الفرق بين الضاد والظاء/ظلّ وظلوا وشبهه، إذا كان بمعنى صار
ظلّ وظلوا وشبهه، إذا كان بمعنى صار

ظلّ وظلوا وشبهه، إذا كان بمعنى صار
اعلمْ، نَفعنا الله وإيّاكَ، أنّ جميع ما جاءَ من ذلكَ في كتاب الله، عزّ وجلّ، تسعة مواضع.في الحجر ( 14 ): { فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ }.وفي النحل ( 58 ): { ظَلَّ وَجْهُهُ }.وفي طه ( 97 ): { ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً }.وفي الشعراء ( 4 ): { فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ }.وفيها ( 71 ): { فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ }.وفي الروم ( 51 ): { لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ }.وفي الشورى ( 33 ): { فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ }.وفي الزخرف ( 17 ): { ظَلَّ وَجْهُهُ }.وفي الواقعة ( 65 ): { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ }.تقولُ العرب: ظلّ نهارهُ صائماً.ولا تستعملُ ذلكَ إلاّ في كلّ عمل تعمله في النّهار، كما لا تقولُ: بات إلاّ لما يكونُ بالليلِ.وللعرب في اللاّم لُغتان:منهم منْ يقولُ: ظللْتُ، بلامين، الأولى مكسورة.ومنهم مَنْ يقولُ: ظلْتُ، بلام واحدة ساكنة.وكذلك لهم في الظّاء لغتان:فمنهم مَنْ يقولُ: ظلْنا نفعلُ كذا، بكسر الظّاء.ومنهم مَنْ يفتحها فيقول: ظَلنا، وهي لغة القرآن، قالَ الله عزّ وجلّ: { فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ }.
فصل
فأمّا الضّلال إذا كانَ بمعنى الحيرة والجور عن القَصْد، فهو بالضاد، وذلك نحو قوله، عزّ وجلّ: { فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }، { وَلاَ الضَّالِّينَ }، و { هُوَ الضَّلاَلُ }، و { فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }، وما كان مثله.يُقالُ: ضلّ يضلّ، بكسر الضّاد، وضَلّ يضلّ، بفتحها: لُغتان.فمَنْقالَ في المستقبل بفتح الضّاد، قال في الماضي: ضَلِلت، بكسر اللاّم، وبذلك قرأ يحيى بنُ وثّابفي جميع القرآن، نحو قوله، عزّ وجلّ: { قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً }، و { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ }، وشبهه.ومَنْ قالَ في المستقبل بكسر الضْاد، قالَ في الماضي: ضَلَلْت، بفتح اللام، وبذلك قراءة العامة.ويُقالُ: ضلّ عن القَصد، أيْ: جاز عنه.وأَضل ناقتهُ: إذا فقدها.ويُقالُ: فلانُ ضُلُّ بنُ ضُلّ، إذا كانَ منهمكاً في الضّلالة.وضَل الشّيُء: ضاعَ.وضَلّ أيضاً: خَفيَ وغابَ.ومن ذلك قوله، عزّ وجلّ: { أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ }.وقيلَ: معنى ضَللْنا: بلينا، وقيل: متنا، وقيل: صرنا ترابا.وقد قرأ الحسن، رحمه الله: ضللنا، بالضاد وكسراللام، وروي عنه فتحها، وهو الأَفصحُ، بمعنى: أنتنا وتغيّرنا.يُقالُ: ضلّ اللحمُ يضلُ، وأضلّ يُضلّ: لُغتان، أَي: أَنتنَوُيقالُ: ضللتُ الشّيء: أنسيته، ومنه قوله، عزُ وجلّ: { وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ }، أيْ: من الناسين.ومنه: { أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا }، أي: تنسى.ومنه: { ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ }، أيْ: نسيتم كلّ من تدعون إلاّ إيّاه، فاعلم ذلك، وبالله التوفيق.^
باب
ذكر الفصل الثامن، وهو