المفضليات/بشر بن أبي خازم

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

بشر بن أبي خازم

بشر بن أبي خازم - المفضليات

بشر بن أبي خازم

عَفَتْ مِنْ سُلَيْمَى رَامَةٌ فَكَثِيبُهَا

وشَطَّتْ بِهَا عنكَ النَّوَى وشُعُوبُهَا

وغَيَّرها ما غَيَّرَ النَّاسَ قَبْلَها

فَبانَتْ وحاجاتُ الفُؤَادِ تُصِيبُهَا

ألَمْ يَأْتِها أَنَّ الدُّمُوعَ نَطَافَةٌ

لِعَيْنٍ يُوَافِي في المَنَام حَبِيبُهَا

تَحَدُّرَ ماءِ الغَرْب عَن جُرَشِيَّةً

عَلَى جِرْبَةٍ تَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُهَا

بِغَرْبٍ ومَرْبُوعٍ وعَوْدٍ تُقِيمُهُ

مَحَالةُ خُطَّافٍ تَصِرُّ ثُقُوبُهَا

مُعَالِيَةً لا هَمَّ إِلاَّ مُحَجَّرٌ

وحَرَّةُ لَيْلَى السَّهلُ منْها ولُوبُهَا

رَأَتنِي كأُفْحُوصِ القَطَاةِ ذُؤَابَتِي

وما مَسَّها مِن مُنْعِمٍ يَسْتَثِيبُها

أَجَبْنا بَنِي سَعْدِ بْنِ ضَبَّةَ إِذْ دَعوْا

وللهِ مَوْلَى دَعْوَةٍ لا يُجِيبُها

وكنَّا إِذا قُلْنا: هَوازِنُ أَقْبِلي

إِلى الرُّشْدِ، لم يَأْتِ السَّدادَ خَطيبُها

عَطَفْنَا لَهُمْ عَطْفَ الضَّرُوسِ مِنَ المَلاَ

بِشَهْباءَ لا يَمْشي الضَّرَاءَ رَقِيبُها

فلَمَّا رَأَوْنا بالنِّسَارِ كأَنَّنا

نَشاصُ الثُّرَيَّا هَيَّجَتْها جَنُوبُها

فكانُوا كَذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ إِذْ غَلَتْ

أَتُنْزِلُها مَذْمومَةً أَمْ تُذِيبُهَا

قَطَعْناهُمُ فبِاليمَامَةِ فِرْقَةٌ

وأُخْرَى بأَوْطاسٍ تَهِرُّ كَلِيبُهَا

نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها

على كلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عُكُوبُها

لَحَوْ ناهُمُ لَحْوَ العِصِيّ فأَصْبَحوا

على آلَةٍ يَشكُو الهَوانَ حَريبُها

لَدُنْ غُدْوَةً حتي أَتى اللَّيْلُ دونَهُمْ

وأَدرَكَ جَرْيَ المُبقِيات لُغوبُها

جَعلْنَ قُشَيْراً غايةً يُهْتَدَى بها

كَما مَدَّ أَشْطَانَ الدِّلاءِ قَلِيبُهَا

إِذا ما لَحِقْنا مِنهُمُ بِكَتيبَةٍ

تُذُكِّرَ مِنها ذَحْلُها وذُنوبُها

بَنِي عامِرٍ إِنَّا تَركْنا نِساءَكمْ

مِنَ الشَّلِّ والإِيجافِ تَدْمَى عُجوبُها

عَضَارِيطُنا مُسْتَبْطِنو البِيضِ كالدُّمَى

مُضَرَّجَةً بالزَّعْفرانِ جُيُوبُهَا

تَبِيتُ النِّساءُ المُرْضِعاتُ برَهْوَةٍ

تَفَزَّعُ من خَوْفِ الجَنانِ قُلوبُهَا

دَعُوا مَنْبِتَ السَّيفَيْن إِنَّهُما لَنا

إِذا مُضَرُ الْحَمراءُ شُبَّتْ حُرُوبُها

قال بشر أيضاً:

أَحَقُّ ما رأَيْتُ أَمِ احتِلاَمُ

أَمِ الأهْوالُ إِذْ صَحْبِي نِيامُ

أَلاَ ظَعَنَتْ لِنِيَّتها إِدامُ

وكُلُّ وِصالِ غانِيَةٍ رمامُ

جدَدْتُ بِحُبِّها وهَزلْتُ حتَّى

كَبْرتَ وقيلَ إِنَّك مُسْتَهامُ

وقدْ تَغْنَى بِنا حيناً ونَغْنَى

بِها، والدَّهْرُ لَيْسَ لهُ دوَامُ

لَيالَي تَسْتَبِيكَ بِذِي غُروبٍ

كأَنَّ رُضَابَه وَهْناً مُدامُ

وأَبْلَجَ مُشْرِقِ الخَدَّيْنِ فَخْمٍ

يُسَنُّ عَلَى مَراغِمِهِ القَسَامُ

تَعَرُّضَ جَأْبَهُ المِدْرَى خَذُولٍ

بِصاحَةَ فِي أَسرَّتِها السَّلامُ

وصاحِبُها غَضِيضُ الطَّرْفِ أَحْوَى

يَضُوعُ فُؤَادَها مِنْهُ بُغَامُ

وخَرْقٍ تَعْزِفُ الجِنَّانُ فيهِ

فَيافِيهِ تَحِنُّ بِها السَّهامُ

ذَعَرْتُ ظِباءَها مُتَغوِّرَاتٍ

إِذا أدَّرَعَتْ لَوامِعَهَا الإِكَامُ

بِذِعْلِبَةٍ بَرَاها النَّصُّ حتَّى

بَلَغْتُ نُضَارَهَا وفنَىَ السَّنَامُ

كأَخُنَسَ ناشِطٍ بَاتَتْ عليهِ

بِحَرْبَةَ لَيْلَةٌ فيها جَهَامُ

فَباتَ يقُولُ: أَصْبِحْ لَيْلُ، حتَّى

تَجَلَّى عن صَرِيمَتِهِ الظَّلاَمُ

فأَصْبَحَ نَاصِلاً منها ضُحَيَّا

نُصُولَ الدُّرِّ أَسْلَمَهُ النِّظَامُ

أَلاَ أَبْلِغْ بَنِي سَعْدٍ رسُولاً

ومَوْلاهُمْ فقَدْ حُلِبتْ صُرَامُ

نَسُومُكُمُ الرَّشَاد وَنَحْنُ قَوْمٌ

لِتَارِكِ وُدِّنَا في الحربِ ذَامُ

فإِذْ صَفِرتْ عِيَابُ الوُدِّ مِنْكُمْ

ولَمْ يَكُ بَيْنَاَ فيها ذِمَامُ

فإِنَّ الجِزْعَ جِزعَ عُرَيْتِنَاتٍ

وبُرْقَةَ عَيْهَمٍ منكمْ حَرَامُ

سَنَمْنَعُهَا وإِنْ كانَتْ بِلاَداً

بِها تَرْبُو الخَوَاصِرُ والسِّنَامُ

بِهَا قَرَّتْ لَبُونُ النَّاسِ عَيْناً

وحَلَّ بها عَزَالِيَهَا الغَمَامُ

وغَيْثٍ أَحْجَمَ الرُّوَادُ عنهُ

بِهِ نَفَلٌ وحَوْذَانٌ تُوأَمُ

تَغَالَى نَبْتُهُ واعْتَمَّ حتَّي

كأَنَّ مَنَابِتَ العَلَجَانِ شَامُ

أَبَحْنَاهُ بِحَيٍّ ذِي حِلاَلٍ

إِذَا مَا رِيعَ سَرْبُهُمُ أَقامُوا

وما ينْدُوهُمُ النَّادِي ولكِنْ

بِكُلٍّ مَحَلَّةٍ مِنهُمْ فِئَامُ

وما تَسْعَى رِجالُهُمُ ولكِنْ

فُضُولُ الخَيْلِ مُلْجَمَةٌ صِيَامُ

فَباَتْ لَيلةً وأَدِيمَ يَوْمٍ

عَلَي المِمْهَي يُجَزُّ لَهَا الثَّغَامُ

فلَمَّا أَسْهَلَتْ مِن ذِي صُبَاحٍ

وسَالَ بها المَدَافِعُ والإِكامُ

أَثَرْنَ عَجَاجَةً فَخَرَجْنَ مِنْهَا

كَما خَرَجَتْ مِنَ الغَرَضِ السِّهَامُ

بِكُلِّ قَرَارَةٍ من حَيْثُ جَالَتْ

رَكيَّةُ سُنْبُكٍ فيها أنِثِلاَمُ

إِذَا خَرَجَتْ أَوائِلُهُنَّ شَعْثاً

مَجَلِّحَةً، نَوَاصِيهَا قِيامُ

بِأَحْقِيهَا المُلاَءُ مُحَزَّماتٌ

كأَنَّ جِذَاعَهَا أُصُلاً جِلاَمُ

يُبَارِينَ الأَسِنَّةَ مُصْغِيَاتٍ

كَمَا يَتفارَطُ الثَّمَدَ الحَمَامُ

أَلم ترَ أَنَّ طُولُ الدَّهْرِ يُسْلِي

ويُنْسِي مِثْلَ مَا نُسِيَتْ جُذَامُ

وكانُوا قَوْمَنَا فَبَغَوْا عَلَيْنا

فَسُقْناهُمْ إِلى البَلدِ الشَّآمِي

وكُنَّا دُونَهُمْ حِصْناً حَصِيناً

لَنَا الرَّأَسُ المُقَدَّمُ والسَّنَامُ

وقالُوا: لَنْ تُقِيمُوا إِنْ ظَعَنَّا

فَكانَ لَنَا وقَدْ ظَعَنُوا مُقَامُ

أَثَافيَ مِنْ خُزَيْمَةَ رَاسِيَاتٍ

لَنا حِلُّ المَنَاقِبَ والْحَرَامُ

فإِنَّ مَقَامَنَا نَدْعُو عليكمْ

بِأَبْطَحِ ذِي المَجَازِ لَهُ أَثَامُ

قال بشر

أَلاَ بَانَ الْخَلِيطُ ولم يُزَارُوا

وقَلْبُكَ في الظَّعائِنِ مُسْتَعَارُ

تَؤُّمُّ بها الحُدَاةُ مِيَاهَ نَخْلٍ

وفيها عَنْ أَبانَيْنِ أَزْوِرَارُ

أُسائِلُ صاحِبي ولقَدْ أَرَاني

بَصِيراً بالظَّعائِنِ حيثُ سارُوا

أُحاذِرُ أَنْ تَبِينَ بَنُو عُقَيْلٍ

بِجارَتِنا فقد حُقَّ الحِذَارُ

فَلأَْياً مّا قَصَرْتُ الطَّرْفَ عنهمْ

بِقانِيَةٍ وقد تَلَعَ النَّهَارُ

بِلَيْلٍ ما أَتَيْنَ عَلَى أَرُومٍ

وشابَةَ عن شَمَائِلها تِعَارُ

كأَنَّ ظِبَاءَ أُسْنُمَةٍ عليها

كَوَانِسَ قالِصاً عنها المَغَارُ

يُفَلِّجْنَ الشِّفاهَ عَنِ أقْحُوَانٍ

جَلاَهُ غِبَّ سَارِيَةٍ قِطَارُ

وفِي الأَظْعانِ آنِسَةٌ لَعُوبٌ

تَيَمَّمَ أَهْلُها بَلَداً فسَارُوا

مِنَ اللاَّئِي غُذِينَ بِغَيْرِ بُؤْسٍ

مَنَازِلُها القَصِيمَةُ فالأُوارُ

غَذَاها قارِصٌ يَجْرِي عليها

ومَحْضٌ حِينَ تُبْتَعَثُ العِشَارُ

نَبيلَةُ مَوْضِعِ الحِجْلَيْنِ خَوْدٌ

وفي الكَشْحَيْنِ والبَطْنِ اضْطِمَارُ

ثَقَالٌ كُلَّما رَامَتْ قِيَاماً

وفيها حِينَ تَنْدَفِعُ انْبِهَارُ

فَبِتُّ مُسَهَّداً أَرِقاً كأَنِّي

تَمَشَّتْ فِي مَفَاصِلَي العُقَارُ

أُرَاقِبُ في السَّماءِ بنَاتِ نَعْشٍ

وقد دَارَتْ كما عُطِفَ الصُّوَارُ

وعانَدَتِ الثُّرَيَّا بَعْدَ هَدْءٍ

مُعانَدَةً لَهَا العَيُّوقُ جَارُ

فَيَا للنَّاسِ لِلرَّجُلِ المُعَنَّى

بُطولِ الدَّهْرِ إِذْ طَالَ الحِصَارُ

فإِنْ تَكُنِ العُقَيْلِيَّاتُ شَطَّتْ

بِهِنَّ وبِالرَّهِينَاتِ الدِّيَارُ

فقد كانتْ لَنَا ولَهُنَّ، حتَّى

زَوَتْنَا الحَرْبُ، أَيامٌ قِصَارُ

لَيَالِيَ لاَ أُطاوِعُ مَنْ نَهَانِي

ويَضْفُو فَوْقَ كَعْبَيَّ الإِزَارُ

فأَعْصِي عَاذِلِي وأُصِيبُ لَهْواً

وأُوذِي في الزِّيارَةِ مَنْ يَغَارُ

ولَمَّا أَنْ رأَيْنَا النَّاسَ صَارُوا

أَعَادِيَ ليسَ بَيْنَهُمُ ائْتِمَارُ

مَضَى سُلاَّفُنا حتَّى نَزَلْنَا

بِأَرْضٍ قد تَحامَتْهَا نِزَارُ

وشَبَّتْ طَيِّئُ الجَبَلَيْنِ حَرْباً

تَهِرُّ لِشَجْوِها منها صُحَارُ

يَسُدُّونَ الشِّعَابَ إِذَا رَأَوْنَا

وليسَ يُعِيذُهُمْ منها انْجحَارُ

وحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بَنِي سُبَيْعٍ

قُرَاضِبَةً ونحنُ لَهُمْ إِطَارُ

وخَذَّلَ قَوْمَهُ عَمْرُو بنُ عَمْرٍو

كَجَادِعِ أَنْفِهِ وبِهِ انْتِصَارُ

يَسُومُونَ الصِّلاَحَ بِذَاتِ كَهْفٍ

وما فيها لَهُمْ سَلَعٌ وقارُ

وأَصْعَدَتِ الرِّبابُ فليسَ منها

بِصَارَاتٍ ولا بِالحُبْسِ نَارُ

فحاطُونَا القَصَا ولقَدْ رَأَوْنَا

قَرِيباً حَيْثُ يُسْتَمَعُ السِّرَارُ

وأَنْزَلَ خَوْفُنَا سَعْداً بِأَرْضٍ

هُنَالِكَ إِذْ تُجيرُ ولا تُجَارُ

وأَدْنَى عامرٍ حَيًّا إِلَيْنَا

عُقَيْلٌ بالمَرَانَةِ والوِبارُ

أَبَى لِبَنِي خُزَيْمَةَ أَنَّ فيهمْ

قَدِيمُ المَجْدِ والحَسَبُ النُّضَار

هُمُ فَضَلُوا بِخَلاَّتٍ كِرَامٍٍ

مَعَدًّا حيثُما حَلُّوا وسَارُوا

فمنهنَّ الوفاءُ إِذَا عَقَدْنَا

وأَيْسَارٌ إِذَا حُبّ القُتَارُ

وبُدِّلَتِ الأَباطِحُ من نُمَيْرٍ

سَنابِكَ يُستَثارُ بِها الغُبارُ

ولَيْسَ الحيُّ حَيُّ بَني كِلاَبٍ

بمُنجيهمْ، وإِنْ هَرَبُوا، الفِرَارُ

وقَدْ ضَمَزَتْ بِجِرَّتِها سُلَيْمٌ

مَخَافَتَنَا كَما ضَمَزَ الحِمَارُ

وأَمَّا أَشْجَعُ الخُنْثَى فوَلَّتْ

تُيُوساً بالشَّظِيِّ لهمْ يُعَارُ

ولَمْ نَهْلِكْ لِمُرَّةَ إِذْ تَوَلَّوْا

فَسارُوا سَيْرَ هارِبَةٍ فَغَارُوا

فأَبْلِغْ إِنْ عَرَضْتَ بِنا رَسُولاً

كِنَانَةَ قَوْمَنَا في حيثُ صَارُوا

كفَيْنَا مَنْ تَغيَّبَ واسْتَبَحْنَا

سَنَامَ الأَرْض إِذْ قَحِطَ القِطارُ

بِكُلِّ قِيَادِ مُسْنَفَةٍ عَنُودٍ

أَضَرَّ بها المَسَالِحُ والغِوَارُ

مُهَارِشَةِ العِنانِ كأَنَّ فيها

جَرَادَةَ هَبْوَةٍ فِيها اصْفِرَارُ

كأَنِّي بَيْنَ خافِيَتَيْ عُقَابٍ

تُقَلِّبُنِي إِذَا ابْتَلَّ العِذَارُ

نَسُوفٍ لِلْحِزَامِ بِمِرْفَقَيْها

يَسُدُّ خَوَاءَ طُبْيَيْهَا الغُبارُ

تَرَاها مِنْ يَبِيسِ الماءِ شُهْباً

مُخَالِطَ دِرَّةٍ منها غِرَارُ

بكُلِّ قَرَارَةٍ مِنْ حيثُ جَالَتْ

رَكِيَّةُ سُنْبُكٍ فيها انْهِيَارُ

وخِنْذِيذٍ تَرَى الغُرْمُولَ منهُ

كَطَيِّ الزِّقِّ عَلَّقَهُ التِّجَارُ

كأَنَّ حَفِيفَ مِنْخَرِهِ إِذَا مَا

كتَمْنَ الرَّبْوَ كِيرٌ مُسْتَعارُ

وجَدْنَا في كِتابِ بَنِي تَمِيمٍ:

أَحَقُّ الْخَيْلِ بالرّكْضِ المُعارُ

يُضَمَّرُ بالأَصائِلِ فَهْوَ نَهْدٌ

أَقَبُّ مُقَلِّصٌ فيهِ اقْوِرَارُ

كأَنَّ سَرَاتَهُ، والخَيْلُ شُعْثٌ

غَدَاةَ وَجِيفِها، مَسَدٌ مُغارُ

يَظَلُّ يُعارِضُ الرُّكبانَ يَهْفُو

كأَنَّ بَياضَ غُرّتِهِ خِمَارُ

وما يُدْرِيكَ ما فَقْرِى إِليهِ

إذا ما القومُ وَلَّوْا أَو أَغارُوا

ولا يُنْجِي منَ الغَمَرَاتِ إِلاَّ

بَرَاكاءُ القِتالِ أَوِ الفِرَارُ

قال بشر أيضاً:

لِمَنِ الدِّيارُ غَشِيَتُها بالأَنْعُمِ

تَبْدُو مَعارِفُها كلَوْنِ الأَرْقَمِ

لَعِبَتْ بها رِيحُ الصَّبا فَتَنَكرَتْ

إِلاَّ بَقِيَّةَ نُؤْيِها المُتهَدَّمِ

دَارٌ لِبَيْضاءِ العَوَارضِ طَفْلَةٍ

مَهْضُومةِ الكَشْحَيْنِ رَيَّا المِعْصَمِ

سَمِعَتْ بِنا قِيلَ الوُشَاةِ فأَصْبَحَتْ

صَرَمْتَ حِبالَكَ في الخَلِيطِ المُشْئِمِ

فَظَلْتَ من فَرْطِ الصَّبابةِ والهَوَى

طَرِفاً فُؤَادُكَ مثلَ فِعْل الأَيْهَمِ

لَوْلاَ تُسَلِّي الهَمَّ عنكَ بِجَسْرَةٍ

عَيْرَانةٍ مثلِ الفَنِيقِ المُكْدَمِ

زَيَّافَةٍ بالرّحْلِ صادِقَةِ السُّرَى

خَطَّارةٍ تَهِصُ الحَصَى بِمُثَلَّمِ

سائِلْ تَميماً في الحروبِ وعامِراً

وهَلِ المُجَرَّبُ مثلَ مَنْ لم يَعْلَمِ

غَضِبَتْ تَميماً أَنْ تُقَتَّلَ عامِرٌ

يَوْمَ النِّسارِ فأُعْقِبُوا بالصَّيْلَمِ

كُنَّا إِذَا نَعَرُوا لِحَرْبٍ نَعْرَةٍ

نَشْفِي صُدَاعَهُمُ بِرَأسٍ مِصْدَمِ

نَعْلُو القَوانِسَ بالسُّيُوفِ ونَعْتَزِى

والْخَيْلُ مُشْعَلَةُ النُّحُورِ منَ الدَّمِ

يَخْرُجْنَ منْ خَلَلِ الغُبارِ عوَابِساً

خَبَبَ السباعِ بِكُلِّ أَكْلفَ ضَيْغَمِ

من كلِّ مُسْتَرْخِي النِّجادِ مُنازِلٍ

يَسْمُو إِلى الأَقْرَانِ غيرِ مُقَلَّمِ

فَفَضَضْنَ جمْعَهُمُ وأَفْلَتَ حاجِبٌ

تَحْتَ العَجاجَةِ في الغُبارِ الأَقْتَمِ

ورَأَوْا عُقابَهُمُ المُدِلَّةَ أَصْبحَتْ

نُبِذَتْ بأَفْضَحَ ذِي مَخَالِبَ جَهْضَمِ

أَقْصَدْنَ حُجْراً قبلَ ذلكَ والقَنا

شَرَعٌ إِليهِ وقد أَكَبَّ عَلَى الفَمِ

يَنوِى مُحَاوَلَةَ القِيام وقد مَضَتْ

فيهِ مَخارِصُ كلِّ لَدْنٍ لَهْذَمِ

وبَنِي نُمَيرٍ قد لَقِينا منهمُ

خَيلاً تَضِبُّ لِثَاتُها لِلمَغْنَمِ

فَدَهَمْنَهُمْ دَهْماً بِكلِّ طِمِرَّةٍ

ومُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالَةِ مِرْجَمِ

ولقد خَبَطْنَ بَنِي كِلاَبٍ خَبْطَةً

أَلْصَقْنَهُمْ بِدَعائِم المُتَخَيَّمِ

وصَقَلْنَ كَعْباً قَبْلَ ذلكَ صَلْقَةً

بِقَناً تَعاوَرَهُ الأَكُفُّ مُقَوَّمِ

حتَّى سَقَيْناهُمْ بكأْسٍ مُرَّةٍ

مَكْرُوهَةٍ حَسَوَاتُها كالعَلْقَمِ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي