إلى سيدة تصطنع الهدوء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة إلى سيدة تصطنع الهدوء لـ نزار قباني

1
خذي وقتكِ , يا سيدتي العزيزهْ
فلا أحدَ يرغمكِ على الإدلاء باعترافاتٍ كاذبهْ
ولا أحدَ يريدُ منكِ أن تفعلي الحبّ ..
تحت تأثير الخمرة .. أو المخدرْ ..
كما لو كنتِ تخلعينَ أحدَ أضراسكْ ..
لستِ مضطرة ً للتبرع بنصفِ فمكْ ..
أو نصف يدكْ ..
فلا الشفاهُ قابلة ٌ للقسمهْ ..
ولا الأشواقُ قابلة ٌ للقسمهْ ..
ولا الأنوثة ُ قابلة ٌ للقسمهْ ..
هذا هو الموقفُ يا سيدتي ..
فلا تخاطبيني وأنتِ مضطجعة ٌ على سريركِ الملكيّ
فآخرُ اهتماماتي .. سندُ خاصرة ِ الملكاتْ ..
وقراءة ُ شعري ..
في مجالس ِ الملكاتْ ..
2
خذي الوقتَ الذي تستغرقهُ اللؤلؤة ُ لتتشكلْ .
والسنونوة ُ لتصنعَ بجناحيها صيفاً ..
خذي الوقتَ الذي تستغرقهُ الدمعة ُ ..
لتصبحَ كتابَ شعرْ ..
خذي الوقتَ الذي يستغرقهُ النهدُ ..
ليصبحَ حصاناً أبيضْ ..
خذي الأزمنة َ التي ذهبتْ ..
والأزمنة التي سوف تأتي ..
فالمسافة ُ طويلهْ ..
بين آخر النبيذ .. وأول الكتابهْ
وأنا لستُ مستعجلاً عليكِ ..
أو على الشعرْ ..
فالعيونُ الجميلة ُ غيرُ قابلةٍ للاغتصابْ ..
والكلماتُ الجميلة ُ غيرُ قابلةٍ للاغتصابْ ..
والذين لهمْ خبرة ٌ بشؤون البحرْ ..
يعرفونَ أنّ السفنَ الذكية َ لا تستعجلُ الوصولْ ..
وان السواحلَ هب شيخوخة المراكبْ ..
3
خذي وقتكِ ..
أيتها السيدة ُ التي تصطنع ُ الهدوءْ
إنني لا أطالبكِ بارتجال ِ العواطفْ ..
فلا أحدَ يستطيع تفجيرَ ماء الينابيعْ
ولا أحدَ يستطيعُ رشوة َ البرق والرعدْ ..
ولا أحدَ يستطيع ُ إكراهَ قصيدةٍ
على النوم مع شاعر ٍ لا تريدهْ ..
4
خذي وقتكِ .. أيتها الهوائية ُ الأطوارْ ..
يا امرأة َ التحولات , والطقس الذي لا يستقرّْ
أيتها المسافرة ُ بين القطبِ .. وخط ّ الاستواءْ
بين انفجارات الشعر .. ورمادِ الكلام اليومي
خذي وقتكِ ..
خذي وقتكِ ..
إن نار الحطب لا تزال في أولها ..
ونارَ القصيدة لا تزال في أولها ..
وأنا لستُ مستعجلاً على انشقاق البحرْ ..
وذوبان ِ الثلوج .. على مرتفعات نهديكْ ..

إنني لا أطالبكِ بإحراق سفنكْ ..
والتخلي عن مملكتك .. وحاشيتكْ .. وامتيازاتك الطبقيهْ ..
لا أطالبكِ بأن تركبي معي فرسَ الجنونْ ..
فالجنونُ هو موهبة ُ الفقراء وحدهم ..
وأنتِ تريدينَ أن تحتفظي بتاج الملكاتْ ..
لا بتاج الكلماتْ ..
أنتِ امرأة ُ العقل الذي يحسب حساباً لكل شيءْ
وأنا رجلُ الشعر الذي لا يقيم حساباً لأي شيءْ ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي