أقبل الليل واتخذت طريقي
أبيات قصيدة أقبل الليل واتخذت طريقي لـ علي محمود طه

أقبلَ الليلُ واتخذتُ طريقي
لكَ والنجمُ مؤنِسي ورفيقي
وتوارى النهارُ خلف ستارٍ
شفقيٍّ من الغمام رقيقِ
مدّ طيرُ المساء فيه جناحاً
كشراعٍ في لُجةٍ من عقيقِ
هو مثلي حيرانُ يضربُ في ال
ليل ويجتاز كل واد سحيقِ
عادَ من رحلةِ الحياة كما عد
تُ وكلّ لِوكره في طريقِ
أيهذا التمثالُ هأنذا جئتُ
لألقاكَ في السكونِ العميقِ
حاملاً من غرائب البرِّ وال
بَحرِ ومن كل محدَثٍ وعريقِ
ذاك صيدي الذي أعودُ به لَي
لاً وأمضي إليه عند الشروقِ
جئت ألقي به على قدميكَ الآ
نَ في لهفةِ الغريب المشُوقِ
عاقداً منهُ حول رأسِكَ تاجاً
ووشاحاً لقدِّكَ الممشوقِ
صورةٌ أنتَ من بدائعَ شتّى
ومثالٌ من كلِّ فنٍّ رشيقِ
بيدي هذه جبَلتُكَ من قلبي
ومن رونقِ الشبابِ الأنيقِ
كلما شمتُ بارقاً من جمالٍ
طِرتُ في أثرهِ أشقُّ طريقي
شهِدَ النجمُ كم أخذتُ من الر
رَوعةِ عنهُ ومن صفاءِ البريقِ
شهِدَ الطير كم سكبتُ أغاني
هِ على مسمعيكَ سكبَ الرحيقِ
شهِدَ الكرمُ كم عصرتُ جَناهُ
وملأتُ الكؤوسَ من إبريقي
شهِدَ البرُّ ما تركتُ من الغا
رِ على معطفِ الربيعِ الوريقِ
شهد البحرُ لم أدَعْ فيه من دُر
رٍ جديرٍ بمفرقيكَ خليقِ
ولقد حيَّرَ الطبيعةَ إسرا
ئي لها كلَّ ليلةٍ وطروقي
واقتحامي الضُّحى عليها كراعٍ
أسيويٍّ أو صائدٍ إفريقي
أو إلهٍ مُجنَّحٍ يتراءى
في أساطيرِ شاعرٍ إغريقي
قلتُ لا تعجبي فما أنا إلَّا
شبَحٌ لجَّ في الخفاءِ الوثيقِ
أنا يا أمُّ صانعُ الأملِ الضا
حِكِ في صورة الغد المرموقِ
صُغْتُهُ صوغَ خالقٍ يعشق الْ
فَنَّ ويسمو لكل معنى دقيقِ
وتنظّرتُه حياةً فأعياني
دبيبُ الحياة في مخلوقي
كلَّ يوم أقولُ في الغدِ لكنْ
لستُ ألقاهُ في غدٍ بالمفيقِ
ضاع عمري وما بلغتُ طريقي
وشكا القلبُ من عذابٍ وضيقِ
معبدي معبدي دجا الليلُ إلا
رعشة الضوءِ في السراج الخفوقِ
زأرتْ حولك العواصفُ لما
قهقه الرعدُ لالتماعِ البروقِ
لطمتْ في الدُّجى نوافذَكَ الصّم
ودقَّتْ بكل سيلٍ دفوقِ
يا لتمثاليَ الجميلِ احتواهُ
ساربُ الماء كالشهيد الغريقِ
لم أعُدْ ذلك القويَّ فأحمي
هِ من الويلِ والبلاءِ المحيقِ
ليلتي ليلتي جنيت من الآ
ثامِ حتى حملتِ ما لم تطيقي
فاطربي واشربي صُبابةَ كاسٍ
خمرها سالَ من صميمِ عروقي
مرّ نورُ الضحى على آدميٍّ
مُطرقٍ في اختلاجةِ المصعوقِ
في يديه حُطامةُ الأمل الذا
هبِ في ميعة الصبا الموموقِ
واجماً أطبقَ الأسى شفتيهِ
غيرَ صوتٍ عبرَ الحياة طليقِ
صاح بالشمس لا يُرعْكِ عذابي
فاسكبي النارَ في دمي وأريقي
نارك المشتهاةُ أندى على ال
قلب وأحنى من الفؤاد الشفيقِ
فخذي الجسمَ حفنة من رمادٍ
وخذي الروحَ شعلةً من حريقِ
جُنَّ قلبي فما يرى دَمَهُ القا
ني على خَنجرِ القضاء الرقيقِ
شرح ومعاني كلمات قصيدة أقبل الليل واتخذت طريقي
قصيدة أقبل الليل واتخذت طريقي لـ علي محمود طه وعدد أبياتها واحد و أربعون.
عن علي محمود طه
علي محمود طه المهندس. شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة. له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه) ، (وليالي الملاح التائه) و (أرواح شاردة) و (أرواح وأشباه) و (زهر وخمر) و (شرق وغرب) و (الشوق المائد) و (أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.[١]
تعريف علي محمود طه في ويكيبيديا
علي محمود طه المهندس (1901-1949) شاعر مصري من وضح الرومانسية العربية لشعره بجانب جبران خليل جبران، البياتي، السياب وأمل دنقل وأحمد زكي أبو شادي.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ علي محمود طه - ويكيبيديا