أرى لك فضلا لا تعيه الأفاضل
أبيات قصيدة أرى لك فضلا لا تعيه الأفاضل لـ عبد الباقي العمري

أرى لك فضلا لا تعيه الأفاضل
وخلقا كزهر الروض حياه وابل
فلم أدر لما عنك ترو الفضائل
أفضلك أم مجدبه الفخر كامل
وخلقك أم ريح الصبا أم شمائل
وكم من حديث عن معاليك مسند
فمن منشيء فيه الثناء ومنشد
به تهت لما شاع في كل مشهد
أحاديث مجد أم روايات سودد
لها الطرس راو والسطور تناقل
بجدِّك قد روجت خير بضاعة
من الفضل كانت لا تسام لباعة
فهل لك فيما أبهرت من صناعة
يراعه كف أم قناة براعة
نرى الجهل منكوبا بها أم عوامل
بطولك طول الملك غص كعرضه
وكل خطيب كلَّ عن عدٍّ بعضه
أفضت عباب الفضل من بعد غيضه
لك الله فضلا لا نفاد لفيضه
وفخرا على كل البرية شامل
وصلت حبال الود في حبل وصلكم
وصلت على جور الزمان بعدلكم
فلله ما أجدى النعيم بظلكم
ولله ما أندى موارد فضلكم
بها عذبت للواردين مناهل
ويا للعطايا المردفات كأنها
سحائب يرجو من على الأرض منها
ويا لسجايا ينهب الروض حسنها
ويا لمزايا الاكملية انها
شواهد في فضل الفتى ودلائل
أرى وجه صبح العدل بالنور ساطعا
وأقمار آفاق المعالي طوالعا
وبعد الذوى روض الفضائل يانعا
لذا حضرة الصبحي أصبح طالعا
إلى أفقه السامي تنمى الفضائل
علا وفريد المدح في نعته غلا
وطبق من أسنى فضائله الفلا
وطوق منا في فواضله الملا
فتى قد سرى في جسمه الفضل والعلا
فأضحت به الأرواح طرا تكامل
به العلا يا حبذا همم سعت
فكم بالردى راعت وكم بالندى رعت
وأهل المعالي فضله مذ تتبعت
أطاعته بالاقبال طوعا فأسرعت
للثم مواطي أخمصيه الافاضل
تفرَّد في الرأي المصيب فلا يرى
سواه بصيرا في الأمور مدبرا
ألم تره بالرأي إن فادح عرى
يدبر كل الأمر في الملك والورى
وليس له شغل عن المجد شاغل
يفاوضهم حلو الحديث فكاهة
كست قول سبحان وقس فهاهة
ويبدي الرموز الخافيات بداهة
بصائب رأي لا يباري نباهة
فمن ذا يباريه ومن ذا يساجل
ومقفل رمز ما وجدنا مناصحا
حذاقته في الملك أبدت مصالحا
به الدولة الغرَّا ازدهاها محاصل
تملك تنظيم الممالك فارتدت
ملابس عز حين رثت تجددت
على أنه في كل نائبة عدت
مجدد قانون بها الروم قد غدت
تباهى على الدنيا علا وتباهل
فيا لك من جد عن المجد ما لها
ومنه النهى يوما عن الجود ما نهى
جواد يرى إن اللهى تفتح اللها
مجدَّ لتعمير الممالك بالنهى
ليحيي بها حق ويهلك باطل
يمينا لقد نالت مناها وأفلحت
حداة الرجال في قصدها حين طوحت
همام به الدنيا إذا ما دجت صحت
أبا لسوق العدل وزنا فأصبحت
إلى الدولة العلياء تطوى المنازل
فكل نال فيها اليمن والأمن خائف
وفاز بما يرجوه باد وعاكف
هي البيت لم يندم بها قط طائف
فمن كل قطر تستدير طوائف
إليها ومن كل الجهات قبائل
أخو الحزم في عقد الأمور وحلها
فريد بني العلياء جامع شملها
إذا ما رحى الارزاء دارت بأهلها
يدير رحى قطر الاقاليم كلها
بأقطاب أقلام براها الأنامل
مطوق جيد المجد والمجد عاطل
وكافل أهل الجود إن عز كافل
تساوى بنعماء مقيم وراحل
فعمَّ الورى من فيض نعماه نائل
وخص الندى من جود كفه وابل
بأحيائه دوح الفضائل أثمرا
وأخصب مغناها وقد كان مقفرا
ولا زال حياه حيا اللطف ممطرا
باحيائه علم التواريخ في الورى
مرابعها من بعد قفر أواهل
تسامت له فوق الاثير مآثر
وغرَّ مساع أزهرت ومفاخر
وما ناظم فضلا سواه وناثر
أجاد بما قد أعجبته أواخر
وجاد بما قد أفقدته أوائل
لقد كان من قلب الكمال مراده
ومن عينه انسانه وسواده
وفي دهره أبدى الذي قد أراده
أعاد بيمن ما الزمان أباده
وأبدى بذهن ما به الدهر باخل
تفرَّد في ارشاده وسداده
بجمع علا لا منتهى لعداده
فتى من ذوي بغضائه ووداده
أقام على رغم العدا في انفراده
شواهد فضل صدقتها الشمائل
فضائل كل منها استمحنا فواضلا
تجيب سؤالا أو تفيد مسائلا
أفاض بها للواردين مناهلا
وأعلى لارباب المعالي منازلا
وفي ظلها أهل الفضائل قائل
تجلى به عني دجا كل غمة
وجيدي تحلى منه في طوق نعمة
عديم مثيل في اهتمام وهمة
إذا رمت منه عند دفع ملمة
مثالا فما في عصره من يماثل
نضته يمين العدل سيفا مهندا
تميت به بخلا وتحيي به ندا
يرى عاريا من كل عار مجردا
كسا خلقه الممدوح وشيا مجددا
من المجد ما لا يهتديه الشمائل
إذا انهمرت بالجود أنواء كفه
كفتنا من الغيث المطل بوكفه
بكل صفات المجد أبناء صنفه
يغازل كل في محاسن وصفه
إذا الورق في حسن الرياض تغازل
فما لمبادي ما حواه نهاية
ولم تعده في حلبة الفخر غاية
ولم ترو إلا عن علاه رواية
وآيته في الفضل والمجد آية
على طيب أصل طاوعته الأماثل
أما وعلا ألفت بالجد شمله
وفصل خطاب لست أحصر فضله
لك المجد أعيى حصره المدح كله
أمولاي مولى الاكرمين ومن له
براعات فضل جزؤها الكل حامل
ومن لم يزل سيفا على الدهر مصلتا
به التام شمل الفضل يوم تشتتا
ومن أسند العلياء عنه وأثبتا
ومن لم تسابقه الرجال إذا أتى
بأمر ولم يسبقه في القول قائل
فلا زلت ماضي الحد مهما أهزه
إذلَّ به من أبتغي وأعزه
فيا من به مدحي تبين عجزه
إليك التجى هذا الكئيب تعزه
فقد ذله الدهر الظلوم المخاتل
شمخت فخارا لا يحدَّ وسوددا
وطلت على من طال في مجده يدا
ولا غرو إن أصبحت بالفضل مفردا
وأنت الذي في الفضل والعلم والندى
حويت بحارا مالهنَّ سواحل
بآدابك الآداب يوم تبددت
أعيدت علينا غضة مثل ما بدت
فأنت الذي عنه الفضائل أسندت
وأنت الذي الآداب في الناس قد غدت
وليس لها إلا ذراك وسائل
لبيتك زفت والسعود خدينها
عروس ثناء فيك عز قرينها
لتقبيلها يمناك مدَّت يمينها
فخذها عروسا بنت فكر تزينها
عيون معان بالبيان تحاول
إلى الروم وافقت فازدهتها بداوة
لألحانها في كل ذوق حلاوة
تروق إذا ما رتلتها تلاوة
لها الحروف حلى والمعاني طلاوة
لها النقط خال والسطور خلاخل
تجلت بأنوار السعادة وانجلت
قواف إذا مرت على مسمع حلت
ترجى قبولا منك إذ هي أقبلت
وليس لها مهر سوى إن تقبلت
ولا شيء عن تقبيلها قد يعادل
سرت مثلا حسنها فعزت مماثلا
ونالت فخارا عز فيك تناولا
وإني لأرجو أن تفوق تطاولا
إذا قصرت عما حويت تجاملا
فأنت كريم والكريم مجامل
لهنَّ بك الأيام إذ كنت مفزعا
لها ولأشتات المكارم مجمعا
فقم بمقام لم يزل مترفعا
ودم للعلا والعز والمجد مرجعا
شرح ومعاني كلمات قصيدة أرى لك فضلا لا تعيه الأفاضل
قصيدة أرى لك فضلا لا تعيه الأفاضل لـ عبد الباقي العمري وعدد أبياتها مائة و تسعة.
عن عبد الباقي العمري
عبد الباقي بن سليمان بن أحمد العمري الفاروقي الموصلي. شاعر، مؤرخ. ولد بالموصل، وولي فيها ثم ببغداد أعمالاً حكومية، وتوفي ببغداد. وفيه: أنه كان يلقب بالفوري، لإنشاده الشعر على الفور. والروض الأزهر وفيه: أنه أرخ عام وفاته بنفسه وكتبه بخطه، فقال: (بلسان يوحد الله أرخ ذاق كأس المنون عبد الباقي) . له (الترياق الفاروقي-ط) وهو ديوان شعر، و (نزهة الدهر في تراجم فضلاء العصر) ، و (نزهة الدنيا-خ) ترجم فيه بعض رجال الموصل من معاصريه، و (الباقيات الصالحات) قصائد في مدح أهل البيت، و (أهلة الأفكار في مغاني الابتكار) من شعره.[١]
تعريف عبد الباقي العمري في ويكيبيديا
عبد الباقي افندي بن سليمان بن أحمد العمري الفاروقي الموصلي يمتد نسبه إلى عاصم ابن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث انه من ابرز ما انجبت الاسرة العمرية الشهيرة في العراق ومن أشهر رجالات هذه الاسرة في مجالي السياسة والأدب. ولد في الموصل عام 1203هـ/ 1788م، وولي فيها ثم ولي بغداد أعمالاً حكومية رفيعة في الدولة العثمانية منها منصب كتخدا بغداد والموصل و (منصب كتخدا يعني منصب نائب الوالي)، وحينما شغل العمري وظيفة الكتخدائية أختار من اعيان الموصل وفداً رأسه بنفسه ووفد به على داود باشا والي بغداد يلتمسه في تولية يحيى باشا، وكان داود باشا والي بغداد معروفا بالأبهة والكبرياء مايملأ مراجعيه وزائريه هيبة وخوفاً، حتى في يوم الجمعة وهو يوم جلوسه لاستقبال الضيوف وأكثر من ذلك فقد نقل عن مدى تأثير جبروته وغلظته على زائريه أنهم لم يجرؤوا على تناول القهوة التي تقدم في مجلسه. وعلى وضعية هذا الوالي المليئة بالمهابة. دخل عليه الوفد الموصلي برئاسة الشاعر العمري وجلس بجانب الوالي وتناول قهوته التي قدمت له من دون أن تؤثر هيبة الوالي عليه. وبعد أن استفسر الوالي حاجته. اجابه بالبيتين التاليين: يامليك البلاد منيتي حاشاك..... مثلي يعود منك كسيرا أنت هارون وقته ورجائي..... أن أرى في حماك يحيى وزيرا فاعجب الوالي بموقفه ولباقته وجمال توريته فأصدر أمره برفع الطلب إلى السلطان العثماني للموافقة عليه، ولما تميز به الشاعر عبد الباقي من ذكاء ومهارة سياسية وإدارية فضلا عن مهارته الأدبية التي اهلته لتقلد، ومنذ فترة مبكرة من سني حياته منصب كتخدا ولاية الموصل في عهد الوالي يحيى باشا الجليلي وله في الوزير يحيى باشا الجليلي ديوان من الشعر وهو الديوان المسمى نزهة الدنيا في محامد الوزير يحيى. وعبد الباقي العمري هو ابن عم قاسم باشا العمري الذي قاد أول ثورة شعبية ضد الدولة العثمانية في العراق انتهت بمصرع الوالي المعين من قبلها في الموصل وتنصيبه واليا على الموصل، ومن ثم قيادته للحملة العسكرية الموجهة لاسقاط داود باشا والي بغداد وانهاء حكم المماليك في العراق، حيث رافق عبد الباقي العمري ابن عمه قاسم باشا في هذه الحملة وتولى قيادتها بعد مقتله ولحين وصول الجيش الذي يقوده علي رضا باشا اللاز والي حلب، حيث قتل قاسم باشا بعد دخوله بغداد وتنصيبه واليا عليها بفترة قصيرة. وعبد الباقي العمري هو شقيق محمود منيب الذي تولى تربية وتوجيه الملا عثمان الموصلي بعد ان كف بصره وفقد والديه وهو طفل صغير. وعبد الباقي العمري هو عم أحمد عزت باشا العمري الفاروقي رئيس تحرير جريدة الزوراء وهي أول صحيفة عراقية صدرت في عهد الوالي مدحت باشا، والذي شغل منصب متصرف في شهرزور، ثم متصرفا في الأحساء ثم متصرفا في تعز في اليمن. ثم عاد ليقيم في الاستانة مشتغلا بالعلم والأدب ونظم الشعر والتأليف، ومن مؤلفاته كتاب الطراز الانفس في شعر الاخرس. والشاعر عبد الباقي العمري هو أيضا عم والد سامي باشا العمري الفاروقي ابن علي الرضا، عضو مجلس الأعيان العثماني، والملحق العسكري العثماني في برلين، وقائد الحملة العثمانية (الحملة الحورانية) على جبل الدروز في سوريا، وقائد الحملة العثمانية على الكرك في الأردن، ووالي المدينة المنورة لاربع سنوات (1320هـ - 1324هـ)، وقائد الحملة العثمانية التي جهزتها الدولة العثمانية لمحاربة ابن سعود. وعبد الباقي العمري هو جد رشيد العمري متصرف لواء الرمادي في اواخر عهد الدولة العثمانية، وعبد الباقي العمري هو والد جد ناظم العمري صاحب الندوة العمرية في الموصل وعضو اللجنة التنفيذية للدفاع عن عروبة الموصل ضد محاولات ضمها إلى تركيا عام 1925 (وهي لجنة منتخبة من قبل اهالي ووجهاء الموصل كلفت بالدفاع عن عروبة الموصل وعراقيتها). ومن انجازات عبد الباقي العمري قيادة الحملة العسكرية التي جهزتها الدولة العثمانية للقضاء على الفتنة التي شبت بين قبيلتي الزكرت والشمرت في النجف حيث قضى على الفتنة دون أن يريق قطرة واحدة من الدماء ونال بذلك ثناء القبيلتين المتحاربتين ويعد الشاعر عبد الباقي العمري من ابرز الشعراء في مدح آل البيت رضوان الله عليهم حيث اجاد في مدحهم بشعر كثير شغل معظم ديوانه الشهير (الترياق الفاروقي) إضافة إلى ديوانه الباقيات الصالحات، ومن ابرز قصائده في هذا المجال قصيدته الشهيرة في مدح الخليفة الراشد علي بن أبي طالب والتي مطلعها: أنت العلي الذي فوق العُلا رُفِعا _ ببطن مكة وسط البيت إذ وُضعا_ سمتك امُك بنت الليث حيدرةً _ اكرم بلبوة ليثٍ انجبت سبُعا_ وأنت حيدرة الغاب الذي اسد البرج _ السماويِ عنه خاسئاً رجعا_ وأنت باب تعالى شأنُ حارسه _ بغير راحة روح القدس ما قُرعا وللعمري قصائد غزل عذبة تمور بالرقة والشاعرية، إضافة إلى كتابته أكثر من موشح غني بالصور والظلال وفرح الألوان في الطبيعة المتألقة المتفتحة، وهي موشحات تحتفي بالحياة وتمجد الجمال. وكان له مجلس في بغداد يحضره مع الشيخ أبو الثناء محمود الآلوسي مفتي بغداد، والشاعر عبد الغفار الأخرس، وله مخاطبات ادبية وشعرية رقيقة مع ادباء وشعراء النجف الاشرف، وهو أول من أطلق لقب (الملائكة)، على عائلة الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة، ولقد دون شعر عبد الباقي العمري في ديوانه المعروف ب (الترياق الفاروقي) والذي طبع طبعتين في مصر وطبع طبعة أخرى على مطابع النعمان في النجف الاشرف، ولقد ترجم له الدكتور محمد مهدي البصير في كتابه نهضة العراق الأدبية بطبعتيه الأولى والثانية ترجمة وافية إضافة إلى تراجم أخرى كثيرة لكتاب اخرين. وكان يلقب بالفوري، لإنشاده الشعر على الفور. ويقول صاحب الروض الأزهر «أنه أرخ عام وفاته بنفسه وكتبه بخطه، فقال:[بلسان يوحد الله أرخ ذاق كأس المنون عبد الباقي]». خلف عبد الباقي العمري ثلاثة من الأبناء الذكور هم كل من (سليمان فهيم) و (حسين حسني) و (محمد وجيهي)، هاجر اثنان منهم إلى مصر وهم كل من حسين حسني ومحمد وجيهي وشغلا هناك مناصب مهمة في مصر الخديوية منها متصرفية حلوان وانقطعت ذريتهم هناك، وكان آخر من تبقى من ذريتهم هناك السفير محمد طاهر العمري سفير مصر في الفاتيكان في خمسينيات القرن الماضي، اما سليمان فهيم فقد بقي في العراق وتقطن ذريته حاليا في مدينة الموصل ويعدون من ابرز اعيانها ويمتهن معظمهم زراعة الأراضي الزراعية التي يمتلكونها هناك. ومن عائلته (ياسين ابن خير الله العمري) المتوفى بعد سنة 1235هـ/ 1818م، وهو أحد المؤلفين المشهورين في الموصل. حيث قام الدكتور بدري محمد فهد بتحقيق كتابه (منهج الثقات في تراجم القضاة) وطبع في دار الغرب الإسلامي عام 2010.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ عبد الباقي العمري - ويكيبيديا