الله أكبر فاز قوم بالرضى
أبيات قصيدة الله أكبر فاز قوم بالرضى لـ الغشري

اللهُ أكبرُ فازَ قومٌ بالرضى
وأُنَاسُ في سخطٍ من الرحمنِ
إن قيلض مَنْ خيرُ البرية والوَرَى
وهو الكريمُ وأشجعُ الشجعانِ
فهو الذي للنفسِ أضحَى لاجماً
بلجامِ تقوى الواحدِ المنانِ
ولَهَا نَهى عن كلِّ أسبابِ الهوى
حتى أتتْ بالطوعِ والإذعانِ
مَلِكٌ يذلُّ به الملوكُ بأسرِها
من غير أبطالٍ ولا فرسانِ
لم تَلْقَهُ يوماً صريعَ عُدَانِهِ
بل قاهر الأعداء بالسلطانِ
هذا الشجاعُ المرتَضَى البطلُ الذِي
يخشاهُ طُرّاً جملةُ الأقرانِ
وهو الرزينُ العقلِ حينَ اختار مَا
يبقَى على نَزْر حقير فإني
لو يوزن الشمّث الجبالُ بحِلْمِهِ
لتقاصرتْ بالخَفِّ والنقصانِ
قد حلَّ في الدنيا حُلُولَ مسافرٍ
متشمِّرٍ متأهِّبٍ يقظانِ
حتى توَّفاه المليكُ بلُطْفِه
وأحَلَّهُ بالقربِ دَارَ أَمان
فهو المفضَّلُ عن ملائكةِ السَّمَا
يوماً يفوزُ بنعمةٍ وحَنَانِ
فيها له ما يشتهيهِ ويرتَضِي
من كلِّ لونٍ فائقِ الألوانِ
في جنَّة الفردوسِ بينَ كواعب
ووصائفِ تزهو ومن ولدانِ
في لذة متبختراً متنعِّماً
بالحورِ بين القَصْرِ والبستانِ
فيها الأرائكُ والنمارق صُفِّفَتْ
من كل فاكهةٍ بها زوجانِ
يا حُبَّ داراً لأمنٍ لا خوفَ ولا
حُزْنَ يكْدُرُها من الأحزانِ
فالزعفرانُ حشيشُهَا وتُرَابُهَا
مسكٌ يفوحُ بها من الكثبانِ
وملائكٌ من ذي الجلالِ تزُورُهُمْ
بالبِشرِ والتسليم والرَّيْحَانِ
لو شِمْتَهُمْ فوقَ الخيولِ عليهمُ
حُلَلُ الحريرِ وعاقِدُوا التيجانِ
وجِباهُهُمْ مثلُ الشموسِ لوامعٌ
قد ضاءَتْ الجنَّاتُ باللمَعَانِ
قد أرسلُوا لِذَوَائِبٍ قد رُصِّعَتْ
بالدُّرِّ والمرجانِ والعقيانِ
بخلاخل ودمالجِ وأساورٍ
من فضةٍ بَيْضَا ومن مُرْجانِ
يتزخرفون على الجنانِ تَبَخْتُراً
لا يفزعُون نَوائِبَ الحِدْثَانِ
كم بينَ هذا والمطيعِ هواءهُ زمناً
على ذل الأسَى وهوان
فالْتَذَّ بالشهواتِ لِذَّةَ حالم
لما تيقظ فاءَ بالهَيَمَانِ
فكذلكَ الدنيا فسَكْرَةُ جاهلٍ
والموتُ فهْوَ موقظُ السكرانِ
فكأنه بالبعث أمر فاجعٌ
إذْ ما جناهُ يراهُ في ديوانِ
فهناكَ يلقَى حَسْرَةً وندامة
مما يعانيهُ من الخسرانِ
فيدعُّ دعَّا للجحيم مُسَلِّماً
ومُقارنا معْ ذاكَ بالشيطانِ
وله ثيابٌ من سعيرٍ قُطِّعَتْ
أعمَى أصمُّ مكبَّلُ الأركان
وله عذابٌ منه أنواعُ الشَّقَا
من نهشِ حَيَّاتٍ ومن ثعبانِ
يُسْقَى صديداً قاطعاً أمعاءه
منها تزيدُ حرارةُ الصمَّانِ
فابكي أخيَّ بدمع عين أحمر
متكفكفٍ مسترسلٍ هَتَّانِ
ندَماً على عُمْر مَضَى في غضفْلَةٍ
باللَّهْوِ والتضييع والعِصْيَانِ
أخلص لربِّكَ توبةً تُمْحَى بها
صحفُ الذنوب بسالفِ الأزمانِ
وارجعْ إليه آيباً متندِّماً
واسجُدْ لهُ طوعاً على الأذقانِ
أو عَسْعَسَ الليلُ البَهِيمُ وغَطَّ في
نوماتِه ذو راحةٍ وَسْنَانِ
فلعلَّه ولعلَّه ولعلَّه
يكفيكَ شرَّ تقلبِ النيرانِ
وعَسَى عَسَى وعَسَى عَسى وعَسَى عَسَى
يُنْجِيكَ من ذلٍّ ومن خِذْلاَنِ
وعساكَ تُنْعشُ من لديهِ برحمةٍ
مَا غَرَّدَ القُمْرِيُّ في الأَغْصَانِ
والآلُ والأصحابُ طُرّاً كلُّهُمْ
والتابعونَ وسادةُ الأكوانِ
شرح ومعاني كلمات قصيدة الله أكبر فاز قوم بالرضى
قصيدة الله أكبر فاز قوم بالرضى لـ الغشري وعدد أبياتها اثنان و أربعون.
عن الغشري
سعيد بن محمد بن راشد بن بشير الخليلي الخروصي. من شعراء القرن الثاني عشر.[١]
- ↑ معجم الشعراء العرب