أيا غافلا صحوا وذر حال غفلة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة أيا غافلا صحوا وذر حال غفلة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب

اقتباس من قصيدة أيا غافلا صحوا وذر حال غفلة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب

أيا غافلاً صحواً وذر حال غفلةِ

تنبَّه ودع ذا اللهو وارجع ليقظةِ

ألا انظر إلى ضعفٍ يصول على القِوى

ومنهُ سطا التغيير في حسن صورةِ

أما شمتَ يا لُبي بغيرك عبرةً

وكم سحَّ من عين ميازيب عبرةِ

نعم شمتُ لكن كنتُ في اللهو طامعاً

ولم أذَّكر عمراً ولا قصر مدَّة

وذا الآن مذ فكَّرتُ فيما أنا بهِ

وامعنتُ في عيني بعينٍ بصيرةِ

وكيف الصِبا ناءَت وما زلتُ سائراً

على أبّ وصلٍ نحو وادي الكهولةِ

تنبهتُ لكن ليس للعود حيلةٌ

ودون المنى بالعود يُمنى المنيَّةِ

فناديتُ من قلبٍ كثيبٍ بحسرةٍ

وعينايَ في ذرف الدموع السخينة

أعينايَ سحي بالدموع تدفُّقاً

بعَندمِ دمعٍ من جفونٍ قريحةِ

أيا مهجتي نوحي بتأبين حاسرٍ

على فقد من القاكِ في نار فرقةِ

ألا أبكي الصِبا في كلما هبَّتِ الصَبا

بلحن الصِبا إنّي على حال صبوةِ

ونوحي على زهو الشباب وأَبِّني

أويقات تشبيبٍ لِغَض الشبيبةِ

وهنّي هُنَيهات التصابي غَصيصةً

وحِنّي حنين العودِ في حزن رنَّةِ

وفِدّي بنحبٍ بالنحيب واندبي

شبيةَ شبّانٍ أعيضت بشيبةِ

تبديتُ طفلاً وانثنيتُ مراهقاً

وصرتُ فتى أزهو بأنوار طلعةِ

وأصبحتُ في صبح الصبيح وزهوهِ

بأزهار جاريٍّ حكا ورد جنةٍ

وثغرٍ كعقد الدرّ زاهٍ بريقهُ

لقد حفّهُ الياقوت في زهو حمرةِ

وفوق علاهُ خُطَّ بالشعر شاربٌ

سوادٌ يسود السود في صنع قدرةِ

وكامل وجهٍ جاءَ خط سرارهِ

بسرّ الصفا يُتلى بصفو السريرةِ

ووصفي بهتيكَ النضارة قاصرٌ

زهاها سما روض الجنان النضيرةِ

ومذ جاوَزَت حدَّ الثلاثين دُبجت

بياضاً بوخط الشعر خطّاً بلحيتي

ومذ صرتُ شيخاً غادرتني واعرضت

وقُطِّبَ صدغي في سرار العبوسةِ

لذا عاد وجهي بعد زهو احمرارهِ

مُغشّى أغبراراً جاءَ في مزج صفرةِ

وقد حفهُ التجعيد من كل جانبٍ

كما حيكَ رثو الخرق في نسج أبرَةِ

وغادرَتِ الأضراس ثغراً وقد غدا

كمثوى إلى الأدراص إبّانَ خشيةِ

وبات قوام الظهر يبدي تأوُّداً

ويرنو بهزّ الراس في كل خطوَةِ

كما اهتزَّت الرجلان في نهض ساقها

وحاكتهما الأيدي وزادت برجفة

وصار القوى ضعفاً وللغضَّةِ الضنا

وحاكى نحول الجسم ساقيَّ نملةِ

أيا فهمُ يا إزكانُ يا عقلُ يا نُهى

أيا لبُّ يا عرفان حيّوا لنصرتي

أيا عزمُ يا آراءُ يا حزمُ يا حجى

فهل لي رجاءٌ للشباب بعودةِ

فحاشا فما في العمر عودٌ إلى امرءٍ

فيا حاسرا أبكي بعينٍ حسيرة

ألا أين ذاك الظرف واللطف والغوا

وأين الصبا والعطف مع نور جبهةِ

ألا أين ذاك النورُ والنور والبها

وأين قوامُ البان هيّاف نخلةِ

وأين العوالي مع بُروق سنانها

لكم مزَّعت درعاً لدى كل هزَّةِ

ألا أين ذيّاك الجُذامُ وميضهُ

وفصّامُ شرسوف السدوفِ بجسمةِ

ألا أينَ تلك المحكلاتُ رصاصها

وبارودها الصامي القلوب برعدةِ

ألا أين قناص الطيور وصيدها

ينادي نسور الجوّ أنتِ قنيصتي

ألا أينَ هصّارُ الهصور بصارمٍ

فكم اجوَفٍ قد ذاق موت الفريسةِ

ألا أينَ هتيكَ السروج ومتنها

وأين المُجلي للسباق بحَلبَةِ

ألا أينَ ترويض الخيول بصنعةٍ

وتعليم فرسانٍ وضبط الشكيمةِ

ألا أين صولات الجموح وجريهُ

بمضمار سُبّاقٍ لفوزٍ ببغيةِ

ألا أين سطوات الفوارس في الوغا

وخوض سعير الحرب من حيث هبَّتِ

وأين شتات الإزدحام جيوشهُ

بملدٍ هو الصمصام في عزم ضربةِ

ألا أين تدبيح السطور طروسها

به نزهة الأبصار من كل حدقةِ

جليٌّ ونسخيٌّ وتعليقُ فارس

كذا ثُلُثٌ وافى بنزيين رقعةِ

عن الشيخ حمد اللَه من ذاع وصفهُ

وساد أولي التنميق في حسن شهرةِ

تلقَّفتُها بالاستانة في الصبا

وجئتُ بها للعُرب خير الهديَّةِ

اما كان من قد جئتُ في ذكر وصفهم

جمارى لفي ملكي وطوعاً لدعوتي

فما لي أرى ذا الآن عكساً لما مضى

ألا غروَ في ذا الأمر من ذي المرؤَةِ

أما قد أتوا نُكراً بأمر مودَّتي

فهل جاز يقلوني على غير زلَّة

فهل قد غزا النسيان في البعد رشدهم

فباتوا كمسلوب الشعور بسكرةِ

أناديهمُ صحبي وما من يجيبني

أناجي ولا ألقى جواباً لكلمتي

أذكِّرُهم ما كان من قبل بَيننا

من الحبّ ثم الودِّ مع حسن سيرةِ

ولم أذَّكر أمراً بعمدٍ أتيتهُ

يغايرُ شاناً بالولا لاحبتي

وإني وإن شطَّ المزارُ على الولا

وصدق ثبات الودِّ شأني وشيمتي

ومن بعد تكرار الخطاب أجابني

مجيبٌ بإيضاحٍ وافصاح لهجةِ

أيا شيخَ غادرتَ الصبا واليفهُ

وعدتَ تنادينا هلمّوا لإلفتي

ألم تدرِ إنّا في قيود فتوَّةٍ

وإنك واريتَ الشبابَ بغيبةِ

فدَرنا ومن دنياكَ كن في قناعةٍ

ولا تبغِ أمراً لا يكون بقسمةِ

فإذ ذاك قد أيقنتُ إنيَ عاجزٌ

وبتُّ على عجزي ألازم وحدتي

وقد بتُّ بالإحسار والغم والضنا

وقد جاءَ من همي ملاشاة همتي

وغادرتُ في لقيا الجيوش تفكُّراً

وعن ملتقا الآساد نزَّهتُ فكرتي

وواريت تقليد السيوف لمعركٍ

أبيتُ اعتقال الرمح قصد الكريهةِ

وموَّهتُ عن ركب المطايا عزائمي

وعاوضتُ عنهُ ارتياحاً بفرشتي

وعن مجلس الشبّان أغربت فكرةً

وخيَّرت في أمري جلوسي بحجرتي

وخلَّيتُ ذي الدنيا كذا تُرَّهاتها

وحوَّلتُ للعُقبى جناني برغبة

ولازمتُ أقلاماً ترى الود فرضها

حفيظة أسراري ولم تنسَ صحبتي

تكابد اثقالاً بكدٍّ براسها

وتجري بمضمار السطور بسرعة

تخوض بحار النقس عَرفاً بثغرها

وتروي ظماءِ الطرس جرياً بجرَّة

تنضِّد أسراراً بمكنون سرّها

تدبج أسفاراً بصدر الصحيفة

وما دامت الأعمال لن تعرف الكون

تلبي بناناً للعناق بلهفة

ولن تعرف الأحسار ما دام عمرها

لديها يُرى المصباح صبحاً بظلمةِ

وسيّان إن طال المجال وإن بدا

قصيراً فلم تأتِ البنان بضجرةِ

وتبدي عجاباً في صنيعٍ ولن تُرى

بعُجبٍ فياللَه من ذي الوضيعة

فتودع سرّاً في صدور صحائفٍ

بباطن حرفٍ ثم في جوفِ نقطةِ

وتحفظهُ تلك الحروف بحفظها

مدا عمرها في أمن حرز الحريزةِ

وإن سيُّرت تلك السطور لمقصدٍ

من الشرق تغريباً لغربٍ بغربةِ

فتحفظ أسراراً بسرّ سريرةٍ

إلى أن يحازُ الكشف عن ذي الوديعةِ

ويُسفَرُ عن تلك الحروف نقابُها

فيُبدى كلامٌ من فصاحةِ تُرفةِ

ألاعجبٌ إن الكلام ولفظهُ

يكونان من تلك النقوش السقيمةِ

فما ذاك إلامن عجاب كتابةٍ

وكم ذلَل الكتاب بطش الكتيبةِ

فأنّى ولا أبدي مديحاً مدا المدا

وأشكر من راعى ودادي وخِلَّتي

ولم يبقَ لي غير اليراع مصاحبٌ

يُنادي ثبات العهد فخر السجيَّة

فإني على طول الحياة لشاكرٌ

وأسدي لهُ حمداً بما فوق مكنتي

ولولا مزاياهُ لقد بتُّ حاسراً

ومن فرط أشجاني ثويتُ بثكنتي

ولولا سجاياهُ فلم يبقَ ذكر من

تواروا عن الأبصار من ذي البسيطةِ

وقد زال ذكر الأنبياء وفضلهم

وتذكار وحي جاء آل النبوَّة

وتوراة موسى قد توارى كلامها

وغاب معاذ اللَه لوح الوصيَّةِ

كذلك داودٌ تلاشت زبورهُ

ولم يبقَ مزمورٌ بهذي الخليفةِ

كذا ذكر فادينا المسيح وأمّهِ

وانجيل آياتٍ لحسن العقيدةِ

وتاريخ من قد كان من آدمٍ إلى

أويقاتنا حتى لهذي الدقيقةِ

ولم يبقَ في ذا الكون ذكرٌ لفاضل

ولم يبقَ من صنعٍ لحفظ الفضيلةِ

ولم يبقَ تدريسٌ يُرى في مدارس

يلاشي دروساً بالعلوم النفيسةِ

فما ذاك إلّا من شؤون يراعةٍ

أتتنا بأمر اللَه باري البريَّةِ

وظلَّت تُسلّيني على فقد معشرٍ

وهل إنني أسلو برغمٍ عشيرتي

وكم قد حبتني بالفنون مكاتباً

مجلّات علمٍ بالفنون الجليلةِ

فتلك كنوزٌ في خبايا خزائنٍ

تفاخر خزاناً وكل خزينةِ

دراري معاني العلم تسمو لدى النُهى

دراري عقودٍ من حجارٍ كريمةِ

لكم جلَّ مبناها بسامي جلالها

كما جلَّ مثواها بصدر المجلَّةِ

رضيتُبما أويتيتُ من خير صاحبٍ

قنعتُ برؤياها بعينٍ قريرةِ

كتابي جليسي والعلوم رغائبي

ودرسي أنيسي والمعاني نديمتي

أكرر تكريماً إلى فضل فاضلٍ

أجاد بتأليفٍ لأحيا الفضيلةِ

ولازمتُ درساً في علومٍ عديدةٍ

لعلّيَ من فضلٍ أفوزُ بفضلةِ

أخوض بحار العلم في حال ظامىء

على أملٍ أروي ظماءي برشحةِ

قنوعٌ بما قد نلتُ من جود مكرمٍ

مغيثٌ إلى اللاجين في كل طلبةِ

وحوَّلتُ أفكاري إلى نحو خالقي

ونزَّهتُها عن كل ما في الدنيَّةِ

وعلَّقتُ آمالي بأعطاف لطفهِ

بسرّي وإعلاني وما في طويتي

بما أنني عبدٌ فاسدي عبادةً

لاعتاب معبودٍ بافراط ذُلتي

وأأُبى دُفار الترهاتِ وما بها

ولذّاتها صارت لديَّ كغصةِ

جواهرها طرّاً وكل كنوزها

زخارف صنّاعٍ وكل دفينةِ

وكل مبانٍ قد تسامت صروحها

بأنوار مجدٍ فاق نور الظهيرةِ

وكل مقامٍ ساد في شرف الورى

وكل وسامٍ قد تسامى برتبة

أراها غثاءً في أمام زعازعٍ

وفي قدرها تحكي جناح بعوضةِ

وقد صرتُ ضيفاً في دُفار مسافراً

بقاءي غدا فيه كبعضِ هُنَيهَةِ

لبابك يا ربّاهُ قد جئتُ قارعاً

وعن فرط آثامي أتيتُ بتوبةِ

فأرجوك يا مولايَ عفواً ترحُّماً

فحلمك قد عمَّ العباد بشفقةِ

ووطدتُ إيقاني بنيل مراحمٍ

لأنك رحمانٌ وتجزي برحمةِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة أيا غافلا صحوا وذر حال غفلة

قصيدة أيا غافلا صحوا وذر حال غفلة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب وعدد أبياتها مائة و سبعة عشر.

عن حنا بك الأسعد بن أبي صعب

حنا بك الأسعد بن أبي صعب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي