الأصمعيات/مالك بن حريم الهمداني

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

مالِك بن حَريم الهَمْداني

مالِك بن حَريم الهَمْداني - الأصمعيات

مالِك بن حَريم الهَمْداني

جَزِعْتَ ولمْ تَجْزَعْ مِنَ الشَيْبِ مَجْزَعاً

وقدْ فاتَ رِبْعيُّ الشَبابِ فَوَدَّعا

ولاح بياضٌ في سوادٍ كَأنهُ

صِوارٌ بجوٍّ كانَ جدْباً فأمْرَعَا

وأقْبَلَ إخوانُ الصَفاءِ فأَوْضَعُوا

إلى كلِّ أَحْوَى في المَقامةِ أفرَعا

تذكَّرْتُ سلْمى والرِكابُ كأنَّها

قطاً واردٌ بيْنَ اللِفاظِ ولَعْلَعا

فَحدَّثْتُ نَفْسِي أَنَّها أو خيالَها

أَتَانَا عِشاءً حينَ قُمْنَا لنْهَجَعا

فقُلْتُ لَهَا بِيتِي لديْنا وَعَرِّسي

ومَا طَرَقَتْ بعْدَ الرُقادِ لتَنْفَعا

مُنعَّمةٌ لمْ تلْقَ في العيْشِ تَرْحَةً

ولَمْ تلْق بُؤْساً عنْدَ ذاكَ فتَجْزَعا

أهُمُّ بِهَا لمْ أقْضِ منْها لُبانَةً

وكنْتُ بِها في سالف ِالدَهْرِ مُوزَعا

كأنَّ جنَا الكافورِ والمِسكِ خالصاً

وبَرْدَ النَدَى الُأقْحُوَانَ المُنزَّعا

وقَلْتاً قَرَتْ فيهِ السحابَةُ ماءَها

بأنْيابها والفارسيُّ المُشعشَعا

وإِنِّي لأسْتَحْيِ منَ المشْيِ أبْتَغي

إلى غيْرِ ذي المَجْدِ المُوثَّلِ مطْمَعا

وَأكْزِِمُ نَفْسي عنْ أمورٍ كثيرةٍ

حفاظاً وأَنْهى شُحَّها أنْ تطَلَّعا

وآخُذُ للْمَوْلى إذا ضيمَ حقَّهُ

منَ الأَعْيَطِ الآبي إذا مَا تمَنَّعا

فإنْ يكُ شابَ الرأْسُ منِّي فإنَّني

أتيْتُ علَى نَفْسي مناقِبَ أرْبَعا

فَواحِدةٌ ألاَّ أبيتَ بِغِرَّةٍ

إِذا مَا سوَامُ الحيِّ حوْلي تصَوَّعا

وثانيةٌ ألاَّ أُصمِّتَ كلْبَنَا

إذا نَزَلَ الاضْيافُ حِرْصاً لنودِعا

وثالِثَةٌ ألاَّ تُقَذِّعَ جارَتي

إذا كانَ جارُ القومِ فيهم مُقذَّعا

ورابعةٌ ألاَّ أُخِجِّلَ قِدْرَنا

على لَحْمِها حينَ الشتاءِ لِنشْبِعا

وأنِّي لاُعْدي الخيلَ تقْرَعَُ بِالقَنَا

حِفاظاً على المَوْلَى الجَديرِ ليُمْنَعا

قال مالك بن حريم أيضاً

ويَلْقَى سَقيطاً منْ نِعالٍ كثيرةٍ

إذا خَدَمُ الأَرْساغِ يوماً تقطَّعا

إذا ما بَعيرٌ قامَ عُلِّقَ رَحْلُهُ

وإنْ هوَ أبْقَى الخَطْوَ صارَ مُقطَّعا

نريدُ بَني الخَفْيانِ إنَّ دماءَهُمْ

شِفاءٌ ومَا والَى زُبيْدٌ وجمَّعا

يَقُودُ بأرْسانِ الجِيادِ سراتُنا

ليَنْقَمْنَ وِتْراً أو ليَدْفَعْنَ مَدْفَعا

ترى المُهْرةَ الرَوْعاءَ تنفُضُ رَأْسها

كَلالاً وأيْناً والكُمَيْتَ المُقرَّعا

وتخْلَعُ نَعْلَ العبْدِ منْ سوءِ قَوْدِهِ

لكَيْما يكونَ العبْدُ للسهْلِ أَضْرَعا

وقدْ وعدوهُ عُقْبَةً فمَشى لها

فما نالَهَا حتَّى رأى الصُبْحُ أدْرَعا

وأوْسَعْنَ عَقْيبْهِ دماءً فأصْبَحتْ

أصابعُ رِجْليه رواعِفَ دُمَّعا

طلَعْنَ هضاباً ثمَّ عالَيْنَ قُبَّةً

وجاوَزْنَ خيفاً ثم أسهَلْنَ بَلْقعا

ويَهْدي بي الخيْلَ المُغيرةَ نهدةٌ

إذا ضرَبَتْ صابَتْ قوائِمَها معا

إذَا وقعَتْ إحدَى يدَيْهَا بثبرَةٍ

تجاوَبَ أثناءُ الثلاثِ بِدَعْدَعا

فأصبحْنَ لَمْ يتركُنَ وِتْراً عَلِمنَهُ

لِهمدانَ في سَعدٍ وأصبَحْنَ ظُلَّعا

مُقرِّبَةً آذيْتُهَا وأفتلَيتُهَا

لِتَشهَدَ غُنْماً أو لِتَدفَعَ مَدْفَعَا

تشكَّيْنَ مِنْ أعضادِها حِينَ مَشيِهَا

أمِ القَضُّ مِنْ تَحْتِ الدَوابِرِ أَوْجَعَا

ومنَّا رئيسٌ يُسْتضاءُ بنورِهِ

سناءً وحِلْماً فيهِ فاجتَمَعا معَا

وسارَعَ أقْوامٌ لمجْدٍ فقَصَّرُوا

وقارَبَهَا زيدُ بنُ قيْسٍ فأسْرَعا

ولا يَسْأَلُ الضَيْفُ الغَريبُ إذا شَتَا

بمَا زَجَرَتْ قِدْرِي لَهُ حينَ ودَّعا

فَإنْ يكُ غَثَّاً أوسَميناً فإننَّي

سأجْعلُ عيْنَيْهِ لنَفْسهِ مَقْنَعا

إذا حلَّ قومي كنتُ أوْسطَ دارِهمْ

وَِلا أبْتَغي عندَ الثنيَّةِ مطْلَعا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي