أيزهو لعين المرء ما يتنوع
أبيات قصيدة أيزهو لعين المرء ما يتنوع لـ علي أفندي الدرويش

أيزهو لعين المرء ما يتنوَّعُ
ولا شيء في الدنيا من الموت يمنعُ
وأجهد في نزع الحطام نفائساً
ونفسيَ من بعد التنازع تنزع
وأعلم أني لا محالة ذاهبٌ
وأقدم في كل الأمور وأرجع
وكر الليالي مشغلٌ روع آملٍ
فباطنه يرتاح من حيث يفزع
أولئك حسبي عبرة في صروفها
إذا ما أتى منها الفتى يتوجع
أأذكر من حين الدخول لآدم
وإلا خروج المصطفى وهو يتبع
لقد مات من أحيا الرفات من العلا
ومذ مات حاشانا من الموت نجزع
لئن راح بالعليا وذكرهما بقي
فكالمسك يمضي ثم يبقى التضوّع
لقد ضاع عرف الدين طيباً بعرفه
زماناً ومذ ولى فعقلي أضيع
صفعتَ قزالَ الزور ثم أرحتَه
فمن رام صفع الزور بعدك يصفع
إذا كان هذا المجد فيك طبيعة
عذرت الذي أعيا عليه التطبُّع
فنار لأهل النار ماءٌ لواردٍ
هواءٌ لروحٍ والتراب التواضع
فما في سوى تلك الصفات وجدته
إذا عد في الناس الطبائع أربع
فأذرع يمنى من يحاكيه أصبعٌ
وأصبعُ ما توليه يسراه أذرع
تزعزعت الأيام في رفع جاهل
وأجهل منه دهره المتزعزع
فمن كل بغل تحته كل ضامرٍ
إذا ما رأته تحته العَيرُ تشجع
يود له ذا المهر يوم كريهةٍ
فيلقيه في حر الوطيس ويربع
وأحرقتَ أكباداً وأغرقتَ أدمعاً
وهدَّمتَ بنيان العلا فهو بلقع
صرعتَ النهى منا وأبكيت أعيناً
كذا فيلكن من فيه يبكى ويصرع
وخان المعالي في آمينٍ قضاؤه
وظني به أن العناية تدفع
نهارٌ بِهِ ودَّ الحريص على البقا
بأنَّ له هذا الرثا ويُشيَّع
إذا ما جناح العمر بلل ريشَه
فكم طار في الدنيا غرابٌ وأبقع
إذا لم يشق الجيب من كل مهجة
بسفك دم من دمعنا كيف نصنع
ذخيرة كنز الدين كان أمينه
فواقاه مالاً بالوقاية يمنع
لذي الفضل مهديّ الهداية ملتقىً
وبحر محيط بالدراية مجمع
فتنوير أبصار الخلاصة قد بكى
عليه بدرٍّ والقلوب تمزَّع
ولي نهر عين تزدريه كفاية
بأشباه عيني والنظائرُ أدمع
وشنَّع حالات الضلال بهديه
فوجه الهدى من بعد أن فات أشنع
وجاء فذاك الليل أبيض ناصعٌ
وقاء فهذا الصبح أسود أسفع
وفي بحر دمعي إذ توفي وقد جرى
بنعش الإمام الحبر وهو يشيع
كتابوت موسى فيه ما يشتهي العلا
ففي اليم من سكب المدامع يدفع
فيا خاتم الناس الكرام ترفعاً
وخاتم قوم في المحامد أرفع
ويا خير متن كان للقلب شارحاً
ويا من إليه الإلتجا والتفجُّع
ألا إن دهراً غالك اليوم طامعٌ
ونفساً ترجِّي منه مثلَك أطمع
وصرَّع بيت القلب وهو عروضه
فبحر دموعي فيه لا يتقطَّع
ولم تبكه فرداً ولكان بكاؤنا
على عدد من كل من عنه يسمع
محمد كالنعمان دمعي شقيقه
أبو يوسف في الحزن قلبي المفجَّع
فودع عن عُمْرٍ قليلٍ من الدنا
كذا غالباً عمرُ الكرامِ يودَّع
صِفا لي دواءً عن آمين فإنني
لأبتاعه بالروح إن كان ينفع
لقد جانس المأمون في الفضل والثنا
أمينٌ وما حكاه فيما يُشنَّع
وإن قيل لي مات الذي تهتدي به
فقد مات أهل الفضل أجمَعُ أَصْبَعُ
ومات الذي لو شئت قلت بفخره
لمن قال لي قد مات قد مات تبَّع
ظللنا وقد ولَّى إلى ظل جنةٍ
وأكبادنا وجداً إلى النار تسرع
فما للفتى إذ عاد عن روض قبره
كمثل الفتى عن بابه حين يرجع
أتى وهو في شغل عن الناس شاغل
وفي دمعه صبر التصبر يجرع
أما قاس هذا المجد قبر يضمه
سقي من دير الدمع ما ليس يذرع
لئن وسع المجدُ المكرَّمُ قدرَه
فكم ضاق عن ما طال في الكون موضع
ألان أنوفاً في شموخ تغلبت
فأنف العدى يوم التحاجج أجدع
لقد لبس التيجان في الخد بالتقى
وداس العدى من بعد من هو أقرع
ووتر حنيفيّ التشفُّعِ مالكٌ
مضى للذي من قبل قد راح يشفع
فكم نسمع الأقوال من دون فعلها
ويفعل ما لا قوله فيه يسمع
لقد سودت وجه الهدى بعد بعده
بصفر وجوه ما لها الآن مقنع
وكم بات وجه الزور وهو مقبَّحٌ
وكم بات وجه الإفك وهو مروَّع
وكم خبطت عشواء في ليل مشكل
فجاء لها بالشمس فكرك يوشع
فأرعاك أعناق الرعايا ديانة
فترتاع في المرعى وغيرك يرتع
فليس رفيعاً من رقى بجهالةٍ
إلى رتبة وقتاً ومن بعد يُرفع
فيسجد في حاجاته عند مرتجىً
وعند وقوف المرتجى يتركَّع
سأبكي عليك العمر في السر والبكا
بكا السر لا صوت وأعين تهمع
نجلك أن نبكيك بالدمع إنما
عليه يفاض الدمع من كان يدمع
محمد إن في القبر صرت محمداً
فلم يرض فيك الصبر إلا التوجع
عليك تحيات من المسك أرخت
أميناً برحمات بها القبر مجمع
شرح ومعاني كلمات قصيدة أيزهو لعين المرء ما يتنوع
قصيدة أيزهو لعين المرء ما يتنوع لـ علي أفندي الدرويش وعدد أبياتها واحد و ستون.