أما وقد خيمت وسط الغاب
أبيات قصيدة أما وقد خيمت وسط الغاب لـ الوزير المغربي

أما وقد خيمتُ وسط الغابِ
فليقسونَّ على الزمانِ عتابي
يترنَّم الفولاذُ دون مُخيمي
وتزعزعُ الخرصان دون قبابي
وإذا بنيتُ على الثنيةِ خيمةً
شُدَّت إلى كسرِ القنا أطنابي
وتقوم دوني فتيةٌ من طيءٍ
لم تلتبس أثوابُهُم بالعاب
يتناثرون على الصريخِ كأنهم
يدعونَ نحو غنائمٍ ونهاب
من كل أهرت يرتمي حملاقه
بالجمرِ يوم تسايفٍ وضراب
يهديهم حسانُ يحملُ بزهُ
جرداءُ تعليه جناح عقاب
يجري الحياءُ على أسرَّةِ وجهه
جريَ الفرندِ بصارمٍ قَضَّاب
كرَمٌ يشقُّ على التلادِ وعزمُةٌ
يغتالُ بادِرُها الهزبرَ الضابي
ولقد نظرتُ إليك يا ابن مفرّجٍ
في منظرٍ ملءِ الزمان عجاب
والموتُ ملتف الذوائبِ بالقنا
والحربُ سافرةٌ بغير نقاب
فرأيت وجهك مثل سيفك ضاحكاً
والذعرُ يُلبسُ أوجهاً بتراب
ورأيت بيتكَ للضيوفِ ممهداً
فسِحَ الظلالِ مرفَّع الأبوابِ
يا طيءَ الخيراتِ بين خلالكم
أمنُ الشريدِ وهمَّةُ الطلاب
سُمِكَت خيامُكُم بأسنمةِ الربى
مرفوعةً للطارق المنتاب
وتدلُّ ضيفَكم عليكم أنؤُرٌ
شُبَّت بأجذالٍ قُهِرنَ صعاب
متبرجاتٌ باليَفَاعِ وبعضهم
بالجزع يكفرُ ضوءهُ بحجاب
كلأتكم ممن يعادي هيبةٌ
أغنتكمُ عن رقبةٍ وجناب
فيسير جيشكمُ بغيرِ طليعةٍ
ويبيتُ حيكمُ بغيرِ كلاب
تتهيبون وليس فيكم هائبٌ
وتوثبونَ على الردى الوثاب
ولكم إذا اختصم الوشيجُ لباقةٌ
بالطعن فوق لباقةِ الكتاب
فالرمحُ ما لم ترسلوه أخطلٌ
والسيفُ ما لم تُعملوه ناب
يا معنُ قد أقررتمُ عينَ العلا
بي مذ وصلتُ بحبلكم أسبابي
جاورتكم فملأتمُ عيني الكرى
وجوانحي بغرائبِ الاطراب
من بعدِ ذعرٍ كان أحفزَ متحكماً
حُكمَ العزيزِ على الذليلِ الكابي
فليهنه مِنَنٌ على متنزّهٍ
لسوى مواهبِ ذي المعارجِ آبي
قد كان من حُكمٍ الصنائع شامساً
فاقتاده بصنيعةٍ من عاب
فلأنظمنَّ له عقودَ محامدٍ
تبقى جواهرها على الأحقاب
لا جاد غيركم الربيعُ ولا مرت
غزرُ اللقاحِ لغيركم بحلابِ
أنا ذاكرُ الرجل المندد ذكره
كالطودِ حُلِّي جيده بشهاب
ولقد رجوتُ ولليالي دولةٌ
أني أجازيكم بخير ثواب
شرح ومعاني كلمات قصيدة أما وقد خيمت وسط الغاب
قصيدة أما وقد خيمت وسط الغاب لـ الوزير المغربي وعدد أبياتها واحد و ثلاثون.
عن الوزير المغربي
الحسين بن علي بن الحسين، أبو القاسم المغربي. وزير، من الدهاة، العلماء الأدباء، يقال إنه من أبناء الأكاسرة، ولد بمصر، وقتل الحاكم الفاطمي أباه، فهرب إلى الشام سنة 400هـ، وحرض حسان بن المفرج الطائي على عصيان الحاكم، فلم يفلح، فرحل إلى بغداد، فاتهمه القادر (العباسي) لقدومه من مصر، فانتقل إلى الموصل واتصل بقرواش بن المقلد وكتب له، ثم عاد عنه، وتقلبت به الأحوال إلى أن استوزره مشرف الدولة البويهي ببغداد، عشرة أشهر وأياماً، واضطرب أمره فلحجأ إلى قرواش، فكتب الخليفة إلى قرواش بإبعاده، ففعل، فسار أبو القاسم إلى ابن مروان (بديار بكر) وأقام بميافارقين إلى أن توفي، وحمل إلى الكوفة بوصية منه فدفن فيها. له كتب منها (السياسة- ط) رسالة، و (اختيار شعر أبي تمام) ، و (اختيار شعر البحتري) ، و (اختيار شعر المتنبي والطعن عليه) ، و (مختصر إصلاح المنطق) في اللغة، و (أدب الخواص) ، و (المأثور في ملح الخدور) ، و (الإيناس) ، و (ديوان شعر ونثر) وهو الذي وجه إليه أبو العلاء المعري (رسالة المنيح) .[١]
- ↑ معجم الشعراء العرب