القصيدة المتوحشة
أبيات قصيدة القصيدة المتوحشة لـ نزار قباني
وضيعي في خطوط يدي
أحبيني لأسبوع , لأيام , لساعات ..
فلست أنا الذي يهتم بالأبد ..
أنا تشرين ..
شهر الريح , والأمطار , والبرد ..
أنا تشرين .. فانسحقي
كصاعقة على جسدي ..
* * *
أحبيني . بكل توحش التتر
بكل حرارة الأدغال , كل شراسة المطر
ولا تبقي .. ولا تذري
ولا تتحضري أبداً ..
فقد سقطت على شفتيك كل حضارة الحضر
* * *
أحبيني كزلزال ..
كموت غير منتظر ..
وخلي نهدك المعجون بالكبريت والشرر
يهاجمني .. كذئب , جائع , خطر ..
وينهشني .. ويضربني
كما الأمطار تضرب ساحل الجزر
أنا رجل بلا قدر ..
فكوني أنت لي قدري ..
وأبقيني على نهديك مثل النقش في الحجر ..
* * *
أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا
ولا تتلعثمي خجلاً .. ولا تتساقطي خوفاً
فحين الحب يضربنا ..
فلا (لماذا) ولا (كيفا) .
أحبيني .. بلا شكوى
أيشكو الغمد إذ يستقبل السيفا
وكوني البحر والميناء , كوني الأرض والمنفى
وكوني الصحو والإعصار ..
كوني اللين والعنفا
أحبيني .. بألف وألف أسلوب
ولا تتكرري كالصيف .. إني أكره الصيفا ..
أحبيني .. وقوليها
لأرفض أن تحبيني بلا صوت
وأرفض أن أواري الحب في قبر من الصمت
أحبيني ..
بعيداً عن بلاد القهر والكبت ..
بعيداً عن مدينتنا التي شبعت من الموت ..
بعيداً عن تعصبها ..
بعيداً عن تخشبها
أحبيني .. بعيداً عن مدينتنا
التي من يوم أن كانت
إليها الحب لا يأتي ..
إليها الله لا يأتي ..
* * *
أحبيني ..
ولا تخشي على قدميك , سيدتي , من الماء
فلن تتعمدي امرأةً ..
وجسمك خارج الماء ..
وشعرك خارج الماء ..
فنهدك بطة بيضاء .. لا تحيا بلا ماء
أحبيني بطهري أو بأخطائي ..
بصحوي أو بأنوائي
وغطيني , أيا سقفاً من الأزهار , يا غابات حناء
تعري .. واسقطي مطراً على عطشي وصحرائي
وذوبي في فمي كالشمع .. وانعجني بأجزائي ..
تعري .. واشطري شفتي
إلى نصفين .. يا موسى بسيناء ..
عن نزار قباني
نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.
تعريفه من ويكيبيديا
نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).
على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.