ألم أتحدث والحديث شجون
أبيات قصيدة ألم أتحدث والحديث شجون لـ مهيار الديلمي
ألم أتحدّثْ وَالحديثُ شجونُ
بما كان منكم أنه سيكونُ
وأُعلمكلم أن الليالي رؤوسُها
وإن صعُبت شيئا فسوف تلينُ
وأزجُر طيرَ اليمن فيكم عيافةً
فتجري لكم بالخير وهي يمينُ
وأعلم أنّ اللهَ في نظم أمرِكم
كفيلٌ برعْيِ المكرماتِ ضمينُ
بشائرُ صدقٍ لم تخِب ولوايِحٌ
من الرشدِ لم تكذِب لهنّ عيونُ
وما الغيبُ طِبيّ فيكُمُ غيرَ أنني
ظننتُ وظنُّ الألمعيّ يقينُ
وغَرَّ الأعادي والجدودُ سوابقٌ
بكم أن هفا من بينهن حَرونُ
وأن رُفِعَتْ صيفيّةٌ حَلَبِيَّةٌ
تحلُّ حُلولَ الطيف ثم تبينُ
فما كلّ جوّ خادعَ العينَ ماطرٌ
وإن نشأت منه سحائبُ جُونُ
سمت أعين مغضوضة وتوسَّعتْ
أمانٍ لهم مكذوبةٌ وظنونُ
ونمَّت قلوبٌ كاتماتٌ بسرّها
وطالعَ داءٌ في الضلوع دفينُ
وحدّث فيها بالفَكاكِ ضميرَه
أسيرٌ ببغضاء الكرام رهينُ
خبيثُ المطاوي شرُّه دون خيرهِ
إذا اغتبط الأحرارُ فهو حزينُ
نزى نزوة الأفعى القصير فعاقَهُ
طريق بنيران الرقاة دخينُ
ومرتصد ذو كلبتين بفيهما
إلى نابه وهو السّمامُ حنينُ
تمنَّى تماما فيكمُ وهو ناقصٌ
وطاولكم بالكِبر وهو مَهينُ
وأطعمه فيكم وُقورُ حلومكم
وبشرٌ لكم عند اللقاء ولينُ
ولم يدر أن الزَّند أملسَ ليِّنا
يُمَسُّ وجسم النار فيه كمينُ
تطرَّفَ يبغي الصيدَ حول بيوتكم
وشرُّ مكانٍ للقنيص عرينُ
وناطحَ منكم صخرة لا يُزِلُّها
من الرأس وحفُ الوفرتين دهينُ
تطامَنْ فقد أقصاكَ عن موطن العلا
ولو كنتَ فوقا أن نفسك دونُ
ولا تحسبنَّ الخُلف يُصلح بيننا
فربَّ يمينٍ بالفسوق تمينُ
وقعتَ ذُنابى في العلا وأكارعا
فأخفتك فيها أظهر وبطونُ
وما كلُّ حصباءِ البحار جواهرٌ
ولا كلُّ أعضاءِ الجسوم عيونُ
ولا المجدُ إلا دوحةٌ فارسيّةٌ
لها من بني عبد الرحيم غصونُ
هم المانعونَ الجارَ ترمَح ظهرَه
على الوِتر عسراء المِراس زبونُ
مزمجِرةٌ تَغلي الحقائدُ وسطَها
رحاها لحبّات القلوب طَحُونُ
إذا سال واديها فلا الطودُ معقِلٌ
لناجٍ ولا الحصنُ الأشمُّ حصينُ
فباتَ عزيزا لا يداس ترابُهُ
وجارُ رجالٍ آخرين يهونُ
تراه على قُرب المدى مُقَل لنا
بعيدا خفيَّ الشخص وهو يبينُ
بنَوا في جِوار الشمس بيتا عِقابُهُ
على المرتقِي خُشْنُ الظهورِ حُزونُ
بنَوْه قطينا بالنجوم مشيّدا
إذا حجرٌ شادَ البيوتَ وطينُ
ميامينُ بسّامون والجوّ قاطبٌ
مساميحُ والبحر الجوادُ ضنينُ
إذا سئلوا لم ينكُتُوا بعِصِيِّهم
ولم يعتقوا بالعذرِ وهو مبينُ
ولا يحسَبون البخلَ يُخلِد ربَّه
ولا حَيْنُ نفسٍ بالعطاء يحينُ
نَمى المجدُ منهم كلَّ أغلبَ ناهضٍ
له الحزم تِربٌ والحسامُ قرينُ
سقى الفخرُ عرقيه وتمَّ فزاده
علاً باعثٌ من نفسه ومُعينُ
إذا جئته مسترضِعا دَرَّ كفِّه
حلبتَ وما كلُّ الأكفّ لَبونُ
كفى بأبي سعدٍ عليهم طليعةً
تريك كمالَ المرء كيف يكونُ
فتى عذُبت أخلاقُه فكأنّه
ضعيفٌ وحبلُ العزم منه متينُ
وحُمِّل أعباءَ السيادة يافعا
فقام قويٌّ في الخطوب أمينُ
وقَى الملكَ من آرائه البيضِ ما وقَتْ
سوادَ العيونِ الرامقات جفونُ
ولما هفتْ أمسِ الحلومُ بربِّها
وشووِرَ مدخولُ الحفاظِ صَنينُ
ونيطت قلاداتُ الأمور بغيره
وبين الرجال في التحدّث بُونُ
درى الملك أيُّ الساعدين يمينُه
وأيَّ حساميه يفي ويخونُ
وأيُّ الجيادِ السابقاتُ وأيّها
قيامٌ بأكتاد الكَلالِ صُفونُ
حمى السِّربَ بالجَمّاء يبغي ذيادَها
فيالكَ نطحا لو يكون قرونُ
فعاد على الأعقاب يُعرِقُ كفَّه
له الهمُّ خِدنٌ والندامةُ دِينُ
يلُمُّ انتشارَ الحبلِ من حيثُ حَلَّه
ويجبر من حيث اعترته وهُونُ
ويعطى صِقالاً ما استطاعَ وحِلْيةً
ظُباً لم تدنَّس فوقهن جُفونُ
تَزين بعِطفيك الحمائلَ والكُسَى
وغيرُك محبوّاً بهنَّ يشينُ
ويُمطيك إعظاما قَرا كلِّ سابقٍ
مكانُك منه في العلاء مكينُ
مُنىً إن تراءتك اللواحظُ فوقه
فأمَّا على الأعداء فهو منونُ
نَسجنا لما أُلبستَ فهي تمائمٌ
تحوطُك من غِشِّ الردى وتصونُ
وعَطفا على الأمر الذي لك قاده
نزاعٌ إلى أوطانه وحنينُ
فككتَ وقد راجعته عُنْقَه وفي
حبالهمُ شكوى لهم وأنين
فداؤك من يشقى بسعدك جده
ويحييك طيبُ الذكر وهو دفينُ
إذا ما رآك اعتاضَ لوناً بلونه
وديَر به حتى يقالَ جنونُ
يساميك لا كسرى أبوه ولا له ال
مَدائنُ دارٌ والجبالُ حصونُ
يعُدُّ أباً في الملك أوقصَ لم يَطُل
له بنجادٍ عاتقٌ ووتينُ
ولا صرَّ أعوادُ السرير به ولا
تغضَّن تحت التاج منه جبينُ
بعثت بآمالي الغرائبِ نحوكم
ومغناكُمُ أُنْسٌ لها وقطينُ
فما لبث الغادي الخميصُ بجوّكم
يطوِّفُ حتى راحَ وهو بطينُ
وكم حملتنا نبتغي المجد عندكم
أو الرفدَ فتلاءُ الذراع أمونُ
بُنيَّةُ عامٍ وابنُ عامين قارحٌ
تشابَه نِسعٌ فوقه ووضينُ
نواحلُ مُدَّتْ كالحنايا شخوصُنا
عليها سهامٌ والظلام طعينُ
إذا ذرعت من نفنفٍ عَرضَه انبرتْ
نفانفُ لم تُذرع لهن صحونُ
وإن علِقت حبل الدجى عاد متنه
بأسحمَ لا تبقى عليه متونُ
تَعِجُّ بأثقال الرجاء كأنها
عوائمُ في بحر السراب سفينُ
إلى أن حططنا والثرى روضةٌ بكم
وماءُ الندى للواردين مَعينُ
بجودكم استعلت يداي وأعذبت
بفيَّ نِطافُ المدح وهو أجونُ
لكلِّ قبيلٍ من بني المجد شاعرٌ
يزيد علاهم رفعةً ويزينُ
ومنّي لكم كفٌّ وسيفٌ وجنُةٌ
وخِلٌّ وعبدٌ شاكرٌ وخدينُ
وَفَى لِيَ هذا الشعرُ فيكم وإنه
خذولٌ لبعض القائلين خئونُ
بقِيتُ له وحدي فلي عُظمُ شأنه
وللناس فيما يخبطون شئون
وكم غرت من قوم ولي في بيوتكم
غرائب أبكارٌ تُزَفُّ وعُونُ
تهَشُّ لها الأسماعُ شوقا كأنها
وإن بعدت منها اللُّحونُ لحُونُ
على أنها ملذوعةٌ بجفائكم
عطاشٌ أواناً والسحابُ هتونُ
وغضبَى بأن تُلوَى لديكم وتُقتَضَى
حقوقٌ لها ممطولةٌ وديونُ
وكم ثوبِ عزّ أغفل القِسمُ حظَّه
وقد غَضَّ منه والتغافلُ هُونُ
ووعدٍ ولم يُنجزه أمسِ لعلّه
من اليوم أن يلقى النجاح قمينُ
صبرتُ لعام الجدب والظُّلمُ كلهُّ
مع الخصب أن أضوَى وأنت سمينُ
ولابدّ من قِسمي إذا نعمةٌ طرت
ومن أثَرٍ فيها عليَّ يبينُ
ومن لِبسةٍ تَشجا صدورٌ بغيظها
عليّ وترنو للجمال عيونُ
فلا تجعلوها عن كريم استماعكم
بمزلقةٍ إن الكريم أذينُ
أناقشُكم قولا وسرِّي مسامِحٌ
وشَرِّي وإن حاف اللسان أمينُ
وأنفُخُ بالشكوى وقلبيَ شاكر
وكم حركاتٍ تحتهنّ سكونُ
شريتكُمُ بالناس مغتبطا بما
ملكتُ إذا عضَّ البنان غبينُ
وملَّكتُكم نفسي فَرُبُّوا جِوارَها
وغالُوا بها إن العزيزَ ثمينُ
فليت صريحَ الودّ بيني وبينكم
فداه دخيلٌ في الوداد هجينُ
وليتَ الليالي بعد أن قد ولدنكم
عَقمنَ فلم تُنجِب لهنّ بطونُ
شرح ومعاني كلمات قصيدة ألم أتحدث والحديث شجون
قصيدة ألم أتحدث والحديث شجون لـ مهيار الديلمي وعدد أبياتها واحد و تسعون.
عن مهيار الديلمي
مهيار بن مرزويه، أبو الحسن الديلمي. شاعر كبير في أسلوبه قوة وفي معانيه ابتكار، قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم، وقال الزبيدي: (الديلمي) شاعر زمانه فارسي الأصل من أهل بغداد، كان منزله فيها بدرب رباح، من الكرخ، وبها وفاته. ويرى (هوار) أنه ولد في الديلم (جنوب جيلان على بحر قزوين) وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية. وكان مجوسياً وأسلم سنة 494هـ على يد الشريف الرضي. وتشيع وغلا في تشيعه وسب بعض الصحابة في شعره، حتى قال له أبو القاسم ابن برهان: يا مهيار انتقلت من زاوية في النار إلى أخرى فيها.[١]
تعريف مهيار الديلمي في ويكيبيديا
أبو الحسن - أو أبوالحسين - مِهيَارُ بن مروزيه الديّلمِيُّ (توفي 428 هـ / 1037 م) كاتب وشاعر فارسي الأصل، من أهل بغداد. كان منزله في بغداد بدرب رباح من الكرخ. كان مجوسياً فأسلم، ويقال إن إسلامه سنة 384 هـ كان على يد الشريف الرضي أبي الحسن محمد الموسوي وهو شيخه، وعليه تخرج في نظم الشعر، وقد وازن كثيرا من قصائده، ويقول القمي: (كان من غلمانه). قال له أبو القاسم ابن برهان: «يا مهيار قد انتقلت بأسوبك في النار من زاوية إلى زاوية»، فقال: «وكيف ذاك؟» قال: «كنت مجوسيا فصرت تسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعرك». ويرى هوار أنه وُلِدَ في الدَّيلم، في جنوب جيلان، على بحر قزوين، وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية. كان ينعته مترجموه بالكاتب، ولعله كان من كتاب الديوان. كان شاعرا جزل القول، مقدما على أهل وقته، وله ديوان شعر كبير يدخل في أربع مجلدات، وهو رقيق الحاشية طويل النفس في قصائده. ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في كتابه تاريخ بغداد وأثنى عليه وقال: «كنت أراه يحضر جامع المنصور في أيام الجمعات [يعني ببغداد] ويقرأ عليه ديوان شعره ولم يقدر لي أسمع منه شيئاً». قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ مهيار الديلمي - ويكيبيديا