المفضليات/الأسود بن يعفر النهشلي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الأسود بن يعفر النهشلي

الأسود بن يعفر النهشلي - المفضليات

الأسود بن يعفر النهشلي

نامَ الخَلِيُّ وما أُحِسُّ رُقادِى

والهَمُّ مُحتَضِرٌ لَدَيَّ وِسَادِي

مِنْ غَيْرِ ما سَقَمٍ ولكنْ شَفَّنِي

هَمٌّ أَرَاهُ قد أصابَ فُؤَادِي

ومنَ الحَوادِثِ، لا أَبا لكِ، أَنَّني

ضُرِبَتْ عليَّ الأَرضُ بالأَسْدَادِ

لا أَهْتَدِى فيها لِمَوْضِعِ تَلْعَةٍ

بينَ العِرَاقِ وبين أَرْضِ مُرَادِ

ولقد علمِتُ سِوَى الذِي نَبَّأْتِني

أَنَّ السَّبِيلَ سبيلُ ذِي الأَعْوَادِ

إِنَّ المَنِيَّةَ والحُتُوفَ كِلاَهُما

يُوفِي المخَارِمَ يَرْقُبانِ سوَاَدِي

لن يَرْضَيَا مِنِّي وَفَاءَ رَهِينَةٍ

مِن دُونِ نَفْسِي، طَارِفي وتلادِي

ماذَا أُؤَمِّلُ بَعْدَ آلٍ مُحرِّقٍ

تَركُوا منَازِلَهُمْ وبعدَ إِيَادِ

أَهْلِ الخَوَرْنَقِ والسَّدِيرِ وبارِقٍ

والقَصْرِ ذِي الشُّرَفَاتِ من سِنْدَادِ

أَرضاً تَخَيَّرَها لِدَارِ أَبيهُمِ

كَعْبُ بنُ مَامَةَ وابنُ أُمِّ دُؤَادِ

جَرَتِ الرِّياحُ على مكانِ دِيارِهِمُ

فكأَنَّما كانوا عَلَى مِيعَادِ

ولقد غَنُوا فيها بِأَنْعَمِ عِيشَةٍ

في ظِلِّ مُلْكٍ ثابتِ الأَوتادِ

نزَلُوا بِأَنْقُرَةٍ يَسِيلُ عليهمُ

ماءُ الفُرَاتِ يَجيءُ مِنْ أَطْوَادِ

أَينَ الذينَ بَنَوْا فطالَ بِنَاؤُهمْ

وتَمتَّعُوا بالأَهلِ والأَولادِ

فإِذَا النَّعيمُ وكلُّ ما يُلْهَى به

يوماً يَصيرُ إِلى بِلىً ونَفَادِ

في آلِ غَرْفٍ لو بَغَيْتِ لِيَ الأُسَى

لَوَجَدْتِ فِيهم إِسْوَةَ العُدَّادِ

ما بَعْدَ زَيْدٍ في فَتَاةٍ فُرِّقُوا

قتْلاً ونَفْياً بعدَ حُسْنِ تآدِي

فَتَخَيَّرُوا الأَرضَ الفَضَاءَ لِعِزِّهِمْء

ويَزِيدُ رَافِدُهُمْ على الرُّفَّادِ

إِمَّا تَرَيْنِي قَدْ بَلِيتُ وغَاضَنِي

ما نِيلَ مِن بَصَرِى ومن أَجْلاَدِي

وعَصَيْتُ أَصحابَ الصَّبابَةِ والصِّبَا

وأَطَعْتُ عَاذِلَتِي ولاَنَ قِيَادِي

فلقد أَرُوحُ على التِّجارِ مُرَجَّلا

مَذِلاً بمَالِى لَيِّناً أَجْيَادِي

ولقدْ لَهَوْتُ ولِلشَّبابِ لَذَاذَةٌ

بِسَلاَفَةٍ مُزِجَتْ بماءِ غَوادِي

مِنْ خَمْرِ ذِي نَطَفٍ أَغَنَّ مُنَطَّقٍ

وَافَى بها لِدَرَاهِمِ الأَسْجَادِ

يَسْعَى بها ذُو تُومَتَيْنِ مُشَمِّرٌ

قَنَأَتْ أَنَامِلُهُ منَ الفِرْصَادِ

والبِيضُ تَمْشِي كالبُدُورِ وكالدُّمَى

ونَوَاعِمٌ يَمْشِينَ بالأَرْفَادِ

والبِيضُ يَرْمِينَ القُلُوبَ كأَنَّها

أُدْحِيُّ بَيْنِ صَرِيمةٍ وجَمَادِ

يَنْطِقْنَ مَعرُوفاً وهُنَّ نوَاعِمٌ

بِيضُ الوُجُوهِ رَقيقَةُ الأَكْبادِ

يَنْطِقْنَ مَخْفُوضَ الحَدِيثِ تَهَامُساً

فَبَلَغْنَ ما حاوَلْنَ غَيْرَ تَنَادِي

ولقدْ غَدَوْتُ لِعَازبٍ مُتَناذَرِ

أَحْوَى المذَانِبِ مُؤْنِق الرُّوَّادِ

جَادَتْ سَوَارِيَهُ وآزَرَ نَبْتَهُ

نُفَأٌ من الصَّفْرَاءِ والزُّبَّادِ

بِالْجوِّ فالأَمَرَاتِ حَوْلَ مُغَامِرِ

فَبِضَارِجٍ فَقَصِيمَةِ الطُّرَّادِ

بِمُشَمِّرٍ عَتِدٍ جَهِيزٍ شَدُّهُ

قَيْدِ الأَوَابِدِ والرِّهانِ جَوَادِ

يَشْوِي لَنَا الوَحَدَ المُدِلَّ بِحُضْرِهِ

بِشَريجِ بَيْنَ الشَّدَّ والإِيرَادِ

ولقَدْ تَلَوْتُ الظَّاعِنينَ بِجَسْرَةٍ

أُجُدٍ مُهَاجِرَةِ السِّقَاب جَمَادِ

عَيْرَانةٍ سَدَّ الرَّبِيعُ خَصاصَهَا

مَا يَسْتَبِينُ بِهَا مَقِيلُ قُرَادِ

فَإِذَا وذَلِكَ لا مهَاهَ لذِكْرِهِ

والدَّهرُ يُعْقِبُ صَالِحاً بِفَسَادِ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي