أكتب إليك من ليننغراد .. عاصمة القياصرة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أكتب إليك من ليننغراد .. عاصمة القياصرة لـ نزار قباني

أكتب إليك من ليننغراد .. عاصمة القياصرة .
درجة الحرارة صفر . وأنا ألبسك على جسدي كنزة ً من الحنان ..
وأتدفأ بك كما تتدفأ كنيسة ٌ بشموعها ..
يـُريحني أن ألبسكِ على جسدي ,
فأنتِ حطبي وفحمي في هذه القارة المرتعشة المافاصل .
قضيتُ اليوم كله في متحف الهيرميتاج .
كلّ متاحف العالم تبدو أكواخاً فقيرة من القشّ أمام هذا المتحف الخرافة ,
حتى اللوفر العظيم يغطي وجهه بيديه مختجلاً إذا ذكر اسمُ الهيرميتاج .
ألفا غرفة تضم أروع ما صنعته أصابع البشر ,
جمعها القياصرة قطعة ً قطعة ً من زورايا الأرض .
كلّ مصوري العالم ونحاتيه في غرف الهيرميتاج ويتدثون مع الزوار ..
الهيرميتاج هو فندق كل عباقرة العالم .. فيه ينامون وفيه يرسمون .. وينحتون ...
هنا وطن الفنانين .. فلوحات رينوار , وماتيس , وفان غوخ , وغوبا , والغريكو , وروبنس ,
الموجودة هنا أعظم من آثارهم الموجودة في بلادهم الأصلية .
زرتُ الجناح الخاص بالامبراطورة كاترينا الثانية .
رأيت ملابسها , وجواهرها , وأمشاطها , وخواتمها ,
وأثواب نومها المطرزة بالذهب , ومعطفها المشغولة بالحجارة الثمينة .
في لحظة من لحظات الحلم تصورتك كاترين الثانية ..
وأردتُ أن أخرج جميع ما في الخزائن اليللورية من عقود وأساور واطرحها على قدميك ..
يا قيصرة القياصرة ..
في لحظة من لحظات الشرود ,
تصورت أن المتحف متحفك ,
والتيجان تيجانك , والوصيفان وصيفاتك ..
وأنكِ تركبين العربة الملكية الموشاة بالذهب وأحجار الياقوت والزمرد ..
وتنزلقين على ثلوج ليننغراد .
هل تسمعين صوتي ,
وأنا أهتف مع الرعايا المتناثرين على أرصفة ليننغراد ( حفظ الله الملكة ) .
أنا واحد ٌ من رعاياكِ يا قيصرة القياصرة ..
أنا مواطن ٌ يحبكِ ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي