إليك تتوق أيتها السماء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة إليك تتوق أيتها السماء لـ جميل صدقي الزهاوي

اقتباس من قصيدة إليك تتوق أيتها السماء لـ جميل صدقي الزهاوي

إليك تتوق أيتها السماءُ

نفوسٌ قد أضرَّ بها الشقاء

ومضَّتها على الأرض الرزايا

وأسأمها بمحبسها الثواءُ

أَحِقِّي يا سماء مُنى نفوس

إليك لها إليك لها التجاء

ترجِّي فيك بعد الموت عيشاً

فوا أسفاه إن خاب الرجاءُ

عِدينا ثم إن شئت امطلينا

فإنا بالوعود لنا اكتفاءُ

وإنا نحن قوم قد أُهنَّا

وإنا نحن قوم أبرياءُ

وإنا قد عشقنا الموت لما

سمعنا ذكره فمتى اللقاء

إذا أمست حياة المرء داءً

فليس سوى الحمام لها دواءُ

يشاء المرء أن يحيا سليماً

ولكنَّ الحوادث لا تشاءُ

وما حب المعيشة في ديارٍ

لأحرار النفوس بها جفاءُ

فلا سقيا ولا رعيا لأرضٍ

تُراق على جوانبها الدماءُ

وما سلمت عليها قبل هذا

من الأرزاء حتى الأنبياء

أنفسي إن جزعت من المنايا

فإني منكِ يا نفسي براءُ

عبدتِ الأدنياءَ رجاءَ دنيا

حوتها بالخداع الأدنياءُ

وأُوردت الهوان فلم تُعافى

فأين تحدثي أين الإباءُ

أَبيني يا سماء وخبرينا

بما لم ندر دام لكِ العلاءُ

ولا زالت على مرِّ الليالي

نجومك يستضئ بها الفضاءُ

هل الأرواح بعد الموت منا

لها في جوِّك السامي بقاءُ

أم الأرواح تابعة جسوماً

لنا تبلى فيلحقها الفناءُ

فضاؤُك هل يصير إلى انتهاءٍ

أم الأبعاد ليس لها انتهاءُ

وحقٌّ أن للإجرام حداً

أم الحدُّ الذي يعزى افتراءُ

وبعد نهاية الأجرام قولي

خلاءٌ في الطبيعة أم ملاءُ

يحيرني امتدادك في الأعالي

ويبهجني بزرقتك الصفاءُ

أُحبُّ ضياء أنجمك الزواهي

فأحسنُ ما بأنجمك الضياءُ

نجومك في دوائر سابحاتٍ

يحف بها المهابة والبهاءُ

تَراءى في تحركها بطاءً

وما هي في تحركها بطاءُ

ولا هي في الجسامة لو علمنا

ولا في بعدها عنا سواءُ

أبيني يا سماء وخيِّريني

وإلّا دام في قلبي امتراءُ

أيبقى المكثرون من الخطايا

إذا ماتوا وليس لهم جزاءُ

لعمركِ لا تريد النفس هذا

فما الجاني وذو التقوى بواءُ

رأَيت البعض يخشع للمنايا

فيذكرها ويغلبه البكاءُ

مخافة أن يُلمَّ الموت يوما

ببنيته فينهدم البناءُ

ويضرب عن وراء الموت صفحاً

كأن الموت ليس له وراءُ

فإن تسأل يقل ما الموت إلا

نهاية كل من لهم ابتداءُ

أضاءَتك الحياة وكنتَ قبلا

بليلٍ حشو ظلمته العماءُ

وجودُك بعد ذاك الليل صبح

وهذا الصبح يعقبه المساءُ

رقيت من الجماد فصرت حياً

تميِّره الدراية والذكاءُ

أقول كذا ولم أزدد يقيتا

يما في الأمر لو كشف الغطاءُ

فقلت له وبعض القول حقٌّ

صريح لا يجوز به المراءُ

أليس يركِّب الأحياء طرا

عناصرُ أوضحتها الكيمياءُ

فقال بلى فقلت له أليس ال

عناصر لا تحسُّ ولا تشاءُ

فقال بلى فقلت إذن فماذا

جرى حتى استتب لها النماءُ

وصارت بعد في الإنسان جسماً

يفكِّر عاقلا وله دهاءُ

فقال السر في التركيب أن ال

مركَّب قد يقوم به ارتقاءُ

إذا اتحدت عناصر في بناءٍ

تغيَّر وصفه ذاك البناءُ

وجدَّ له خصائص ذات شأنٍ

عناصر جسمه منها خلاءُ

وإن حياتنا والموت فاعلم

أجيجٌ في العناصر وانطفاءُ

ولكن التعصب في أناسٍ

أضلَّهم الهوى داء عياءُ

وإفهام الجهول الحق مرّاً

عناءٌ ليس يشبهه عناءُ

وفي الأصل الجواهر لو علمنا

قوى منها الأثير له امتلاءُ

تلاقى بينها فتكون منها

جواهر في النفار لها ولاءُ

صغيرات الحجوم محقراتٌ

ومنها الكائنات لها ابتناءُ

تَضمّن قوتي جذب ودفع

كما يبديه هذا الكهرباءُ

وإن الشمس والاجرام طرّاً

من الحركات ولَّدَها السماءُ

لكل مقولة منها إليها

على الدور ابتداءٌ وانتهاءُ

فإن برزت فذاك لها وجود

وإن خفيت فذاك لها فناءُ

سماؤك هذه تحوي نجوماً

لأكثرها عن البصر اختفاءُ

فتحسب ما يريك الليل منها

شموعاً في الصباح لها انطفاءُ

وما هي لو تعي إلا شموساً

بها ليدَى منوِّرها اعتناءُ

شموس قد أضاء الجوُّ منها

وزال بها عن الكون العماءُ

يصغرها بعينك حين ترنو

لها بعدٌ هنالك واعتلاءُ

أهمَّ بأن أعدّ الأرض منها

كواحدة فيمتعني الحياءُ

فإن الأرض تابعة لشمسٍ

إلى أمّ النجوم لها انتماءُ

فتيهي يا نعماء فليس شيء

تكون فيك عنك له غناء

فأنت لكل موجودٍ وجودٌ

وأنت لكل موجودٍ وعاء

وهذا الجو أنت له امتدادٌ

وهذي الأرض أنت لها غطاء

وإن وجود ما في الكون طراً

عليك إذا تأملنا ثناء

يليق يليق ما استعليت كبراً

بشأنك يا سماء الكبرياء

فقبل القبل كنت كذا سماءً

ولا شمسٌ هناك ولا ضياء

ستفنى الكائنات وليس إلا

لوجه اللَه ثم لك البقاء

فقلت له رعاك اللَه هذا

على ما جاء في العلم اعتداء

فإن حقائق الأشياء سرُّ

خفي ما لغامضه انجلاء

وأبدت قبلنا الحكماء فيها

أقاويلاً فما برح الخفاء

شرح ومعاني كلمات قصيدة إليك تتوق أيتها السماء

قصيدة إليك تتوق أيتها السماء لـ جميل صدقي الزهاوي وعدد أبياتها ثلاثة و سبعون.

عن جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي. شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية. وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و (الجاذبية وتعليها -ط) ، و (المجمل مما أرى-ط) ، و (أشراك الداما-خ) ، و (الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و (رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط) ، و (الكلم المنظوم-ط) ، و (الشذرات-ط) ، و (نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و (رباعيات الزهاوي -ط) ، و (اللباب -ط) ، و (أوشال -ط) .[١]

تعريف جميل صدقي الزهاوي في ويكيبيديا

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن الملا أحمد بابان الزهاوي (1279 هـ - 1354 هـ / 1863 - 1936 م): شاعر، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر، وهو علم من أعلام الشعر العربي الحديث، ورائد من روّاد التفكير العلمي والنهج الفلسفي. مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتيها. وبيته بيت علم ووجاهة في العراق. كردي الأصل، أجداده البابانيون أمراء السليمانية، ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي الزهاوي.تلقى العلم على يدي أبيه مفتي بغداد، وفي مدرسته التي عُرفت بما تدرسه من العلوم الشرعية الإسلامية والأدب العربي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذا للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذا للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذا للمجلة في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائبا عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائبا عن بغداد، فرئيسا للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي.

[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي