إليه في يوم ميلاده

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة إليه في يوم ميلاده لـ نزار قباني

زمانك بستانٌ .. وعصركَ أخضرُ
وذكراكَ ، عصفورٌ من القلب ينقرُ

ملأنا لك الأقداحَ ، يا مَن بِحُبّه
سكِرنا ، كما الصوفيُّ بالله يسكرُ

دخلتَ على تاريخنا ذات ليلةٍ
فرائحةُ التاريخ مسكٌ وعنبرُ

وكنت َ، فكانت فى الحقول سنابلٌ
وكانتْ عصافيرٌ .. وكان صنوبرُ

لمسْتَ أمانينا ، فصارتْ جداولاً
وأمطرتنا حبّاً ، ولا زلتَ تمطرُ

تأخّرت عن وعد الهوى يا حبيبنا
وما كنت عن وعد الهوى تتأخرُ

سَهِدْنا .. وفكّرنا .. وشاخت دموعنا
وشابت ليالينا ، وما كنتَ تحضُرُ

تعاودنى ذكراك كلّ عشيّةٍ
ويورق فكرى حين فيك أفكّر ..

وتأبى جراحى أن تضمّ شفاهها
كأن جراح الحبّ لا تتخثّرُ

أحبّكَ . لا تفسير عندى لصَبْوتى
أفسّر ماذا ؟ والهوى لا يُفسَّر

تأخرت يا أغلى الرجال ، فليلنا
طويلٌ ، وأضواء القناديل تسهرُ

تأخّرت .. فالساعات تأكل نفسها
وأيامنا فى بعضها تتعثّرُ

أتسأل عن أعمارنا ؟ أنت عمرنا
وأنت لنا المهدىّ .. أنت المحرّرُ

وأنت أبو الثورات ، أنت وقودها
وأنت انبعاث الأرض، أنت التغيّرُ

تضيق قبور الميتين بمن بها
وفى كل يوم أنت فى القبر تكبرُ

* * *

تأخرت عنّا .. فالجياد حزينة
وسيفك من أشواقه ، كاد يكفرُ

حصانك فى سيناء يشرب دمعَهُ
ويا لعذاب الخيل ، إذ تتذكّرُ

وراياتك الخضراء تمضغ دربها
وفوقك آلاف الأكاليل تُضْفَرُ

تأخرت عنا .. فالمسيح معذّبٌ
هناك ، وجرح المجدلية أحمرُ ..

نساء فلسطينٍ تكحّلن بالأسى
وفى بيت لحمٍ قاصراتٌ .. وقصّرُ

وليمونُ يافا يابسٌ فى حقولهِ
وهل شجرٌ فى قبضة الظلم يُزهرُ ؟

* * *

رفيق صلاح الدين .. هل لك عودةٌ
فإن جيوش الروم تنهى وتأمرُ

رفاقك فى الأغوار شدّوا سُروجَهم
وجندك فى حِطِّين ، صلّوا .. وكبّروا ..

تُغنّى بك الدّنيا .. كأنك طارقٌ
على بركات الله ، يرسو .. ويُبحرُ

تناديك من شوقٍ مآذنُ مكّةٍ
وتبكيك بَدر ٌ، يا حبيبى ، وخيبرُ

ويبكيك صفصاف الشام ووردها
ويبكيك زهرُ الغوطتين ، ودُمَّرُ

* * *

تعال إلينا .. فالمروءات أطرقتْ
وموطن آبائى زجاج مكسّرُ ..

هُزمنا .. وما زلنا شِتاتَ قبائلِ
تعيشُ على الحقد الدفين وتثأرُ

رفيق صلاح الدين .. هل لك عودةٌ
فإن جيوش الروم تنهى ، وتأمرُ

يحاصرنا كالموت ألفُ خليفةً
ففى الشرق هولاكو .. وفى الغرب قيصرُ

* * *

أبا خالدٍ أشكو إليك مواجعى
ومثلى له عذرٌ .. ومثلك يعذرُ

أنا شجرُ الأحزان ، أنزفُ دائماً
وفى الثلج والأنواءِ .. أعطى وأُثمرُ

يثيرُ حزيرانٌ جنونى ونقْمتَى
فأغتال أوثانى .. وأبكى .. وأكفرُ

وأذبح أهلَ الكهف فوق فراشهم
جميعاً ، ومن بوّابة الموت أعبرُ

وأترك خلفى ناقتى وعباءتي
وأمشى .. أنا فى رَقْبة الشمس خِنجرُ

وأصرخُ : يا أرض الخرافات ِ.. إحْبلى
لعلَّ مسيحاً ثانياً .. سوف يظهرُ ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي