أشعار الشعراء الستة الجاهليين/طرفة بن العبد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

طرفة بن العبد

طرفة بن العبد - أشعار الشعراء الستة الجاهليين

قال البكري:

لخولة أطلال ببرقة تهمد

تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

وقوفا بها صحبي علي مطيهم

يقولون لا تهلك أسى وتجلد

كأن حدوج المالكية غدوة

خلايا سفين بالنواصف من دد

عدولية أو من سفين ابن يامن

يجور بها الملاح طوراً ويهتدي

يشق حباب الماء حيزومها بها

كما قسم التراب المفايل باليد

وفي الحي أحوى بنفض المرد شادن

مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد

خذول تراعى ربرباً بخميلة

تناول أطراف البرير وترتدي

وتبسم عن ألمى كان منوراً

تخلل حر الرمل دعص له ندي

سقته إياة الشمس إلا لثاته

أسف، ولم تكدم عليه، بإثمد

ووجه كأن الشمس ألقت رداءها

عليه نقي اللون لم يتحدد

وإني لأمضي لهم عند احتضاره

بعوجاء مرقال تروح وتغتدي

أمون كألواح الإران نصأتها

على لاحب كأنه ظهر برجد

حمالية وجناء تردى كأنها

سفنجة تبرى لأزعر أربد

تبارى عتاقا ناجيات وأتبعت

وظيفاً وطيفاً فوق مور معبد

تربعت القفين في الشول ترتعي

حدائق مولى الأسرة أغيد

تريع إلى صوت المهيب وتتقي

بذي خصل روعات أكلفت ملبد

كان جناحي مضرحي تكنفا

حفافية شكا في العسيب بمسرد

فطوراً به خلف الزميل وتارة

على حشف كالشن ذار مجدد

لها فخذان أكمل النحض فيهما

كأنهما بابا منيف ممرد

وطي محال كالحنى خلوفه

وأجرنة لزت بدأي منضد

كأن كناسي ضالة يكنفانها

وأطر قسي تحت صلب مؤبد

لها مرفقان أفتلان كأنما

تمر بسلمى دالج متشدد

كقنطرة الرومي أقسم ربها

لتكتنفن حتى تشاد بقرمد

صهابية العثنون مؤجدة القرا

بعيدة وخد الرجل موارة اليد

أمرت يداها فتل شزر وأجنحت

لها عضداها في سقيف مسند

جنوح دفاق عندل ثم أفرعت

لها ستفاها في معالي مصعد

كأن علوب النسغ في دأياتها

موارد من خلقاء في ظهر قردد

تلافى وأحياناً تبين كأنها

بنائق غر في قميص مقدد

وأتلع نهاض إذا صعدت به

كسكان بوصي بدجلة مصعد

وجمجمة مثل العلاة كأنما

رعى الملتقى منها إلى حرف مبرد

وخد كقرطاس الشآمي ومشفر

كسبت اليماني قده لم يجرد

وعينان كالماء بتين استكنتا

بكهفي حجاجي صخرة قلت مورد

طحوران عوار القذى فتراهما

كمكحولتي مذعورة أم فرقد

وصادقتا سمع التوجس للسرى

لهجس خفي أو لصوت مندد

مؤللتان تعرف العتق فيهما

كسامعتي شاة بحومل مفرد

وأروع نباض أحذ ململم

كمرداة صخو من صفيح مصمد

وإن شئت سامي واسط الكور رأسها

وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد

وإن شئت لم ترقل وإن شئت أرقلت

مخافة ملوي من القد محصد

وأعلم مخزوت من الأنف مارن

عتيق متى ترجم به الأرض تزدد

على مثلها أمضى إذا قال صاحبي

ألا ليتني أفريك منها وأفتدي

وجاشت إليه النفس خوفاً وخاله

مصاباً لو أمسى على غير مرصد

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني

عنيت فلم أكسل ولم أتبلد

أحلت عليها بالقطيع فأجذمت

وقد خب آل الأمعز المتوقد

فذالت كما ذالت وليدة مجلس

ترى ربها أذيال سحل ممدد

ولست بحلال التلاع مخافة

ولكن متى يسترفد القوم أرفد

وإن تبغني في حلقه القوم تلقني

وإن تلتمسني في الحوانيت تصطد

متى تأتني أصبحك كأساً روية

وإن كنت عنها ذا غنى وازدد

وإن يلتق الحي الجميع تلاقني

إلى ذروة البيت الشريف المصمد

نداماي بيض كالنجوم وقينة

تروح علينا بين برد ومجسد

رحيب قطاب الجيب منها رفيقة

بحس الندامى بضة المتجرد

إذا نحن قلنا أسمعينا انبرت لنا

على رسلها مطروفة لم تشدد

إذا رجعت في صوتها خلت صوتها

تجاوب أظآر على ربع ردي

وما زال تشرابي الخمور ولذتي

وبيعي وإنفاقي طريقي ومتلدي

إلى أن تحامتني العشيرة كلها

وأفردت إفراد البعير المعبد

رأيت بني غبراء لا ينكرونني

ولا أهل هذاك الطراف الممدد

ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى

وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

فإن كنت لا تستطيع منع منيتي

فدعني أبادرها بما ملكت يدي

فلولا ثلاث هن من عيشة الفتى

وجدك لم أحفل متى قام عودي

فنهن سبق العاذلات بشربة

كميت متى ما نعل الماء تزبد

وكرى إذا نادى المضاف محنباً

كسيد الغضى نبهته المتورد

وتقصير يوم الدجن والدجن معجب

ببهكنة تحت الخباء المعمد

كأن البرين والدماليج علقت

على عشر أو خروع لم يعضد

فذرني أرةي هامتي في حياتها

مخافة شرب في الممات مصرد

كريم يروي نفسه في حياته

ستعلم إن متنا غداً أبنا الصدى

أرى قبر نحام بخيل بماله

كقبر غوي في البطالة مفسد

ترى جثوتين من تراب عليهما

صفائح صم من صفيح منضد

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفى

عقيلة مال الفاحش المتشدد

أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلة

وما تنقص الأيام والدهر ينفد

لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى

لكالطول المرخى وثنياه باليد

متى ما يشأ يوماً يفده لحتفه

ومن يك في حبل المنية ينقد

فمالي أراني وابن عمي مالكاً

متى أدن منه ينأ عني ويبعد

يلوم وما أدري علام يلومني

كما لامني في الحي قرط بن أعيد

وأيأسني من كل خير طلبته

كأنا وضعناه إلى رمس ملحد

على غير شيء قلته غير أنني

نشدت ولم أغفل حمولة معبد

وقربت بالقربى وجدك إنه

متى يك عهد للنكيثة أشهد

وإن أدع للجلى أكن من حماتها

وإن يأتك الأعداء بالجهد أجهد

وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم

بشرب حياض الموت قبل التهدد

بلا حدث أحدثته وكمحدث

هجائي وقذفي بالشكاة ومطردي

فلو كان مولاي امرأ هو غيره

لفرج كربى أو لأنظرني غدي

ولكن مولاي امرؤ هو خانقي

على الشكر والتسآل أو أنا مفتد

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة

على المرء من وقع الحسام المهند

فذرني وخلقي إنني لك شاكر

ولو حل بيني نائياً عند ضرغد

فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد

ولو شاء ربي كنت قيس بن مرثد

فأصبحت ذا مال كثير وزارني

بنون كرام سادة لمسود

أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه

خشاش كرأس الحية المتوقد

فآليت لا ينفك كشحي بطانة

لعضب رقيق الشفرتين مهند

حسام إذا ما قمت منتصراً به

كفى العود منه البدء ليس بمعضد

أخي ثقه لا ينثني عن ضريبة

إذا قيل مهلاً قال حاجزه قدي

إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني

منيعاً إذا بلت بقائمه يدي

وبرك هجود قد أثارت مخافتي

بواديها أمشي بعضب مجرد

فموت كهاة ذات خيف جلالة

عقيلة شيخ كالوبيل يلندد

يقول وقد تر الوظيف وساقها

ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد

وقال ألا ماذا ترون بشارب

شديداً علينا بغيه متعمد

وقال ذروه إنما نفعها له

وإلا تكفوا قاصي البرك يزدد

فظل الإماء يمتللن حوارها

ويسعى علينا بالسديف المسرهد

فإن مت فأنعيني بما أنا أهله

وشقي علي الجيب ياابنة معبد

ولا تجعليني كامرئ ليس همه

كهمي ولا يغنى غنائي ومشهدي

بطيء عن الجلى سريع إلى الخنا

ذليل باجماع الرجال ملهد

فلو كنت وغلاً في الرجال لضرني

عداوة ذي الأصحاب والمتوحد

ولكن نفى عني الرجال جراءتي

عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي

لعمرك ما الأيام إلا معارة

فما اسطعت من معروفها فتزود

عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه

فإن القرين بالمقارن مقتدي

لعمرك ما أمري علي بغمة

نهاري ولا ليلي علي بسرمد

ويوم حبست النفس عند عراكه

حفاظاً على عوراته والتهدد

على موطن يخشى الفتى عنده الردى

متى تعترك فيه الفرائص ترعد

وأصفر مضبوح نظرت جواره

على النار واستودعته كف مجمد

أرى الموت أعداد النفوس ولا أرى

بعيداً غداً ما أقرب اليوم من غد

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً

ويأتيك بالأحبار من لم تزود

ويأتيك بالأخبار من لم تبع له

بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد

وما لام نفسي مثلها لي لائم

ولا سد فقري مثل ما ملكت يدي

وقال يصف أحواله وتنقله في البلاد ولهوه:

أصحوت اليوم أم شاقتك هر

ومن الحب جنون مستمر

لا يكن حبك داء قاتلا

ليس هذا منك ماوي بحر

كيف أرجو حبها من بعد ما

علق القلب بنصب مستسر

أرق العين خيال لم يقر

طاف والركب بصحراء يسر

جازت البيد إلى أرحلنا

آخر الليل بيعفور خدر

ثم زارتني وصحبي هجج

في خليط بين برد ونمر

تخلس الطرف بعيني برغز

وبخدي رشاء آدم غر

ولها كشحاً مهاة مطفل

تقترى بالرمل أفنان الزهر

وعلى المتنين منها وارد

حسن النبت أثيث مسبكر

جأبة المدرى لها ذو جدة

تنفض الضال وأفنان السمر

بين أكتاف خفاف فاللوى

مخرف تحنو لرخص الظلف حر

تحسب الطرف عليها بحدة

يا لقومي للشباب المسبكر

حيثما قاظوا بنجد وشتوا

حول ذات الحاذ من ثني وقر

فله منها على أحيانها

صفوة الراح بملذوذ خصر

إن تنوله فقد تمنعه

وتريه النجم يجري بالظهر

ظل في عسكرة من حبها

ونأت شحط مزار المدرر

فلئن شطت نواها مرة

لعلي عهد حبيب معتكر

بادن تجلو إذا ما ابتسمت

عن شتيت كأقاح الرمل غر

بدلته الشمس من منبته

برداً أبيض مصقول الأشر

وإذا تضحك تبدي حبباً

كرضاب المسك بالماء الخصر

صادفته حرجف في تلعة

فسجا وسط بلاط مسبطر

وإذا قامت تداعى قاصف

مال من أعلى كثيب منقعر

تطرد القر بحر صادق

وعكيك القيظ، إن جاء، بقر

لا تلمني إنها من نسوة

رقد الصيف مقالبت نزر

كبنات المخر يمأذن كما

أنبت الصيف عساليج الخضر

فجعوني يوم زموا عيرهم

برخيم الصوت ملثوم عطر

وإذا تلسنني ألسنها

إنني لست بموهون فقر

لا كبير دالف من هرم

أرهب الليل ولا كل الظفر

وبلاد زعل ظلمانها

كالمخاض الجرب واليوم الخدر

قد تبطنت وتحتي جسرة

تتقى الأرض بملثوم معز

فترى المرو إذا ما هجرت

عن يديها كالفراش المشفتر

ذاك عصر وعداني أنني

نابى العام خطوب غير سر

من أمور حدثت أمثالها

تبتري عود القوي المستمر

وتشكى النفس ما صاب بها

فاصبري إنك من قوم صبر

إن تصادف منفساً لا تلفنا

فرح الخير ولا نكبوا لضر

أسد غيل فإذا ما فزعوا

غير أنكاس ولا هوج هذر

ولي الأصل الذي في مثله

يصلح الآبر زرع المؤتبر

طيبوا الباءة، سهل ولهم

سبل إن شئت في وحش وعر

وهم ما هم إذا ما لبسوا

نسج داود لبأس محتضر

وتساقى القوم كأساً مرة

وعلا الخيل دماء كالشقر

ثم زادوا أنهم في قومهم

غفر ذنبهم غير فخر

لا تعز الخمر إن طافوا بها

بسباء الثول والكوم البكر

فإذا ما شربوها وانتشوا

وهبوا كل أمون وطمر

ثم راحوا عبق المسك بهم

يلحفون الأرض هداب الأزر

ورثوا السؤدد عن آبائهم

ثم سادوا سؤدداً غير زمر

نحن في المشتاة ندعو الجفلى

لا ترى الأدب فينا يفتقر

حين قال الناس في مجلسهم

أقتار ذاك أم ريح قطر

بجفان تعترى نادينا

من سديف حين هاج الصنبر

كالجوابي لا تني مترعة

لقرى الأضياف أو للمحتضر

ثم لا يخزن فينا لحمها

إنما يخزن لحم المدخر

ولقد تعلم بكر أننا

آفة الجزر مساميح يسر

ولقد تعلم بكر أننا

واضحوا الأوجه في الأزمة غر

ولقد تعلم بكر أننا

فاضلو الرأي وفي الروع وقر

ولقد تعلم بكر أننا

صادقو البأس وفي المحفل غر

يكشفون الضر عن ذي ضرهم

ويبرون على الآبي المبر

فضل أحلامهم عن جارهم

رحب الأذرع بالخبر أمر

دلق في غارة مسفوحة

ولدى البأس حماة ما نفر

تمسك الخيل على مكروهها

حين لا يمسكها إلا الصبر

حين نادى الحي لما فزعوا

ودعا الداعي وقد لج الذعر

أيها الفتيان في مجلسنا

حردوا منها ورادا وشقر

أعوجيات طوالاً شرباً

دوخل الصنعة فيها والضمر

من يعابيب ذكور وقح

وهضبات إذا ابتل العذر

جافلات فوق عوج عجل

ركبت فيها ملاطيس سمر

وأنافت بهواد تلع

كجذوع شذبت عنها القشر

علت الأيدي بأجواز لها

رحب الأجواف ما إن تنبهر

فهي تردى فإذا ما ألهبت

طار من إحمائها شد الأزر

كائرات وتراها تنتحي

مسلحبات إذا جد الحضر

دلق الغارة في إفزاعهم

كرعال الطير أسراباً تمر

تذر الأبطال صرعى بينها

ما يني منهم كمي منعفر

ففداء لبني قيس على

ما أصاب الناس من سر وضر

خالتي والنفس قدما إنهم

نعم الساعون في القوم الشطر

وهم أيسار لقمان إذا

أغلت الشتوة أبداء الجزر

لا يلحون على غارمهم

وعلى الأيسار تيسير العسر

كنت فيكم كالمغطى رأسه

فانجلى اليوم قناعي وخمر

ولقد كنت عليكم عاتباً

فعقبتم بذنوب غير مر

سادراً أحسب غيي رشداً

فتناهيت وقد صابت بقر

وقال طرفة أيضاً

أشجاك الربع أم قدمه

أم رماد دارس حممه

كسطور الرق رقشه

بالضحى مرقش يشمه

لعبت بعدي السيول به

وجرى في ريق رهمه

فالكثيب معشب أنف

فتناهيه فمرتكمه

جعلته حم كلكلها

لربيع ديمة تثمه

حابسي رسم وقفت به

لو أطيع النفس لم أرمه

لا أرى إلا النعام به

كالإماء أشرفت حزمه

تذكرون إذ نقاتلكم

لا يضر معدماً عدمه

أنتم نخل نظيف به

فإذا جز نصطرمه

وعذاريكم مقلصة

في دعاع النخل تجترمه

عجز شمط معالكم

تصطلي نيرانه خدمه

خير ما ترعون من شجر

يابس الطحماء أو سحمه

فسعى الغلاق بينهم

سعي خب كاذب شيمه

أخذ الأزلام مقتسماً

فأتى أغواهما زلمه

والقرار بطنه غدق

زينت جلهاته أكمه

ففعلنا ذلكم زمناً

ثم دانى بيننا حكمه

إن تعيدوها نعدلكم

من هجاء سائر كلمه

وقتال لا يغبكم

في جميع جحفل لهمه

رزه قدم وهب وهلا

ذي زهار جمة بهمه

يتركون القاع تحتهم

كمراغ ساطع قتمه

لا ترى إلا أخا رجل

آخذاً قرناً كملتزمه

فالهبيت لا فؤاد له

والتثبيت ثبته فهمه

للفتى عقل يعيش به

حيث تهدى ساقه قدمه

وقال في عبد عمرو بن بشر بن مرثد:

هند بحزان الشريف طلول

تلوح وأدنى عهدهن محيل

وبالسفح آيات كأن رسومها

يمان وشته ريدة وسحلول

أربت بها نتاجة تزدهي الحصى

وأسحم وكاف العشي هطول

فغيرن آيات الديار مع البلى

وليس على ريب الزمان كفيل

بما قد أرى الحي الجميع بغبطة

إذا الحي حي والحلول حلول

ألا أبلغا عبد الضلال رسالة

وقد يبلغ الأنباء عنك رسول

دببت بسري بعدما قد علمته

وأنت بأسرار الكرام نسول

وكيف نضل المصد والحق واضح

وللحق بين الصالحين سبيل

وفرق عن بيتيك سعد بن مالك

وعوفاً وعمراً ما تشي وتقول

فأنت على الأدنى شمال عرية

شآمية تزوى الوجوه بليل

وأنت على الأقصى صباً غير قرة

تذاءب، منها مرزغ ومسيل

فأصبحت فقعاً نابتاً بقرارة

تصوح عنه والذليل ذليل

وأعلم علماً ليس بالظن أنه

إذا ذل مولى المرء فهو ذليل

وإن لسان المرء ما لم تكن له

حصاة على عوراته لدليل

وإن امرأ لم يعف يوماً فكاهة

لمن لم يرد سوءاً بها لجهول

تعارف أرواح الرجال إذا التقوا

فمنهم عدو يتقى وخليل

وقال حين أطرد فصار في غير قومه:

قفي ودعينا اليوم يا ابنة مالك

وعوجي علينا من صدور جمالك

قفي لا يكن هذا تعلة وصلنا

لبين، ولا ذا حظنا من نوالك

أخبرك أن الحي فوق بينهم

نوى غربة ضرارة لي كذلك

ولم ينسني قد لقيت وشفني

من الوجد أني غير ناس لقاءك

وما دونها إلا ثلاث مآوب

قدرن لعيس مسنفات الحورك

ولا غرو إلا جارتي وسؤالها

ألا هل لنا أهل ؟ سئلت كذلك

تعير سيري البلاد ورحلتي

ألا رب دار سوى حرداك

وليس امرؤ أفنى الشباب مجاوراً

سوى حيه إلا كآخر هالك

ألا رب يوم لو سقمت لعادني

نساء كرام من حي ومالك

ظللت بذي الأرطى فويق مثقب

ببيئة سوء هالكاً أو كهالك

ترد عليها الريح ثوبى قاعداً

إلى صدفي كالحنية بارك

رأيت سعوداً من شعوب كثيرة

فلم تزعيني مثل سعد بن مالك

أبر وأوفى ذمة يعقدونها

وخيراً إذا ساوى الدرا بالحوارك

وأنمى إلى مجد تليد وسورة

تكون تراثاً عند حي لهالك

أبى أنزل الجبار عامل رمحه

على السرج حتى قر بين السنابك

وسيفي حسام أختلي بذبابه

قوانس بيض الدار عين الدوارك

وقال أيضاً في اطراده إلى النجاشي:

لخلوة بالأجزاع من إضم طلل

وبالسفح من قو مقام ومحتمل

تربعه مرباعها ومصيفها

مياه من الأشراف يرمى بها الحجل

فلا زال غيث ربيع وصيف

على دارها حيث استقرت له زجل

مرته الجنوب ثم هبت له الصبا

إذا مس منها مسكناً عد ملاً نزل

كأن الخلايا فيه ضلت رباعها

وعوذاً إذا ما هزه رعده اجتفل

لها كبد ملساء ذات أسرة

وكشحان لم ينقض طواءهما الحبل

إذا قلت هل يسلو اللبانة عاشق

تمر شؤون الحب من خولة الأول

وما زادك الشكوى إلى متنكر

تظل به تبكي وليس به مظل

متى تر يوماً عرصة من ديارها

ولو فرط خول تسجم العين أو تهل

فقل لخيال الحنظلية ينقلب

إليها فإني واصل حبل من وصل

ألا إنما أبكي ليوم لقيته

بجرثم قاس كل ما بعده جلل

إذا جاء مالا بد منه فمرحبا

به حين يأتي لا كذاب ولا علل

ألا إنني شربت أسود حالكاً

ألا بجلى من الشراب ألا بجل

فلا أعرفي إن نشذتك ذمي

كداعي هديل لا يجاب ولا يمل

وقال يهدد المسيب بن علس، ويمدح قتادة بن مسلمة الحنفي وأصاب قومه سنة، فبذل لهم:

إن امرأ سرف الفؤاد يرى

عسلا بماء سحابة شتمي

وأنا امرؤ أكوى من القصر ال

بادي وأغشى الدهم بالدهم

وأصيب شاكلة الرمية إذ

صدت بصفحتها عن السهم

وأحر ذا الكفل القداة على

أنسائه فيظل يستدمي

وتصد عنك مخيلة الرجل ال

عريض موضحة عن العظم

بحسام سيفك أو لسانك وال

كلم الأصيل كأرغب الكلم

أبلغ قتادة غير سائله

منه الثواب وعاجل الشكم

أني حمدتك للعشيرة إذ

جاءت إليك مرقة العظم

ألقوا إليك بكل أرملة

شعثاء تحمل منقع البرم

ففتحت بابك للمكارم ح

ين تواصت الأبواب بالأزم

وأهنت إذ قدموا التلاد لهم

وكذاك يفعل مبتنى النعم

فسقى بلادك غير مفسدها

صوب الغمام وديمة تهمى

وقال طرفة يهجو عبد عمرو بن بشر وكان وقع بينهما شر:

يا عجباً من عبد عمرو وبغيه

لقد رام ظلمي عبد عمر فانعما

ولا خير فيه غير أن له غنى

وأن له كشحا إذا قام أهضما

يظل نساء الحي يعكفن حوله

يقلن عسيب من سرارة ملهما

له شربتان بالنهار وأربع

من الليل حتى آض سخداً مورما

ويشرب حتى يغمر المحض قلبه

وإن أعطه أترك لقلبي مجثما

كان السلاح فوق شعبة بانة

ترى نفخاً ورد الأسرة أسحما

وقال طرفة أيضاً يهجو عمرو بن هند وأخاه قابوس بن هند:

فليت لنا مكان الملك عمرو

رغوثاً حول قبتنا تخور

من الزمرات أسبل قادماها

وضرتها مركنة درور

يشاركنا لها رخلان فيها

وتعلوها الكباش فما تنور

لعمرك إن قابوس بن هند

ليخلط ملكه نوك كثير

قسمت الدهر في زمن رخي

كذاك الحكم يقصد أو يجور

لنا يوم وللكروان يوم

تطاردهن البائسات ولا نطير

فأما يومهن فيوم نحس

تطاردهن بالحدب الصقور

وأما يومنا فنظل ركباً

وقوفاً ما نحل وما نسير

وقال يعتذر إلى عمر بن هند حين بلغه أنه هجاه فتوعده:

إني وجدك ما هجوتك وال

أنصاب يسفح بينهن دم

ولقد هممت بذاك إذ حبست

وأمر دون عبيدة الوذم

أخشى عقابك إن قدرت ولم

أغدر فيؤثر بيننا الكلم

قال طرفة في حق لأمه ظلمته:

ما تنظرون بحق وردة فيكم

صغر البنون ورهط وردة غيب

قد يبعث الأمر العظيم صغيره

حتى تظل له الدماء تصبب

والظلم فرق حيي وائل

بكر تساقيها المنايا تغلب

قد يورد الظلم المبين آجناً

ملحاً يخالط بالذعاف ويقشب

وقراف من لا يستفيق دعارة

يعدى كما يعدى الصحيح الأجرب

والإثم داء ليس يرجى برؤه

والبر برء ليس فيه معطب

والصدق يألفه الكريم المرتجى

والكذب يألفه الدنيء الأخيب

ولقد بدا لي أنه سيغولني

ما غال عاداً والقرون فأشعبوا

أدوا الحقوق نفر لكم أعراضكم

إن الكريم إذا يحرب يغضب

وقال يذكر يوم قضة:

سائلوا عنا الذي يعرفنا

بقوانا يوم تخلاق اللمم

يوم تبدى البيض عن أسؤقها

وتلف الخيل أعراج النعم

أجدر الناس برأس صلدم

حازم الأمر شجاع في الوغم

كامل يحمل آلاء الفتى

نبه سيد سادات خضم

خير حي من معد علموا

لكفي والجار وابن عم

يجبر المحروب فينا ماله

ببناء وسوام وخدم

نقل للشحم في مشتاتنا

عقر للنيب طراد القرم

نزع الجاهل في مجلسنا

فنرى المجلس فينا كالحرم

وتفرعنا من ابني وائل

هامة العز وخرطوم الكرم

من بني بكر إذا ما نسبوا

وبني تغلب ضرابي البهم

حين يحمى الناس نحمي سربنا

واضحي الأوجه معروفي الكرم

بحسامات تراها رسباً

في الضريبات مترات العصم

وفحول هيكلات وقح

أعوجيات على الثأو أزم

وقناً جرد وخيل ضمر

شرب من طول تغلاك اللجم

أدت الصنعة في أمتنها

فهي من تحت مشيحات الحزم

تتقي الأرض برح وقح

ورق يقعرن أنباك الأكم

وتفرى اللحم من تغدائها

والتغالي فهي قب كالعجم

خلج الشد ملحات إذا

شالت الأيدي عليها بالجذم

قدما تنضو إلى الداعي إذا

خلل الداعي بدعوى ثم عم

بشباب وكهول نهد

كليوث بين عريس الأجم

نمسك الخيل على مكروهها

حين لا يمسك إلا ذو كرم

نذر الأبطال صرعى بينها

تعكف العقبان فيها والرخم

وقال طرفة أيضاً يهجو بني المنذر بن عمرو:

من الشر والتبريح أولاد معشر

كثير ولا يعطون في حادث بكرا

هم حرمل أعيا على كل آكل

مبير ولو أمسى سوامهم دثرا

جماد بها البسباس نرهض مغزها

بنات اللبون والسلاقمة الحمرا

فما ذنبنا في أن أداءت خصاكم

وأن كنتم في قومكم معشرا أدرا

إذا جلسوا خيلت تحت ثيابهم

خرانق توفى بالضغيب لها نذرا

أبا كرب أبلغ لديك رسالتي

أبا جابر عني ولا تدعن عمرا

هم سودوا رهواً تزود في استه

من الماء خال الطير واردة عمرا

وقال طرفة أيضاً لعمر بن هند يلوم أصحابه في خذلانهم:

أسلمى قومي ولم يغضبوا

لسوءة حلت بهم فادحه

كل خليل كنت خاللته

لا ترك الله له واضحه

كلهم اروغ من ثعلب

ما أشبه الليلة بالبارحه

وقال طرفة أيضاً:

أعرف رسم الدار قفراً منازله

كجفن اليماني زخرف الوشي ماثله

بتثليث أو نجران أو حيث تلتقي

من النجد في قيعان جاش مسابله

ديار لسلمى إذ تصيدك بالمنى

وإذ حبل سلمى منك دان تواصله

وإذ هي مثل الرئم صيد غزالها

لها نظر ساج إليك تواغله

غنينا وما نخشى التفرق حقبة

كلانا غرير ناعم العيش باجله

ليالي أقتاد الصبا ويقودني

يجول بنا ريعانه ونجاوله

سمالك من سلمى خيال ودونها

سواد كثيب عرضه فأمايله

فذو النير فالأعلام من جانب الحمى

وقف كظهر الترس تجرى أساجله

وأنى اهتدت سلمى وسائل بيننا

بشاشة حب باشر القلب داخله

وكم دون سلمى من عدو وبلدة

يجار بها الهادي الخفيف ذلاذله

يظل بها غير الفلاة كأنه

رقيب يخافى شخصه ويضائله

وما خلت سلمى قبلها ذات رجلة

إذا قسوري الليل جيبت سرابله

وقد ذهبت سلمى بعقلك كله

فهل غير صيد أحرزته حبائله

كما أحرزت أسماء قلب مرقش

بحب كلمع البرق لاحت مخايله

وأنكح أسماء المراذي يبتغي

بذلك عوف أن تصاب مقاتله

فلما رأى أن لا قرار يقره

وأن هوى أسماء لابد قاتله

ترحل من أرض العراق مرقش

على طرب تهوى سراعا رواحله

إلى السرو أرض ساقه نحوها الهوى

ولم يدر أن الموت بالسرو عائله

فغودر بالفردين: أرض نطية

مسيرة شهر دائب لا يواكله

فيا لك من ذي حاجة حيل دونها

وما كل ما يهوى امرؤ هو نائله

لعمري لموت لا عقوبة بعده

لذي البث أشقى من هوى لا يزايله

فوجدي بسلمى مثل وجد مرقش

بأسماء إذ لا تستفيق عواذله

قضى نحبه وجداً عليها مرقش

وعلقت من سلمى خيالاً أماطله

وقال طرفة أيضاً:

إني من القوم الذين إذا

أزم الشتاء ودوخلت حجره

يوماً ودونيت البيوت له

فثنى قبيل ربيعهم قرره

رفعوا المنيح وكان رزقهم

في المنقيات يقيمه يسره

شرطاً قويماً ليس يحبسه

لما تتابع وجهة عسره

تلقى الجفان بكل صادقة

ثمت تردد بينهم حيره

وترى الجفان لدى مجالسنا

متحيرات بينهم سؤره

فكأنها عقرى لدى قلب

يصفر من أغرابها صقره

إنا لنعلم أن سيدركنا

غيث يصيب سوامنا مطره

وإذا المغيرة للهياج غدت

بسعار موت ظاهر ذعره

ولو وأعطونا الذي سئلوا

من بعد موت ساقط أزره

إنا لنكسوهم وإن كرهوا

ضرباً يطير خلاله شرره

والمجد ننميه ونتلده

والحمد في الأكفاء ندخره

نعفو كما تعفو الجياد على ال

علات والمخذول لا ندره

إن غاب عنه الأقربون ولم

يصبح بريق مائه شجره

إن التبالي في الحياة ولا

يغنى نوائب ماجد عذره

كل امرئ فيما ألم به

يوماً يبين من الغنى فقره

وقال طرفة أيضاً:

إنا إذا ما الغيم أمسى كأنه

سما حبق ثرب وهي حمراء حرجف

وجاءت بصراد كأن صقيعه

خلال البيوت والمنازل كرسف

وجاء قريع الشول يرقص قبلها

من الدفء والراعي لها متحرف

ترد العشار المنقيات شظيها

إلى الحي حتى يمرح المتصيف

تبيت إماء الحي تطهى قدورنا

ويأوي إلينا الأشعث المتجرف

ونحن إذا الخيل زايل بينها

من الطعن نشاج مخل ومزعف

وجالت عذارى الحي شتى كأنها

توالى صوان والأسنة ترعف

ولم يحم فرج الحي إلا ابن حرة

وهم الدعاء المرهق المتلهف

ففئنا غداة الغب كل نقيذة

ومنا الكمي الصابر المتعرف

وكارهة قد طلقتها رماحنا

وأنقذنها والعين بالماء تذرف

نرد النجيب في حيازيم غصة

على بطل غادرنه وهو مزعف

وقال أيضاً:

وركوب تعزف الجن به

قبل هذا الجيل من عهد أبد

وضباب سفر الماء بها

غرقت أولاجها غير السدد

فهي موتى لعب الماء بها

في غثاء ساقه السيل عدد

قد تبطنت بطرف هيكل

غير مرباء ولا جأب مكد

قائداً قدام حي سلفوا

غير أنكاس ولا وغل رفد

نبلاء السعي من جرثومة

تترك الدنيا وتنمى للبعد

يزعون الجهل في مجلسهم

وهم أنصار ذي الحلم الصمد

حبس في المحل حتى يفسحوا

لابتغاء المجد أو ترك الفند

سمحاء القفر، أجواد الغنى

سادة الشيب، مخاربق المرد

^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي