أنعت جهما لم أجد فيما مضى
أبيات قصيدة أنعت جهما لم أجد فيما مضى لـ بديع الزمان الهمذاني

أنعت جهماً لم أجد فيما مضى
أنكر منه حلية ومعرضا
لما انزوى في مَسكه وانقبضا
ثم تمطى وسطَا وانتفضا
ثم أتى ركب الفلا معرضا
يطفر كالبرق إذا ما أومضا
يطم كالسيل إذا ما حفضا
يزأر كالرعد إذا تخضخضا
يغض عن أوسع من صحن الفضا
يكشف عن أرهف من غرب القضا
يطرق عن أوقد من جمر الغضى
أحمر من غيظ يقاني أبيضا
كما نجرت العود في ماء الأضى
ما راح عن معرسه لينهضا
إلا انتصبنا للمنايا غرضا
بين يدي أوهى ظهر أنْقَضا
وظلت أنضي صارمي لو انتضى
أو علقت يمناي منه المقبضا
وأقتضي الناس وما حين اقتضا
والموت قد صرح بي وعرَّضا
فقلت عن ملء ضلوعي مرضا
وحر أحشاء تلظى نبضا
لمهجة لو رمت منها عوضا
لم تكن الأرض وما فيها رضى
يا للرجال الخطر المغمضا
أدلف بالسيف له مخضخضا
ثم قضى اللّه وخيراً ما قضى
فحين صححت المصاع عرضا
وغض من نجدته وغيضا
وقلت لا أفلت مني معرضا
حتى أراك أو تراني حرضا
حاش لما أبرمته أن انقضا
يا آكل الخلة بي تحمضا
أرضَك لا أرض ولا مرتكضا
أسقك من ماء ظباه رفضا
فكر نحوي حمقاً ممتعضا
معبساً لوجهه محمضا
في بردة الموت إذا تعرضا
وصرت حَرّانَ إليه غرضا
بباتر الغرب إذا هز مضى
فقدك من لَيْشَيْءَ لما نهضا
تعاطيا كأس المنايا عن رضى
بحالة بات لها معرضا
من كان لا يصفى الولاء ممحضا
لآل طه والوصيّ المرتضى
أبا عليّ ارعني سمع الرضى
حتى أطيل في الثناء وأعرضا
حجر على عيني أن تغتمضا
ولم أود شكرك المفترضا
ناظم آمالي وكانت رفضا
ومالِىء المنزل مني حفضا
غدت أياديك لجسمي عرضا
بقيت ما شئت بقاء مرتضى
يحكم من عقد المنى ما انتقضا
يبسط من عطف العلى ما انقبضا
يصفي من الغر علينا ما انتضى
يعيد من عز المعالي ما انقضى
يوضح من سر النهى ما غمضا
يقيم من أقدامنا ما دحضا
يسيغ من آمالنا ما اعترضا
يسأل من حاجاتنا ما عرضا
آمين قال العبد واللّه قضى
شرح ومعاني كلمات قصيدة أنعت جهما لم أجد فيما مضى
قصيدة أنعت جهما لم أجد فيما مضى لـ بديع الزمان الهمذاني وعدد أبياتها واحد و ثلاثون.
عن بديع الزمان الهمذاني
أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذاني أبو الفضل. أحد أئمة الكتاب له (مقامات -ط) أخذ الحريري أسلوب مقاماته عنها وكان شاعراً وطبقته في الشعر دون طبقته في النثر. ولد في همذان وانتقل إلى هراة سنة 380هـ فسكنها ثم ورد نيسابور سنة 382هـ ولم تكن قد ذاعت شهرته. فلقي فيها أبو بكر الخوارزمي فشجر بينهما ما دعاهما إلى المساجلة فطار ذكر الهمذاني في الآفاق. ولما مات الخوارزمي خلا له الجو فلم يدع بلدة من بلدان خراسان وسجستان وغزنة إلا ودخلها ولا ملكاً أو أميراً إلا فاز بجوائزه. كان قوي الحافظة يضرب المثل بحفظه ويذكر أن أكثر مقاماته ارتجال وأنه كان ربما يكتب الكتاب مبتدئاً بآخر سطوره ثم هلم جراً إلى السطر الأول فيخرجه ولا عيب فيه. وفاته في هراة مسموماً. وله (ديوان شعر -ط) صغير و (رسائل -ط) عدتها 233 رسالة، و (مقامات -ط)[١]
تعريف بديع الزمان الهمذاني في ويكيبيديا
أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد المعروف ببديع الزمان الهمذاني ، (358 هـ/969 م -398 هـ/1007 م)، كاتب وأديب من أسرة عربية ذات مكانة علمية مرموقة استوطنت همدان وبها ولد بديع الزمان فنسب إليها، وقد كان يفتخر بأصله العربي إذ كتب في أحد رسائله إلى أبي الفضل الأسفرائيني: «إني عبد الشيخ، واسمي أحمد، وهمدان المولد وتغلب المورد، ومضر المحتد». وقد تمكن بديع الزمان بفضل أصله العربي وموطنه الفارسي من امتلاك الثقافتين العربية والفارسية وتضلعه في آدابهما فكان لغوياً وأديبًا وشاعراً وتوفي عام 395 هـ، انتقل بديع الزمان إلى أصفهان فانضم إلى حلبة شعراء الصاحب بن عباد، ثم يمم وجهه شطر جرجان فأقام في كنف أبي سعيد محمد بن منصور وخالط أسرة من أعيان جرجان (تعرف بالإسماعيلية) فأخذ من علمها الشيء الكثير ثم ما فتئ أن نشب خلاف بينه وبين أبي سعيد الإسماعيلي فغادر جرجان إلى نيسابور، وكان ذلك سنة (382هجرية/ 992ميلادية) واشتدت رغبته في الاتصال باللغوي الكبير والأديب الذائع الصيت أبي بكر الخوارزمي، ولبى هذا الخوارزمي طلب بديع الزمان والتقيا، فلم يحسن الأول استقبال الثاني وحصلت بينهما قطيعة ونمت بينهما عداوة فاستغل هذا الوضع بعض الناس وهيؤوا للأديبين مناظرة كان الفوز فيها لبديع الزمان بفضل سرعة خاطرته، وقوة بديهته. فزادت هذه الحادثة من ذيوع صيت بديع الزمان عند الملوك والرؤساء وفتحت له مجال الاتصال بالعديد من أعيان المدينة، والتف حوله الكثير من طلاب العلم، فأملى عليهم بأكثر من أربعمائة مقامة (لم يبق منها سوى اثنتان وخمسون). لم تطل'" إقامة بديع الزمان"' بنيسابور وغادرها متوجها نحو سجستان فأكرمه أميرها خلف بن أحمد أيما إكرام، لأنه كان مولعا بالأدباء والشعراء. وأهدى إليه "'بديع الزمان"' مقاماته إلا أن الوئام بينهما لم يدم طويلا، فقد تلقى "'بديع الزمان"' يوما من الأمير رسالة شديدة اللهجة أثارت غضبه، فغادر سجستان صوب غزنة حيث عاش في كنف السلطان محمود الغزنوي معززا مكرماً، وكانت بين أبي العباس الفضل بن أحمد الأسفرائي وزير السلطان محمود عدة مراسلات، وفي آخر المطاف حط رحاله بديع الزمان بمدينة هرات فاتخذها دار إقامة وصاهر أبا علي الحسين بن محمد الخشنامي أحد أعيان هذه المدينة وسادتها فتحسنت أحواله بفضل هذه المصاهرة، وبمدينة هرات لفظ أنفاسه الأخيرة. ومات في 11 جمادى الآخرة 398 هـ، وقد أخذته سكتة، فدفن سريعا، وسمعوا صراخه في القبر فنبشوه، فوجدوه ميتا وقد قبض على لحيته من هول القبر.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ بديع الزمان الهمذاني - ويكيبيديا