أهاجتك دار الحي وحشا جنابها
أبيات قصيدة أهاجتك دار الحي وحشا جنابها لـ عروة بن أذينة

أَهاجَتكَ دارُ الحَيِّ وَحشاً جَنابُها
أَبَت لَم تُكَلِّمنا وَعيَيَّ جَوابُها
نَعَم ذَكَّرَتنا ما مَضى وَبَشاشَةً
إِذا ذَكَرَتها النَفسُ طالَ اِنتِحابُها
وَعَيشاً بِسُعدى لانَ ثُمَّ تَقَلَّبَت
بِهِ حِقبَةٌ غالَ النُفوسَ اِنقِلابُها
كَأَن لَم يَكُن ما بَينَنا كانَ مَرَّةً
وَلَم تَغنَ في تِلكَ العَراصِ قِبابُها
أَلا لَن تَعودَ الدَهرَ خُلَّةُ بَينِنا
وَلكِن إِيابُ القارِظينِ إِيابُها
وَعَهدي بِها ذَوّابَةُ الطَرفِ تَنتَهي
إِلى رَملَةٍ مِنها هَيالٍ حِقابُها
وَما فَوقَهُ لَدنُ العَسيبِ وِشاحُهُ
يُغَنّي الحَشا اِثناؤُها وَاِضطِرابُها
وَتَضحَكُ عَن حَمشِ اللِثاثِ كَأَنَّما
نَشا المِسكِ في ذَوبِ النَسيبِ رِضابُها
عَلى قَرقَفٍ شُجَّت بِماءِ سَحابَةٍ
لِشَربٍ كِرامٍ حينَ فُتَّ قِطابُها
لَها وارِدٌ دانٍ عَلى جيدِ ظَبيَةٍ
بِسائِلَةٍ مَيثاءَ عُفرٍ ذِئابُها
دَعاها طَلاً خافَت عَلَيهِ بِجِزعِها
كَواسِبَ لَحمٍ لا يُمَنُّ اِكتِسابُها
إِذا سَمَعَت مِنهُ بَغاماً تَعَطَّفَت
وَراعَ إِلَيهِ لُبُّها وَاِنسِلابُها
أَلَّمَت بِنا طَيفاً تَبَدّى وَدونَهُ
مَخاريقُ حِسمى قورُها وِهِضابُها
كَأَنَّ خُزامى طَلَّةٍ ضافَها النَدى
وَفارَةَ مِسكٍ ضُمِّنَتها ثِيابُها
فَكِدتُ لِذِكراها أَطيرُ صَبابَةً
وَغالَبتُ نَفساً زادَ شَوقاً غِلابُها
إِذا اِقتَرَبَت سُعدي لَجَجتَ بِهَجرِها
وَإِن تَغتَرِب يَوماً يَرُعكَ اِغتِرابُها
فَفي أَيِّ هذا راحَةٌ لَكَ عِندَها
سَواءٌ لَعَمري نَأيُها وَاِقتِرابُها
تُباعِدُها عِندَ الدُنُوِّ وَرُبَّما
دَنَت ثُمَّ لَم يَنفَع وَشُدّ حِجابُها
وَفي النَأيِ مِنها ما عَلِمتَ إِذا النَوى
تَجَرَّدَ ناويها وَشُدَّت رِكابُها
كَفى حَزَناً أَلّا تَزالَ مَريرَةٌ
شَطونٌ بِها تَهوى يَصيحُ غُرابُها
يَقولُ لِيَ الواشونَ سُعدى بِخَيلَةٌ
عَلَيكَ مُعَنٍّ وُدُّها وَطِلابُها
فَدَعها وَلا تَكلَف بِها إِذ تَغَيَّرَت
فَلَم يَبقَ إِلّا هَجرُها وَاِجتِنابُها
فَقُلتُ لَهُم سُعدي عَلَيَّ كَريمَةٌ
وَكَالموتِ بَلهَ الصُرمِ عِندي عِتابُها
فَكَيفَ بِما حاوَلتُمُ إِنَّ خُطَّةً
عَرَضتُم بِها لَم يَبقَ نُصحاً خِلابُها
وَسُعدى أَحَبُّ الناسِ شَخصاً لَو أَنَّها
إِذا أَصقَبَت زيرَت وَأَجدى صِقابُها
وَلكِن أَتى مِن دونِه كَلَمُ العِدى
وَرَجمُ الظُنونِ جَورُها وَمُصابُها
فَأَمسَت وَقَد جُذَّت قُوى الحَبلِ بَغتَةً
وَهَرَّت وَكانَت لا تَهِرُّ كِلابُها
وَعادَ الهَوى مِنها كَظِلِّ سَحابَةٍ
أَلاحَت بِبَرقٍ ثُمَّ مَرَّ سَحابُها
فَلا يَبعِدَن وَصلٌ لَها ذَهَبَت بِهِ
لَيالٍ وَأَيّامٌ عَنانا ذَهابُها
وَلا لَذَّةُ العَيشِ الَّذي لَن يَرُدَّهُ
عَلى النَفسِ يَوماً حُزنُها وَاِكتِئابُها
وَلا عَبَراتٌ يَترَعُ العَينَ فيضُها
كَما فاضَ مِن شَكَّ الصَناعِ طِبابُها
إِذا اغرَقَت إِنسانَها وَسَوادَهُ
تَداعى بِمِلءِ الناظِرَينِ اِنسِكابُها
وَمِن حُبِّ سُعدى لا أَقولُ قَصيدَةً
أُرَشِّحُها إِلّا لِسُعدى شِبابُها
لَها مَهَلٌ مِن وَدِّنا وَمَحَلَّةٌ
مِن القَلبِ لَم تُحلَل عَلَيها شِعابُها
فَإِن تَكُ قَد شَطَّت بِها غُربَةُ النَوى
وَشَرَّفَ مُزداراً عَلَيكَ اِنتِيابُها
فَقَد كُنتَ تَلقاها وَفي النَفسِ حاجَةٌ
عَلى غَيرِ عَين خالياً فَتَهابُها
وَتُشفِقُ مِن إِحشامِها بِمَقالَةٍ
إِذا حَضَرَت ذا البَثِّ غلِّقَ بابُها
فَلا وابيها ما دَعانا تُهالِكٌ
إِلى صُرمِها إِن عَنَّ عَنّا ثَوابُها
وَما زالَ يَثنيني عَلى حُبِّ غَيرِها
وَاِكرامِهِ إِكرامُها وَحِبابُها
وَقَولي عَسى أَن تَجزِني الوُدَّ أَو تَرى
فَتُعتِبَ يَوماً كَيفَ دَأبي وَدَأَبُها
وَكَم كَلَّفَتنا مِن سُرى جَدِّ لَيلَةٍ
حَبيبٌ إِلى الساري المُجِدِّ اِنجِيابُها
كَأَنَّ عَلى الأَشرافِ ضَربَ جَليدَةٍ
نَدايِفَ بُرسٍ جُلِّلَتهُ حِدابُها
وَمِن فَورِ يَومٍ ناجِمٍ مُتَضَرِّمٍ
بِأَجوازِ مَوماةٍ تَعاوى ذِئابُها
يَظَّلُّ المَها مِنها إِلى كُلِّ مَكنِسٍ
دُموجاً إِذا ما الشَمسُ سالَ لُعابُها
وَوالي الصَريرَ الجُندُبُ الجَونُ وَارتَقَت
حَرابِيُّ في العيدانِ حانَ اِنتِصابُها
تَكادُ إِذا فارَت عَلى الرَكبِ تَلتَظي
وَديقَتُها يَشوي الوُجوهَ اِلتِهابُها
قَطَعتُ بِمُجذام الرَواحِ شِمِلَّةٍ
إِذا باخَ لَوثُ العيسِ ناجٍ هِبابُها
سَفينَةِ بَرٍّ حينَ يُستَوقَدُ الحَصى
وَيَزدالُ في البيدِ الشُخوصَ سَرابُها
وَإِنّي لَمِن جُرثومَةٍ تَلتَقي الحَصى
عَلَيها وَمِن أَنسابِ بَكرٍ لُبابُها
وَمِن مالِكٍ آلِ القَلَمَّسِ فيهِمُ
لَنا سِرُّ أَعراقٍ كَريمٍ نِصابُها
وَعَبدُ مَناةَ الأَكثَرونَ لِعِزِّهِم
بَوادِرُ يُخشى حَدُّها وَذُبابُه
عَرانينُ تَنميها كِنانُةُ قُصرَةً
نِصابُ قُرَيشٍ في الأَرومِ نِصابُها
وَفَرعُ قُرَيشٍ فَرعُنا وَاِنتِسابُنا
إِلى والِدٍ مَحضٍ إِلَيهِ اِنتِسابُها
قَرابَتُنا مِن بَينَ كُلِّ قَرابَةٍ
وَلَيسَت بِدَعوى جَلَّ عَنها اِجتِلابُها
وَمَكَّةُ من يُنكِرِ مِن الناسِ يَلقَنا
بِمَعرِفَةٍ بَطحاؤُها وَخِشابُها
فَنَحنُ خِيارُ الناسِ كُلُّ قَبيلَةٍ
تَذِلُّ بِما نَقضى عَلَيها رقابُها
وَرِثنا رَسولَ اللَهِ بَعدَ نُبُوَّةٍ
خِلافَةَ مُلكٍ لا يُرامُ اِغتِصابُها
وَعَدلاً وَحُكماً تَنتَهي عِندَ فَضلِهِ
وَنُخمِدُ نارَ الحَربِ يَصرِفُ نابُها
وَما جَبَلٌ إِلّا لَنا فَوقَ فرعِهِ
فُروعُ جِبالٍ مُشمَخِرٌّ صِعابُها
وَهَل أَحَدٌ إِلّا وَطِئنا بِلادَهُ
بِمَلمومَةِ الأَركانِ ذاكٍ شِهابُها
كَتايِبُ قَد كادَت كَراديسُ خَيلِها
يَسُدُّ اِستِجاراً مَطلَعَ الشَمسِ غابُها
لَو أَنَّ جُموعَ الجِنِّ وَالإِنسِ أَجلَبَت
لَنا صَدَّها عَمّا تُريدُ ضِرابُها
لَنا نَسبٌ مَحضٌ وَأَحلامُ سادَةٍ
بُحورٌ لَدى المَعروفِ طامٍ عُبابُها
وَأَلوِيَةٌ يَمشونَ لِلمَوتِ تَحتَها
إِذا خَفَقَت مَشيَ الأُسودِ عُقابُها
هُمُ يَحلِبونَ الحَربَ أَخلافَ دَرِّها
وَيَمرونَها حَتّى يَغيضَ حِلابُها
وَهُم خَيرُ من هَزَّ المَطِيِّ وَأَقصَرَت
جِمارُ مِنى يَوماً وَلَفَّت حِصابُها
وَأَكرَمُ من يَمشي عَلى الأَرضِ صُفِّيَت
لَهَم طَيبَةٌ طابَت وَطابَ تُرابُها
مُلوكٌ يَدينونَ المُلوكَ إِذا أَبَوا
فَلَم يَأذَنوا لَم يُرجَ كرهاً خِطابُها
وَما في يَدٍ نِلنا بِها ذا حَمِيَّةٍ
وَإِن ذاقَ طَعمَ الذُّلِّ إِلا اِحتِسابُها
إِذا ما رَضوا كانَ الرضاءُ رِضاءَهَم
وَإِن غَضِبوا أَوهى الأَديمَ غِضابُها
وَلَولا هُمُ لَم يَهتَدِ الناسُ دينَهُم
وَضَلّوا ضَلالَ النيبِ تَعوي سِقابُها
وَلَم يَهلِكوا إِلّا عَلى جاهِلِيَّةٍ
عَصاها عَلَيهِم تُرتَبٌ وَعَذابُها
وَلكِن بِها بَعدَ الإِلهِ تَبَيَّنوا
شَرايِعَ حَقٍّ كانَ نوراً صَوابُها
وَما أَخَذَت في أَوَّلِ الأَمرِ عُصبَةٌ
لَنا صَفِرَت مِن نُصحِ جَيبٍ عِيابُها
وَنَحنُ وُجوهُ المُسلِمينَ وَخَيرُهُم
نِجاراً كَما خَيرُ الجِيادِ عِرابُها
شرح ومعاني كلمات قصيدة أهاجتك دار الحي وحشا جنابها
قصيدة أهاجتك دار الحي وحشا جنابها لـ عروة بن أذينة وعدد أبياتها خمسة و سبعون.
عن عروة بن أذينة
عروة بن يحيى بن مالك بن الحارث الليثي. شاعر غزل مقدم، من أهل المدينة، وهو معدود من الفقهاء والمحدثين أيضاً، ولكن الشعر أغلب عليه. وهو القائل: لقد علمت وما الإسراف من خلقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني أسعى إليه فيعييني تَطلبه ولو قعدت أتاني لا يعنيني[١]
تعريف عروة بن أذينة في ويكيبيديا
أبو عامر عروة بن أذينة الليثي الكناني تابعي جليل وشاعر غزل وفخر وشريف مقدم من شعراء المدينة المنورة وهو معدود في الفقهاء والمحدثين وأحد ثقات أصحاب حديث رسول الله سمع من ابن عمر وروى عنه مالك بن أنس في الموطأ وعبيد الله بن عمر العدوي.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ عروة بن أذينة - ويكيبيديا