الشام يقهر والعراق يضام

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة الشام يقهر والعراق يضام لـ أبي الفضل الوليد

اقتباس من قصيدة الشام يقهر والعراق يضام لـ أبي الفضل الوليد

الشّامُ يُقهرُ والعراقُ يُضامُ

فاليومَ لا عرَبٌ ولا إسلامُ

أين العُروبةُ والخِلافةُ مِنهُما

والمُسلمونَ بلادُهم أقسام

لِبني أُميَّةَ أو بني العبّاسِ في

تِلكَ الرُّبوعِ أمانةٌ وذِمام

ذَهَبت خِلافتُهم وضاعَ سَرِيرُها

فبكى عليها مِنبرٌ وحُسام

إنّ الخِلافَةَ بانَ عنها رَبُّها

فالمؤمنون جميعُهُم أيتام

شُقَّ الحِجابُ فلا حِجابَ لقُدسِها

وأهانها زُرقُ العُيونِ طغام

زَحَفت حَجافلُهم إِلى أرضِ الهُدى

فالجيشُ من كلّ الجّهاتِ لهام

يمشي فتمشي المُوبقاتُ وراءَهُ

ومن الذَّخائرِ والسِّلاحِ ركام

في نكبةِ الزَّوراءِ والفيحاءِ ما

يُنعى لهُ الحَرَمانِ والأهرام

الماءُ في بَرَدَى ودِجلة قد جَرى

دَمعاً وسالَ دماً فكيفَ يُرام

فتدلَّهت بَغدادُ بينَ نخيلها

ثكلى لِطيفِ حَبيبها إلمام

والكرخُ فيها والرَّصافةُ للعِدَى

ولأهلِها الإزهاقُ والإعدام

ربطوا الخُيولَ على الضّفافِ ورابطوا

فلهُم عليها عسكرٌ وخيام

ما حالُ مكَّةَ والمدينةِ بعدَما

سَقَطت دِمشقُ وحُرِّمَ الإحرام

هل بعد غزوتها ونكبةِ أهلِها

للمُسلمينَ سَلامةٌ وسلام

أو هل تصحُّ خلافةٌ وإمامةٌ

حيثُ الفرنجةُ واليهودُ قيام

الشّامُ نهبٌ والعِراقُ غنيمَةٌ

وعليها يَتكالبُ الأقوام

والحقُّ يَصرَخُ قائلاً في ضِعفهِ

أهلُ البلادِ العربُ لا الأعجام

سقطت دِمشقُ ولم تقف لسُقوطها

بينَ الأعارِبِ فِتنَةٌ وخِصام

ضربَت جَهالتُهم على أبصارِهم

فكأنَّهم لِضَلالِهم أنعام

إنَّ الجزيرة أصبَحت مَفتوحة

ومشاعِرُ الحرَمينِ لا تشتام

والروم قد وقفوا على بابيهما

وحديدهم لعُراهما فصَّام

من ذا يردُّ المُعتدين إذا بَغوا

أمراً لهُ تتساقطُ الأجرام

الجامعُ الأموي فيهِ جنازَةٌ

والمسجدُ الأقصى عليه ظلام

ومَضاجعُ الخُلفاءِ زالَ وقارُها

والأولياءُ قُبورُهُم أردام

تِلكَ العِظامُ أكادُ أسمعُ خشفها

ولوَ اَنَّها نطَقَت لطالَ مَلام

وقف العُلوجُ بها وداسُوا تربها

ولأهلِها فوقَ النُّجومِ مُقام

فعَجِبتُ كيفَ الأرضُ لم تخسَف ولم

يَنهَدَّ يَذبُلُ خِشيةَ وشمام

والله لو نظروا إليها خُشَّعاً

مِن فرسَخَينِ لقُلتُ ذاكَ حَرام

غَضِبت لهُ الأملاكُ فهي كظيمةٌ

واسودَّتِ الأفلاكُ فهي قتام

وعلى الوُجوهِ مِنَ الكآبةِ سدفةٌ

وعلى الجُفونِ من الدُّموعِ دمام

لا تُزعِج الموتى بشكواكَ التي

يَهتزُّ منها جندَلٌ ورجام

دَعهُم نياماً بعد طُولِ جهادِهم

فُضُلوعُهم ودُروعُهُم أرمام

ذَهَبَ الأُلى رَكِبوا الجيادَ إِلى العُلى

واستُكره الإسراجُ والإلجام

فالخطّةُ الحُسنى بُحسنِ تَشبُّهٍ

ليكونَ مِن نسلِ الكِرامِ كِرام

إن لم تُجرَّد للجِهادِ سُيوفُهم

لا تَنفعُ الأطراسُ والأقلام

لا تنبُسَنَّ إذا تَشَدَّقَ مدفَعٌ

للحقِّ أو أصحابه شتَّام

إن كُنتَ ذا حَزمٍ فهيِّئ مِثله

وارشُق بهِ حتى يَطيرَ الهام

لا حِجَّةٌ إلا التي يرمي بها

فعلى مَداها النّقضُ والإبرام

فَصلُ الخطَابِ لهُ وإن مقالَهُ

صِدقٌ وفي إحكامِهِ الأحكام

فلهُ إذا التبَس الحجاجُ محَجَّةٌ

ولهُ إذا احتَبسَ الكلامُ كلام

دَرَست ديارُ المُسلمينَ وأخرِجوا

منها فهُم بؤَساءُ وهي حِطام

لا نجمَ فوقَ طُلولِها يُرعى ولا

بَرقٌ على الآفاقِ ثمَّ يُشام

ما كان أعمرَها وأجمَلَ عَهدَها

وقَطِينُها الآسادُ والآرام

حَوَتِ العرينةَ والكِناسَ ففاخَرَت

زُهرَ النُّجومِ وكلُّها آطام

سَلها أذاكَ المَجدُ كان حقيقةً

أم زخرُفاً حَبلت بهِ الأوهام

مَهما يكُن إنَّ النُّفوسَ تعلّقت

بجَمالهِ فلها هوىً وُهيام

الدّهرُ أعظَمَهُ وخَلّدَ ذكرَهُ

فلأهلهِ الإجلالُ والإعظام

تَقدِيسُهُ قد صارَ من إيمانِها

فلها صَلاةٌ عنده وصِيام

كلُّ الشّعُوبِ فِخارُها ورَجاؤها

ضمّتهما الأجداثُ والأرحام

أو ليسَ في التّذكِيرِ والتّأميلِ ما

يَصبو إليهِ محملٌ ولجِام

ما أقربَ الآتي مِنَ الماضي وما

أدنى غداً من أمسَ وهو دَوام

تاللهِ كم من أُمَّةٍ هي ميتةٌ

جادَت عَليها بالحياةِ عِظام

من مَوتها عادت إليها رُوحُها

وكذا الصّباحُ يُعيدُهُ الإظلام

آمالها حفّت بها آلامُها

وشهيدُها مُتَجلِّدٌ بسّام

فتَصبَّرت حتى تولَّدَ بأسُها

من صَبرِها ولها بهِ استِعصام

الفَوزُ في طمَعِ النُّفوسِ وصَبرِها

وهي التي تعِبت بها الأجسام

يا مُسلمينَ تَقَطَّعت أوصالكم

ونِصالكم قد بكّها المِرجام

حتَّامَ أَنتم صابرونَ على الأذى

وإلامَ أنتم غُفَّلٌ ونيام

أَموالكم ونُفوسُكم مَنهوبةٌ

وديارُكم فيها الخُطوبُ جسام

والدينُ يَبكي والفَضيلةُ تشتكي

والحجُّ لغوٌ والصَّلاةُ سوام

بأشدِّ من هذاكَ ما بُليَ الوَرى

هل بَعدَهُ صَبرٌ أَو استِسلام

أو ما لكُم بجُدودِكم من قُدوةٍ

إنّ الجُدودَ الماجدينَ عِظام

صارَت مآسِدُهم مَثاعِلَ بَعدهم

أكذا تُداسُ الغِيلُ والآجام

فيها القُبورُ تكادُ من رَجَفانها

تَنشَقُّ عَنهم والرّغام ضِرام

فتَذكّروا أجدادَكم وترَبّصوا

وحَكيمُكم بأمورِكم قوَّام

لا تيأسوا في ضُعفِكم وبلائكم

والثأرُ خَلفٌ والرّدى قدّام

إنّ الخُصومَ قُضاتكم وسلاحُهُم

أحكامُهُم وجُنودُهم حُكَّام

عَجَباً أمنهم تطلبون عَدالةً

بعد التأكُّدِ أنهم ظُلّام

من ليس يُنصِفُ نفسَهُ مُتقدِّماً

أزرَى بهِ الحُرمانُ والإجحام

جاسوا خِلالَ ديارِكم وتوغَّلوا

إذ خَلخلتكُم شرَّةٌ وعَرام

لا بدعَ إن غَلبَ القَليلُ كثيرَكم

فالحربُ فيها دِربَةٌ وَنِظام

ظفروا لأن صُفوفَهم مَرصُوصَةٌ

في زَحفِها الإسداءُ والإلحام

وصُفوفُكُم مُختلّةٌ وقُلوبُكم

مُعتلَّةٌ فلجت بها الأسقام

فَترصّدوهم كاظِمينَ وثبِّتوا

أقدامكم إن زَلَّتِ الأقدام

حتى إذا سمَحَ الزّمانُ بفرصةٍ

بَسَقت على أيامِهم أيام

لا ترحموهم إنهم لم يَرحموا

والحربُ فرضٌ والردى إنعام

في ثأرِكم فتكاً وبَطشاً مِنهما

يَشفى الصَّدى الزّاقي ويُروَى الهام

ضحّوا بهم لله خيرَ ضحيّةٍ

في نحركم تُفدى بها الأغنام

أعداؤكم أعداؤه وجُنودكم

أجنادُه وخُصومُهُ الأصنام

رَبُّ السّماءِ رَقيبُهم وحَسيبُهم

وهو القديرُ العادِلُ العلّام

فغداً بأيديكم يُنَفِّذُ حُكمَهُ

فيهم ولا عَفوٌ ولا استرحام

هَزأَ الفرنجةُ شامتينَ وقولُهم

المسلمونُ حَياتُهم أحلام

ولقد رأوا من بأسكم وفِعالكم

ما شاءَهُ التّصميمُ والإقدام

كانت سجلاتٍ سُهولُ بلادِهم

ولها حَوافِرُ خَيلِكم أختام

جَرحَ المسامعَ والقُلوبَ كلامُهم

ومن الكلامِ أسِنَّةٌ وسِهام

إن لم تؤلّمْكم جُروحُ جُسومِكم

أفما لجرحِ قلوبكم إيلام

قد أثخنوا هذي وتِلكَ ودنّسوا

قُدسَ الشّعائرِ والدّموعُ سجام

ما صينَ وجهٌ من كريمٍ حيثُما

وَجهُ الكريمة حُطَّ عَنهُ لثام

جهدُ الخناعةِ أن تُطيقوا حكمَهم

وأخفُّهُ الإرهاقُ والإرغام

إن لم يكن بأسٌ فيأسٌ غاضِبٌ

للحقّ وهو الحكُّ والإضرام

في اليأسِ مَظهرُ قوَّةٍ وعزيمةٍ

يخشاهُما في الأرنبِ الضّرغام

قد حمّلوكم ما وهَت من حملهِ

أطوادُكُم وهَوت لهُ الآكام

فالأرضُ تشكو شِدَّةً من وطئِهم

وسِلاحِهم وكأنها مسقام

وكذا الجمادُ لِعيثهم يشكو الونى

ولهُ احتدامٌ تحتهم وحدام

ما حالةُ البَشرِ الذينَ قلوبُهم

فيها الهوى والحزنُ والأوغام

إن لم تسحَّ جُفونُهم فنفوسهم

تبكي وملءُ شعورها الآلام

المسلمون تساقَطت أعلامُهم

فكأنهم بينَ الشَّعوبِ سوام

لا دولةٌ فيهم ولا مُلكٌ لهم

إنَّ الممالِكَ بالملوكِ ضِخام

هل يَثبُتُ الإسلامُ بين ضلالةٍ

وخلاعةٍ حيثُ الهوانُ يُسام

الدين لا يعتزُّ ما لم يحمِهِ

مُلكٌ بناه باسلٌ وهمام

ماذا يقولُ نبيُّهم وجوارُهُ

فيهِ لِطاغيةِ العِدى استِحكام

بُشراه في البلدِ الأمين وملكُهُ

في الشّامِ فالبلدُ الأعزُّ الشّام

الشّامُ أرهقَهُ الفَرنسيسُ الأُلى

هم مُجرِمونَ بهم طحا الإجرام

سفكُوا الدّماءَ لينهبوا أمواله

ولهم على سكّانِهِ استقسام

للعِلجِ ثمَّتَ فتكةٌ أو غدرَةٌ

وحُسامُهُ لحبالِهم صرّام

والإنكليزُ على فلسطينَ ارتموا

وهي الفريسةُ فوقها الهمهام

وتبكّلوا أرض العِراقِ فأصبحت

مُلكاً لهم منهُ جداً وزمام

نزلوا مَعاهِدَها فكابَدَ أهلُها

ما كابَدتهُ مِنَ السِّباعِ رهام

من ذينكَ الشّعبينِ كلٌّ رَزِيئةٍ

وطِفاحُ كلّ مدينةٍ آثام

هؤلاءِ أعداءُ الوَرى وعميدُهم

تصريحهُ الإبهامُ والإيهام

فحَذارِ من تزويرهم وخِداعِهم

إن غرّتِ الأقوالُ والأرقام

هل بعد ذلكَ نكبةٌ أو حطَّةٌ

أو فاقةٌ أو ذلِّةٌ أو ذام

لا والذي طافَ الجحيجُ ببيتهِ

وعلى العشائرِ تُضرَبُ الأزلام

يا عُكَّفاً حولَ الحطيمِ تحَطّموا

غيظاً وكلٌّ في الوَغى حَطَّام

هَلا بَطشتم بَطشةً كُبرى بها

تتَحرَّرُ الأوطانُ والأحرام

فإلى الجِهادِ إلى الجهاد تَصارخٌ

وعلى الجِهادِ على الجهادِ زِحام

وقلوبُكم لأكفّكم جمّاعَةٌ

وجهادُكم لسِلاحِكم ضمَّام

صفُّوا كتائِبكم وروضُوا خيلَكم

ونُفوسَكم فالظّافِرُ العزّام

وتَكاثفوا حيثُ العداةُ تكاثروا

ولهم ضِرامٌ بينكم وصِرام

وتعاوَنوا مُتعارِفينِ برايةٍ

حَفّت بها الأملاكُ والأعلام

في ظِلِّها نيلُ الشّهادَةِ والعلى

وأمامَها الجنَّاتُ والإكرام

الحُسنيانِ وقد علِمتم نصرةٌ

وشهادَةٌ فالمؤمِنُ المِقدام

شرح ومعاني كلمات قصيدة الشام يقهر والعراق يضام

قصيدة الشام يقهر والعراق يضام لـ أبي الفضل الوليد وعدد أبياتها مائة و ثلاثة و عشرون.

عن أبي الفضل الوليد

أبي الفضل الوليد

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي