أقم في القول من نفسي دليلا
أبيات قصيدة أقم في القول من نفسي دليلا لـ ابن نباتة السعدي
أقِمْ في القولِ من نفسي دَليلا
فإن الصدقَ ما زرعَ القَبولا
وأكدارُ المشاربِ ليسَ تَشْفي
غليلَ فتىً يَعافُ السّلسَبيلا
إذا استخبرتَ أوْ خيرتَ فاقصدْ
حُزونَ الصّدقِ واجْتنبِ السُهولا
وخبِّرْ حيَّنا سعداً بأنّا
تركنا العذلَ يَزْدَرِدُ العَذولا
وخوَّفَنا السَماوةَ هادِياها
فَصيّرنا الهميمَ بها كَفيلا
وجارَيْنا النّوى حتى تَرَكنا
مُكِلاً من قوائِهما كَليلا
فهلْ أبقتْ لهم جَفْناً مريضاً
وهل تركت لهم خداً أسِيلا
ومَنْ هامَ الغَرامُ بهِ فإنّا
بحيث نُعَلِّمُ الصبَّ الذهولا
بأرضِ الرومِ نَعتَنِقُ المَواضي
ونَمْتَهِدُ المُسوّمَةَ الفُحولا
ونُنشئُ من دمائِهم سَحاباً
تُكشِّفُ من قَساطِلها نُحولا
نطيعُ اللهَ في خوضِ المَنايا
وسيفَ الدولةِ الملكَ الجَليلا
إذا طلبتْ ملوكُهُم لدينا
ذُحولَ الحَربِ زدْناهُم ذُحولا
إذا ما أرسَلوا جيْشاً إليْنا
رَدَدْنا من دمائِهم رَسولا
يسيلُ إليهم فإذا أتاهُم
رأوا فيه الجَماجمَ والخَصيلا
وقال لنا الزمانُ ظَلمتُموهُمْ
فقلنا للزّمانِ دع الفُضولا
سَرى بالخيلِ يَمنعها المَخالي
وتمنعُهُ التمهلَ والنُزُولا
نَسينا النُطقَ هيبةَ شَفرتيهِ
كما نسِيَتْ من الدّأبِ الصّهيلا
وطوفَ في بلادِ الرومِ حتى
توهّمناهُ قد ضَلّ السَبيلا
وكيف يضِلُّ في سبلِ المَعالي
فتىً جعلَ الحُسامَ له دَليلا
كأنّ حصونَهم نادتْ نِداه
أو اختارتْ لساكنِها بَديلا
فأعطَتهُ الذي تَحوي عَطاءً
جَزيلاً مثلَ ما يُعطى جَزيلا
كأنّ بلادَهمْ ضَمّتْ عليهِ
جوانِحَها مخافةَ أنْ يَزولا
تُطيَّبُ من روائِحِه المَغاني
وتَروى من سحائبِه الطُلولا
كأنّ الخيلَ من مرحٍ ولهوٍ
تُنزعهُ إذا تركَ الرّحيلا
دِقاقاً كالأهلّةِ في الأعادي
تُعلِّمُ من ذوابِلهِ النّحُولا
بدربِ القُلّتينِ رَنونَ حُوراً
وأرسَلها على هِنْزِيْطَ حُولا
يُخوضها الفُراتَ فتىً يُلاقي
بوجهِ الموتِ في الغمراتِ سُولا
ولو أنّ الفراتَ عَصى عليهِ
لردّ السّيلَ عنه أنْ يَسيلا
فما ضحِكَتْ بحِصنِ الرّانِ حتى
بكتْ حلبٌ ورجعتِ العَويلا
فكرّتْ نحوَ عولتها رُجوعاً
كتكرارِ الليوثِ حمَتْ شُبولا
إلى بَحرٍ بمَرْعَشَ من حَديدٍ
فأوردَها شرائعَهُ سُيولا
فقالوا هاكَ قُسطِنْطِينَ خُذهُ
ونَهنه من أعنّتِها قَليلا
فرفّعَ من جُسومِهم عَجاجاً
وجشّمَها إلى الفلكِ القَفولا
وفي ظهرِ الأُحَيْدِبِ حمّلَتْهُمْ
خِفاف سيوفِه عبئاً ثَقيلا
تألفتِ الجَماجمُ والهوادي
كما تتألفُ الغُررُ الحُجولا
تركتَ الثائرَ العجلانَ منهم
وقد نصّلَ الطليعةَ والرّعيلا
يُلاقي الرمحَ بينَ حَشاهُ سيفاً
تحدّرَ من مفارقهِ عَجولا
وقد جعلوا بَراكاءَ المَنايا
لأسؤقِهم وأرجلهم كُبولا
تَخالُهم وقد نزلوا قُعودا
وتحسِبهم وقد ركبوا نُزولا
فمضروبٌ يردُّ السيفَ صَلتاً
على يافوخِ ضاربهِ جَهولا
ومَطعونٍ مشى في الرُمْحِ يَسْعى
لطاعنهِ فجدّلَهُ قَتيلا
يدُقُّ الصّدرَ مُعتنقاً فيرضى
ولا يرضى إذا دقَّ التّليلا
كأنّهُمُ وقد ثَمِلوا ضِراباً
تَساقوا في سُيوفِهم شَمولا
فلمّا لم يدعْ رُمحاً طويلاً
يُقصِّدُهُ ولا سيفاً نَحيلا
ولا طِرفاً يُقَحِّمُهُ مَهولاً
ولا ملِكاً يُغادِرُهُ ذَليلا
وملّ الموتُ أنْفُسَ من يُعادي
فجاءَ إليهِ منها مُستَقيلا
فدَى من كانَ أسلمَهُ سِواهُ
بما كانَ السِّنانُ لهُ مُنيلا
وقالوا عن مَلَطْيَةَ لا مَحيصٌ
يُسَلّمُ من مُحيّاكَ النُصولا
ودونَ مَلَطْيَةَ الشُّم اللواتي
ثَباتُ الطّرفِ يَصحبُها ذَليلا
تكادُ تَميلُ من شَوقٍ إليهِ
فتَمْنَعُها المهابةُ أنْ تَميلا
ولمّا حلّ كَركَرَ مُستَهلاً
يُضيفُ إلى الفراتِ نَداهُ نِيلا
تقولُ إذا رأيتَ السَّفْنَ فيه
أظنُّ الحيَّ قد رفَعَ الحُمولا
حَشاهُ كلُّ مَركوبٍ رَكوبٍ
تذرّعَ هادياً فيه ضَليلا
فسالَمَهُمْ ولم يتركْ فَتاةً
وحارَبَهُمْ ولم يتركْ حَليلا
ومن أوالِهم فكّ الأسارَى
وعن أزواجِهم أعطى البُعولا
يَراهُ كلُّ مأسورٍ فَيدعو
ألا حَسبي به وكفى وكيلا
فِداؤُكَ مَنْ فَديتَ من البَرايا
وإنْ كانوا لأنْ تُفْدى قَليلا
فأنتَ خلقتهم خلقاً جَديداً
وصيّرتَ السّماحَ بِهم كَفِيلا
تَزيدُ بحسنِهِ الدُنيا ضِياءً
وأبصارُ الملوكِ بهِ كُلولا
ولم أرَ مثلَ هذا اليومِ يوماً
يَرُدُّ فوارسَ الأيّامِ مِيلا
تَناساهُ فتشأَى الشمسُ بعداً
وتذكرهُ فتَبتدِرُ الذبولا
إذا ما جئْتَ والأملاكُ جمعاً
غدوتَ نَباهَةً وغَدَوْا خُمولا
أحقّهم ببذلِ المالِ فينا
فتىً يُمسي لمهجتهِ بَذولا
وأولاهم بأنْ يُسمى جَواداً
فتىً يهَبُ الرّغائِبَ والعُقولا
رَعى روضَ الأسِنّةِ مُستميتاً
يظُنُّ حياتَهُ كَلاً وَبيلا
تُريكَ بَنانُهُ في كلِّ يومٍ
طِعاناً مُحْيِياً ونَدى قَتولا
وفضلاً يَستفيدُ الدهرُ منهُ
كريمَ الطّبعِ والخُلق الجَميلا
يرى النّيلَ المُحصّلَ منه وعداً
وتُعجِلُهُ العَطايا أنْ يَقولا
يُصيِّرُ كلَّ مِقدامٍ جَباناً
ويجعلُ كلَّ مِعطاءٍ بَخيلا
سألتُ الدهرَ عما قلتُ فيهِ
فما قالتْ صروفُ الدهرِ لي لا
شرح ومعاني كلمات قصيدة أقم في القول من نفسي دليلا
قصيدة أقم في القول من نفسي دليلا لـ ابن نباتة السعدي وعدد أبياتها سبعون.
عن ابن نباتة السعدي
عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي أبو نصر. من شعراء سيف الدولة بن حمدان طاف البلاد ومدح الملوك واتصل بابن العميد في الري ومدحه. قال أبو حيان: شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس. وقال ابن خلكان: معظم شعره جيد توفي ببغداد. له (ديوان شعر -ط) وأكثره في مختارات البارودي.[١]
تعريف ابن نباتة السعدي في ويكيبيديا
ابن نُباتة السعدي هو الشاعر أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة بن حميد بن نباتة بن الحجاج بن مطر السعدي التميمي، (من بني سعد من قبيلة بني تميم) ولد في بغداد عام 327هـ/941م، وبها نشأ، ودرس اللغة العربية على أيدي علماء بغداد في عصره حتى نبغ، وكان شاعراً محسناً مجيداً بارعاً جمع بين السبك وجودة المعنى، قال عنه أبو حيان: «"شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس"» وقال عنه ابن خلكان : «"معظم شعره جيد توفي ببغداد"». وانتشر شعره وطبع ديوانه، ذكره صاحب تاريخ بغداد، وصاحب وفـيات الأعيان، وصاحب مفتاح السعادة، كما ذكر أشعاره وأخباره التوحيدي والثعالبي فـي مؤلفاتهما. طرق معظم أغراض الشعر وموضوعاته ، وطغى على قصائده المدح ، وأغلب الظن أن أول مدائحه كانت فـي سيف الدولة الحمداني، فقد عدّ من خواص جلسائه وشعرائه.
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ ابن نباتة السعدي - ويكيبيديا