المفضليات/سويد بن أبي كاهل اليشكري

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

سويد بن أبي كاهل اليشكري

سويد بن أبي كاهل اليشكري - المفضليات

سويد بن أبي كاهل اليشكري

بَسَطَتْ رَابِعَةُ الحَبْلَ لَنا

فَوَصَلْنَا الحَبلَ منها ما اتَّسَعْ

حُرَّةٌ تَجْلُو شَتِيتاً وَاضِحاً

كشُعَاعِ الشمسِ في الغَيْم سَطَعْ

صَقلَتْهُ بِقَضِيبٍ ناضِرٍ

مِنْ أَراكٍ طَيِّبٍ حتى نَصَعْ

أَبْيَضَ اللَّوْنِ لَذِيذاً طَعْمُهُ

طَيِّبَ الرِّيقِ إِذا الريقُ خَدَعْ

تَمْنَحُ المِرآةَ وَجْهاً وَاضِحاً

مثلَ قَرْنِ الشمسِ في الصَّحْوِ ارْتَفَعْ

صَافِيَ اللَّوْنِ، وطَرْفاً ساجِياً

أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ ما فيه قَمَعْ

وقُرُوناً سَابِغاً أَطْرَافُها

غَلَّلَتْها رِيحُ مِسْكٍ ذِي فَنَعْ

هَيَّجَ الشَّوْقَ خَيَالٌ زَائرٌ

مِن حَبيبٍ خَفِرٍ فيهِ قَدَعْ

شَاحِطٍ جَازَ إِلى أَرْحُلِنَا

عُصَبَ الغَابِ طُرُوقاً لم يُرَعْ

آنِس كان إِذَا ما اعْتادَنِي

حالَ دُونَ النَّوْمِ مِنِّي فامْتَنَعْ

وكذَاكَ الحُبُّ ما أَشْجَعَهُ

يَرْكَبُ الهَوْلَ وَيَعْصِي مَنْ وَزَعْ

فأَبيتُ الليلَ ما أَرْقُدُهُ

وبِعَيْنَيَّ إِذَا نَجمٌ طَلَعْ

وإِذَا ما قلتُ لَيْلٌ قد مَضَى

عَطَفَ الأَوَّلُ مِنهُ فَرَجَعْ

يَسْحبُ الليلُ نُجُوماً ظُلَّعاً

فَتَوَالِيهَا بَطيئاتُ التَّبَعْ

ويُزَجِّيها عَلَى إِبْطائِها

مُغْرَبُ اللَّوْنِ إِذَا اللَّوْنُ انْقشَعْ

فَدَعانِي حُبُّ سَلْمَى بَعْدَ ما

ذَهَبَ الجِدَّةُ مِنِّي والرَّيَعْ

خَبَّلَتْني ثُمَّ لمَّا تُشْفِنِي

فَفُؤَادِي كلَّ أَوْبٍ ما اجتَمَعْ

ودَعَتْنِي بِرُقاهَا، إِنَّها

تُنزِلُ الأَعْصَمَ مِن رَأْسِ اليَفَعْ

تُسْمِعُ الحُدَّاثَ قولاً حَسَناً

لو أَرَادُوا غَيرَهُ لم يُسْتَمَعْ

كَمْ قَطَعْنا دُونَ سَلْمَى مَهْمَهاً

نازِحَ الغَوْرِ إِذَا الآلُ لَمَعْ

في حَرُور يَنْضَجُ اللَّحْمُ بها

يأَخُذُ السَّائِرِ فيها كالصَّقَعْ

وتَخَطَّيْتُ إِليها مِن عُدىً

بِزَماعِ الأَمْرِ والهَمِّ الكَنِعْ

وفَلاَةٍ وَاضِحٍ أَقْرَابُهَا

بَالِياتٌ مثلُ مُرْفَتِّ القَزَعْ

يَسْبَحُ الآلُ عَلَى أعْلاَمِها

وعَلَي البِيدِ إِذَا اليومُ مَتَعْ

فَرَكِبْناها عَلَى مَجْهُولِها

بِصِلاَبِ الأَرْضِ فيهِنَّ شَجَعْ

كالمَغَالِي عارِفاتٍ لِلسُّرَى

مُسْنَفاتٍ لَمْ تُوَشَّمْ بِالنِّسَغْ

فَتَرَاها عُصُفاً مُنْعَلَةً

بِنِعَالِ القَيْنِ يَكْفِيها الوَقَعْ

يَدَّرِعْنَ الليلَ يَهْوِينَ بِنَا

كَهَوِيِّ الكُدْرِ صَبَّحْنَ الشَّرَعْ

فَتَنَاوَلْنَ غِشاشاً مَنْهَلاً

ثمَّ وَجَّهْنَ لأَِرْضٍ تُنْتَجَعْ

مِنْ بَنِي بَكْرٍ بِها مَمْلَكَةٌ

مَنْظَرٌ فيهمْ وفيهمْ مُسْتَمَعْ

بُسُطُ الأَيْدِي إِذَا ما سُئِلُوا

نُفُعُ النَّائِلِ إِنْ شيءٌ نَفَعْ

مِنْ أُناسٍ لَيْسَ مِنْ أَخلاقِهِمْ

عاجِلُ الفُحْشِ ولا سُوءُ الجَزَعْ

عُرُفٌ لِلْحَقِّ ما نَعْيا بهِ

عندَ مُرِّ الأَمرِ، ما فِينَا خَرَعْ

وإِذَا هَبَّتْ شَمالاً أَطْعَمُوا

في قُدُورٍ مُشْبَعَاتٍ لم تُجَعْ

وجِفانٍ كالجَوَابِي مُلِئَتْ

مِن سَمِيناتِ الذُّرَى فيها تَرَعْ

لا يَخافُ الغَدْرَ مَن جاوَرَهم

أَبداً منهُمْ ولا يَخْشَى الطَّبَعْ

ومَسَاميحُ بما ضُنَّ بهِ

حاسِرُو الأَنْفُسِ عن سُوءِ الطَّمَعْ

حَسَنُو الأَوْجُهِ بِيضٌ سادَةٌ

ومَرَاجِيحُ إِذَا جَدَّ الفَزَعْ

وُزُنُ الأَحلاَمِ إِنْ هم وَازَنُوا

صادِقُو البأْسِ إِذَا البأْسُ نَصَعْ

ولُيُوثٌُ تُتَّقَى عُرَّتُهَا

ساكِنُو الرِّيحِ إِذَا طارَ القَزَعْ

فَبهمْ يُنْكَى عَدُوٌّ وبِهِمْ

يُرْأَبُ الشَّعْبُ إِذَا الشَّعْبُ انْصَدَعْ

عَادةً كانتْ لهم مَعْلُوََمًة

فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ لَيْسَتْ بالبِدَعْ

وإِذا ما حُمِّلُوا لم يَظْلَعُوا

وإِذَا حَمَّلْتَ ذَا الشِّفِّ ظَلَعْ

صالِحُو أَكْفائِهِمْ خُلاَّنُهُمْ

وسَرَاةُ الأَصْلِ، والناسُ شِيَعْ

أَرَّقَ العَيْنَ خَيَالٌ لَمْ يَدِعْ

من سُلَيْمَى، ففؤادِي مُنْتَزَعْ

حلَّ أَهْلِي حيثُ لا أَطْلُبُها

جانبَ الحِصْنِ، وحَلَّتْ بالفَرَعْ

لا أُلاَقِيها وقَلْبي عِندها

غيْرَ إِلمَامٍ إِذَا الطَّرْفُ هَجَعْ

كالتُّوأَمِيَّةِ إِنْ باشَرْتَها

قَرَّتِ العَيْنُ وطابَ المُضْطَجَعْ

بَكَرَتْ مُزْمِعةً نِيَّتُها

وحَدَا الْحَادِي بِها ثُمَّ انْدَفَعْ

وكَرِيمٌ عندَها مُكْتبَلٌ

غَلِقٌ إِثْرَ القَطِين المُتَّبَعْ

فكأَنِّي إِذْ جَرَى الالُ ضُحيٍ

فَوقَ ذَيَّالٍ بِخَدَّيْهِ سُفَعْ

كُفَّ خَدَّاهُ علي دِيباجَةِ

وعلَى المَتْنينِ لَوْنٌ قد سَطَعْ

يَبْسُطُ المَشْيَ إِذَا هَيَّجْتَهُ

مِثلَ ما يَبْسُطُ في الخَطْوِ الذَّرعْ

رَاعَهُ مِن طَِّييءٍ ذُو أَسْهُمٍ

وضِرَاءٌ كُنَّ يُبْلِينَ الشِّرَعْ

فَرَآهُنَّ ولمَّا يَسْتَبِنْ

وكِلاَبُ الصَّيْدِ فيهنَّ جَشَعْ

ثُمَّ وَلَّى وجَنَابَانِ لَهُ

من غُبَارٍ أَكْدَرِيٍّ واتَّدَعْ

فَتَرَاهُنَّ علَى مُهْلَتِهِ

يخْتَلِينَ الأَرضَ والشَّاةُ يلَعْ

دَانيَاتٍ ما تَلَبَّسْنَ به

وَاثِقَاتٍ بِدِماءٍ إِنْ رَجَعْ

يُرْهِبُ الشَّدَّ إِذَا أَرْهَقْنَهُ

وإِذَا برَّزَ مِنهنَّ رَبَعْ

ساكِنُ القَفْرِ أَخُو دَوِّيَّةٍ

فإِذَا ما آنَسَ الصَّوْتَ امَّصَعْ

كَتَبَ الرَّحمنُ، والحَمْدُ لهُ،

سَعَةَ الأَخْلاَقِ فِينَا والضَّلَعْ

وإِباءَ لِلدَّنِيَّاتِ إِذَا

أُعْطِيَ المَكْثُورُ ضَيْماً فكَنَعْ

وبِناءً لِلْمَعالِي، إِنَّما

يَرْفَعُ اللهُ ومَنْ شاءَ وَضَعْ

نِعَمٌ لِلهِ فِينَا رَبَّهَا

وصَنِيعُ اللهِ، واللهُ صَنَعْ

كَيْفَ باسْتِقْرِارِ حُرٍّ شاحِطٍ

بِبِلاَدٍ ليسَ فيها مُتَّسعْ

لا يُرِيدُ الدَّهرَ عنها حِوَلاً

جُرَعُ المَوْتِ، ولِلْمَوتِ جُرَعْ

رُبَّ مَن أَنْضَجْتُ غَيظاً قَلبَهُ

قد تَمَنَّى لِيَ مَوْتاً لم يُطَعْ

ويَرَانِي كالشَّجَا في حَلْقِهِ

عَسِراً مَخْرَجُهُ مَا يُنْتَزَعْ

مُزْبَدٌ يَخْطِرُ ما لم يَرَنِي

فإِذَا أَسْمَعْتُهُ صَوْتِي انْقَمَعْ

قد كَفانِي اللهُ ما في نفسهِ

ومتَى ما يَكْفِ شَيْئاً لا يُضَعْ

بئْسَ ما يَجْمَعُ أَنْ يَغْتَابَنِي

مَطْعَمٌ وَخْمٌ ودَاءٌ يُدَّرَعْ

لم يَضِرْنِي غَيْرَ أَنْ يَحْسُدَنِي

فهْو يَزْقُو مثلَ ما يَزْقُو الضُّوَعْ

ويُحَيِّينِي إِذَا لاَقَيْتُهُ

وإِذَا يَخْلُو لهُ لَحْمِي رَتَعْ

مُسْتَسِرُّ الشَّنْءِ لو يَفْقِدُنِي

لبَدَا منهُ ذُبابٌ فَنَبَعْ

ساءَ ما ظَنُّوا وقد أَبْلَيْتُهُمْ

عند غايات المَدَى كَيْفَ أَقَعْ

صاحِبُ المِئْرَةِ لا يَسْأَمُها

يُوقِدُ النَّارِ إِذَا الشَّرُّ سَطَعْ

أَصْقَعُ النَّاسِ بِرَجْمٍ صائِبٍ

ليسَ بالطَّيْشِ ولا بالمُرْتَجَعْ

فارِغُ السَّوْطِ فما يَجْهَدُنِي

ثَلِبٌ عَوْدٌ ولاَ شَخْتٌ ضَرَعْ

كيفَ يَرْجُونَ سِقَاطِي بَعْدَ ما

لاَحَ في الرَّأسِ بَيَاضٌ وصَلَعْ

وَرِثَ البِغْضَةَ عَنْ آبائِهِ

حافِظُ العقْل لِمَا كان أَسْتَمَعْ

فَسَعَى مَسْعَاتُهُمْ فِي قَوْمِهِ

ثمَّ لم يَظْفَرْ ولاَ عَجْزاً وَدَعْ

زَرَعَ الدَّاءَ ولم يُدْرِكْ بهِ

تِرَةً فَاتتْ ولاَ وَهْياً رَقَعْ

مُقْعِياً يَرْدِي صَفَاةً لم تُرَمْ

في ذُرَى أَعْيَطَ وَعْرِ المُطَّلَعْ

مَعْقِلٌ يَأْمَنُ مَنْ كانَ بهِ

غَلَبَتْ مَنْ قَبْلَهُ أَن تُقْتَلَعْ

غَلَبَتْ عاداً ومَنْ بَعْدَهُمُ

فأَبَتْ بَعْدُ فَليْسَتْ تُتَّضَعْ

لا يَرَاها النَّاسُ إِلاَّ فَوْقَهُمْ

فَهْيَ تأتي كيْفَ شاءَتْ وتَدَعْ

وهوَ يَرْمِيها ولَنْ يَبْلُغَهَا

رِعَةَ الجاهلِ يَرْضَى ما صَنَعْ

كَمِهَتْ عَيْناهُ حتَّى ابْيَضَّتَا

فهُوَ يَلْحَي نفسَهُ لمَّا نَزَعْ

إِذْ رَأَى أَنْ لم يَضِرْها جَهْدُهُ

ورَأَى خَلْقاءَ ما فيها طَمَعْ

تَعْضِبُ القَرْنَ إِذَا نَاطَحهَا

وإِذَا صابَ بها المِرْدَى انْجَزَعْ

وإِذَا ما رَامَها أَعْيَا بِهِ

قِلَّةُ العُدَّةٍ قِدْماً والجَدَعْ

وعدوٍّ جاهِدٍ نَاضَلْتُهُ

في تَرَاخِي الدَّهْر عنكم والجُمَعْ

فَتَسَاقَيْنَا بِمُرٍّ ناقِعٍ

في مَقامٍ ليس يَثْنِيهِ الوَرَعْ

وارْتَميْنا والأَعادِى شُهَّدٌ

بِنِبَالٍ ذَاتِ سُمٍّ قد نَقَعْ

بِنِبالٍ كُلُّها مَذْرُوبَةٌ

لم يُطِقْ صَنْعَتَها إِلاَّ صَنَعْ

خَرَجَتْ عن بِغْضَةٍ بَيِّنَةٍ

في شَبابِ الدَّهْرِ والدَّهْرُ جَذَعْ

وتَحَارَضْنَا وقالُوا: إِنَّما

يَنْصُرُ الأَقْوامُ مَنْ كان ضَرَعْ

ثمَّ وَلَّى وهْو لا يَحْمِي اسْتَهُ

طائِرُ الإِتْرَافِ عنْهُ قد وَقَعُ

ساجِدَ المَنْخِرِ لا يَرْفَعُهُ

خاشِعَ الطَّرْفِ أَصَمَّ المُسْتَمَعْ

فَرَّ مِنِّي هارباً شَيْطانُهُ

حيثُ لا يُعْطِي ولا شيئاً مَنَعْ

َفرَّ مِنِّي حِينَ لا يَنْفَعُهُ

مُوقَرَ الظَّهْرِ ذَلِيلَ المُتَّضَعْ

ورَأَى مِنِّي مَقَاماً صادِقاً

ثابِتَ المَوْطِنِ كَتَّامَ الوَجَعْ

ولِساناً صَيْرَفِيًّا صارِماً

كحُسَامِ السَّيْف ما مَسَّ قَطَعْ

وأَتانِي صَاحِبٌ ذُو غَيِّثٍ

زَفَيَانٌ عِنْدَ إِنْفاذِ القُرَعْ

قالَ: لَبَّيكَ، وما اسْتَصْرخْتُهُ

حاقِراً لِلنَّاسِ قَوَّالَ القَذَعْ

ذُو عُبَابٍ زَبِدٍ آذِيُّهُ

خَمِطُ التَّيَّارِ يَرْمي بِالقَلَعْ

زَغْرَبِيٌّ مُسْتَعِزٌّ بَحْرُهُ

ليس لِلماهِرِ فيهِ مُطَّلَعْ

هَلْ سُوَيْدٌ غيرُ لَيْثٍ خَادِرٍ

ثَئِدَتْ أَرْضٌ عليهِ فَانْتَجَعْ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي