الفرق بين الضاد والظاء/الظّن وما تصّرف منه

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الظّن وما تصّرف منه

الظّن وما تصّرف منه - الفرق بين الضاد والظاء

الظّن وما تصّرف منه

اعلمْ، نَفعَنا اللهُ وإيّاك، أنّ الظّنّ يأتي على وجهين: يكونُ شكا، ويكون يقيناً.فأمّا إذا كان بمعنى الشّكّ، فنحو قوله، عزّ وجلّ: { إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً }، و { إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ }، و { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ }، و { إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي }، و { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ }، { وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا }، { وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ }، و { ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ }، و { إِلاَّ يَظُنُّونَ }، و { إِبْلِيسُ ظَنَّهُ }، وما كان مثله.وأما إذا كان بمعنى اليقين، فنحو قوله عزَّ وجلَّ: { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ }، { وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ }، { وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ }، و { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ }، و { قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ }، و { لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا }، و { إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ }، { وَظَنَّ دَاوُودُ }، وما كان مثله.واختلف القُراء في قوله عزّ وجلّ في سورة يوسف: { وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ }: فقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: كذبوا، بتخفيف الذال.وقرأ سائر القراء: بتشديدها.وقرأ مجاهد: كذبوا، بفتح الكاف والذال وتخفيفها.فمن قرأ بتخفيف الذال كان الظن بمعنى الشك، لأن الضمير في ظنوا للكفار، والمعنى: وظن الكفار أن الُرسُل قد كُذبُوا فيما وُعدوا من النّصر أن يأتيهم، أيْ: توهموا ذلك.ومن قرأ بتشديد الّذال كان الظّنُ بمعنى الشّكّ، لأنّ الضمير في ظنوا للكفار والمعنى: وظنّ الرُسلُ أن قومهم قد كذبوهم، أي: أَيقنوا ذلك منهم.ومعنى قراءة مجاهد كمعنى قراءة الأولين، والتقدير: وتوهم الكفارُ أن الرُسل قد كذبوهم فيما اخبروهم من نزول العذاب إنْ لم يؤمنوا.فأمّا قوله في فُصلت: { وَظَنُّوا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ } فيحتمل أن يكون بمعنى الشّكّ، وبمعنى اليقين جميعاً.وأمّا قوله، عزّ وجلّ، في كُوّرت: { وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ } فهو مرسوم في المصاحف بالضاد.واختلفَ القُراء في قراءته: فقرأهُ ابنُ كثير، وأبو عمروا، والكسائي: بالظّاء، على معنى: ليس بمتهم فيما يخبركم به عن الله، عزّ وجلّ.وقراءةُ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: بالضاد، على معنى: ليس ببخيل لما يأتيه من عند الله، عزّ وجلّ.ومنه: الضّنّة، والمضنّة: كلّ ذلك من البُخل، ومنه قولُ الشّاعر:

مهلاً أعاذِلَ قد جَربت من خُلُقي. . . . . . . .أَني أجودُ لأقوامٍ وان ضنُنوا

والمصدرُ من الظّنين: الظّنة والمظنّة.والظّنُون: الرجلُ السيئُ الظّنّ وهو القليلُ الخير أيضاً.وكل شيء تتوهمُهُ ولستَ فيه على يقين فهو ظَنون، وهو قول عمر، رضي الله عنه: ( الدين الظنون لا زكاة فيه ).والتّظنّي في موضع التّظنّن، يُقالُ: تظنيتُ، والأصلُ: تظننتُ، إلا أنهم أبدلوا من النّون الآخرة ياء لكراهة اجتماع النّونات.والمظانّ والمظانّة: معالم الأمور.قالَ الشاعر:

فإن مظنّة الجهل السّبابُ

ويُروى: الشّباب.يقالُ: طلبتُ الشيء في مظَانّه، أي: في موضعه.وتقولُ في تصريفِ فعل البُخل: ضَننتُ أضنّ، بكسر النُون في الماضي وفتحها في المستقبل.وفي التّهمة: ظننتُ أظُنُ، بفتح النّون في الماضي وضمّها في المستقبل.

فصل

واعلمْ أنّ الظَّنّ إذا كانَ بمعنى اليقين أو التّهمة، فإنّه يتعدى إلى مفعول واحد.فاليقينُ قوله، عزّ وجلّ: { الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ }، وشبهه.ومنه قول الشاعر:

فقلتُ لهم ظُنوا بأَلفيَ مدجّجِ. . . . . . . .سراتُهم في الفارسيَ المسّردِ

أي: تيقنوا بإتيانهم إياكم.وأما الاتهامْ فقولك: ظنْنتُ عبدَ اللِه.أي: اتهمته.وأمّا إذا كانَ الظَنّ بمعنى الشْكّ، فلا بُد له من مفعولين، كقولك: ظَننتُ زيًداً عاقلاً، أي: حسبته.وكذلك ما أشبهه.وقال بعضُ العلماء: أصلُ الظن الشّكّ، فانْ وقع للعلم كانَ مجازاً.قالَ: والفرقُ بين الظّنّ الذي يكونُ للعلم والذي يكون للشّكّ، أنّ ظنّ العلم لا مصدرَ له، وظنّ الشّكّ له مصدر كما تقدّم في قوله: { إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً }، وشبهه.فإنْ كان الظْنْ مصدراً لم يْجمع، وإنْ جْعل اسماً جُمع، فقيلَ: كثرة الظنون، فاعلمْ ذلك.^

باب

ذكر الفصل الثّاني، وهو

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي