أصبحت أعذل نوابا وأعيانا
أبيات قصيدة أصبحت أعذل نوابا وأعيانا لـ معروف الرصافي
أصبحت أعذل نوّاباً وأعيانا
عذلاً كنارٍ تلظّت في شراغانا
قصر أطلّ على البسفور مرتفعاً
إليه يشخص طرف العقل حيرانا
ذو زخرف يبهج العين التي نظرت
حتى تراه لها نوراً وإنسانا
راقت مبانيه اتقاناً وهندسةً
مستوقفاً صنعها من مرّ عجلانا
كل القصور عبيد وهو سيّدها
إذ كان أكرمها صنعاً وبنيانا
يمشي المهندس فيه وهو ينظره
مشي المقيّد يستقصيه امعانا
يضمّ كفّيه للإبطَين منبهراً
مقلّباً في الأعالي منه أجفانا
عرش به تعرف الناس الجلالة إذ
لاح الجمال على مبناه ألوانا
لو كان عرشاً لبلقيس لما خضعت
للأمر حين أتاها من سليمانا
فيه الحوادث أمست وهي ناطقة
بألسٍ دلعتها فيه نيرانا
فلو رأيت وقد شبّ الحريق به
والريح دلعتها فيه نيرانا
فلو رأيت وقد شبّ الحريق به
والريح تصفق للنيران أردانا
رأيت ملكاً كبيراً ثمّ محترقاً
يديب منه لهيب النار عقيانا
طالت به ألسن للنار تلحسه
لحساً يدكّ قوى البنيان إيهانا
يا درة في ضفاف البحر ضيّعها
قوم وكان بها البسفور مزدانا
كم قد أضاءت بوجه البحر مشرقة
ورصّعت من رءوس الهضب تيجانا
يا أيها القصر مذ أمسيت محترقاً
أبكيت في البحر أسماكاً وحيتانا
لم يبق منك لهيب النار باقية
ولا لدي القوم أبقى عنك سلوانا
معاول من شواط النار هادمةٌ
يا للعجائب كالأطواد جدرانا
قمنا أمامك والنيران صائلة
تدكّ منك على الأركان أركانا
كم هدة لك بين النار تُفزِعنا
حتى نخالك منها صرت بركانا
يهتزّ فيك لهيب حين نُبصره
نهتزّ بالحزن أرواحاً وأبدانا
فأنت تملأ صدر الجوّ أدخنةً
ونحن نملأ صدر الأرض أحزانا
ما أشرف القوم لو كانت مدامعهم
مطافئاً لك تجري الدمع غدرانا
ويل لمرتئسٍ قد قام مجتهداً
يسعى بجعلك للنواب ديوانا
حتى إذا كنت للنواب مجتمَعاً
بانت عواقب ذاك السعي خسرانا
للنار فيك حسيس كنت أحسبه
صحكاً على مَن بسوء الرأي أبكانا
أشكو إلى الله قلباً لا يطاوعني
أن لا أكون على الأوطان غيرانا
يا قوم أن بصدر الشعر موجدةً
لا يستطيع لها ستراً وكتمانا
ما بال نوابنا أمسوا نوائبنا
إذ لا يبالون مكروهاً تغشّانا
أما كفى أنهم لم يعملوا عملاً
حتى أرادوا اجتماعاً في شراغانا
هم يطلُبون قصوراً ينعمون بها
ونحن نطلب للأوطان عمرانا
ليس الجلوس ببهو القصر مفخرةً
لمن هم اليوم أشقى الناس أوطانا
قد ضيّعوا الحزم حتى أنهم ندموا
على الذي كان منهم بعد ما كانا
يعيش ذو الحزم مسروراً ومغتبطاً
وتارك الحزم لا ينفكّ ندمانا
وأحزم الناس من أن نام بات له
طرف على حدثان الدهر يقظانا
أين الطريق إلى العلياء نسلُكها
فإننا لم نزل يا قوم عميانا
لا الشعب يخلع أثواب الخمول ولا
نوّابه يلبسون الصدق قمصانا
الناس تسعى لدينا نحن نهملها
ما أسعد الناس في الدنيا وأشقانا
شرح ومعاني كلمات قصيدة أصبحت أعذل نوابا وأعيانا
قصيدة أصبحت أعذل نوابا وأعيانا لـ معروف الرصافي وعدد أبياتها تسعة و ثلاثون.
عن معروف الرصافي
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي. شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق) ، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب. ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها. وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني. ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني. وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918) ، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد. وزار مصر سنة (1936) ، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد. له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط) (محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.[١]
تعريف معروف الرصافي في ويكيبيديا
معروف الرُّصَافِي (1292 - 1365 هـ / 1875 - 1945 م) أكاديمي وشاعر عراقي.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ معروف الرصافي - ويكيبيديا