شبيب بن البرصاء

شبيب بن البرصاء
أَلم تَرَ أَنَّ الحَيَّ فَرَّقَ بينَهُمْ
نَوىً يومَ صحْرَاءِ الغَمِيمِ لَجُوجُ
نَوىً شَطَنَتْهُمُ عن نَوَانَا وهيَّجَتْ
لنا طَرَباً، إِنَّ الخُطُوبَ تَهِيجُ
فلمْ تَذْرِفِ العَيْنَانِ حتَّى تَحَمَّلَتْ
مَعَ الصُّبْحِ أَحْفَاضٌ لهُمْ وحُدُوجُ
وحتَّى رَأَيْتُ الْحَيَّ تَذْرِي عِرَاصَهُمْ
يَمَانِيَةٌ تَزْهَى الرَّغامَ دَرُوجُ
فأَصْبَحَ مَسْرُورٌ بِبَيْنِكِ مُعْجَبٌ
وبَاكٍ لهُ عندَ الدِّيارِ نَشِيجُ
فإِنْ تَكُ هِنْدٌ جَنَّةً حِيلَ دُونها
فقدْ يَعْزِفُ اليَأْسُ الفَتَى فَيَعِيجُ
إِذَا احْتَلَّتِ الرَّنْقَاءَ هِنْدٌ مُقِيَمةً
وقد حانَ منِّي من دِمَشْقَ بُرُوجُ
وبُدِّلْتُ أَرْضَ الشِّيحِ منها وبُدِّلَتْ
تِلاَعَ المَطَالِي سَخْبَرٌ ووَشِيجُ
وأَعْرَضَ مِنْ حَوَرَانَ والقِنُّ دُونَها
تِلاَلٌ وخَلاَّتٌ لَهُنَّ أَجِيجُ
فلا وَصْلَ إِلاَّ أَنْ تُقَرِّبَ بَيْنَنا
قلاَئِصُ يَجْذِبْنَ المَثَانِيَ عُوجُ
ومُخْلِفَةٌ أَنْيَابَهَا جَدَلِيَّةٌ
تَشُدُّ حَشاها نِسْعةٌ ونَسِيجُ
لها رَبِذَاتٌ بالنَّجاءِ كأَنَّها
دعائِمُ أَرْزٍ بينهُنَّ فُرُوجُ
إِذا هَبَطَتْ أَرضاً عَزَازاً تَحَامَلَتْ
مَنَاسِمُ منها رَاعِفٌ وشَجِيجُ
ومُغْبَرَّةِ الآفاقِ يَجرِي سَرَابُها
عَلَى أُكْمِهَا قبلَ الضُّحَى فيَمُوجُ
قَطَعْتُ إِذَا الأَرْطَى ارْتَدَى في ظِلالِهِ
جَوَازئُ يَرْعَيْنَ الفَلاَةَ دُمُوجُ
لَعَمْرُ ابنةِ المُرِّيِّ ما أَنا بالَّذِي
له أَن تنُوبَ النَّائِبَاتُ ضَجِيجُ
وقد عَلِمَتْ أُمُّ الصَّبِيَّيْنِ أَنَّنِي
إِلى الضَّيْفِ قَوَّامُ السِّنَاتِ خَرُوجُ
وإِنَّي لأَُغْلِي اللَّحْمَ نِيئاً وإِنَّنِي
لَمِمَّنْ يُهينُ اللَّحْمَ وهْو نَضِيجُ
إِذَا المُرْضِعُ العَوْجاءُ باللَّيلِ عَزَّها
عَلَى ثَدْيِهَا ذُو وَدْعَتَيْنِ لَهُوجُ
إِذَا ما ابْتَغَى الأَضيافُ مَنْ يبْذُلُ القِرَى
قَرَتْ لِيَ مَقْلاَتُ الشِّتاءِ خَدُوجُ
جُمَاليَّةٌ بالسَّيْف مِن عَظْمِ ساقِهَا
دَمٌ جاسِدٌ لم أَجْلُهُ وسُحُوجُ
كأَنَّ رِحالَ المَيْسِ في كل مَوْقِفٍ
عليها بأَجْوَازِ الفَلاَةِ سُرُوجُ
وما غاضَ مِن َشيْءٍ فإِنَّ سَمَاحتي
ووَجْهِي بهِ أُمُّ الصَّبِيّ بَلِيجُ