المفضليات/بشامة بن عمرو

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

بشامة بن عمرو

بشامة بن عمرو - المفضليات

بشامة بن عمرو

هَجَرَتْ أُمامةَ هَجْراً طَوِيلاَ

وحَمَّلَك النَّأْيُ عِبْئاً ثَقيلاً

وحُمِّلْتَ منها عَلى نَأْيِها

خَيالاً يُوَافِي ونَيْلاً قليلاً

ونَظْرَةَ ذِي شَجَنٍ وامِقٍ

إِذَا ما الرَّكائِبُ جاوَزْنَ مِيلاً

أَتتنا تُسائِلُ ما بَثَّنا

فقلنا لها: قد عَزَمْنا الرَّحِيلاَ

وقلتُ لها: كُنْتِ، قد تَعلمي

نَ، منذُ ثَوَى الرَّكْبُ، عَنَّا غَفُولاَ

فبادَرَتَاها بمُسْتَعْجِلٍ

من الدَّمعِ يَنْضَحُ خَدًّا أَسِيلا

وما كان أَكثَرُ ما نَوَّلَتْ

من القَوْلِ إِلاَّ صِفَاحاً وقيلا

وعِذْرَتُها أَنَّ كلَّ امرِىءٍ

مُعِدٌّ لهُ كلَّ يومٍ شُكُولاً

كأَنَّ النَّوَى لم تَكُنْ أَصْقَبَتْ

ولم تَأْتِ قَوْمَ أَدِيمٍ حُلولاَ

فقَرَّبْتُ للرَّحْل عَيْرَانَةً

عُذّافِرَةً عَنْتَرِيساً ذَمُولاَ

مُدَاخَلََ الْخَلْقِ مَضبُورَةً

إِذَا أَخَذَ الحاقِفاتُ المقِيلاَ

لَها قَرِدٌ تامِكٌ نَيُّهُ

تَزِلُّ الوَلِيَّةُ عنهُ زَلِيلا

تَطَرَّدُ أَطْرَافَ عامٍ خَصيبٍ

ولم يُشْلِ عَبْدٌ إِليها فَصِيلا

تَوَقَّرُ شازِرَةٍ طَرْفهَا

إِذا ما ثَنَيْتَ إِليها الجَدِيلا

بعَيْنٍ كعَينِ مُفيضِ القِدَاحِ

إِذا ما أَرَاغَ يُرِيدُ الحَويلا

وحَادِرَةٍ كَنَفَيْها المَسي

حُ تَنْضِحُ أَوْبَرَ شَثًّا غَلِيلاَ

وصَدْرٌ لها مَهْيَعٌ كالخَلِيفِ

تَخالُ بأَنَّ عليه شَليلاَ

فمرَّتْ على كشبٍ غُدْوَةً

وحاذَتْ بجَنْبِ أَرِيكٍ أَصِيلاَ

تَوطَّأُ أَغْلَظَ حِزَّانِهِ

كوَطءِ القَوِيِّ العَزِيزِ الذَّلِيلاَ

إِذا أَقبلَتْ قلتَ مَذْعُورَةٌ

من الرُّمْدِ تَلْحَقُ هَيْقاً ذَمُولا

وإِنْ أَدبرتْ قلتَ مَشْحُونةٌ

أَطاعَ لَها الرِّيحُ قِلْعاً جَفُولاَ

وإِنْ أَعرضْت رَاءَ فيها البصي

رُ ما لاَ يُكَلِّفهُ أَنْ يَفِيلاَ

يَداً سُرُحاً مَائِراً ضَبْعُها

تَسُومُ وتَقْدُمُ رِجْلاً زَجُولاَ

وعُوجاً تَنَاطَحْنَ تحتَ المَطا

وتَهْدِي بِهنَّ مُشاشاً كُهُولاَ

تَعُزُّ المَطِيِّ جِمَاعَ الطريقِ

إِذا أَدْلَجَ القومُ ليلاً طويلاَ

كَأنَّ يدَيْها إِذَا أَرْقَلَتْ

وقد جُرْنَ ثُمَّ اهتَديْنَ السَّبيلاَ

يَدَا عائِم خَرَّ في غَمْرَةٍ

قَدَ أَدرَكهُ الموتُ إِلاَّ قليلاَ

وخُبِّرْتُ قَومِي ولم أَلْقَهُمْ

أَجَدُّوا علي ذي شُوَيْسٍ حُلُولاَ

فإِمَّا هلكْتُ ولم آتِهِمْ

فأَبْلِغْ أَماثِلَ سَهْمٍ رَسولاَ

بِأَنْ قَوْمُكُمْ خُيِّرُوا خَصلَتي

نِ كلْتاهما جَعلُوها عُدُولاَ

خِزْىُ الحياةِ وحَرْبُ الصَّدِيقِ

وكلٌّ أَرَاهُ طَعَاماً وَبِيلاَ

فإِن لم يكنْ غَيرُ إِحداهما

فَسِيرُوا إِلى الموتِ سَيْراً جميلاَ

ولا تَقعدُوا وبِكُمْ مُنَّةٌ

كَفَى بالحوادثِ للمرءِ غُولاَ

وحُشُّوا الحُروبَ إذَا أُوقِدَتْ

رِماحاً طِوَالاً وخيلاً فُحولاَ

ومِن نَسْجِ داؤُودَ مَوْضُونَةً

ترَى لِلْقَواضِبِ فيها صَلِيلاَ

فإِنكُمُ وعَطَاءَ الرِّهانِ

إِذا جَرَّتْ الحربُ جُلاًّ جَليلاَ

كثَوْب ابْنِ بَيْضٍ وَقَاهُمْ بهِ

فَسَدَّ على السالكينَ السَّبيلاَ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي