أقسمت لا يعص جبار هواها

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أقسمت لا يعص جبار هواها لـ علي محمود طه

اقتباس من قصيدة أقسمت لا يعص جبار هواها لـ علي محمود طه

أقسمَتْ لا يَعْصِ جبَّارٌ هواها

أبَدَ الدهرِ وإنْ كان إلها

لا ولا أفلَتَ منها فاتنٌ

قرَّبَتْهُ واحتوتهُ قبضتاها

قِيلَ عنها إنّها ساحرةٌ

تتحدَّى سطوةَ الجنِّ سُطاها

وعجوزٌ بالصِّبا موعودةٌ

وبعمرِ الدهر موعودٌ صباها

حَذِقَتْ عِلمَ الأوالي ووعتْ

قصصَ الحبِّ ومأثورَ لغاها

قِيلَ لا يُذهِبُ عنها كيدَها

غيرُ شيطانٍ ولا يمحو رُقاها

ورووا عنها أحاديثَ هوىً

آثمٍ يُغرِبُ فيها من رواها

وأساطيرَ ليالٍ صُبِغَتْ

بدماءٍ سفكتهنَّ يداها

يذكرُ الركبانُ عنها أنّها

سرقتْ من كل حسناءَ فتاها

وقتيلٌ بين عينيْ زوجه

كلُّ معشوقٍ دَعتهُ فعصاها

كلما التذّتْ وصالاً من فتىً

سحرَتهُ وهو في حِضنِ هواها

واحتوتهُ في أصيصٍ زهرةً

يسرِقُ الأنفاسَ من طيب شذاها

زهراتٌ مثَّلتْ عشّاقها

بعيونٍ غرِقاتٍ في كراها

فإذا ما الليلُ أرخى سِتره

أطلقَتْ أشباحَهم في منتداها

مُهَجا خفّاقة ملتاعةً

وعيوناً ظامئاتٍ وشفاها

تستعيد الأمسَ في لذاتها

ولياليها وأشواقِ رُؤاها

تتلوّى بينهم مشبوبةً

شهوةً يلتهمُ الليلَ لظاها

عبرَ الشيطانُ يوماً أُفقَها

فرأى ثمَّ فنوناً ما رآها

أيُّ وادٍ رائعٍ أحجارُهُ

تحذر الرّيحُ عليهنّ سُراها

أيُّ قصرٍ باذخٍ في قمّةٍ

تحسَبُ الأنجمَ من بعض ذُراها

ودروبٍ حولها ملتفّةٍ

كأفاعٍ سُمِّرتْ في منحناها

وبروجٍ لحمامٍ زاجلٍ

هو بالأقدارِ يهفو من كُواها

ظنَّها من عبقرٍ ناحيةً

أخطأتْ عيناهُ بالأمس صُواها

فهوى من حالقٍ يرتادُها

طُرقاتٍ زخرفَ الفنُّ حصاها

ورنا حيث رنا فاهتاجه

منظرُ الزَّهر الذي زان رباها

أُصص من ذَهَبٍ تحسبُها

بعثرتْ فيها الدراريُّ سناها

كلما مَسُّتْ يداه زهرةً

عطفَتهُ لقطافٍ شفتاها

فجنَى ما شاءَ حتى لم يَدَعْ

في أصيصٍ زهرةً إلَّا جناها

وانتشى من عطرها فانتثرتْ

مثل حبَّاتٍ من الماس يراها

عجباً ما لمستْ غيرَ الثرى

أيُّ نورٍ شاعَ فيها فزهاها

نظرةٌ أو خطرةٌ واختلجتْ

فعرتهُ هِزّةٌ مما عراها

واستحالت بين عينيه دُمىً

حيَّةً تستبقُ البابَ خطاها

فُكَّ عنها السحرُ فارتدتْ إلى

عالم الحسِّ وخفّتْ قدماها

ورنا الشيطانُ في آثارها

سابحاً في دهشةٍ طال مداها

يا لها كيف استقرت ثم فرّت

لحظة مرت ولكن ما وعاها

ودنا الليلُ ورنّتْ صدحةٌ

نبّهته حين لا يبغي انتباها

فإذا مائدةٌ حافلةٌ

بالأباريقِ ترامى طرفاها

ملؤها الخمرةُ نوراً وشذاً

نَسَمَتْ وائتلقتْ فخَّارتاها

وصحافٍ كتهاويلِ الرؤى

تجد الأنفسُ فيها مُشتهاها

وإذا مقصورةٌ من حوله

خالها تَنبضُ بالرُّوح دُماها

وقفت غانيةٌ في بابها

قد تعرَّت غيرَ فضلٍ من حُلاها

يا لها من فتنةٍ قد صُوّرَتْ

في قوام امرأةٍ راع صباها

طلعتْ في هالةٍ من خُضرةٍ

وعيونٍ يترقرقن مياها

ثم نادتْ يا أحبَّايَ انهضوا

واغنموا الليلةَ حتى منتهاها

وتلاشى الصوتُ لا رجعَ صدىً

لا ولا ثمَّ مُجيبٌ لنداها

فعرتها رِعدةٌ فالتفتتْ

فرأتْهُ فتلقّاها وِجاها

أبصرتْ وجهاً كوجه المسْخِ لم

يَتَقنَّعْ شاهَ هذا الوجهُ شاها

ورأت كفَّيهِ يَندى منهما

أرَجُ الزَّهر فأجَّتْ نظرتاها

عرفتْ ما اجترحتهُ يدُهُ

أو لا يعرفُ من داسَ حماها

يا لهذا المسخ دَوّتْ ومَشَتْ

صيحةٌ ينذر بالويل صداها

فانثنى الشيطانُ عنها صارخاً

أتراها تتحدَّى من تُراها

فبَدتْ في شفتيها آيةٌ

من مُبين السِّحر أو ما فمحاها

فَدَنَتْ ترمقهُ فاختلجتْ

عينهُ حين أشارتْ بعصاها

بُدِّلتْ تلك العصا جمجمةً

رِيعَ لمّا شرَعتها فاتقاها

هيَ من مَلْكةِ جِنٍّ من تُصِبْ

يخترمهُ بالمنايا محجراها

فتنحّى غاضباً مبتئساً

وتنحَّتْ والأسى يُلجِمُ فاها

وسجى بينهما الصمتُ الذي

يتغَشّى الأرضَ إن حان رداها

والتقتْ عيناهما فاستروحا

راحةً من قبلها ما عرفاها

عرفتْ من هو فاستخذتْ له

ورأى من هي فاستحيا قُواها

قال أختاهُ اغفري لي نظرةً

إشتهتْ كلَّ جمالٍ واشتهاها

واغفري لي شِرَّةً عارمةً

في دمي لو أتأبَّى ما أباها

يا لهذا الدم ما عنصرُهُ

كلُّ ما في النار من وَقْدِ لظاها

فأجابتْ زهراتي رُدَّها

إنْ تَقُلْ حقاً ولا تبغ أذاها

قال لا أذكر إلا حُلُماً

لحظةً ضلَّ بها عقلي وتاها

أهيَ جِسمٌ أهي روحٌ إن تكنْ

لا يَردُّ الروحَ إلا من براها

فأحسَّتْ هول ما يجهلهُ

فاستحت منه وأغضَى ناظراها

صاحَ غفرانُكِ لا تبتئسي

أطلبي ما شئتِ منِّي ما خلاها

أأنا من تتخَطّى قدَمي

مَسبحَ الشمس فيربدُّ ضحاها

أأنا من يطفئُ النجمَ فمي

وأردُّ الأرضَ غرقى في دُجاها

وتمسُّ القممَ الشمَّ يدي

فيُرى منحدِراً لي مُرتقاها

وأجيءُ الأرضَ من محورها

فإذا بي يتدانى قطباها

وأصدُّ الريحَ عن وجهتها

فتجوبُ الكونَ لا تدري اتّجاها

أأراني عاجزاً عن دركِ ما

تتمنَّى امرأةٌ عزّت مناها

آهِ ما أضعفَ سلطاني وما

كنتُ إلَّا بغروري أتباهى

قالت الآن سلاماً زائري

ورِضى نفسي إن رُمْتَ رضاها

أيها الشيطانُ ما أعظم ما

قُلْتَهُ ما قُلتَ لغواً أو سفاها

زهراتي تلك ما كانت سوى

شهواتٍ جسميَ الطاغي نماها

قهرتني واستذلّتني بها

غيرَةٌ ينهشُ قلبي عقرباها

وأنانيةُ أنثى لم تُطِقْ

فاتناً تملكهُ أنثى سواها

قد صَنَعْت الحقَّ قد عاقبتني

فارحمِ المرأةَ في ذُلِّ هواها

فدنا منها فألفتْ وجههُ

غير ما كانَ لقد ألفَتْ أخاها

قرّبتْ بينهما روحُ الأسى

فاجتبتهُ بعدَ حِقد واجتباها

واستهلّت دمعةٌ منْ عينها

دمعةٌ رفّتْ وشفّتْ قطرتاها

ضُمِّنتْ كلّ عذاب وضنىً

كلَّ ما في النفس من بثِّ أساها

ورآها فتندّتْ عينهُ

رحمةً فاحتال يُخفي من بُكاها

وبكى الشيطانُ يا لامرأةٍ

أبكتِ الشيطانَ لمَّا أنْ رآها

شرح ومعاني كلمات قصيدة أقسمت لا يعص جبار هواها

قصيدة أقسمت لا يعص جبار هواها لـ علي محمود طه وعدد أبياتها ستة و ثمانون.

عن علي محمود طه

علي محمود طه المهندس. شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة. له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه) ، (وليالي الملاح التائه) و (أرواح شاردة) و (أرواح وأشباه) و (زهر وخمر) و (شرق وغرب) و (الشوق المائد) و (أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.[١]

تعريف علي محمود طه في ويكيبيديا

علي محمود طه المهندس (1901-1949) شاعر مصري من وضح الرومانسية العربية لشعره بجانب جبران خليل جبران، البياتي، السياب وأمل دنقل وأحمد زكي أبو شادي.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. علي محمود طه - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي