ألا إنما هذا الذي لك أنقل

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة ألا إنما هذا الذي لك أنقل لـ جميل صدقي الزهاوي

اقتباس من قصيدة ألا إنما هذا الذي لك أنقل لـ جميل صدقي الزهاوي

ألا إنما هذا الذي لك أنقل

له مثلما أرويه أصل مؤصَّلُ

قضى أحد الضباط في الحرب نحبه

وكانإذا دارت رحى الحرب يبسُل

وخلَّف زوجاً قلبها رهن حبه

وكان له قلب بها متشغِّل

من اللاء لم يأتين فاحشة ولا

زُنن بما منه العقائل تخجل

نوار كشخص للعفاف مجسم

فإن ذكر الناس العفاف تمثل

ترقرق ماء الحسن في وجهها الذي

هو البدر ليل التِمِّ أو هو أجمل

فجلَّ لفقدان الوليّ مصابها

وباتت تناجي الهم والعين تهمل

وقد كان منها الخد كالورد زاهيا

فأصبح ذاك الورد بالهم يذبل

ولازم حمى الدق ناعم جسمها

فأمست على رغم الشبيبة تنحل

ويعرق منها الجسم في كل ليلة

وتنفث من سُل دماً حين تسعلُ

وأنشب في أحشائها الداء ظفره

فظلت له أحشاؤُها تتبزل

سقام بها أعيا الأطباء برؤه

إذا لم يعنها اللَه فالأمر مشكل

أمكروب داءِ السل هل أنت عارف

لمن أنت تؤذي أو بمن أنت تنكل

أرحها فما أبقيت إلا حُشاشة

بها حكمها عما قريب سيبطل

تجنب فقد مزقت أحشاء صدرها

أَأَنت بها حتى الممات موكل

وفسّح لها في العمر وارحم شبابها

فإنك إن أرجأتها أنت مفضل

لكِ اللَه من مسلولة حان حينها

وعما قليل للمقابر ترحل

وفاجأَها فقر فباعت لدفعهِ

أثاثاً به قد كانت الدار تجمل

إلى أن تخلى البيت من كل ما به

ولم يبق فيه ما يباع ويُنقل

تجانبها الأدنى وكل لداتها

وأعرض عنها جارها المتمول

هنالك أبدى الجوع ناجذه لها

وزاد بها الداء الذي هو معضل

فخارت قواها في غضير شبابها

وحارت فلم تدر الذي هي تفعل

كذلك جسم المرء يأكله الطوى

إذا المرء لم يلف الذي هو يأكل

فسارت على ريث تؤمُّ محلَّة

ترجِّى بها خيراً لها وتؤمل

وتزجي لها طفلاً جميلاً أمامها

كما تستحث الخِشف ادماء مغزل

لقد أضعف الجوع المبرِّح خطوه

فسار وفي أحشائِه النار تُشعل

يحور إليها بالبكاء فتنحني

عليه وتُسلى قلبه وتقبل

وتمسح عينيه اللتين أذالتا

دموعاً على الخدين منه تسلسل

تحاول أم الطفل منع دموعه

ولكنها رغما عن الأم تهطلُ

خبير بقصر الأم يشكو لها الونى

بعينيه إلا أنه ليس يسأل

تروح إلى دار الحكومة تبتغي

معاشاً لها مستأخراً ليس يحصل

ريالان بعد الزوج قد رُتبا لها

وذلك نزر ليس بالعيش يكفل

تقول لذي أمر على المال سيدي

إليك بجاه المصطفى أتوسل

أنلني معاشي اليوم وارحم فإننا

جياع إذا لم نُعطَ من أين نأكل

فأوسعها شتما ورد سؤالها

وقال لها موتي طوى لست أبذل

فعادت على يأس لها ملءَ قلبها

وقد خنقتها عبرة تتغلغل

أمالك أمر المال إنك زدتها

سقاماً على سقم أقلبك جندل

ألم ترَ أن السل أنحل جسمها

وحملها الإعواز ما لا تحمل

منكدة قد طالبتك بحقها

فلو كنت تقضي سؤلها كنت تعذل

وآبت إلى المأوى فباتت على طوى

تكابد طول الليل والليل أليل

وأعوزها زيت تنوِّر بيتها

به والدجى سجف على الأرض مسبل

فجرَّ إليها الليل أجناد همِّها

إذا فرَّ منها جحفل كرَّ جحفل

تقول ألا مالي أرى الصبح مبطئاً

وعهدي به في سالف الدهر يعجل

فيا ليل ما أدرى وقد طلتَ داجياً

أعتبي على الأيام أم أنت أطول

ألا ليت أمي لم تلدني أو انني

نفتني المنايا قبل أنيَ أعقل

برمت بمالي من حياة فإنها

شقائي وإن الموت منها لأفضلُ

حياة أمرَّتها الرزايا كأنما

يمازجها منهن صاب وحنظل

وعتبي على الأقدار فهي بما جرت

به لم تكن أستغفر اللَه تعدل

فيا موتُ زر إن الحياة تعاسة

ويا نفس جودي إن دهرك يبخل

وما سفري إن متُّ ينأَى وإنما

إلى بطنها من ظهرها اتنقل

ألا إن بطن الأرض للمرء منزل

كما أن ظهر الأرض للمرء منزل

ولم أرَ بين المنزلين تفاوتاً

سوى أن ذا أعلى وذلك أسفل

ولا مثل بطن القبر دار عدالة

تساوى بها حالا رؤوس وأرجل

ولست على الشكوى أدوم إذا دنا

حمامي إلا ريثما اتحوَّل

ولكن روحي للسماء رقيها

هنالك من نجم لنجم تجول

إلى أن تلاقي روح زوجي صادق

فتتصل الروحان والبين يخجل

فلو أبصرت روحي على البعد روحه

إذاً لمشت روحي إليه تهرول

تقبل روحي روحه وتشمُّه

وتشكو إليه ما بها كان ينزل

وتمسك بالأيدي بفضل ردائه

وما أن تخلِّى بعد للحرب يرحل

وقولي له يا روح بعدك عيشنا

تعسر حتى كاد لا يُتَحمَّل

أصبح من قد كان بالأمس سائلاً

بأحوالنا عما بنا ليس يسأل

تجنبنا الأدنى ومن كان صاحباً

ومن كان يطرينا ومن كان يجمل

وخرّى على أقدامه وتذللي

له أن من يبدي الهوى متذلل

وفي فمها بان ابتسام كأنها

تشاهد شخص الزوج فيما تخيَّلُ

تراه قريب الأرض في الجو ثابتاً

فلا هو يستعلي ولا هو ينزل

فمدت يداً نحو الخيال مشيرة

إليه وقالت وهي في البين تسعل

بربك أنبئني أإنك صادقي

قد ازدرت أم أنت الخيال الممثل

فإن كنت إياه فقل غير كاتم

لماذا لماذا أنت لا تتنزل

أصادق أنت السؤل للنفس فاقترب

وأنت لها أنت الرجاء المؤمل

فإن كان لي ذنب به عفتَ مسكني

فإني لذاك الذنب بالدمع أغسل

إذا ذكرتكَ النفس جاشت صبابة

وفار عليها من غرامك مِرجل

تبدَّل مني كل شيء عهدته

ولكنما حبيك لا يتبدل

فهل أنت في حبي كما كنت سابقاً

وقلبك كالقلب الذي كنت تحمل

إذا كنت عني أنت وحدك راضيا

فكل صعوبات الحياة تسهل

هلم إلى جنبي فإني مريضة

بحمى قوى جسمي بها تتزلزل

وسارع وأحضر لي طبيباً مداويا

كما كنت قبلا إن تشكيتُ تفعل

ولكنني أخطأت فيما طلبته

ذهولا ومن قاسى الحوادث يذهل

فإني لا أبغي سواك مداوياً

فأنت طبيبي والشفاء المؤَمل

أقم عندنا لا ترحلّن فإن تُقم

فكل نحوسات الزمان ترحل

نعيش كما كنا نعيش بغبطة

ونمرح في ثوب السلام ونرفُل

فحينئذٍ لا حادث يستفزِّنا

ولا أحد بيني وبينك يفصل

وغاب فقالت آه بل أنت ميت

ولكنما روحي إليك ستقبلُ

وحانت لصوب الطفل منها التفاتة

فقالت وفياضٌ من الدمع مهمل

ولكن صبِّي من يقوم بأمره

إذا زارني حتفي الذي أتعجل

أَأَترك من بعدي صغيري أحمداً

وحيداً بلا حامٍ بهِ يتكفل

وأحمد ريحاني فإن أَبتعد فمن

يشممه بعدي ومن ذا يقبل

أليست تكاليف الحياة التي لوت

جناحي على طفل كأحمد تثقلد

وأغمى من جوع على الطفل أحمدٍ

فصاحت أغث ربي عليك المعول

أطلَّت عليها جارة ذات عيلة

لتعلم من في ظلمة الليل يعول

ونادت من الباكي كذا بحرارة

وذيل الدجى الضافي عَلَى الأرض مسدل

أجابت بصوت راجف متقطع

وقالت أنا يا هذه أنا سنبل

جعادة إن ابني تُغَيَّبُ نفسه

من الجوع إن الجوع ويلي يقتل

جعادة إن ابني الوحيد هو الذي

بهِ في ليالي وحدتي أتعلل

جعادة أن الأمر جدٌّ فأدركي

وللجار حق واجب ليس يغفل

فجاءت إليها بالسراج وَنبَّهت

قوى الطفل حتىّ عادَ يَرنو وَيعقل

سقته حليباً كان ملءَ ثديِّها

فنام وباتت أمه تتململ

وتذرف عيناها الدموع وقلبها

تظلُّ به الأحزان تعلو وتسفل

إلى الصبح حتى بان فانطلقت إلى

محلِّ بهِ أهل المبرة تنزل

عليها ثياب رثة وملاءة

كأحشائها في كل آن تبزل

تكفكف دمعاً بالبنان وكلما

مشت خطوة أو خطوتين تمهل

تمد يميناً بالسؤال ضعيفة

وتخجل منهم عند ما هي تسأل

أأرملة الجندي لا تخجلي فمن

حقوق العلى أن الحكومة تخجل

شرح ومعاني كلمات قصيدة ألا إنما هذا الذي لك أنقل

قصيدة ألا إنما هذا الذي لك أنقل لـ جميل صدقي الزهاوي وعدد أبياتها مائة و اثنان.

عن جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي. شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية. وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و (الجاذبية وتعليها -ط) ، و (المجمل مما أرى-ط) ، و (أشراك الداما-خ) ، و (الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و (رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط) ، و (الكلم المنظوم-ط) ، و (الشذرات-ط) ، و (نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و (رباعيات الزهاوي -ط) ، و (اللباب -ط) ، و (أوشال -ط) .[١]

تعريف جميل صدقي الزهاوي في ويكيبيديا

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن الملا أحمد بابان الزهاوي (1279 هـ - 1354 هـ / 1863 - 1936 م): شاعر، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر، وهو علم من أعلام الشعر العربي الحديث، ورائد من روّاد التفكير العلمي والنهج الفلسفي. مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتيها. وبيته بيت علم ووجاهة في العراق. كردي الأصل، أجداده البابانيون أمراء السليمانية، ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي الزهاوي.تلقى العلم على يدي أبيه مفتي بغداد، وفي مدرسته التي عُرفت بما تدرسه من العلوم الشرعية الإسلامية والأدب العربي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذا للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذا للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذا للمجلة في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائبا عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائبا عن بغداد، فرئيسا للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي.

[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي