى وحزني واشتياقي وفكرتي

تسيل بخدي مرةً بعد مرةِ

فما كفكفَتْ إلا همَتْ واسبكرَّتِ

وفي القلب نار ليس يخبو لها جمرُ

فوا أسفا لو يُستفاد التأسُّف

ويا لهف لو يفيد التلهفُ

وما أنا إلا خائف متخوِّفُ

على عمُري لو يُستفاد التخوُّف

ولكن لنا رب بنا هُو ألطفُ

فمنه العطاء الجمُّ والفتح والنصرُ

قريب سميعٌ لا يزال مهيْمِنا

وما زال علاَّماً سلاماً ومؤمنا

شكرنا له شكراً كما قد أمدَّنا

بمسعود أولى من تقاصى ومن دنا

وخيرا امرئٍ بالبرقد قد أصلح الدُّنا

فأعوانه التوفيقُ والنصرُ والصبْرُ

كريمُ كِرامٍ من كِرامٍ أطايبِ

قئولٌ فعولُ الخيرِ معْ كلِّ واجبِ

بطلعته زالُ اسودادُ الغياهبِ

لقد سادنا رغم العدوِّ المحارب

وقاه إلهُ العرشِ شرَّ النوائب

فلا الخيرُ نا آهُ ولانابه الشرُّ

له رتبة تعلو على كل سامكِ

مسالكه رُشداً خيارُ المسالكِ

فصارت له بكر العلا غيرَ فاركِ

هو العدل والى ابْنَ ابْنِ سيفِ بن مالكِ

إمامُ الهدى مُلْقى العدا في المهالكِ

فلم يحْمهمْ منه حضيضٌ ولا وعرُ

معاقلُه طالتْ على كلِّ معقلِ

هوالعَبْهلُ المقدامُ في كلِّ جحفلِ

يخاف لقاه كلُّ قيْل وعبْهل

ويعرفه يوم اللقا كلُّ مُنَصل

هو العدل بعدَ الطاهر المتزمِّل

به قد يموت الجور والظلمُ والكفرُ

نعم كلنا نسعى إليه ونلْتجِى

ونجاه من باغٍ وعاتٍ وعائِثِ

ومن حاسدٍ قال ردىٍّ ونافثِ

ونجاه من كيد الخَلوبِ المباحثِ

وأبعد عنه الشرَّ من كل حادثِ

وقد فارقاه في الدنا السقم والضر

هنيئاً لك الملك الكبيرُ المعظمُ

وعدلُك والركنُ الذي ليس يُهدمُ

وحظك والجيشُ الخميسُ العَرمْرَمُ

وواليك مسعود الكريمُ المكرَّمُ

ونخشى ومنه الخيرَ والعفوَ نرْنجى

قطعنا إليه كلَّ سهلٍ وسَجْسَج

نسير بنورٍ بين سارٍ ومُدْلج

ما سجسجُ الشوق مثل جاحمه

ولا صريح الهوى كمؤتَشِبِهْ

وسرنا أماناً منه في كل منهج

به ودَّنا القالي وساعفنا الدهرُ

وقاه إله العرش شرَّ الحوادثِ

ودمْ أيها الليثُ الكريمُ الغشْمشَمُ

وعش وابق ما داما بها الحرُّ والقرُّ

لأنكمُ بدرُ الزمان وشمسُه

وإنسان عين الدهر أنتم ورأسُه

وأنكمُ أُنسُ الحزين ونفسُه

وصحةُ جسمى في يديكم ونكسُه

ومن أمركم حتفُ الكفور وحبسُه

فدأبكمُ الهيجاء والعفو والقسْرُ

يحبكمُ قومٌ أحبوا نفوسَهمْ

أناسٌ كرامٌ طالعاتٌ شموسُهُم

وبُبغضكم مَن قيل لوَّوْا رؤوسَهم

أهيلُ نفاقٍ لم تخفْ قط بُوسَهُمْ

وشابوا بكاسات الغموم كؤوسَهم

فعيشهمُ في دهرهم علقمٌ مُرُّ

شرح ومعاني كلمات قصيدة أثار القضا حزني وقد خانني الدهر

قصيدة أثار القضا حزني وقد خانني الدهر لـ الحبسي وعدد أبياتها مائة و ستة و أربعون.

عن الحبسي

راشد بن خميس بن جمعة بن أحمد الحبسي النزوي العماني. شاعر مجيد، من أهل عمان، اشتهر في أيام إمامة ابن سلطان، ولد في عين بني صارخ من قرى ((الظاهرة)) من عمان، ورمد وعمي في طفولته، ثم انتقل إلى أرض (الحزم) من ناحية الرستاق (في عمان) ثم سكن نزوى إلى أن مات. وله في اليعربيين ووقائعهم قصائد كثيرة في (ديوان شعر) شرحه بعض العلماء.[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي