الأصمعيات/المفضل النكري

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

المُفَضَّل النُكْرِيّ

المُفَضَّل النُكْرِيّ - الأصمعيات

المُفَضَّل النُكْرِيّ

ألمْ ترَ أنَّ جيرتَنَا استقَلُّوا

فنِيَّتُنَا ونيتُهُمْ فَرِيقُ

فدمعِي لُؤلُؤٌ سَلِسٌ عُراهُ

يَجُرُّ عَلى المَهَاوي مَا يَليقُ

غدَتْ مَا دُمْتَ إذْ شحطَتْ سُليْمَى

وأنْتَ لِذكرِهَا طَرِبٌ مَشُوقُ

فودِّعْها وإنْ كانَتْ أَناةً

مُبتَّلةً لهَا خَلْقٌ أَنيقُ

تُلَهِّى المرءَ بالحِدْثَانِ لِهواً

وتَحْدِجُهُ كمَا حُدِجَ المُطِيقُ

فإنَّكَ لو رأيتَ غداةَ جِئْنَا

ببطنِ أُثَالَ ضاحِيَةً نَسُوقُ

فِداءٌ خالَتي لِبَني حُيىٍّ

خُصُوصاً يومَ كُسُّ القومِ رُوقُ

هُمُ صبَرُوا وصَبْرُهُمُ تلِيدٌ

عَلَى العزاءِ إذْ بَلَغَ المضِيقُ

وهُمْ دفَعُوا المنيَّةَ فاستَقَلَّتْ

دِراكاً بعدَ مَا كادَتْ تَحيِقُ

تلاقينَا بغينَةِ ذي طُريفٍ

وبعضُهُمُ علَى بعضٍ حنيقُ

فَجاءُوا عارِضاً بَرِداً وجئُنَا

كَسَيلِ العرضِ ضاقَ بهِ الطريقُ

مشَيْنَا شطرَهُمْ ومشوْا إلْينا

وقُلنَا اليومَ ما تَقضِي الحُقُوقُ

رَميْنَا في وجوهِهِمُ بِرِشْقٍٍ

تعَضُّ بهِ الحَنَاجِرُ والحُلُوقُ

كأنَّ النَبلَ بينهُمُ جَرادٌ

تُلقِّيهِ شآميَةٌ خَرِيقُ

وَبَسْلٌ إنْ تَرَى فيهِمُ كَمِيَّاً

كَبَا ليديْهِ إلَّا فيهِ فُوقُ

يُهَزْهِزُ صعدَةً جرداءَ فيهَا

سِنانُ الموتِ أو قَرْنٌ مَحيقُ

وجدْنَا السُدَّ رخراخاً ضعِيفاً

وكانَ النبعُ منبِتُهُ وَثيقُ

لقينَا الجهْمَ ثَعلَبَةَ بْنَ سَيْرٍ

أضَرَّ بِمَنْ يُجَمِّعُ أوْ يَسوقُ

لدَى الَلأعلامِ مِنْ تلَعاتِ طِفلٍ

ومنهُمْ مِنْ أضَجَّ بهِ الفُرُوقُ

فَخُوطٌ مِنْ بَنِي عمرِو بنِ عَوفٍ

وأَفْنَاءُ العُمُورِ بهَا شَقِيقُ

فألفينَا الرِماحَ كأنَّ ضَرباً

مَقيلَ الهامِ كَلٌّ مَا يَذوقُ

وجاوَرْنَا المَنُونَ بغيرِ نِكسٍ

وَخاظِي الجَلزِثعلَبُهُ دَمِيقُ

كأنَّ هزيزَنا يومَ التقَيْنَا

هَزِيزُ أباءَةٍ فيهَا خَريقُ

بكَلِ قرارةٍ وبِكُلِّ ريعٍٍ

بنَانُ فتىً وجُمجُمةٌ فَليقُ

وكمْ مِنْ سيدٍ منَا ومنْهُمْ

بذِي الطَرْفاءِ مَنطِقُهُ شَهيقُ

بكُلِّ مَجالٍة غادَرْتُ حِزقاً

مِنْ الفِتيانِ مَبسِمُهُ رَقيقُ

فأشبَعْنَا السِباعَ واشبعُوهَا

فراحَتْ كلُّهَا تَئِقٌ يَفوقُ

تركْنَا العُرحَ عاكفَةً عليهِمْ

وللغربانِ مِنْ شَبعٍ نَغِيقُ

فأبكينَا نساءَهُمُ وأبكَوا

نساءً مَا يَسوغُ لهُنَّ رِيقُ

يُجاوبنَ النِياحَ بكُلِّ فَجْرٍ

فقَدْ صَحِلَتْ مِنْ النَوحِ الحُلُوقُ

قَتَلنَا الحارثَ الوضَّاحَ فيهِمْ

فَخَرَّ كأنَّ لِمَّتَهُ العُذُوقُ

أصابَتْهُ رماحُ بنَي حُيىٍّ

فَخَرَّ كأنَّهُ سيفٌ دَلُوُقُ

وقدْ قتلُوا بهِ منَّا غُلاماً

كَرِيماً لمْ تُؤشِّبهُ العُرُوقُ

وسائلةٍ بثعلبَةَ بنِ سيرٍ

فَقَدْ أوْدَتْ بثعلَبَةَ العُلُوقُ

وافلتْنَا ابْنَ قُرَّانٍ جَرِيضاً

تَمُرَّ بهِ مُسَاعَفَةً خَزُوُقُ

تشُقُّ الأرضَ شائلَةَ الذُنَابَا

وهادِيهَا كأنْ جِذْعٌ سَحُوُقُ

فلمَّا استيقَنُوا بالصبرِ منَّا

تذكَّرَتِ العشائِرُ والحَزِيقُ

فأبقيْنَا ولوْ شِئنَا ترَكْناَ

لُجْيماً لاتقُودُ ولا تَسُوقُ

وأنعمْنَا وابْأَسْنَا عليهِمْ

لَنَا في كُلِّ أبياتٍ طَلِيقُ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي