أفيقي فردي بسمة وسلاما
أبيات قصيدة أفيقي فردي بسمة وسلاما لـ أبي الفضل الوليد
أفيقي فردّي بسمةً وسلاما
نسيمُ الحمى في الوردِ شقَّ كماما
ألا طالما بكّرتِ للشّغلِ والتُّقى
صلاةٌ وتدبيرٌ كذلكَ داما
أطلِّي فما أحبَبتِهِ لكِ باسمٌ
ولم يدرِ أن جاءَ النهارُ خِتاما
خفيفٌ وتغريدٌ وشمسٌ وخضرةٌ
وزهرٌ وأفنانٌ تشوقُ رهاما
لقد كنتِ تهوينَ الربيعَ أنيسةً
فلا كانَ فصلٌ إذ رَحَلتِ أقاما
أبعد اشتياقِ النورِ والعطرِ والصَّبا
تحلّينَ رَمساً ضاقَ عنكِ وضاما
فوا ضيقَ صَدري حين بدّلت فيه من
نسيمٍ ونورٍ حبسةً وظلاما
عزيزٌ علينا أن تموتي وفَصلُنا
ربيعٌ يُميطُ العيدُ فيه لِثاما
يزادُ معَ العمرِ الحبيبِ محبَّةً
وما عرفَ الحبُّ الشريفُ سآما
نقهتِ فأمّلنا شفاءً وصحةً
فأعقَبنا ذاكَ الأمانُ حِماما
فما أنتِ للإيناسِ والعطفِ بيننا
ولا نحنُ نرجو مُلتقى ولزاما
هنيئاً لأبناءٍ لهم أُمهاتُهم
وفي ذمةِ الرحمنِ دمعُ يَتامى
حكَيتُ يتيماً في الكهولةِ ما له
قوىً بل رضيعاً لا يُطيقُ فطاما
فلم ينقطع دَمعي وذكركِ ساعةً
بدارٍ تَغشَّت ظلمةً وجهاما
وكم لاحَ فيها وَجهكِ الحلُو كوكباً
وفاضَ الحديثُ العذبُ منك جماما
فأصغي وأرنو حيثُ كنتِ فلا أرى
وأسمعُ ما قلبي استَحبَّ وراما
فيا حبّذا صوتٌ رخيمٌ وطلعةٌ
وقورٌ وما للبيتِ كانَ دعاما
حياتُك كانت لي نعيماً وغبطةً
وموتُك عادَ الصدرُ منهُ حطاما
فما كان أغناني عن الحبّ والأسى
هما عذَّباني منذ كنتُ غُلاما
رفيقينِ كانا فالجوَى يصحبُ الهوى
وقد حملا سمّاً لنا ومداما
فلا صبر لي يا أُمّ عنكِ فإن يَكُن
لكِ الصّبرُ عنّي قد رضيتُ تماما
كفاكِ الذي عانيتِ ستينَ حجَّةَ
فلا داءَ بعدَ اليومِ حلَّ عقاما
سهدتِ طويلاً ثم نمتِ وهكذا
شكَوتِ سهاداً فاشتكيتُ مناما
إذن فاستريحي في ضريحٍ مقدَّسٍ
تباركَ لما ضمَّ منكِ عظاما
ليهنئكِ يا أمّاه نومُكِ في الضُّحى
ترينَ حقولاً أنضرت وأكاما
فميتَتُكِ الحُسنى على النورِ نعمةٌ
وحولكِ قد جلَّى الصباحُ قتاما
إلى مَطلعِ الأنوار طِيري خفيفةً
فلا أُفقَ في تلك المنازلِ غاما
ولا جسمَ منهوكٌ ولا صدرَ ضيِّقٌ
ولا قلبَ مصدوعٌ يعلُّ سماما
لَنحنُ بنو البؤسى على الفقرِ والغِنى
وُلِدنا لكي نَلقى الخطوب جساما
همومٌ وأمراضٌ وموتٌ وحسرةٌ
فنفرحُ يوماً ثم نحزنُ عاما
تعاودُ تذكاراتُكِ النفسَ كلما
نظرتُ إِلى اللآثارِ منك ركاما
أحبُّ الذي أحببتهِ باكياً له
وروحُك في رُوحي تُثِيرُ ضِراما
وأُعرِضُ عما فيهِ لهوٌ ولذةٌ
ويخشى ضَميري في السلوّ ملاما
بكيتِ لأجلي في الحياةِ وإنَّني
أَفيكِ من الدّمع الصفيّ سجاما
وما كنتُ في دَمعي وشعري مكافئاً
فأطوادُنا تحني لفَضلِكِ هاما
أنا الولدُ البرُّ الذي قد عَرفتِه
يُجِلُّ كريماتٍ وَلدنَ كراما
ألم تَعهديني كلَّ صبحٍ وليلةٍ
لديكِ قعوداً أشتهي وقياما
نثرتُ عليكِ الزهرَ والدمعَ والحَشى
وأوشكتُ أن أقضي شجىً وهياما
وإني لراضٍ منكِ بالطيفِ والشّذا
فلا تحرميني نفحةً ولماما
يرى البعضُ من أهلِ المقابرِ وحشةً
ومنكِ أرى لي بهجةً وسلاما
سأحيا بذكراكِ التي هي كلُّها
فضائلُ تبقى إن غدوتِ رماما
لئن كان للأرواحِ نجوى صبابةٍ
فأشباحُنا لا تستطيعُ كلاما
وفي الصّمتِ ما فيه من الشَّوقِ والجوى
حللت نجوماً أو حللتِ رجاما
إذا زرتِني بالرّوحِ يا أُمِّ نبِّهي
بهينَمةٍ منّي تهزُّ قواما
كما رقتِ الورقاءُ أو هفَّتِ الصَّبا
فأعلمُ أني قد بَلغتُ مراما
وإن لم يكن بعد المماتِ تعاطفٌ
رحمتُ هجوداً يَعشقونَ نياما
رأى الناسُ منكِ الخيرَ والحزَم والنُّهى
وما وَجَدُوا بينَ المحامدِ ذاما
هي المرأةُ الفُضلى يَقولونَ كلما
ذُكِرتِ وقد أعلى الصلاحُ مقاما
وفي ذاكَ فخرٌ لا عزاءٌ فإنّهُ
لحمدٌ يمرُّ الذكرُ فيهِ حُساما
سَلَكتِ سبيلَ الصالحاتِ وكنتِ لي
معلمةً تَبغي هُدى ونِظاما
فلي خيرُ إرثِ من فضائلَ جمَّةٍ
ومن موهباتٍ كنَّ فيكِ عِظاما
لكِ اللهُ يا أُمّاهُ أنتِ شهيدةٌ
تهالكُها كانت تراهُ ذماما
فأدمعَ عَينَيها وأدمى فؤادَها
شعورٌ كما ترمي القسيُّ سِهاما
أطيّبَةَ الآباءِ والأمَّهاتِ هَل
من الطّيبِ إِلا الطّيبُ طبتِ مقاما
ستلقينَ خالاتي الحسانَ فسلّمي
على أخواتٍ يَستَطِرنَ حَماما
ذوَيتُنَّ في ظلّ الخدورِ كما ذوَت
زنابقُ في ظلِّ الغياضِ أواما
كذا ذبلت قبلَ الأوان ولم يكن
لغيرِ نعيمٍ مَيلُها ونعامى
فنعمَ المحباتُ اللواتي إِلى الرَّدى
تَوالينَ يحسبنَ الحياةَ حراما
سلامٌ على جسمٍ طَهورٍ منزَّهٍ
تهدَّمَ همّاً ثمّ ذابَ سقاما
به حفَّتِ الأملاكُ حياً وميِّتاً
على طول ما صلّى وعفَّ وصاما
سلامٌ على قبرٍ غدا طيّبَ الثَّرى
سأبكي وأستبكي عليهِ غماما
وأنشقُ منهُ نفحةً ملكيَّةً
وألثمُ لحداً فوقَه ورغاما
شرح ومعاني كلمات قصيدة أفيقي فردي بسمة وسلاما
قصيدة أفيقي فردي بسمة وسلاما لـ أبي الفضل الوليد وعدد أبياتها اثنان و ستون.