النسر السادس
النسر السادس فبينما لقمان يبكي على نفسه ذات يوم، إذ سمع منادياً يقول: يا لقمان بن عاد اطلع فوق الصفا الأملس مستقبلاً مطلع الشمس تجد وقرة كالترس فيها راسخ محترس عن طاعتك لا يحتبس وستموت كل نفس.فطلع لقمان حيث وصف له المنادي، فوجد وكر نسر فيه بيضتان قد تفلقتا عن فرخيهما، فاختار أحد الفرخين، ثم علق في رجله سيراً ليعرفه وسماه أنسا، ثم قال له: أنت الأنس من روعات الدحس والدهر غير التعس وحياتك ببقاء النفس.وكان لقمان لا يعدل عن إطعامه حتى ينهض طائراً مسخراً له يدعوه باسمه إلى المأكل فيجيبه حتى كبر وضعف.فبينما لقمان سائراً من الطائف إلى مكة ومعه لحم قد بضعه له والنسر يحوم فوقه إذ دعاه لقمان باسمه فأنقض كاسراً نحوه فوقع ميتاً.فاغتم لذلك لقمان غماً شديداً واشتغل صدره وذهب عقله وبكى عند ذلك وأنشأ لقمان يبكي نفسه وهو يقول:
أمرضني سادس النسور وقد. . . . . . . .جدد حزناً وإن قد درسا
سميته لي لوحشتي أنسا. . . . . . . .أودى لعمري ولم يدم أنسا
شبهت ما قد مضى ومنزلتي. . . . . . . .كنبهة من مسافر نعسا
أخلف ظني وذو طمع بالخلد. . . . . . . .قبلي أخطاه ما حدسا
هل يبتني المبتنى بلا أسس. . . . . . . .الله الباني إذ بنى أسسا
ما عمر الحي غير ما نفس تنام. . . . . . . .إذ لا ترى له نفسا
فإن أمت قد حييت مجتنبا. . . . . . . .للعيب لم اجر سادراً دنسا