أحبك أحبك والبقية تأتي ..

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أحبك أحبك والبقية تأتي .. لـ نزار قباني

حديثك سجادة فارسيه ..
وعيناكِ عصفورتان دمشقيتان ..
تطيرانِ بين الجدار وبين الجدارْ ..
وقلبي يسافرُ مثل الحمامة فوقَ مياه يديكِ ,
ويأخذ قيلولة ً تحت ظل السوارْ ..
وإني أحبكِ ..
لكن أخاف التورط َ فيكِ ,
أخافُ التوحد فيكِ ,
أخافُ التقمص فيكِ ,
فقد علمتني التجارب أن أتجنب عشق النساء ,
وموجَ البحارْ ..
أنا لا أناقش حبكِ .. فهو نهاري
ولستُ أناقشُ شمسَ النهارْ
أنا لا أناقش حبكِ ..
فهو يقرر في أي يوم سيأتي . وفي أي يوم ٍ سيذهبُ ..
وهو يحددُ وقتَ الحوار ِ , وشكلَ الحوارْ ..
* * *
دعيني أصب لك الشاي ,
أنتِ خرافية الحسن هذا الصباحَ ,
وصوتكِ نقشٌ جميلٌ على ثوب مراكشيهْ
وعقدكِ يلعبُ كالطفل تحت المرايا ..
ويرتشفُ الماء من شفة المزهريهْ
دعيني أصب لكِ الشاي , هل قلتُ إني أحبكِ ؟
هل قلتُ إني سعيدٌ لأنك جئتِ ..
وأن حضوركِ يُسعدُ مثلَ حضور القصيدهْ
ومثل حضور المراكب , والذكريات البعيدهْ ..
* * *
دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهي ترحب فيكِ ..
دعيني , أعبرُ عما يدور ببال الفناجين ,
وهي تفكر في شفتيكِ ..
وبال ِ الملاعق ِ , والسـُكريهْ ..
دعيني أضيفكِ حرفاً جديداً ..
على أحرف الأبجديهْ ..
دعيني أناقضُ نفسي قليلاً
وأجمعُ في الحب بين الحضارة والبربريهْ ..
* * *
- أأعجبك الشايُ ؟
- هل ترغبينَ ببعض الحليبِ ؟
- وهل تكتفين كما كنتِ دوماً - بقطعة سُكرْ ؟
- وأما أنا فأفضل وجهكِ من غير سُكرْ ..
.......................................................................
.......................................................................
.......................................................................
أكرر للمرة الألفِ أني أحبكِ ..
كيف تريديني أن أفسرَ ما لا يـُفسرْ ؟
وكيف تريدينني أن أقيسَ مساحة َ حزني ؟
وحزنيَ كالطفل .. يزدادُ في كل يوم جمالاً ويكبرْ ..
دعيني أقولُ بكل اللغات التي تعرفينَ ولا تعرفينَ ..
أحبك أنتِ ..
دعيني أفتشُ عن مفرداتٍ ..
تكون بحجم حنيني إليكِ ..
وعن كلماتٍ .. تغطي مساحة َ نهديكِ ..
بالماء , والعشب , والياسمينْ
دعيني أفكرُ عنكِ ..
وأشتاقُ عنكِ ..
وأبكي , وأضحكُ عنكِ ..
وألغي المسافة َ بين الخيال وبين اليقينْ ..
* * *
دعيني أنادي عليكِ , بكل حروف النداءِ ..
لعلي إذا ما تغنيت باسمكِ , من شفتي تولدينْ
دعيني أؤسس دولة عشق ٍ ..
تكونين أنتِ المليكة فيها ..
وأصبحُ فيها أنا أعظم العاشقينْ ..
دعيني أقودُ انقلاباً ..
يوطدُ سلطة عينيكِ بين الشعوبِ ,
دعيني .. أغيرُ بالحب وجهَ الحضارةِ ..
أنتِ الحضارةُ .. أنتِ التراث الذي يتشكل في باطن الأرض
منذ ألوفِ السنينْ ..
* * *
أحبكِ ..
كيفَ ترديني أن أبرهن أن حضوركِ في الكون ,
مثل حضور المياهِ ,
ومثل حضور الشجرْ
وأنكِ زهرة ُ دوار الشمس ِ ..
وبستان نخل ٍ ..
وأغنية ٌ أبحرت من وترْ ..
دعيني أقولك بالصمتِ ..
حين تضيقُ العبارةُ عما أعاني ..
وحين يصيرُ الكلامُ مؤامرة ً أتورط فيها .
وتغدو القصيدة آنية ً من حجرْ ..
* * *
دعيني ..
أقولكِ ما بين نفسي وبيني ..
وما بين أهداب عيني , وعيني ..
دعيني ..
أقولكِ بالرمز ِ , إن كنتِ لا تثقينَ بضوء القمرْ ..
دعيني أقولك بالبرق ِ ,
أو برذاذ المطرْ ..
دعيني أقدمُ للبحر عنوانَ عينيكِ ..
إن تقبلي دعوتي للسفرْ ..
لماذا أحبكِ ؟
إنَّ السفينة َ في البحر , لاتتذكرُ كيف أحاط بها الماءُ ..
لا تتذكرْ كيف اعتراها الدوارْ ..
لماذا احبكِ ؟
إن الرصاصة َ في اللحم لا تتساءلُ من أينَ جاءتْ ..
وليست تـُقدمُ أيَّ اعتذارْ ..
* * *
لماذا أحبكِ .. لا تسأليني ..
فليسَ لديَّ الخيارُ .. وليس لديكِ الخيارْ ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي