الكون أظلم والعباد على خطر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة الكون أظلم والعباد على خطر لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب

اقتباس من قصيدة الكون أظلم والعباد على خطر لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب

الكونُ أظلمَ والعبادُ على خطر

وغدا الزمانُ كما الزمين بلا خطر

كُسِفَت شموسُ المجد في راد الضحى

وتغشَّت الآفاقُ وانشقَّ القمر

والأفق أصبحَ مثل رمسٍ دامسٍ

والشمسُ بان النور منها والأَفَر

والشامخات الشمُّ طأطأَ رأسها

كالغور أضحت موطئاً دون الحِفَر

غدت المعالي مثل رسمٍ دارسٍ

وكذا المفاخر أصبحت لا مفتخر

بكت المكارم عند فقد مليكها

وغدت جحافل فخرها شذَراً مَذَر

وانحطَّ قدر الفخر والنورُ انطفى

واندكَّت العلياءُ واندثر الأَثر

هطلت غياث الدمع من كبد السَما

هل تهطل الأكباد في الحزنِ العبر

ثوب المآتم قد أثقيم سرادقاً

في أفق ذي الأقطار أمرٌ مبتكر

ناحت جمادات البسيطة جمَّةً

أنّى القلوب المشعراتُ بذا الضرَر

والخطب جرَّد كل أشجار النَدا

فتلاشت الأفنان والقنسُ انهصَر

وغياض ذاك العِزِّ مجدبةً تُرى

أين الغصونُ وأين هتيك الشجر

وسواجع الأطيار آنِفَةً غدت

وأتى عن الورقاءِ نعّابٌ هَدَر

ورياض تلك المكرمات تقهقرت

غابت أزاهرها وقد قُشِعَ الزَهَر

ومياه زيّاك الزلال تكدَّرت

كدَر النجيع وايّ ذيّاك الكدر

وعذوبة الشهد الشَهيِّ تمقَّرَت

وأتت لذاذتها كعلقمة المَقَر

ريح الصَبا سكنت وقام مقامها

ريح السموم ولم يكن منها حذَر

والأمن أصبح آبقاً لما بدت

قوم الخيانة والبغيُّ قد انتصر

بأن الحبور مع المسرَّة والهنا

دنت الشرور كذا الغرور لقد ظهر

والنور أمسى في قتامٍ حالكٍ

والكون قد فقد البصيرة والبصر

والأرض طرّاً زُلزلت زلزالها

فعلت أسافلها وعاليها انغمر

سأل الخليُّ تفحُّصاً عمّا جرى

فأجبتهُ أين البشيرُ المنتظر

أين المليكُ المبدع الشرف الذي

شرف العلى في ذات جبلتهِ انحصر

أين الذي قهر الجبابرة الأولى

قهروا الورى وهو الموحَّدُ في الظفر

أين الذي أحيى الورى في عدلهِ

وذوي المظالم والبغاة لقد قهر

أعني البشير أمير لبنان الذي

كالشمس أشرق في الأعالي واشتهر

بسما العدالة قد أشاد قواعداً

وبني عليها كل حصنٍ معتبر

جعل الظبا والأجوف الضاري معاً

ترعى كَلا الأيلاف في روض الحضر

ودعى العملَّس للخيانة نابذاً

وقد اصطفى ثوب الوداعة وأتزر

وأشاد شرع الحق ما بين الورى

وأباد أهل الجور والبغي أحتقر

وعلت على الأطواد منهُ رآفةٌ

وسرادقاً بالأمن أعلاها نشر

إن فاه راضٍ كان ربَّ وداعةٍ

أو صاح غضباناً فقل أسدٌ زأر

لو هزَّ أثناءَ الكريهة صارماً

وأشار إيماءً لطال وقد بَتر

ناغت بلابل روض لبنانٍ بهِ

طرباً وتصدح بالليالي كالسحر

ذاك الذي فاق الملوك مكارماً

أنّا نراها عنده لا تُذدَكَر

شرفَ البرية كلها بمحامدٍ

وهو الشريف ابن الشريف من اشتهَر

سارت فضائلهُ وساد بحكمةٍ

فاقت سليماناً بما لا يُختبَر

كم من خطوبٍ ذلَّلت آراؤُهُ

حَكمٌ يُزَيّنُ كلَّ أمرٍ بالأمر

علمٌ عليمٌ علَّلت آياتهُ

حِكَم العقول وقد رمتها بالحيَر

قد فاق يوسف بالعفاف تجمُّلاً

وهو الطهور الفاضل الحسنُ السير

وهو الشفوق المرتجى العمِدُ الثَرى

وهو الصدوق ولم يقل إلّا الدُرَر

من قال إن الدهر جاد بمثلهِ

قد ضلَّ رشداً ليس يدري ما الخبر

ذاك الذي يهب الألوف ولن تَرى

من أمَّ ساحتهُ السنية وافتقر

يهب المؤمل قبل بسطة كفهِ

ويخال عيبا إن لتسآلٍ صبر

دع ذكر حاتم والبرامكة الأولى

حازوا الثنا بين البداوة والحضر

أغنى العفاة مدى الزمان نوالهُ

كالصَيِّبِ الهطال بالتبر انفجر

سلطان برٍّ لقبوه غيبةً

وهو الجوادُ البرُّ قد صدق الخبر

لو عاينوا يوماً نعيم جنابه

لتأكَّدوا أن الملوك لفي خَفَر

ملكٌ تفرَّد في الورى بفضائلٍ

شرفَ المحامد ربُّنا فيه حصَر

قالوا مليكٌ قلتُ ذا ملكٌ فلا

تزروا بهِ ما حازهُ زمنٌ عبر

ملكٌ أتى في صورة إنسيَّةٍ

حاشا وكلّا أن يكون من البشر

واليوم راشتهُ المنون باسهمٍ

فأصابت الأكباد والقلبُ اندسر

وفلَتهُ في صَقِلِ الفِرند بغدرها

يا ليته عمر المنيَّة قد هصر

بكت المحاجر عندَما عميت بهِ

مقل الورى وبكى النبات مع الحجر

يا أيها الملِكُ المُفَدّى لو مضت

لفدائِكَ الدنيا لما القلب انكسر

غادرتَ لبناناً كأعشى خابطاً

حبطت بهِ الأعمال والظلم انتشر

شمس العدالة مذ نأت من أفقه

فتفرَّق العشاق وانقطع الوتر

لبنان كان كما الجنان وروضهُ

يزهو بايناعٍ وأزهارٍ غرر

والآن أمسى مجدباً قفراً كما

أضحت بهِ الأرزاءُ تحكى كالسُمر

قد ظل في أسفٍ وفي ندمٍ سدى

وغدا بشومٍ عبرةً لمن اعتبر

لكن هو الجاني وفي بغيٍ سعى

والبغي يُجدي في الجنا بئس الثمر

كرهَ الصفا وإلى الحماقيس اصطفى

ولحتفهِ في ظلفهِ عمداً حفر

أخذ الغرور مطيةً فكبت بهِ

هل قيل في راقي الغرور قد اقتدر

دُرِست معاليه وزال فخارهُ

دُكَّت شوامخهُ لقعرٍ من سقر

هذه مجازاة البغيِّ بلا مرا

أيصيبُ خيراً من بإنعامٍ كفر

حلَّت بأهليهِ التعاسة طالما

قد غاب ذا المولى ليتخذوا العبر

لما استحقَّ النار لبنانٌ سمت

شهبُ الرضى وإليهِ ذا السخط انحدر

واها على مولى الولا السامي الذرى

فلتبكهِ الأمصار دمعاً كالمطر

ترك العلا بتحرّقٍ وتأرُّقٍ

ذابت جوارحها واضناها السهر

ذهب الولا والمجد في ترحالهِ

سفراً طويلاً ليس يعقبه صَدر

راح الفخار من الديار وسافرت

آلُ الندا ونأى الرخاءُ بذا السفر

وأتى الخؤون إلى المصون مطارداً

والضرُّ أقبل والأمان لقد غبر

غاب المليك الدهر نبكيهِ دماً

ما الشمسُ ذرَّت والهلال قد استتر

قل للذي قد قال مات مغرَّبا

خلِّ الشماتة ذاك في حكم القدر

كل الورى قد قال حين وفاتهِ

الكون أظلم والعباد على خطر

شرح ومعاني كلمات قصيدة الكون أظلم والعباد على خطر

قصيدة الكون أظلم والعباد على خطر لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب وعدد أبياتها خمسة و سبعون.

عن حنا بك الأسعد بن أبي صعب

حنا بك الأسعد بن أبي صعب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي