إلى حبيبتي في رأس السنة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة إلى حبيبتي في رأس السنة لـ نزار قباني

-1-
أنقل حبي لك من عام إلى عام ..
كما ينقل التلميذ فروضه المدرسية إلى دفتر جديد
أنقل صوتك .. ورائحتك .. ورسائلك ..
ورقم هاتفك .. وصندوق بريدك ..
وأعلقها في خزانة العام الجديد ..
وأمنحك تذكرة إقامة في قلبي ..
-2-
إنني أحبك ..
ولن أتركك وحدك على ورقة 31 ديسمبر أبداً
سأحملك على ذراعي ..
وأتنقل بك بين الفصول الأربعة ..
ففي الشتاء سأضع على رأسك قبعة صوف حمراء ..
كي لا تبردي ..
وفي الخريف , سأعطيك معطف المطر الوحيد الذي أملكه ..
كي لا تتبللي ..
وفي الربيع ..
سأتركك تنامين على الحشائش الطازجة ..
وتتناولين طعام الإفطار ..
مع الجنادب والعصافير ..
وفي الصيف ..
سأشتري لك شبكة صيد صغيرة ..
لتصطادي المحار ..
وطيور البحر ..
والأسماك المجهولة العناوين
-3-
إنني أحبك ..
ولا أريد أن أربطك بذاكرة الأفعال الماضية ..
ولا بذاكرة القطارات المسافرة ..
فأنت القطار الأخير الذي يسافر ليلاً ونهاراً
فوق شرايين يدي ..
أنت قطاري الأخير ..
وأنا محطتك الأخيرة ..
-4-
إنني أحبك ..
ولا أريد أن أربطك بالماء .. أو بالريح
أو بالتاريخ الميلادي أو الهجري ..
ولا بحركات المد والجزر ..
أو ساعات الخسوف والكسوف
لا يهمني ما تقوله المراصد ..
وخطوط فناجين القهوة ..
فعيناك وحدهما هما النبوءة
وهما المسؤولتان عن فرح هذا العالم ..
-5-
أحبك ..
وأحب أن أربطك بزمني .. وبطقسي ..
وأجعلك نجمة في مداري ..
أريد أن تأخذي شكل الكلمه ..
ومساحة الورقه ..
حتى إذا نشرت كتاباً .. وقرأه الناس ..
عثروا عليك , كالوردة في داخله ..
وأما أنا ..
فأجمل الشوارع والأرصفة المغسولة والمطر ..
على ظهري .. وأبحث عنك ..
أريد أن تأخذي شكل فمي ..
حتى إذا تكلمت ..
حسبك الناس تستحمين في صوتي ..
أريدك أن تأخذين شكل يدي ..
حتى إذا وصفتها على الطاولة ..
وجدك الناس نائمة في جوفها ..
كفراشة في يد طفل ..
إنني لا أحترف طقوس التهنئة ..
إنني أحترف العشق ..
أحترفك ..
يتجول هو فوق جلدي ..
وتتجولين أنت تحت جلدي ..
-6-
لماذا تتآمرين عليّ مع المطر ؟ ما دمت تعرفين ..
أن كل تاريخي معك .. مقترن بسقوط المطر ..
وأن الحساسية الوحيدة التي تصيبني ..
عندما أشم رائحة نهديك ..
هي حساسية المطر ..
لماذا تتآمرين علي ؟ .. ما دمت تعرفين ..
أن الكتاب الوحيد الذي أقرؤه بعدك ..
هو كتاب المطر ..
-7-
إنني أحبك ..
هذه هي المهنة الوحيدة التي أتقنها ..
ويحسدني عليها أصدقائي وأعدائي ..
قبلك .. كانت الشمس , والجبال , والغابات ..
في حالة بطالة ..
واللغة بحالة بطالة .. والعصافير بحالة بطالة ..
فسكراً لأنك أدخلتني المدرسة ..
وشكراً .. لأنك علمتني أبجدية العشق ..
وشكراً .. لأنك قبلت أن تكوني حبيبتي ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي