أصفراء ما في العيش بعدك مرغب
أبيات قصيدة أصفراء ما في العيش بعدك مرغب لـ بشار بن برد
أَصَفراءُ ما في العَيشِ بَعدَكِ مَرغَبُ
وَلا لِلصِبى مَلهىً فَأَلهو وَأَلعَبُ
أَصَفراءُ إِن أَهلِك فَأَنتِ قَتَلتِني
وَإِن طالَ بي سُقمٌ فَذَنبُكِ أَذنَبُ
أَصَفراءُ أَيّامُ النَعيمِ لَذيذَةٌ
وَأَنتِ مَعَ البُؤسى أَلَذُّ وَأَطيَبُ
أَصَفراءُ في قَلبي عَلَيكِ حَرارَةٌ
وَفي كَبِدي الهَيماءِ نارٌ تَلَهَّبُ
أَصَفراءُ مالي في المَعازِفِ سَلوَةٌ
فَأَسلو وَلا في الغانِياتِ مُعَقَّبُ
أَصَفراءُ لي نَفسٌ إِلَيكِ مَشوقَةٌ
وَعَينٌ عَلى ما فاتَ مِنكِ تَصَبَّبُ
أَصَفراءُ لَم أَعرِفكِ يَوماً وَإِنَّني
إِلَيكِ لِمُشتاقٌ أَحِنُّ وَأَنصَبُ
لَقَد كُنتُ عَن عَضِّ الصَبابَةِ وَالهَوى
غَنِيّاً وَلَكِنَّ المَقاديرَ تَغلِبُ
بِعَينِيَ مِن صَفراءَ بادٍ عُجابُهُ
وَما بِالحَشا مِن حُبِّ صَفراءَ أَعجَبُ
وَقَد زادَني شَوقاً هَديلُ حَمامَةٍ
عَلى إِلفِها تَبكي لَهُ وَتُطَرِّبُ
فَقُلتُ لِنُدماني طَرِبتُ فَغَنِّني
بِصَفراءَ لا يَصفو مَعَ الشَوقِ مَشرَبُ
وَما كانَ إِغرامي بِها عَن مَراسِلٍ
جَرَت بَينَنا بَل كاعِبٌ لا تَحَوَّبُ
فَيا حَزَناً لا أَنا غِرٌّ مُشَبَّبٌ
نَعِمتُ وَلا في الشَوقِ إِذ أَنا أَشيَبُ
وَما ذاكَ إِلّا حُبُّ صَفراءَ مَسَّني
فَيَومي بِهِ مُرٌّ وَلَيلي مُوَصَّبُ
وَما بالُ قَلبي لا يَزولُ عَنِ الصِبى
وَقَد زَعَموا أَنَّ القُلوبَ تُقَلَّبُ
سَأَرمي بِصَولانَ المَفاوِزَ إِنَّهُ
خَروجٌ مِن أَبوابِ المَفاوِزِ مُنغِبُ
مَعوجٌ إِذا أَمسى طَروبٌ إِذا غَدا
مُجِدّاً كَما غَنّى عَلى الأَيكِ أَخطَبُ
لِعَلَّ اِرتِحالي بِالعَشِيِّ وَبِالضُحى
يُقَرِّبُني وَالنازِحُ الدارِ يَقرُبُ
عَتَبتُ عَلى خِنزيرِ كَلبٍ وَإِنَّني
بِذاكَ عَلى الكَلبِ التَميمِيِّ أَعتَبُ
هُما أَنَّباني أَن نَعِمتُ بِبَدرَةٍ
وَما مِنهُما إِلّا لَئيمٌ مُؤَنَّبُ
إِذا شَبِعا اِحتالا عَلى صاحِبَيهِما
كَما اِحتالَ بِرذَونُ الأَميرُ المُرَطَّبُ
يَهُرّانِ آباءً لِئاماً وَفيهِما
حُقوقٌ لِزُوّارِ النَدى وَتَحَلُّبُ
وَطالِبِ عُرفٍ يَستَعينُ عَلَيهِما
فَقُلتُ لَهُ أَخطَأتَ ما كُنتَ تَطلُبُ
عَلى الكَلبِ أَهوالٌ إِذا ما رَأَيتَهُ
وَخِنزيرُ كَلبٍ بِالمَخازي مُدَرَّبُ
تَعَرَّ فَلا تَخلِطهُما بِمَوَدَّةٍ
وَلا قُرَباً ما في السَماواتِ أَقرَبُ
إِذا لَم تَرَ الذُهلِيَّ أَنوَكَ فَاِلتَمِس
لَهُ نَسَباً غَيرَ الَّذي يَتَنَسَّبُ
وَأَمّا بَنو قَيسٍ فَإِنَّ نَبيذَهُم
كَثيرٌ وَأَمّا خَيرُهُم فَمُغَيَّبُ
وَفي جَحدَرٍ لُؤمٌ وَفي آلِ مَسمَعٍ
صَلاحٌ وَلَكِن دِرهَمُ القَومِ كَوكَبُ
وَسَيِّدُ تَيمِ اللاتِ عِندَ غَدائِهِ
هِزَبرٌ وَأَمّا في اللِقاءِ فَثَعلَبُ
وَقَد كانَ في شَيبانَ عِزٌّ فَحَلَّقَت
بِهِ في قَديمِ الدَهرِ عَنقاءُ مُغرِبُ
وَحَيّا لُجَيمٍ قَسوَرانِ تُنُزِّعَت
شَباتُهُما لَم يَبقَ نابٌ وَمِخلَبُ
وَأَنذَلُ مَن يَمشي ضُبَيعَةُ إِنَّهُم
زَعانِفُ لَم يَخطُب إِلَيهِم مُحَجَّبُ
وَيَشكُرُ خِصيانٌ عَلَيهِم غَضارَةٌ
وَهَل يُدرِكُ المَجدَ الخَصِيُّ المُجَبَّبُ
وأَبلَجَ مِسهاءٍ كَأَنَّ لِسانَهُ
إِذا راحَ ذو النونَينِ بَل هُوَ أَقرَبُ
يُجَلّي العَمى عَنّا بِفَصلٍ إِذا قَضى
ضَريبَتَهُ صافي الحَديدَةِ مِقضَبُ
إِذا شِئتَ نادى في الأَنامِ بِصَوتِهِ
لِأَرفَعِ ما أَدّى عَريبٌ وَمُعرِبُ
لَقَد سادَ أَشرافَ العِراقِ اِبنُ حاتِمٍ
كَما سادَ أَهلَ المَشرِقَينِ المُهَلَّبُ
لَهُ فَضَلاتٌ مِن قَبيصَةَ في النَدى
وَأَكرومَةٌ مِن حاتِمٍ لا تَعَطَّبُ
وَمِن إِرثِ سَرّاقٍ عَلَيهِ مَهابَةٌ
تَظَلُّ قُلوبُ القَومِ مِنها تَوَجَّبُ
وَيَغدو بِأَخلاقِ المُهَلَّبِ مولَعاً
كَما شَمَّرَت عَن ساقِها الحَربُ تَطرَبُ
وَيَعطِفُ كِندِيٌّ عَلَيهِ وَظالِمٌ
مَآثِرَ أَيّامٍ تَطيبُ وَتَرحُبُ
وَتَعرِفُ مِنهُ مِن شَمائِلِ ظالِمٍ
مَناقِبَ مِفضالٍ تَعودُ وَتَشعَبُ
وَكَم مِن أَبٍ غَمرٍ لِرَوحِ بنِ حاتِمٍ
يُزَيِّنُ آباءً وَزَيَّنَهُ أَبُ
إِذا ذُكِروا في مَأقِطٍ أَطرَقَ العِدى
وَرَنَّحَ فَحلُ القَريَتَينِ المُقَبقِبُ
هُمُ ذَبَّبوا عَن عَظمِ دينِ مُحَمَّدٍ
بِأَسيافِهِم إِذ لَيسَ فينا مُذَبِّبُ
حَدا بِأَبي أُمِّ الرَيالِ فَأَجفَلَت
نَعامَتُهُ عَن عارِضٍ يَتَلَهَّبُ
وَلاحَت وَماءُ الأَزرَقَينِ عَشِيَّةً
أَناقيعُ تَعفوها نُسورٌ وَأَذأُبُ
صَفَت لي يَدُ الفَيّاضِ رَوحِ بن حاتِمٍ
فَتَلكَ يَدٌ كَالماءِ تَصفو وَتَعذُبُ
وَما وَلَدوا إِلّا أَغَرَّ مُتَوَّجاً
لَهُ راحَةٌ تُبكي وَأُخرى تَحَلَّبُ
وَأَيّامُ أَبطالٍ عَلَيها بَسالَةٌ
وَجودٌ كَما جادَ الفُراتِيُّ أَغلَبُ
مُلوكٌ إِذا هابَ العَطاءَ مَعاشِرٌ
وَضَربَ الطُلى سَنّوهُما وَتَعَجَّبوا
سَيُخبِرُ عَن رَوحٍ ثَنائي وَفِعلُهُ
وَما مِنهُما إِلّا رِضىً لا يُكَذِّبُ
تَعَصَّبَ رَوحٌ وَالمَكارِمُ تابِعاً
لِأَشياخِهِ وَالسابِقُ المُتَعَصِّبُ
لَهُ حُكمُ لُقمانٍ وَجَزمُ مُوَفَّقٍ
وَلِلمَوتِ مِنهُ مَخرَجٌ حينَ يَغضَبُ
مِنَ الوارِدينَ الرَوعَ كُلَّ عَشِيَّةٍ
إِذا هِيَ قامَت حاسِراً لا تَنَقَّبُ
وَأَصيَدَ نَرجوهُ لِكُلِّ مُلِمَّةٍ
عَلَينا وَيَرجوهُ الهُمامُ المُحَجَّبُ
مِنَ الغُرِّ مِنعامٌ كَأَنَّ جَبينَهُ
هِلالٌ بَدا في ظُلمَةٍ مُتَنَصِّبُ
يُطَيِّبُ ذَفراءَ الدُروعَ بِجِلدِهِ
وَيُثنى بِمِسكٍ كَأسُهُ حينَ يَشرَبُ
طَلوبٌ وَمَطلوبٌ إِلَيهِ إِذا غَدا
وَخَيرُ خَليلَيكَ الطَلوبُ المُطَلَّبُ
وَما زالَ في آلِ المُهَلَّبِ قائِلٌ
وَخَيلٌ تُسَرّى لِلطِعانِ وَتجلَبُ
وَلَمّا رَأى الحُسّادُ رَوحَ بنَ حاتِمٍ
أَميراً عَلَيهِ بَيتُ مُلكٍ مُطَنَّبُ
أَصاخوا كَأَنَّ الطَيرَ فَوقَ رُؤُسِهِم
يَشيمونَ مَوتاً فَوقَهُم يَتَقَلَّبُ
فَدامَ لَهُم غَمٌّ بِرَوحِ بنِ حاتِمٍ
وَدامَ لِرَوحٍ مُلكُهُ المُتَرَقَّبُ
شرح ومعاني كلمات قصيدة أصفراء ما في العيش بعدك مرغب
قصيدة أصفراء ما في العيش بعدك مرغب لـ بشار بن برد وعدد أبياتها ثلاثة و ستون.
عن بشار بن برد
هـ / 713 - 783 م العُقيلي، أبو معاذ. أشعر المولدين على الإطلاق. أصله من طخارستان غربي نهر جيحون ونسبته إلى امرأة عقيلية قيل أنها أعتقته من الرق. كان ضريراً. نشأ في البصرة وقدم بغداد، وأدرك الدولتين الأموية والعباسية، وشعره كثير متفرق من الطبقة الأولى، جمع بعضه في ديوان. اتهم بالزندقة فمات ضرباً بالسياط، ودفن بالبصرة[١]
تعريف بشار بن برد في ويكيبيديا
بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ)، أبو معاذ، شاعر مطبوع إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الافتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا. قال أئمة الأدب: «إنه لم يكن في زمن بشار بالبصرة غزل ولا مغنية ولا نائحة إلا يروي من شعر بشار فيما هو بصدده.» وقال الجاحظ: «وليس في الأرض مولد قروي يعد شعره في المحدث إلا وبشار أشعر منه.» اتهم في آخر حياته بالزندقة. فضرب بالسياط حتى مات.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ بشار بن برد - ويكيبيديا