إليك أم التداوي وابنة العنب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة إليك أم التداوي وابنة العنب لـ اسماعيل صبري

اقتباس من قصيدة إليك أم التداوي وابنة العنب لـ اسماعيل صبري

إليك أمَّ التداوي وابنةَ العنبِ

فالكأسُ من فضةٍ والراحُ من ذَهَبِ

قالت وقد أسفرت عن طلعةٍ سحرَت

عيني فتاهَت بها من شِدَّةِ العَجَبِ

وصيَّرَ الراحُ خدَّيها موردةً

والخمرُ تذهِبُ ما في النفسِ من ريَبِ

تبسمَت ودَنَت والكأسُ في يدها

تهتز أعطافُها من نشوَةِ الطَّرَبِ

تُقدمُ الكأسَ باليُمنى مدلهةً

وتمنعُ القلبَ باليسرى عن الهربِ

هذا الدواءُ الذي ردَّ اللقاءَ لنا

أسرع لقد آن وقتُ اللهوِ واللعِبِ

وصوَّبت سهم عينيها إلى كبدي

وأطلقتهُ بلا ذنبٍ ولا سببِ

فقامت الحربُ من عيني لوجنتها

ومن فؤادي لتلك الأعين النجُبِ

كافحت حتى بدا لي الضعفُ وانهَزَمَت

قُواي مما تولى القلبَ من وَصَبِ

وقعتُ في أسرِها دامي الجراحِ ولم

ترأف بقلبٍ بنار الوَجدِ ملتهبِ

ظَنَّت بأنَّ فؤادي لم يكن دَنِفاً

وأنَّ دمعَ جفوني غيرُ منسَكِبِ

لو لاحظت أدمعي تجري دماً لبكَت

فكيف لو نظرَت قلبي عَلَى اللَّهَبِ

بينا لواعجُ هذا الحب تَفعَلُ في

حشايَ فعلَ دبيبِ النار بالحطبِ

كانت أناملُ يُسرَاها بدَت عَنَماً

تجوسُ صَدراً تبدَّى آية العجب

تداعب الدرَّ والياقوتَ لاهيةً

قد شاغلتها اللآلي فهي في لعبِ

والكأسُ ما زالت اليُمنى تُقَدِّمُها

وقد تفاخَىَ فيها الحُسنُ بالنَّسَبِ

لما تباطأ ثغري عن تناوُلِها

لما دهى القلبَ والعينين من كُرَبِ

أحسَّ قلبُ التي أهوى بمشغلتي

ووسوس الظنُّ أن الكأس لم تَطِبِ

فحاولت أن تَرُدَّ مُسرَعَةً

لكنني لم أمكنها من الطلبِ

فانقضَّ كفى على أعنامها رَغَباً

والنسر ضَمَّ جناحيه من الرهبِ

يا غادةً فتكت بالقلبِ نظرتها

كيف اصطباري وقد صرنا على كثَبِ

أتجهلين بأنَّ الخمرَ معصيةٌ

وكم سمعنا بها في مجلس الطرَبِ

تروحُ باللُّبِّ حتى ربما ارتكبت

حساتُها ما هوى الطهر والأدبِ

قالت وَوَردُ الحيا قد زان وجنتها

إن الشرابَ يواسي قلبَ مكتئب

ألا ترى أنها للروحِ منعشةٌ

تردُّ طيفَ الأسى عن فكرِ مضطرِبِ

بعزمِها اجتزتُ تيارَ الغرامِ ولم

أحفل بوقع سهامِ الظَّنِّ والرِّيبِ

تمكن السُّهدُ من عيني فأرقَّها

وقد تعدى على قلبي فواحربي

فقادني وَجدَ قلبي غيرَ واجفةٍ

إلى اقتفاء خيالٍ جَدَّ في طلبي

شاغلتُها ورفعتُ الكأسَ من يدِها

صفراءِ رصعها عقدٌ من الحببِ

لم أستطع كَتمَ ما بالقلبِ من شجنٍ

فإن غدا خافقاً لا بُدَّ من سبَبِ

حبيبةَ القلبِ جددتِ الحياةَ إلى

من كادَ هجرُكِ يدنيه من العَطَبِ

هذا غرامي يذكي النارَ في جسدي

والنومُ عن مقلتي قد جدَّ في الهرَبِ

صبرت حيناً على وجدٍ كلفتُ بهِ

وأنتِ مشغولةٌ باللهوِ واللعبِ

حتى قضى اللَه أن أحظى بقُربِكَ يا

مليكةَ الحُسنِ عن أمٍّ لها وأبِ

أنتِ التي ملكت قلبي بعفَّتها

فإن بعدت فما في العيش من أرب

هذا هُوَ الطُّهرُ قد حيَّاك مبتسماً

تاجُ الطهارةِ عَزَّ اليومَ كالذَّهَبِ

إن العفافَ جمالٌ لا يزول وَقَد

يغيبُ كلُّ جمالٍ وَهو لم يَغِبِ

لا تشربي الخمرَ بعد اليوم فاتنتي

وعاهديني بأن نبقى على كَثَبِ

يا لائمي في هوى ذاتِ العفافِ كفى

هوِّن عليكَ وخفِّف ثورةَ الغَضَبِ

وإن دنا منكَ صوتُ النُّصحِ فاصغ له

واعمل لرفعةِ شأن الطُّهرِ والأدَبِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة إليك أم التداوي وابنة العنب

قصيدة إليك أم التداوي وابنة العنب لـ اسماعيل صبري وعدد أبياتها أربعون.

عن اسماعيل صبري

إسماعيل صبري باشا. من شعراء الطبقة الأولى في العصر الحديث، امتاز بجمال مقطوعاته وعذوبة أسلوبه، وهو من شيوخ الإدارة والقضاء في الديار المصرية، تعلم بالقاهرة، ودرس الحقوق بفرنسا، وتدرج في مناصب القضاء بمصر، فعين نائبا عموميا، فمحافظاً للإسكندرية، فوكيلا لنظارة (الحقانية) وكان كثير التواضع شديد الحياء، ولم تكن حياته منظمة كما يظن في رجل قانوني إداري. يكتب شعره على هوامش الكتب والمجلات، وينشره أصدقاؤه خلسة، كان كثيراً ما يمزق قصائده صائحاً: إن أحسن ما عندي ما زال في صدري! وكان بارع النكتة سريع الخاطر، وأبى وهو وكيل للحقانية (العدل) أن يقابل (كرومر) فقيل له: إن كرومر يريد التمهيد لجعلك رئيساً للوزارة؛ فقال: لن أكون رئيسا للوزارة وأخسر ضميري! ولما نشبت الحرب العامة الأولى سكت، وطال صمته إلى أن مات. توفي بالقاهرة ورثاه كثيرون من الشعراء والكتاب. وجمع ما بقي من شعره بعد وفاته في (ديوان - ط) .[١]

تعريف اسماعيل صبري في ويكيبيديا

إسماعيل صبري باشا (1270 هـ - 1341 هـ / 16 فبراير 1854 - 21 مارس 1923)، أحد شعراء الإحياء والبعث في تاريخ الشعر العربي الحديث، ويُلقب بشيخ الشعراء.

[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. اسماعيل صبري - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي