الحق أبلج والسيوف عوار
أبيات قصيدة الحق أبلج والسيوف عوار لـ أبو تمام
الحَقُّ أَبلَجُ وَالسُيوفُ عَوارِ
فَحَذارِ مِن أَسَدِ العَرينِ حَذارِ
مَلِكٌ غَدا جارَ الخِلافَةِ مِنكُمُ
وَاللَهُ قَد أَوصى بِحِفظِ الجارِ
يا رُبَّ فِتنَةِ أُمَّةٍ قَد بَزَّها
جَبّارُها في طاعَةِ الجَبّارِ
جالَت بِخَيذَرَ جَولَةَ المِقدارِ
فَأَحَلَّهُ الطُغيانُ دارَ بَوارِ
كَم نِعمَةٍ لِلَّهِ كانَت عِندَهُ
فَكَأَنَّها في غُربَةٍ وَإِسارِ
كُسِيَت سَبائِبَ لومِهِ فَتَضاءَلَت
كَتَضاؤُلِ الحَسناءِ في الأَطمارِ
مَوتورَةٌ طَلَبَ الإِلَهُ بِثَأرِها
وَكَفى بِرَبِّ الثَأرِ مُدرِكَ ثارِ
صادى أَميرَ المُؤمِنينَ بِزَبرَجٍ
في طَيِّهِ حُمَةُ الشُجاعِ الصاري
مَكراً بَنى رُكنَيهِ إِلّا أَنَّهُ
وَطَدَ الأَساسَ عَلى شَفيرٍ هارِ
حَتّى إِذا ما اللَهُ شَقَّ ضَميرَهُ
عَن مُستَكِنِّ الكُفرِ وَالإِصرارِ
وَنَحا لِهَذا الدينِ شَفرَتَهُ اِنثَنى
وَالحَقُّ مِنهُ قانِئُ الأَظفارِ
هَذا النَبِيُّ وَكانَ صَفوَةَ رَبِّهِ
مِن بَينٍ بادٍ في الأَنامِ وَقارِ
قَد خَصَّ مِن أَهلِ النِفاقِ عِصابَةً
وَهُمُ أَشَدُّ أَذىً مِنَ الكُفّارِ
وَاِختارَ مِن سَعدٍ لَعينِ بَني أَبي
سَرحٍ لِوَحيِ اللَهِ غَيرَ خِيارِ
حَتّى اِستَضاءَ بِشُعلَةِ السُوَرِ الَّتي
رَفَعَت لَهُ سَجفاً عَنِ الأَسرارِ
وَالهاشِمِيّونَ اِستَقَلَّت عيرُهُم
مِن كَربَلاءَ بِأَثقَلِ الأَوتارِ
فَشَفاهُم المُختارُ مِنهُ وَلَم يَكُن
في دينِهِ المُختارُ بِالمُختارِ
حَتّى إِذا اِنكَشَفَت سَرائِرُهُ اِغتَدَوا
مِنهُ بِراءَ السَمعِ وَالأَبصارِ
ما كانَ لَولا فُحشُ غَدرَةِ خَيذَرٍ
لِيَكونَ في الإِسلامِ عامُ فِجارِ
ما زالَ سِرُّ الكُفرِ بَينَ ضُلوعِهِ
حَتّى اِصطَلى سِرَّ الزِنادِ الواري
ناراً يُساوِرُ جِسمَهُ مِن حَرِّها
لَهَبٌ كَما عَصفَرتَ شِقَّ إِزارِ
طارَت لَها شُعَلٌ يُهَدِّمُ لَفحُها
أَركانَهُ هَدماً بِغَيرِ غُبارِ
مَشبوبَةً رُفِعَت لِأَعظُمِ مُشرِكٍ
ما كانَ يَرفَعُ ضَوءَها لِلساري
صَلّى لَها حَيّاً وَكانَ وَقودَها
مَيتاً وَيَدخُلُها مَعَ الفُجّارِ
فَصَّلنَ مِنهُ كُلَّ مَجمَعِ مَفصِلٍ
وَفَعَلنَ فاقِرَةً بِكُلِّ فَقارِ
وَكَذاكَ أَهلُ النارِ في الدُنيا هُمُ
يَومَ القِيامَةِ جُلُّ أَهلِ النارِ
يا مَشهَداً صَدَرَت بِفَرحَتِهِ إِلى
أَمصارِها القُصوى بَنو الأَمصارِ
رَمَقوا أَعالي جِذعِهِ فَكَأَنَّما
وَجَدوا الهِلالَ عَشِيَّةَ الإِفطارِ
وَاِستَنشَأوا مِنهُ قُتاراً نَشرُهُ
مِن عَنبَرٍ ذَفِرٍ وَمِسكٍ داري
وَتَحَدَّثوا عَن هُلكِهِ كَحَديثِ مَن
بِالبَدوِ عَن مُتَتابِعِ الأَمطارِ
وَتَباشَروا كَتَباشُرِ الحَرَمَينِ في
قُحَمِ السِنينِ بِأَرخَصِ الأَسعارِ
كانَت شَماتَةُ شامِتٍ عاراً فَقَد
صارَت بِهِ تَنضو ثِيابَ العارِ
قَد كانَ بَوَّأَهُ الخَليفَةُ جانِباً
مِن قَلبِهِ حَرَماً عَلى الأَقدارِ
فَسَقاهُ ماءَ الخَفضِ غَيرَ مُصَرَّدِ
وَأَنامَهُ في الأَمنِ غَيرَ غِرارِ
وَرَأى بِهِ ما لَم يَكُن يَوماً رَأى
عَمرُو بنُ شَأسٍ قَبلَهُ بِعِرارِ
فَإِذا اِبنُ كافِرَةٍ يُسِرُّ بِكُفرِهِ
وَجداً كَوَجدِ فَرَزدَقٍ بِنَوارِ
وَإِذا تَذَكَّرَهُ بَكاهُ كَما بَكى
كَعبٌ زَمانَ رَثى أَبا المِغوارِ
دَلَّت زَخارِفُهُ الخَليفَةَ أَنَّهُ
ما كُلُّ عودٍ ناضِرٍ بِنُضارِ
يا قابِضاً يَدَ آلِ كاوُسَ عادِلاً
أَتبِع يَميناً مِنهُمُ بِيَسارِ
أَلحِق جَبيناً دامِياً رَمَّلتَهُ
بِقَفاً وَصَدراً خائِناً بِصِدارِ
وَاِعلَم بِأَنَّكَ إِنَّما تُلقيهِمُ
في بَعضِ ما حَفَروا مِنَ الآبارِ
لَو لَم يَكِد لِلسامِرِيِّ قَبيلُهُ
ما خارَ عِجلُهُمُ بِغَيرِ خُوارِ
وَثَمودُ لَو لَم يُدهِنوا في رَبِّهِم
لَم تَدمَ ناقَتُهُ بِسَيفِ قُدارِ
وَلَقَد شَفى الأَحشاءَ مِن بُرَحائِها
أَن صارَ بابَكُ جارَ ما زَيّارِ
ثانيهِ في كَبِدِ السَماءِ وَلَم يَكُن
لِاِثنَينِ ثانٍ إِذ هُما في الغارِ
وَكَأَنَّما اِنتَبَذا لِكَيما يَطوِيا
عَن ناطِسٍ خَبَراً مِنَ الأَخبارِ
سودُ الثِيابِ كَأَنَّما نَسَجَت لَهُم
أَيدي السَمومِ مَدارِعاً مِن قارِ
بَكَروا وَأَسروا في مُتونِ ضَوامِرٍ
قيدَت لَهُم مِن مَربِطِ النَجارِ
لا يَبرَحونَ وَمَن رَآهُم خالَهُم
أَبَداً عَلى سَفَرٍ مِنَ الأَسفارِ
كادوا النُبُوَّةَ وَالهُدى فَتَقَطَّعَت
أَعناقُهُم في ذَلِكَ المِضمارِ
جَهِلوا فَلَم يَستَكثِروا مِن طاعَةٍ
مَعروفَةٍ بِعِمارَةِ الأَعمارِ
فَاِشدُد بِهارونَ الخَلافَةَ إِنَّهُ
سَكَنٌ لِوَحشَتِها وَدارُ قَرارِ
بِفَتى بَني العَبّاسِ وَالقَمَرِ الَّذي
حَفَّتهُ أَنجُمُ يَعرُبٍ وَنِزارِ
كَرَمُ العُمومَةِ وَالخُؤولَةِ مَجَّهُ
سَلَفا قُرَيشٍ فيهِ وَالأَنصارِ
هُوَ نَوءُ يُمنٍ فيهِمُ وَسَعادَةٍ
وَسِراجُ لَيلٍ فيهِمُ وَنَهارُ
فَاِقمَع شَياطينَ النِفاقِ بِمُهتَدٍ
تَرضى البَرِيَّةُ هَديَهُ وَالباري
لِيَسيرَ في الآفاقِ سيرَةَ رَأفَةٍ
وَيَسوسَها بِسَكينَةٍ وَوَقارِ
فَالصينُ مَنظومٌ بِأَندَلُسٍ إِلى
حيطانِ رومِيَّةٍ فَمُلكِ ذَمارِ
وَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ ذَلِكَ مِعصَمٌ
ما كُنتَ تَترُكُهُ بِغَيرِ سِوارِ
فَالأَرضُ دارٌ أَقفَرَت ما لَم يَكُن
مِن هاشِمٍ رَبٌّ لِتِلكَ الدارِ
سُوَرُ القُرانِ الغُرُّ فيكُم أُنزِلَت
وَلَكُم تُصاغُ مَحاسِنُ الأَشعارِ
شرح ومعاني كلمات قصيدة الحق أبلج والسيوف عوار
قصيدة الحق أبلج والسيوف عوار لـ أبو تمام وعدد أبياتها واحد و ستون.
عن أبو تمام
حبيب بن أوس بن الحارث الطائي. أحد أمراء البيان، ولد بجاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر واستقدمه المعتصم إلى بغداد فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق ثم ولي بريد الموصل فلم يتم سنتين حتى توفي بها. كان أسمر، طويلاً، فصيحاً، حلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع. في شعره قوة وجزالة، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري، له تصانيف، منها فحول الشعراء، وديوان الحماسة، ومختار أشعار القبائل، ونقائض جرير والأخطل، نُسِبَ إليه ولعله للأصمعي كما يرى الميمني. وذهب مرجليوث في دائرة المعارف إلى أن والد أبي تمام كان نصرانياً يسمى ثادوس، أو ثيودوس، واستبدل الابن هذا الاسم فجعله أوساً بعد اعتناقه الإسلام ووصل نسبه بقبيلة طيء وكان أبوه خماراً في دمشق وعمل هو حائكاً فيها ثمَّ انتقل إلى حمص وبدأ بها حياته الشعرية. وفي أخبار أبي تمام للصولي: أنه كان أجش الصوت يصطحب راوية له حسن الصوت فينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء.[١]
تعريف أبو تمام في ويكيبيديا
أَبو تَمّام (188 - 231 هـ / 803-845م) هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أحد أمراء البيان، ولد بمدينة جاسم (من قرى حوران بسورية) ورحل إلى مصر واستقدمه المعتصم إلى بغداد فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق ثم ولي بريد الموصل فلم يتم سنتين حتى توفي بها. كان أسمر، طويلاً، فصيحاً، حلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير القصائد والمقاطيع. وفي أخبار أبي تمام للصولي: «أنه كان أجش الصوت يصطحب راوية له حسن الصوت فينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء». في شعره قوة وجزالة، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري، له تصانيف، منها فحول الشعراء، وديوان الحماسة، ومختار أشعار القبائل، ونقائض جرير والأخطل، نُسِبَ إليه ولعله للأصمعي كما يرى الميمني.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ أَبو تَمّام - ويكيبيديا