البيان الأخير من الملك شهريار

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة البيان الأخير من الملك شهريار لـ نزار قباني

1
كبري عقلك ، يا سيدتي .
إن ما تحكينه عن وجود امرأة ثانية ..
في جواريري .. وفي ذاكرتي ..
هو تأليف روائي .. وما يتبقى من نساء الأرض
ذرات رمال …

2
لا تخافي .. لا تخافي ..
ما هناك امرأة شقراء .. أو سمراء ..
أو سوداء .. أو صفراء .. تستدعي اهتمامي .
أنا لا أرقص في الحب على خمسين حبلاً ..
لا ولا أشدو على ألف مقام .
إنني أؤمن بالتوحيد في دين الهوى
فضعي رجليك في الثلج .. ونامي ..

3
من تكون المرأة الأخرى ؟ . وما أوصافها ؟
الجميلات على كل رصيف
غير أني لا أرى غيرك في هذا الزحام
والموديلات يحركن أحاسيس المرايا
غير أني لم أعانق في حياتي ..
أي نهد من رخام ..
والشهيرات يوزعن التواقيع يمينا وشمالاً ..
غير أني لا أرى شيئاً أمامي ..

4
انتهى العصر النزاري الذي أسسته
وانتهت كل حروبي ..
وفتوحات غرامي .
لم أعد أملك سيفاً واحداً ..
أو حصاناً واحداً ..
أو سواراً ذهبياً واحداً تحت الخيام .
فاستريحي من عذاباتك ، يا سيدتي .
ليس عندي جبهة ثانية أفتحها
بعدما أصبحت من حزب السلام !! …

5
اطمئني ..
ما هناك امرأة تسرق منك العرش ، يا سيدتي .
فأنا أعرف دربي جيداً نحو أبراج الحمام ..
وأنا أعرف من أرضعني لبن العشق ..
ومن علمني أحلى الكلام ..
فاشرحي لي : كيف أمضي هارباً من صدر أمي ؟
ومن التوت التي يقطر من حلمتها ..
ومن الشمس التي تطلع من ضحكتها ..
كيف يا واحدتي ؟
أرفض النهد الذي أطعمني
قصب السكر .. والمانغو .. ونارنج الشام ؟
كيف أمشي عارياً تحت الظلام ؟
وقميصي كان من ريش النعام …

6
لستُ مجذوباً ..
لكي أهرب من عرس
وأبقى نائما فوق الجليد ..
فأنا أعرف بالتحديد ماذا
من حبيباتي أريد ..
ومن الشعر أريد ..
وأنا أعرف
أن لا شيء في العلم النسائي جديد !! .

7
كبري عقلك .. يا سيدتي .
فأنا ما كنتُ يوماً شهريارا ..
لا ولا ذوَّبتُ في الحامض أجساد النساء ..
كنت دوماً رجلاً لامرأة واحدة ..
وعشيقاً جيداً ..
وأحادي الولاء ..
إنني أؤمن بالتوحيد في دين الهوى .
وبأن العشق في جوهره
هو شِعر من كتابات السماء !! .

8
ربما كانت طموحاتي غريبة ..
وهواياتي .. وأفكاري غريبة ..
عقدتي الكبرى التي لم أشفَ منها
أن كل امرأة أحببتها
كان لا بد بأن تشبه أمي !! .

9
انتهى العصر النزاري
فلا ورد دمشقي .. ولا كحل حجازي ..
ولا عطر فرنسي ..
ولا شَعر على الأكتاف مجنون ..
ولا نهد إلى الله .. يسافر ..
خرجت فاطمة عن طاعتي .
خرجت راوية . خرجت رانية .
خرجت عن سلطتي أوعية المسك ..
وموسيقى الأساور ..
هربتْ كل العصافير التي خبأتها
تحت الضفائر !! .

10
انتهى العصر النزاري الذي عاصرته
وانتهى الحب كما نعرفه
ودخلنا في زمان النرجسية …
يبست ذاكرة العشاق .. حتى
لم يعد يذكر قيس
اسم ليلى العامرية !! …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي